محام وتاجر آثار ومواشى يعيش بين ضحاياه بألف اسم ووجه واحد، لم يعلم أحد حتى الآن الحقيقة التى يخفيها ذلك المجهول الذى يجول قرى ومراكز الدلتا بحثا عن ضحية مناسبة يسهل النصب عليها واستغلالها قبل أن يتبخر فى الهواء، لتفادى اكتشاف سره وافتضاح أمره، فأطلق عليه البعض اسم «الزيبق». البداية كانت بمنشور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، كتبه أحد أبناء مركز البرلس بمحافظة كفر الشيخ، حول قيام شخص يدعى حسن بالنصب على عائلته، وبتحرى الأمر.. توصلت «الفجر» إلى العديد من الضحايا الذين سقطوا فى براثن هذا النصاب، الذى حضر قبل أسبوعين إلى قرية البرلس منتحلا اسم حسن، هيئته توحى بأنه مصاب ب«عرج» فى قدميه، وادعى أن ذلك تأثير حادث سيارة تعرض له. شيئًا فشيئًا تحول ذلك الغريب إلى وجهة يقصد الجميع الوصول إليها، أحاط نفسه بهالة الكرم فى جلسات ما بعد الإفطار على مقاهى القرية، وراح يروج إلى أنه يسعى إلى شراء مساحات كبيرة من الأراضى المخصصة للبناء أو الزراعة، وهمس فى أذن من حاولوا التقرب منه وادعى أنه تاجر آثار، يقوم بجلبها من الصعيد وله زبائن أغلبهم من الأجانب، وراح يستعرض صورًا لقطع أثرية، ولإثبات صدق روايته كان دائم السؤال عن تجار العملة لاستبدال ما معه من عملات أجنبية. بالفعل أتت محاولاته نتيجة سريعة، بعدما نجح فى التقرب من أحد الأشخاص ويدعى إبراهيم، توطدت بينهما علاقة قوية، استضافه على أثرها الأخير فى منزله لمدة يومين، ليعرض عليه أن يبيع له قطعة أرض يمتلكها، وبعد مفاوضات سريعة حول السعر تم إبرام الاتفاق المبدئى بين إبراهيم وحسن النصاب، الذى طلب أن يقوم بسداد ثمن قطعة الأرض بالدولار؛ لعدم وجود سيولة لديه بالعملة المحلية. وطلب من ضحيته إحضار جنيهات مصرية معه لتغيير مبلغ إضافى من الدولارات فوق ثمن الأرض، وفى الصباح أصر إبراهيم على إحضار سيارة أحد معارفه لاصطحابه إلى الشهر العقاري؛ بسبب عدم قدرة حسن «الأعرج» على المشى لمسافات طويلة، واتفقا على المرور أولا على المستشفى التى يعالج بها الأخير ثم التوجه إلى الشهر العقارى وأخيرًا الذهاب إلى منزل حسن لإحضار الدولارات. وبعد وصولهم إلى المستشفى دخل حسن بمفرده إلى حجرة الكشف، ثم خرج مطالبًا إبراهيم بمبلغ 40 ألف جنيه لحجز موعد عملية جراحية، وبالفعل أعطاه الأخير المبلغ وفى أقل من دقيقتين اختفى حسن «النصاب» بالأموال، ولم يكتف بذلك فحسب، بل توجه إلى سائق السيارة الخاصة الذى اصطحبهم إلى هناك، وطلب منه ما معه من أموال، بناءً على طلب الحاج إبراهيم، ليفاجأ الضحيتان بأنهما وقعا فى شراك نصاب محترف. عاد إبراهيم إلى قريته وبدأ التحرى عن هذا النصاب، فذكر له أحدهم أن حسن ذكر فى السابق أنه متزوج من قرية البنائين الواقعة على أطراف الدلتا، فاصطحب الضحية أصدقاءه ورجال عائلته وتوجهوا إلى هناك، حيث لا يصعب عليهم الوصول إلى منزل ذلك النصاب، وبمقابلة زوجته.. أخبرتهم بأن علاقتها بحسن مقطوعة منذ فترة طويلة، بعدما تكررت وقائع النصب الذى ارتكبها، وتجسدت المفاجأة الكبرى فى اكتشاف إبراهيم أن اسم النصاب الحقيقى ليس حسن، وأن الاسم الذى استخدمه فى زيجته هو صبحى، وطلق زوجته منذ فترة، بعدما تشاجرت عائلتها معه، نتج عن تلك المشاجرة تكسير كلتا قدميه، وهذا سبب العرج الواضح عليه، ومذ ذلك الوقت انقطعت صلاتهم به تماما. لم يكن إبراهيم الضحية الأولى فى قائمة ضحايا هذا النصاب المحترف، ففى قرية مشتول السوق بمحافظة الشرقية، اشتهر نفس الشخص ب«المعلم جرجس»، صاحب تجارة المواشى الرائجة، وبالفعل نجح فى أسابيع قليلة فى التحول إلى واحد من المعروفين بتجارة المواشى المستوردة، واشتهر بالذمة والأمانة، ونجح فى الاتفاق مع شخص يدعى ناجح وديع على مشاركته فى شراء 50 عجلا، ليتم تسمينها وبيعها استعدادًا لعيد الأضحى، وبالفعل نجح فى الحصول على مبلغ 200 ألف جنيه من شريكه قبل أن يختفى تماما، ولكن ناجح تمكن من التوصل إلى إحدى زوجاته فى محافظة البحيرة، وتدعى «م.ك»، وهناك تكرر نفس سيناريو قرية البنائين، حيث أخبره أهل زوجته أنه اختفى منذ عامين، بعد الطلاق مباشرة، وأن اسمه الأصلى عمران. لم تقف ألاعيب ذلك النصاب عند ذلك الحد، بل انتحل صفة محام فى البحيرة، مستغلا علاقته بأحد الموظفين فى المحاكم بعدما تزوج شقيقته تحت اسم صبرى سالم، واستمرت علاقته بها 6 أشهر قبل أن يطلقها غيابيًا، ونصب خلال هذه الفترة على السيدة «ز.م»، واستولى منها على 30 ألف جنيه لتشغيل نجلها أحمد فى إحدى شركات وزارة الكهرباء، وقبل أيام من هروبه خارج محافظة البحيرة نصب على الشقيقين ماجد وأمجد فوزى، بعدما اشترى منهما سيارة مرسيدس موديل 2002 بعقد ابتدائى، دفع عربون 15 ألف جنيه ثم اختفى بعدما نجح فى خداع ضحاياه وحصل منهما على السيارة.