ملابس المرأة لها علي مر التاريخ لم يكن لها علاقة أساسية بالدين أو بمدي التدين فكان الاحتشام هو المفهوم السائد بغض النظر عن الوسط الاجتماعى أو الثقافى أو التعليمى. السيدة المصرية كانت مميزة بملبسها، عكس ما نراه الآن من ضياع للهوية المصرية، بل لم نكن مبالغين لو قلنا أن المصرية أصبحت متخبطة بين الافراط فى الاحتشام وبين قلته بشكل يصل إلي حد التناقض. ذكر "الملاية اللف" يستدعي إلي العقل مصر القديمة بكل مناطقها سواء الحسين، أو الجمالية، أوخان الخليلي، أوالسيدة زينب، أو المعز، ففي هذه المناطق تهادت المرأة المرأة المصرية تدق بقدميها وتلتلف بملائتها السمراء وخلخالها يجذب لها القلوب عشقاً، وتطاير ملائتها تتابعها العيون. تميزت مصر بهذه الثقافة في فترة ما قبل يوليو 1952م، فتلك القطعة من القماش الأسود التي تلتف حول الجسد ميزت هذه المرحلة التي انعكست على الأعمال الدرامية وخاصة الأعمال التي تعلقت بالفتوة والمناطق الشعبية، وقد قيل عن "الملاية اللف" أنها الزي الذي يحمل معه عبق أصالة التراث المصري. إلي جانب الملاية اللف تميزت بنت البلد المصرية بالبرقع والخلخال والجلابية واليشمك والبيشة والمنديل، مظاهر جميلة وبسيطة نراها فى أفلامنا القديمة والمسلسلات التاريخية البساطة والسهولة في الإرتداء هو شعار "الملاية اللف، والتناقض بين الإثارة والتستر فى تناغم غريب، ثم "البرقع" المفتوح بفتحاته التي تعمل على سهولة التنفس، وإبراز شيء من وجه المرأة، والبيشة واليشمك وهما الدلالة على الثراء، حيث يصنع من الذهب، ويكتمل المشهد الرائع ب "المنديل أبو أوية" المحلى بالكرات الملونة التي تغطى شعرها، لتكتمل صورة الفتاة المصرية الشعبية. مثلت الملاية اللف مصدرًا لإلهام المبدعين، وموضوعًا لأغانى الفنانين أمثال سيد درويش وأشعار الموهوبين أمثال بيرم التونسى. تعددت القصص والروايات عن أصل الملاية اللف فالبعض يرى أن أصلها هو "الهبماتيمون" وهو زى رومانى، وبينت دراسات خاصة بتاريخ الأزياء أن نساء الرومان أول من لبسن "الملاية اللف"، ثم عبرت إلى البحر المتوسط بعد غزو الرومان لمصر، وظهرت فى شوارع وحوارى الإسكندرية ومنها انتقلت إلى باقى المدن المصرية والدول العربية، ولكن بتعديل بسيط وهو إضافة "الأكمام". البعض الآخر يُرجع تاريخ "الملاية اللف" إلى العصر العثمانى، حيث ذكر الجبرتى فى كتابه "عجائب الآثار فى التراجم والأخبار" أنه كان يوجد فى مصر العثمانية وكالات خاصة، وخانات لبيع الملايات منها "خان الملايات" عند حارة الروم، فى حين يرجع البعض الآخر بداية ظهورها إلى عهد المماليك، حيث يرجع إليهم الفضل فى ابتداع هذا الزى الشعبى. بعد ظهور المطالبين بحرية المرأه مثل قاسم أمين، ورفاعة الطهطاوى، وصولا لسعد زغلول وزوجته صفية وهدى شعراوى، وبعد المشاركة النسائية التى لا تنسى فى ثورة 1919م وما كان لها من دور فى كشف المرأة المصرية عن وجهها، كانت هذه بدايه اختلاف الملبس النسائى وتحرره بعض الشىء، حيث خرجت هدى شعراوى بحجابها التقليدى دون "البرقع" وتبعتها الكثير من نساء الطبقة العليا والمتوسطة فى القاهرة. ظلت بنات البلد والسواحل يرتدين الملاية اللف والتى كانت تضيق وتقصر حسب الرغبة، أما الفلاحات فقد تطور الملبس الواسع فى الوجه البحرى إلى جلباب ضيق واسع بعض الشىء من الأسفل حتى تستطيع العمل والجلوس والنهوض بسهولة. الآن اختفى تماما الزي الشعبى للمرأة المصرية بفعل حركة التقدم وعمل المرأة وصعوبة ارتداء هذا الزى المميز الآن، ومع عصر الانفتاح وما اتخذناه من الاطلاع على الموضة الخارجية. ارتدت العديد من الفنانات هذا الملبس لتجسيد دور الفتاة المصرية الشعبية فبرلنتي عبد الحميد ارتدته في "درب المهابيل"، وشويكار في فيلم ربع دستة أشرار، وشادية ترتدي الملاية اللف في ريا وسكينة، وزقاق المدق. استعان الكثير من المخرجين بالملاية اللف خاصة في زمن الفن الجميل الذي كان يعكس تقاليد وعادات طبقات المجتمع المختلفة، فقد ظهرت بالملاية اللف كثيرات من نجمات وجميلات سينما القرن الماضي، ولم تعترض عليه أرقي النجمات صاحبات الاطلالة الراقية المتميزة. بداية النهاية للملاية اللف كانت عام 1919 م عندما خلعت هدى شعراوي البرقع في ميدان التحرير، وظهرت بعد ذلك الملابس الافرنجية بالتدريج، ثم مع الحقبة الناصرية، وما تمثله تجربتها من تحديث للمجتمع ومحاولات تمكين وتعليم للمرأة؛ طغى الزي الافرنجي أكثر فأكثر حتى استولى تمامًا على الطبقة المتوسطة الناشئة حينها، واختفت من أوساطهم تقريبًا وبشكل تام الملاية اللف، لكنه بقي كما قلنا في الطبقات الأفقر وحتى طبقة أي الشريحة الأفقر من الطبقة المتوسطة، وعكست ذلك أفلام حقبتي الخمسينيات والستينيات.