فشلت وزارة الموارد المائية والرى، فى التصدى لأزمة السيول التى ضربت محافظات الصعيد وسيناءوالبحر الأحمر للعام الثانى على التوالى، بعدما عجزت العام الماضى عن مواجهة السيول التى شهدتها محافظاتالإسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ والدقهلية. الغريب فى الأمر، أن الفشل هذا العام حدث على الرغم من تكرار تصريحات الوزارة منذ أكثر من شهر، عن الاستعدادات المستمرة التى اتخذتها للتغلب على تلك الأزمة التى كانت متوقعة آنذاك، وتباهى المسئولون بإنجازات الوزارة التى تمثلت فى تطهير مخرات السيول، وإنشاء سدود الإعاقة، والمرور اليومى على الترع والمصارف. وأرجع الدكتور نادر نورالدين، أستاذ الأراضى والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، الفشل لعدم إدراك الوزارة بأن شهر أكتوبر هو شهر السيول فى المحافظات المجاورة للجبال، بدءًا من الصف والعياط بالجيزة إلى أسيوط وسوهاج وقنا وأسوان، وأحيانا ينضم إليها بنى سويف والمنيا، ثم محافظاتالبحر الأحمر وجنوب وشمال سيناء. وأضاف: خطورة السيل فى هذه المناطق أنه يسقط على الجبال المجاورة لها فتزيد سرعة انحداره، ويكتسب قدرات تدميرية كبيرة، ما يستوجب سرعة الإغاثة والتخطيط المسبق، فالتعامل مع سيولالمحافظات الواقعة على النيل يختلف عن سيولالمحافظات الصحراوية، وفى كل الأحوال تواجه وزارات الرى تلك السيول بمهندسى الجسور، وأيضًا الحكم المحلى بمعدات شفط المياه والردم، وتجهيز أماكن للإيواء. ليس ذلك فحسب، بل يشترك جهاز الشرطة بقوات الدفاع المدنى، والقوات المسلحة بجهاز الخدمة الوطنية، علاوة على تجهيز الخيام للإقامة إذا تطلب الأمر إخلاء، وإنقاذ المحاصرين أو الموجودين على أسطح المنازل والقمم العالية. كما تستعد الصحة بسيارات الإسعاف وأطباء طب الكوارث والإغاثة ومنع انتشار الأمراض، ووزارتى الشئون الاجتماعية للمساعدة بالبطاطين والدعم المالى، ووزارة التموين لتوفير سلع الإغاثة والطعام الجاهز، وكان ينبغى تشكيل هذه الفرق اعتبارًا من أول أكتوبر. وأكد نور الدين: قبل كل ذلك كان لزامًا على وزارة الرى «تسليك» مخرات السيول التى تصب فى النيل بمحافظات الوادى، والتأكد من استيعابها لكل كميات المياه، ثم تقييم السدود الترابية الزجزاجية أو المتقاطعة «رجل غراب»؛ لاعتراض السيول وتوجيهها إلى مسار خارج القرى والزراعات ومن الواضح أن كل هذا لم يحدث. أما بالنسبة للمحافظات الصحراوية، فكان ينبغى التأكد من وجود مواسير نقل السيل أسفل الطرق الرئيسية، وتسليكها، حتى لا يقطع السيل الطريق، وعمل نفس السدود الترابية «الزجزاجية» لتوجيه مسار السير إلى خارج المناطق السكنية بعيدًا عن الطرق الرئيسية، مع تقوية السدود القائمة مثل سد الروافعة. فيما قال الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والرى الأسبق، إن غياب التنسيق بين الوزارة والجهات الأخرى كوزارات النقل والإسكان والمحليات تسبب فى تفاقم الأزمة، ف«النقل» أقامت طرقا على مخرات السيول التى أقامتها «الرى»، ما أدى إلى انهيار الطرق عندما حل السيل، كما لم تزل الوزارة التعديات الواقعة على مخرات السيول، فجميع المخرات التى أقامتها الوزارة تعدى عليها المواطنون برأس غارب والعين السخنة بسبب الطمى اللازم للزراعة. وكشف الدكتور رضا الجمال، استشارى الجيولوجيا والتعدين، عن ضياع الوزارة فرص الاستفادة من مياه السيول، فأحواض تصريف وديان «المطلة» و«نخل» و«بعبع» و«دفارى» و«الطيبة» بجنوب سيناء، التى تصب مياهها فى خليج السويس تسمح أثناء مرورها وتجميع مساراتها بتخزين وتغذية الخزان الجوفى بها، ما يمكن اصطياد مياه السيول الكثيفة بها فى هرابات لتخزين المياه قبل وصولها إلى خليج السويس، إلا أن الوزارة لم تبذل أى مجهود للانتفاع بتلك المياه أو تخزينها.