اليوم.. مجلس الشيوخ يستأنف عقد جلسته العامة    تراجع جديد في بورصة الذهب| إنفوجراف    استقرار أسعار الفاكهة بسوق العبور اليوم 29 أبريل 2024    رسميًا.. تراجع سعر الدولار الأمريكي في بداية تعاملات اليوم 29 أبريل 2024    خبير تكنولوجيا: مصر تمتلك بنية معلوماتية عملاقة بافتتاحها مركز الحوسبة السحابية    أموك: 1.3 مليار جنيه صافي الربح خلال 9 أشهر    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 أبريل 2024    اليوم.. قطع مياة الشرب عن مدينة القناطر الخيرية لمدة 6 ساعات    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    استشهاد 19 فلسطينيا جراء قصف الاحتلال لمنازل في رفح    "لوفيجارو": نتنياهو يخشى إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه    مصرع خمسة أشخاص جراء أعاصير ضربت وسط الولايات المتحدة    صبحي ينهئ الزمالك بالوصول لنهائي الكونفدرالية    الشناوي ينتظم في مران الأهلي الجماعية استعداداً للإسماعيلى    مواعيد مباريات اليوم الإثنين 29- 4 -2024 والقنوات الناقلة لها    سيد معوض عن احتفالات «شلبي وعبد المنعم»: وصلنا لمرحلة أخلاقية صعبة    الأرصاد: استقرار الأحوال الجوية.. والعظمى على القاهرة الكبرى 30 درجة    مصادرة 2 طن أعلاف مجهولة المصدر ودقيق فاخر بمخبز سياحي فى حملات تموينية بالإسكندرية (صور)    ظهر اليوم.. تشييع جثمان المخرج والمؤلف عصام الشماع من مسجد السيدة نفيسة    نيفين الكيلاني تصل الجناح المصري بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب    البحوث الفلكية: غرة شهر ذي القعدة فلكيًا الخميس 9 مايو    بفرمان من الخطيب.. كواليس توقيع عقوبة قاسية على السولية والشحات.. فيديو    السعودية تصدر بيانًا بشأن حادث مطار الملك خالد الدولي    قطر توضح حقيقة دعمها للمظاهرات المناهضة لإسرائيل ماليا    إصابة 4 أبناء عمومة بينهم سيدتان في مشاجرة بسوهاج    رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول يعتزم لقاء زعيم المعارضة بعد خسارة الانتخابات    طائرات جيش الاحتلال تهاجم مباني تابعة لحزب الله في جنوب لبنان    أحمد المرسي بعد فوز باسم خندقجى بجائزة البوكر: فوز مستحق لرواية رائعة    لأول مرة تتحدث عن طلاقها.. طرح البرومو الرسمي لحلقة ياسمين عبدالعزيز في برنامج صاحبة السعادة    مباريات اليوم.. مواجهة في الدوري المصري.. وبرشلونة يلتقي مع فالنسيا    اليوم.. اجتماع «عربي – أمريكي» لبحث وقف الحرب في غزة    صحة قنا: خروج 9 مصابين بعد تلقيهم العلاج في واقعة تسرب غاز الكلور    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    عمر عبد الحليم ل«بين السطور»: فيلم «السرب» أثر في وجداني ولن أنساه طيلة حياتي    أخبار مصر: حواس يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة، وفد حماس في القاهرة لحسم الهدنة، حقيقة رفض شيكابالا لعب مباراة دريمز، السديس يطلب وجبة إندومي    أدعية للحفظ من الحسد وفك الكرب والهم.. رددها لتحصين نفسك    أسماء.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا الجمعة المقبل    ما المحظورات التي وضعتها "التعليم" لطلاب الثانوية خلال الامتحانات؟    «ايه تاريخك مع الزمالك».. ميدو يهاجم مصطفى شلبي    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصب بالإعلانات
نشر في الوفد يوم 15 - 12 - 2015

قديماً قالوا إن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، لكن الواقع يقول إن الطريق إلى النصب بكل أشكاله وأنواعه أصبح مفروشاً بالإعلانات. مرئية ومسموعة.. إعلانات من كل نوع تداعب أحلام شاب عاطل يبحث عن فرصة عمل تنقذه من التسكع على المقاهى أو تداعب خيال فتاة مرعوبة أن يفوتها قطار الزواج فتذهب إلى مكتب زواج تدفع المعلوم لعل وعسى تظفر بعريس، حتى فى إشارات المرور نجدهم يوزعون عليك أوراق النصب الملونة، قرض دون ضمانات أو قطعة أرض على الطريق الدائرى بالتقسيط المريح وكل ذلك ينتهى إلى عملية نصب كبرى وضحاياها قد يكونون متعلمين ويشغلون مناصب مهمة وقد يكونون من بسطاء الناس ويقودهم جهلهم إلى الوقوع فى شباك النصابين.. المهم أن الشارع المصرى تحول إلى مسرح كبير لكافة أنواع عمليات النصب.. قد يتساءل البعض وأين الحكومة وأجهزتها الرقابية أما الإجابة فتكمن فى عشرات القضايا التى تم ضبطها بواسطة هذه الأجهزة بينما ما لم يتم ضبطه فيتجاوز آلاف الحوادث، هذا الملف يرصد ما يجرى فى الشارع المصرى من عمليات نصب واحتيال.. أدواتها.. أبطالها.. ضحاياها!!
لا حياة لمن تنادى
حالات النصب كثيرة ووسائله متنوعة فى عالم مترامى الأطراف لاتعرف له بداية من نهاية البعض ينجو من الدخول فيه والبعض الآخر يقع فريسة الطمع أو الحاجة.. ولذلك كان من الضرورى رصد أبرز الوسائل المتبعة فى عمليات النصب الذى يعج بها الشارع المصرى، والتى تعرض لها المصريون وأحدثها تحويل مبالغ مالية عبر التليفون حيث يصطاد أحد المحتالين الضحية وإيهامها بأنه أتم شحن الرقم الخاص بها بمبلغ وقدره عشرون جنيهاً وسوف تأتى رسالة بهذا الصدد للضحية ثم يقوم بالاتصال مرة أخرى بالضحية ويطالبها بإرسال التحويل الخاطئ له فيقوم الضحية بشراء كارت بقيمة العشرين جنيهاً وإرسال رقم الكارت إلى رقم آخر ليس الرقم الذى تم به الرسالة وبذلك دون أن يدرى بأن العملية كلها نصب فى نصب.
نصاب فى الكوشة
ومن أحدث وسائل النصب التى وقعت مؤخراً ادعاء عريس وعروسة بمنطقة أكتوبر بأنهما أصحاب شقة ليست فى الحقيقة ملكهما وسرقة محتوياتها وبعد انتهاء الفرح افتعلت العروسة أزمة مع زوجها وتطورت إلى مشادة كلامية بينهما انتهت بالطلاق ففتح أحد من أهل العروسة باب الشقة عنوة وأخذوا محتويات الشقة ثم ظهر الزوجان الحقيقيان وتفاجآ بسرقة جميع محتويات الشقة.. وهناك شركات التسويق الإلكترونى والتى انتشرت فى الآونة الأخيرة بشكل ملاحظ والتى تطالب الضحايا بدفع مبلغ من المال فى البداية مقابل وعد بأرباح مغرية وبالفعل يتم ذلك لعدة أشهر لإضفاء الشرعية وطمأنة المشتركين ولكل مشترك نسبة فى حالة جذب آخرين وفى النهاية تتوقف الأرباح ويكتشف ممارسة الشركات للنصب والاحتيال وضياع الأموال على المواطنين، نفس الشىء تكرره شركات بشكل ورقة مكتوب عليها خربش تكسب داخل المحل الفلانى وعندما يطالب الضحية بمبلغ رسمى وليكن 10 جنيهات وينتظر طويلاً ولا اتصال ولا غيره، نفى الشىء بصورة أخرى ما تمارسه كبرى سلاسل السوبر ماركت بتحديدها كماً وحجماً من المشتريات تمكنك من الدخول على سحب إحدى الهدايا الكبيرة وعند السحب والفوز سنعاود الاتصال بكم ولا من متصل! بالضبط كما نجد فى كل شارع مجموعة من الأشخاص يحملون منتجات لشركات معينة ويطلبون من المواطنين أن يأخذوها مدعين أنها هدية مجانية دون مقابل بشرط أن تفتح علبة المنتج وفى حالة وجود جائزة داخلها يجب على الشخص أن يدفع ثمنها وتسلمها من الشركة.. وكذلك شاهدنا فى الشارع ادعاء مجموعة من الأشخاص لديهم جثة ودخلوا للصلاة عليها بالمسجد ثم قام أحد الحضور وأكد أن المتوفى مدين له ب10 آلاف جنيه ويريد استردادها ومع ادعاء أولاده بأنهم لا يملكون هذا المال فتم جمع المبلغ من المصلين ثم اختفى أهالى الجثة ليكتشف الناس أن الكفن ما هو إلا قطن ولا يوجد أى ميت.. وهناك أيضاً النصب من خلال رسالة إلكترونية تنتشر باللغتين العربية والإنجليزية وصلت بالفعل آلاف المصريين على عناوينهم الإلكترونية تطلب فيها إحدى السيدات مساعدتها فى استرداد مبلغ 11 مليون دولار وضعتها فى صندوق خاص فى العراق باسم مواطن مصرى وحتى يتم الإفراج عن المبلغ لابد من آخر لمساعدتها مقابل عمولة ضخمة.
احترس من المسابقات
ولأن النصاب ذكى ولا تنفد حيله.. وجدنا عصابة من الأفارقة تستخدم بطاقات دفع إلكترونية مزورة فى الشراء والتسوق ومارست عدة عمليات نصب فى مصر من أبرزها كان سرقة محل الرضا للمجوهرات ومحل شال وموبيل شوب والكثير من المحال والاستيلاء على ملايين الجنيهات.. ولم يسلم الشارع من النصب العقارى المنظم والمقنن، ومنه إعلان إحدى الشركات العقارية عن طرح وحدات سكنية بالمعادى بمساحة 150 متراً وبسعر 119٫5 ألف جنيه تمليك وبعد السداد طالبت الشركة الملاك بسداد 70 ألف جنيه إضافية وعندما اعترض الحاجزون تمت مساومتهم ليتنازلوا عن 50٪ من المقدم وبإصرارهم على صرف المبلغ كله صممت الشركة على خصم 25٪ واضطر الحاجزون التعامل مع النصب حتى لا يقفوا فى طابور طويل أمام المحاكم.. وكم من شركات النصب العلنى والتى جعلت بعض المواطنين الذين يداعبهم حلم اقتناء شاليه فى الساحل الشمالى بتقديم مصوغاته الذهبية ضماناً للحصول على حلم العمر الذى اتضح أنه وهم كبير، ومن أشكال النصب المقنع أيضاً برامج المسابقات.. اتصل تفوز والتى غالباً ما تتسم أسئلتها بالسهولة والوضوح ولكن لا أحد من المتصلين يفوز على الإطلاق وتحقق تلك الفضائيات التى تحترف الخداع من هذه البرامج أرباحاً خيالية تصل إلى ملايين الجنيهات بانتظار المواطنين مدد طويلة تكاد تبلغ مدة عرض البرنامج بالكامل على الكنترول دون أن يتم تحويلهم إلى البرنامج بشكل مباشر وفى هذا الصدد نذكر ما كشفته دراسة عام 2009 عن أن قناة فضائية معروفة للجميع ووفقاً لما سبق نشره وصلت أرباحها من اتصالات المشاهدين للاشتراك فى برامج المسابقات إلى 10 آلاف جنيه يومياً وكذلك حققت العديد من قنوات الأغانى لنحو 11 مليون دولار أرباحاً سنوية.
ومن إعلانات القرض الحسن لمشروع أو لشقة أو حتى لعروسة إلى مبالغ طائلة تحت مسمى المصاريف الإدارية ثم يكون الرد لا تنطبق عليك شروط القرض الحسن، نصل إلى أكثر طرق النصب شهرة فى الفترة الأخيرة وهى التلاعب بأحلام الشباب فى إيجاد فرصة عمل خاصة مع تفاقم مشكلة البطالة التى يعانى منها المجتمع المصرى إما بتقاضى النصاب لآلاف الجنيهات لتوظيف أحد الأبناء فى شركة بترول وإعطائه إيصال أمانة بالمبلغ ثم يتهرب النصاب مراراً وتكراراً كما حدث مع مواطن يدعى جمال عبدالحميد الذى فقد 70 ألف جنيه، ومن المفارقات أنه حينما لجأ للقضاء انتهى الأمر بصدور كم بحبس النصاب وتغريمه 50 ألف جنيه بالقضية رقم 733 ورغم مرور 4 سنوات لم يتم تنفيذ الحكم وضاعت الأموال والوظيفة، وهو أيضاً نفس ما تمارسه شركات السفر الوهمية غير المرخصة بادعاء السفر للخارج بمقابل مادى بسيط ثم تضيع أيضاً الأموال والوظيفة.. وإذا كان ما سبق أبرز طرق النصب التى مورست ولاتزال على المصريين.. فهناك أيضاً طرق قديمة وحوادث عديدة للنصب تطل برأسها من جديد فى الشارع المصرى.
فمنذ حادثة بيع النصاب رمضان أبوزيد العبد البالغ من العمر 27 عاماً وحتى خروجه من السجن فى بيعه للترام عام 1948 لأحد القرويين الذى اعتبرها أعظم إنجازاته فى عالم النصب الذى يتوقف وتنوعت أشكاله وضحاياه ينتمون لمختلف الفئات والطبقات الغنى والفقير على حد سواء.
نصب برعاية الحكومة
ومن بين الشخصيات التى لا تنسى فى هذا المجال المرأة الحديدية الحاصلة على دبلوم تجارة وبدأت حياتها موظفة آلة كاتبة ولكنها نجحت فى النصب على المصريين ووضعت فى جيبها عشرات الملايين من الجنيهات من أموال المودعين وقروض البنوك وجمعت أكثر من 45 مليون جنيه من كل حملة إعلانية واسعة إلى جانب توقيعها على شيكات دون رصيد تجاوزت قيمتها 30 مليون جنيه وهربت متخفية بجواز سفر خادمة وبحماية وزيرين مهمين أحدهما عطل الكمبيوتر الخاص بالممنوعين من السفر ليسهل إنهاء إجراءات سفرها فى مطار القاهرة بل ودخل معها حتى سلم الطائرة، ولنسمع النهاردة وبعد ربع قرن وبالتحديد عام 2009 الماضى بعودتها إلى مصر من جديد وهى مطمئنة بعدما سددت ديونها للبنوك والهيئات بواقع 587 مليون جنيه، ولكنها وبعد قرار المحكمة بإعادة محاكمتها وبعد 5 سنوات قضت بسجنها تم إخلاء سبيلها فى أغسطس 2014، وهناك أيضاً القضية الأبرز فى الثمانينيات من القرن الماضى بتأسيس أحمد الريان شركة لتوظيف الأموال حيث وعد المواطنين بعوائد شهرية تتراوح بين 24 و100٪ وبالفعل كانت عامل إغراء لهجر المواطنين القطاع المصرفى واستثمار أموالهم فى شركاته وتمكن من تحويل أكثر من 3 مليارات جنيه خارج البلاد حسب الأرقام الرسمية وبالتالى تحولت أموال المودعين إلى سراب.. ومن نصب توظيف الأموال لنصب الدجالين حيث تمكن رجال الشرطة من القبض على دجال بتهمة النصب على المواطنين عبر الفيس بوك من خلال صفحة باسم الشيخ شريف وإقناع المواطنين بقدرته على فك السحر والأعمال وكان يقابل ضحاياه بالكافيهات بمقابل مادى يقدر بآلاف الجنيهات.
ومن الحوادث التى يستغل فيها ما يعرف بالزئبق الأحمر ومن أبرزها التى شهدتها القاهرة وحرر فيها المحضر رقم 17768 إدارى جنحة نصب حيث تعرض ثرى عربى للخداع من قبل دجال مصرى أخذ منه 190 مليون جنيه للحصول على تلك المادة المعجزة التى ستسخر له الجان وتقوده إلى الكنوز ثم اكتشف أنه حصل على زجاجة لا تحمل سوى الوهم.. بالضبط كما حدث بشكل آخر مع صاحب أحد محلات الإسكندرية المعروفة لبيع الكحك بتلقيه شيكاً على البريد الإلكترونى من شخص ادعى عمله بوزارة الأوقاف وطلب منه توريد 18 طناً من الكحك والبسكويت والبيتى فور، ثم قام ببيعها فى السوق ولم يحصل صاحب المحل على شىء واكتشف أنه تم النصب عليه وما بين الجديد والقديم من قضايا وحوادث النصب قروض أو عروسة أو شقة أو وظيفة أو توظيف أموال وصولاً إلى «المستريح» أكبر عملية نصب على المصريين تمت حتى اليوم بعدما تمكن شخص يدعى أحمد مصطفى إبراهيم من الاستيلاء على نحو 500 مليون جنيه من مواطنين بقنا وسوهاج لتشغيلها فى شركة توظيف أموال، ذلك الفخ الذى اشتهر به أشهر نصابى القرن الحادى والعشرين، فحوادث النصب تتكرر وبنفس التفاصيل تقريباً.. والنصابون مستمرون بل ويتطورون مع العصر، وأيضاً لا يزال القانون لا يحمى المغفلين!!
تجنب النصب
من جانبه، أصدر جهاز حماية المستهلك عدداً من الإرشادات للمواطنين لتجنب الوقوع فى عمليات النصب عبر الحدود.. جاء بها:
أنه عندما تكون على شبكة الإنترنت ضرورة أن تعلم مع من تتعامل والتأكد من اسم الطرف الآخر فى كل تعامل إلكترونى مع التأكد من عنوان الشارع الذى يتواجد فيه ورقم هاتفه.
قاوم رغبتك فى المشاركة فى مسابقات اليانصيب الأجنبية فهى وسائل إغراء مزيفة وغير قانونية.
احذف أى طلبات يدعى مرسلوها أنهم جانب يطلبون منك مساعدتهم فى تحويل أموالهم من خلال حسابك المصرفى فهؤلاء نصابون.
تجاهل رسائل البريد الإلكترونى التى تتلقاها دون أن تطلبها والتى تطلب منك سداد أموال معينة أو الإفصاح عن أرقام بطاقتك الائتمانية أو حسابك المصرى فى أو أى معلومات شخصية أخرى.
إذا كنت بائعاً لشىء على الإنترنت لا تقبل قيام المشترى المحتمل بإرسال شيك لك تزيد قيمته على سعر الشراء مهما كان العرض مغرياً أو القصة مقنعة وقم بإنهاء التعامل فوراً وإذا أصر شخص، على أن تقوم أنت بإرسال الباقى إليه.
حمدى إمام، رئيس شعبة توظيف العمالة باتحاد الغرف التجارية، أكد رصد الغرفة ل20 شركة وهمية خلال العام الحالى تمارس النصب على المواطنين الراغبين فى السفر للعمل خارج مصر، ولذلك شكوى الشركات المرخصة فى تزايد من انتشار ظاهرة تلك الكيانات الوهمية ومن ثم خاطبت الغرفة الإدارات المختصة فى وزارة القوى العاملة والهجرة ووزارة الداخلية بتغليظ الدور الرقابى على الشركات غير المرخصة البائعة للوهم لتقليل معدلات النصب على المصريين!
وأشار إلى توفير الغرفة لكافة المعلومات للراغبين فى السفر عن الشركات المرخصة من وزارة القوى العاملة مما يستلزم الاتصال بالغرفة أو الوزارة للتأكد من هوية الشركة المعلنة من فرص للعمل والسفر للخارج خاصة مع انعدام الإحصاءات الوثيقة لدى أى من الجهات الرقابية بإعداد الكيانات غير المرخصة والتى لاتزال تعمل بشكل غير رسمى فى سوق وإلحاق العمل بالخارج هدفها الاحتيال والتربح فقط والتى تتواصل مع عملائها عبر الإنترنت أو الموبايل وبعضها له مقرات مؤقتة والآخر دون مقرات وهى كثيرة العدد وقد تفوق الشركات المرخصة والتى تقترب من ال120 شركة فقط.
ولسهولة التعرف على تلك الشركات الوهمية كما يرى أحمد إمام فإن الأمر يبدأ بأن فرص العمل الحقيقية والجادة عادة ومراقبتها أقل من رواتب الفرص الوهمية المعلنة من قبل تلك الكيانات المزيفة، كما أن البعض منها قد يستغل العمال فى إنجاز بعض المهام الإنشائية فى مشاريعها تحت مسمى الاختبار من أجل السفر إلى أن يفاجأ العمال بأنهم ضحية عملية نصب وكان الأجدى بهم مجرد الذهاب للغرف التجارية التابعين لهم للتأكد من أن الشركات لديها سجل تجارى وتعمل بموجب قانون العمل المصرى رقم 12 لسنة 2003 وخلاف ذلك فهى شركة وهمية غير مرخصة يستلزم الابتعاد عنها بل والإبلاغ عنها لحماية الآخرين من الوقوع فى شراك نصبهم!
الدكتور صلاح الدين الدسوقى، الخبير الاقتصادى والتنموى، رئيس المركز العربى للتنمية والإدارة يرى ويذكر تزايد عمليات النصب والاحتيال وتنوعها فى الشارع المصرى وأخطرها عمليات النصب والاحتيال الإلكترونى كنتيجة طبيعية لشيوع القيم السلبية فى المجتمع وتغول رأس المال والرغبة فى التحول إلى المكسب السريع بغض النظر عن الأساليب المتبعة وهو ما أدى إلى ما يعانيه الاقتصاد المصرى من دمار على مدى 40 سنة مضت تعرض فيها لكل مظاهر النصب والاحتيال وعلى جميع المستويات ومن كل الفئات وبدءاً منذ السبعينيات والثمانينيات بتوظيف الأموال والتى كانت تحت شعار الدين يتم النصب على المواطنين وجمع مليارات الجنيهات والتى هربت للخارج ونجم بسببها وغيرها من العوامل الأخرى ما تعانيه من مديونيات خارجية قاربت ال49 ملياردولار وعجز فى الموازنة العامة بلغ 264 مليار جنيه وفقاً للحساب الختامى وحوالى 2 تريليون و164 مليار جنيه مديونية محلية وحجم بطالة 12٫8٪ من قوة العمل أى 3٫6 مليون عاطل يتم استغلال حاجتهم للعمل بدعاوى نصب واحتيال متعددة، منها النصب باسم أحلام الغلابة من خلال إعلانات التوظيف خارج مصر وتزايد أعداد شركات النصب الوهمية المنتشرة عبر مواقع الإنترنت، ومنها كما سمعنا وقرأنا شركة رومانى التى غيرت اسمها فيما بعد للنصب باسم شركة ربوع لإلحاق العمالة بالخارج أو جرين ستار وجميعهم وغيرهم يطالبون الضحايا بدفع مبالغ نظير عقود وهمية من 1000 إلى 6000 جنيه.
ولذلك.. وكما يقول الدكتور صلاح الدين الدسوقى وللحد من عمليات النصب والاحتيال بكافة أشكالها هناك ضرورة لتشريعات جديدة تشرد فيها العقوبات ولا تكون عقوبات شكلية وتقديم الفاسدين والمحتالين أياً كانوا لمحاكمات جادة وحقيقية والعمل على سد أى ثغرات قانونية يفلت منها الفاسدون، تلك الثغرات التى كانت ولاتزال المساعد الرئيسى لنهب ثروات مصر وأموال الشعب!!
وفاء الزير - أستاذ السلوكيات ونائب رئيس المركز العربى للتنمية والإدارة.. تؤكد تميز الشخص النصاب بسمات معينة من يدركها ويلاحظها قد يفلت من شراكة.. وأهم تلك السمات تمتعه بطلاقة اللسان فيتكلم بدون وتوقف وينتقل من موضوع لآخر بسهولة.. كذلك فهو يمهد للنصب على الضحية بالتحدث فى موضوع بعينه حتى يخلق نوعاً من الود والتآلف مع الضحية وقد يستخدم آخرين ليقوموا بعملية التعريف بينه وبين الضحية كما أن النصاب يعد من مساعدته على الضحية بعد علمه بأى حاجة ملحة له ودائماً ما يكرر النصاب عبارات محدودة مع أى ضحية لممارسته لعمليات النصب بكثرة ومن ثم فهو يحلف كثيراً ويقسم مرات كثيرة خلال كلامه مع الضحية ولذلك فهو أيضاً لا يترك مجالاً للضحية كى تحاوره، وكلما بدأت بالكلام الضحية قاطعه حتما النصاب.. ودائماً ما يسأل النصاب ضحيته عن أمور شخصية وخاصة قد يختار لتنفيذ جرائمه الأماكن التى يعيش أو يحمل فيها رجال المال والأعمال ولذلك قد نجدهم أمام البنوك وأماكن الصرافة ولذلك فى معظم حالات النصب تكون هناك عصابة للنصب وجميع أفرادها يتعاونون فى إيقاع الضحية الضحية كان يؤيد أحدهم كلام الآخر وبدور الوسيط بينه وبين الضحية، كما أن النصاب يفضل النصب على أناس غريبين من المنطقة والبلد وعادة ما يركز بصره على الأرض ولا ينظر فى وجه ضحيته.
وكما تستطرد - الدكتورة وفاء قائلة إن النصاب يركز خلال كلامه مع الضحية على المال التى سيكون محلاً للنصب من حيث مقداره أو كيفية دفعه من سيتسلمه ومتى التسليم، وكذلك النصاب يخاف من الجهات الرسمية ولذلك يجتهد على عدم إدخال أى جهة رسمية فى علاقته مع الضحية، ومن أهم وأخطر السمات والملاحظات أن النصاب قد ينوبه القلق أو الخوف إلى حد الارتباك إذا وجه له الضحية سؤالاً بعيداً عن هدفه وعملية النصب ولذلك النصاب قد يلجأ للعنف عندما يكشف أمره ولا يتمكن من الاحتيال على ضحيته ولذلك عادة ما يكون شخصا قوى البنيان وسريع الحركة وغدار وفوق كل ذلك فالنصاب شخص ذكى جداً.
ولذلك.. وكما تقول الدكتورة وفاء الزير فإن الدراية الواعية لسمات النصاب كما حددنا بعضها قد تجنبنا الوقوع ضحية للنصب إلى جانب عدم الثقة بأى شخص من اللقاء الأول واحترام القانون فى كل تصرفاتنا وتعاملاتنا وتجنب التعامل مع من يمارسون أعمالهم بدون ترخيص رسمى وعدم التحدث فى شئوننا الخاصة مع الغرباء وقبل كل ذلك التقرب من الله والإيمان بأن الطمع يقل ما جمع وبأن القناعة كنز لا يفنى وبأن ما يحدث للإنسان قدر مكتوب ومحتوم فى الحياة الدنيا والآخرة!!
وتشير الدكتورة وفاء إلى أن النصاب المحترف يمتلك قدرات ذهنية هائلة تمكنه من تقمص العديد من الشخصيات ولو فى نفس الوقت أما النصاب غير المحترف فضالته يجدها فى أفلام السينما والمسلسلات والتى بالفعل أصبحت تقدم مادة دسمة من آخر ابتكارات النصب والاحتيال والسرقة ولذلك البعض يرى أن أفلام الجريمة تعتبر سلاحاً ذا حدين فهى تحمل رسالة تحذير من نماذج من البشر من خلال عرض قصص لأشخاص وقعوا فى شباك النصب ولكنها أيضاً فى نفس الوقت تقدم أفكارا مبتكرة لمشروع مجرم يحاول إيقاع فريسته ولذلك يجب أن يكون للرقابة على الأعمال الفنية دور فى الترويج من عدمه لأفلام الجريمة وتأثيرها السلبى على المجتمع والذى بغض النظر عن السينما حيث يقدم النصاب ضحيته المراهقين يعتبرونه المثل الأعلى!
المادة 336
فى قانون العقوبات المصرى تنص على أنه يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سنوات دين أو سندات مخالفة أو أى متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريقة الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزود وإما بالتصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكاً له وليس له حق التصرف إما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
وهكذا وبنص المادة 336 من قانون العقوبات المصرى تتراوح عقوبة النصب من الحبس 24 ساعة كحد أدنى إلى 3 سنوات كحد أقصى.. كما تقول الدكتورة فوزية عبدالستار، أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة، أن الأمر يتوقف على تحديد أركان الجريمة فقد تتوافر مع جريمة النصب جريمة أخرى كالاستيلاء على مال الدولة عن طريق الاحتيال فتكون عقوبة الجريمة أشد باعتبار أن الاستيلاء على المال جنائية بينما النصب جنحة أو التشدد فى العقوبة لشدة وجرم استغفال المجنى عليه والاستهانة بعقليته واستغلال ثقته الزائدة فى الجانى وجميعها أسباب زادت من انتشار النصب والاحتيال على المواطنين وعلى وجه الخصوص مع عدم الوعى بالقانون مما يستلزم إصدار قانون خاص للتوعية التشريعية لأن نقص الوعى التشريعى يزيد من جرائم النصب والاحتيال ويسهلها مع توافر وتزايد الضعف الخلقى والدينى منذ ثورة 25 يناير وللآن!
لذلك تمثل هذه الإجراءات والتوعية قد تقلل من نسب جرائم النصب والاحتيال.. كما تقول الدكتورة فوزية ولكنه لا يمكن القضاء عليها نهائياً لما سمى بقانون الكثافة الجنائى وهو ما يعنى زيادة جريمة وانخفاض الأخرى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.