مازالت ظاهرة استهداف المصريين في ليبيا دون سائر الجنسيات، تطل برأسها من جديد، لاسيما عقب تداول أنباء باختطاف 15 عاملًا مصريًا في ليبيا، في ظل عدم إعلان أي جهة مسؤولة عن تدخلها أو تعليقها على الواقعة، على الرغم من مناشدات الأهالي. وشهدت ليبيا في الآونة الأخيرة العديد من حوادث خطف وقتل المصريين العاملين هناك على يد الجماعات المتصارعة منذ عام 2011 بعد سقوط نظام معمر القذافي، حيث أصبحت عمليات الخطف تجارة رائجة بين تلك الجماعات للحصول على المال، بشكل ممنهج. وتكشف "الفجر"، فيما يلي ما تعرض له أحد المختطفين بليبيا على يد بعض الجماعات الليبية. كواليس السفر في البداية يستهل حمادة صلاح، حديثه عن رحلة سفر شقيقه "محمد"، البالغ من العمر أربعة وعشرين عامًا، ويعمل عاملاً، قائلاً: "كان يبحث عن فرصة سفر والعمل في ليبيا واتعرف على مجموعة من البلد(قرية شريف باشا) بمحافظة المنوفية، سافروا ليبيا بطريقة غير شرعية، بمعرفة شخص يدعى (نادر) من قرية تلا بالمنوفية، وبالفعل محمد كلمه واتفقوا على السفر وبدأ يجهز (جواز السفر) وسدد له الفلوس المطلوبة وبالموعد المحدد للسفر، اتصل به نادر هاتفيًا وقال له إن المجموعة الذي كان سيسافر ضمنها محمد سافرت، وعرض عليه السفر مع مجموعة أخرى عقب أسبوعًا أو السفر لوحده عن طريق مجموعة أخرى في مطروح، ووافق محمد وبالفعل قابل هذه المجموعة وسافر إلى الحدود الليبية في 22 من ديسمبر الماضي". ويكمل "صلاح"، في حديثه ل"الفجر"، أن شقيقه أخبره هاتفيًا أنه بالفعل وصل إلى الحدود الليبية، ومضطر أن يغلق هاتفه بسبب تعليمات وجهت إليه، ومن هذا التاريخ (22 ديسمبر الماضي) لم يسمع أخبارًا عن شقيقه، مضيفًا أنه في الخامس من يناير الجاري، تلقى مكالمة هاتفية تفيد تعرض شقيقه والمختطفين إلى أعمال تعذيب وتهديدات مريبة في حال عدم دفع مبلغ الفدية المطلوب وهو 20 ألف دينار لكل عامل للإفراج عنهم. مكالمة تكشف عملية التعذيب وتساءل "صلاح"، عن الجهة الخاطفة فلم يجيب عنه "محمد" سوى ب"مقدرش أقول أي حاجة غير انك تجهز الفلوس وحياة عيالك أنا بتعذب هنا حتى لو هتبيع البيت.. واتصل على الرقم ده"، مشيرًا إلى أن المكالمة تكررت عدة مرات على مدة يومين. موقف الخارجية المصرية وأضاف "شقيق المختطف"، أنه توجه إلى مكتب النيابة العامة وقام بعمل محضر يحمل رقم (326 إداري مركز بني سويف)، لسرعة التدخل لحل الأزمة، ولكن النيابة تركت التحريات للمباحث دون جديد، لافتًا إلى أنه توجه لوزارة الخارجية المصرية يوم الجمعة الماضية وقام بإبلاغ المسؤولين عن اختطاف شقيقه ولكن دون جدوى. وتابع: "الخارجية قالتلنا هنعمل ايه مش هنقدر نعملكم حاجة صعب علينا واحنا معندناش مندوب دبلوماسي مصري في ليبيا.. انت قولت شكوتك وبعتها بالفاكس خلاص". طريقة توصيل الفدية ولفت"صلاح"، إلى أن شقيقه اتصل به هاتفيًا صباح أمس الثلاثاء، وأخبره أن المختطفين يعذبونه بشكل وحشي ويريدون الفدية، وقام بإرسال صور تعذيب له هو وبعض المختطفين عن طريق (الواتس أب)، فسأله "صلاح" عن طريق توصيل الأموال إلى ليبيا قال له شققه بعدما سمع شخصًا ليبيًا يلقنه الحديث: "جهزهم وروح البحيرة وبعدين اتصل على الرقم وحد هياخدهم منك"، ولكنه لم يفعل ذلك. مناشدة للرئيس وناشد شقيق المختطف، الرئيس السيسي بسرعة التدخل لإنقاذ شقيقه وجميع المختطفين، لاسيما وأن هناك تباطؤ من المسئولين وعدم تحرك الخارجية، قائلًا: "انقذ أخويا ياريس.. محدش عارف يعمل حاجة.. وانت الوحيد اللي هتنقذ أرواح الشقيانين الغلابة المخطوفين ياريس". الحل الدبلوماسي مستبعد من جانبه أرجع هشام عبد الفتاح، المتخصص في الشأن العربي، سفر المصريين إلى ليبيا بطريقة غير شرعية لعدم التشديدات الأمنية على الحدود البرية "المصرية- الليبية"، لافتًا إلى أنه بالرغم من تكرار حوادث الاختطاف إلا أن الحكومة لم تتحرك في وضع طرق رقابية، مكتفية بالتحذيرات التي لا تغني ولا تسمن من جوع. وأضاف "عبد الفتاح"، في تصريح ل"الفجر"، أن الأمر حاليا صعب دبلوماسيًا لعدم وجود دبلوماسيين مصريين بليبيا، لكن من الممكن تدخل اللجنة الخارجية بمجلس النواب لحل الأزمة عن طريق تشكيل وفد دبلوماسي وبحث الأزمة مع الحكومة الليبية المؤقتة. وحذر المتخصص في الشأن العربي، الحكومة من إهمال الخطوط البرية والسفرعن طريق السودان، موضحًا أن جميع المواطنين الذين يلجأون للسفر بشكل غير شرعي يكون عن طريق السودان، نظرًا لعدم الرقابة بها.
تقاعس الرقابة من جانبه قال طارق الخولي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن واقعة اختطاف المصرين في ليبيا تكررت أكثر من مرة، وهذا يعني أن الدور الرقابي في مصر والأجهزة الأمنية متقاعسة وهناك خطأ ما. وأضاف" الخولي"، في تصريح ل"الفجر"، أن مجلس النواب دوره رقابي وليس تشريعي، لذا من الصعب التدخل في هذا الأمر، إلا عن طريق متابعة الوضع مع الأجهزة الأمنية في القدرة على تحرير الرهائن المصريين، بالإضافة إلى فتح خط مع الخارجية المصرية في متابعة الموقف والتشديد على ضرورة إرسال دبلوماسيين مصريين إلى ليبيا . وأكد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن اللجنة ستتابع أمر 15 عاملا المصريين المختطفين، في الحال والتواصل مع الخارجية المصرية لإنقاذ أبنائنا في ليبيا.