قالت الداعية الإسلامية والإعلامية د. نادية عمارة إن الزواج «مؤسسة محورية في حياة الناس» تؤثر بشكل مباشر على تماسك المجتمع واستقراره، موضحة أن الأسرة تمثل الخلية الأولى في بناء المجتمع، فإذا كانت هذه الخلية مستقرة يسهل تحقيق الأمن الاجتماعي وتقليل نسب التفكك والمشكلات الأسرية. اقرأ ايضا فيديو| نادية عمارة: نقل الزكاة لبلد آخر جائز شرعًا الاختيار الواعي خطوة النجاح الأولى جاءت تصريحاتها خلال برنامج «حوار عن قرب» على قناة TeN الفضائية مع الإعلامي أحمد العصار، حيث ناقشت الحلقة سبل تحقيق التفاهم والاختيار السليم بين الطرفين. وأكدت عمارة أن الاختيار الواعي للشريك هو الخطوة الأولى لبناء زواج ناجح، موضحة أن الإسلام أقر مبدأ حرية الاختيار بشرط أن يكون قائمًا على معرفة واضحة وتوافق فكري واجتماعي وديني. وأضافت أن التسرع في الارتباط أو الانسياق وراء المظاهر الخارجية كثيرًا ما يؤدي إلى زيجات هشة لا تصمد أمام أول اختبار حقيقي. وأكدت أن الاختيار السليم للشريك هو الأساس الحقيقي لنجاح الحياة الزوجية، لأنه يحدد شكل العلاقة لاحقًا، سواء كانت قائمة على تفاهم واحترام أو على صراعات وتنافر. الزواج في الإسلام «ميثاق غليظ» أكدت عمارة أن الشريعة الإسلامية أولت الزواج اهتمامًا كبيرًا باعتباره وسيلة لحفظ القيم والأنساب وتحقيق السكينة النفسية. وأضافت أن القرآن وصف عقد الزواج ب«الميثاق الغليظ» في إشارة إلى قوته وعمقه ومسؤوليته، وهو نفس الوصف الذي ورد للعهد بين الله والأنبياء، مما يعكس مكانة هذا العقد في التشريع الإسلامي. وأشارت إلى أن الإسلام دعا إلى تسهيل الزواج وتشجيع الشباب على الإقدام عليه، لأن انتشار الزواج الشرعي يقلل من الانحرافات الاجتماعية ويعزز الاستقرار الأسري. معايير النظرة السليمة قبل الزواج أشارت الدكتورة نادية إلى توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم للمقبلين على الزواج، بضرورة النظر للطرف الآخر نظرة شاملة تتجاوز الشكل والمظهر إلى الشخصية والسلوك والبيئة الاجتماعية. وأكدت أن هذه النظرة المتأنية تساعد في بناء توقعات واقعية عن الحياة الزوجية، وتقلل من الصدمات بعد الزواج. وشددت على أن الدين والخلق هما المعياران الأساسيان للاختيار، لأنهما يضمنان الثبات والاستقرار، في حين أن الجمال أو المال أو الحسب عناصر مكملة لا ينبغي الاعتماد عليها وحدها. الأخطاء الشائعة في اختيار الأزواج قالت د. نادية، إن من أبرز الأخطاء التي يقع فيها كثير من الأسر الاستعجال في اتخاذ قرار الزواج، إما بسبب ضغوط اجتماعية أو رغبة في تقليد الآخرين، وأكدت أن فترة الخطوبة يجب أن تكون متوازنة، بحيث تسمح للطرفين بالتعارف الحقيقي دون أن تطول بشكل يسبب الملل أو التوتر. وأضافت أن تجاهل علامات عدم التوافق المبكرة أو التغاضي عن الفوارق الجوهرية من الأخطاء المنتشرة التي تؤدي إلى مشكلات لاحقة بعد الزواج. مفهوم الكفاءة الحقيقية بين الزوجين أكدت د. نادية عمارة، أن الكفاءة لا تقتصر على الجانب المادي كما يظن البعض، لكنها تشمل التقارب في القيم والأفكار وطريقة التفكير ونمط الحياة. وأشارت إلى أن الفجوات الكبيرة في الثقافة أو المستوى الاجتماعي قد تُحدث صدامًا يوميًا بين الزوجين، حتى لو كان هناك حب في البداية. وشددت على أن الكفاءة الفكرية والاجتماعية تُعد من العوامل الأساسية لنجاح العلاقة الزوجية على المدى الطويل، لأنها تخلق أرضية مشتركة للحوار والتفاهم. الزواج مسؤولية مشتركة وفي ختام حديثها، شددت عمارة على أن الزواج ليس علاقة بين شخصين، ولكن شراكة بين أسرتين، مما يفرض على العائلتين دعم الطرفين في اتخاذ قرارات ناضجة ومسؤولة. وقالت إن التربية الأسرية السليمة، وتقديم النصح الهادئ بعيدًا عن الضغط، يساهمان في بناء زيجات أكثر استقرارًا، وأن الأسرة المستقرة هي حجر الأساس لأي نهضة مجتمعية، لأنها تربي أجيالًا متماسكة وقادرة على العطاء.