المتهم كان يتقاضى 368 جنيهاً من عمله.. والآن يمتلك قصوراً وعقارات وأراضى وشققاً وسيارات ونادياً رياضياً القضية بدأت منذ 10 سنوات كشفها تقرير «سرى جدا» للرقابة الإدارية بدأ مخططه بتأسيس جمعية أهلية للتخفى وراءها.. واستولى على أموال أعضاء الجمعية بفواتير وهمية ومستندات مزورة عبد العزيز عبدالله حماد، 58 عاماً، كان موظفاً بسيطاً بقطاع الأمن باتحاد الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو»، حتى ذاع صيته مؤخراً بعدما ورط مسئولين كباراً بالدولة فى قضية كسب غير مشروع ب 3 مليارات جنيه. وكشفت أوراق القضية رقم 17 لسنة 2016 جنايات كسب غير مشروع، والمقيدة برقم 17624 لسنة 2016 جنايات قسم إمبابة، ورقم 2461 لسنة 2016 كلى شمال الجيزة، عن أن المتهم ارتكب جرائم فساد وكون ثروة طائلة تقدر بمليارات الجنيهات، رغم أنه كان يتقاضى من عمله باتحاد الإذاعة والتليفزيون راتباً قدره 368 جنيهاً.. « الفجر» تنشر التفاصيل الكاملة للقضية. 1- المتهم تلاعب ب30 ألف فدان تعود أحداث القضية التى أعدها المستشار أمير أبوالليل رئيس هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع، إلى عام 1997 عندما تم تعيين المتهم فى مبنى الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو»، كمندوب أمن ثالث وقتها. حينها، قدم «حماد» إقرار ذمة مالية أوضح فيه عدم وجود أى ممتلكات له ولأسرته، أو أى أموال وحسابات بنكية بحوزتهم، مؤكداً أنه من أسرة بسيطة، فكان والده عامل زراعة بالأجرة وليس لديه أى مصادر دخل، ووالدته ربة منزل. وبحسب أوراق القضية، تمكن المتهم من تكوين شبكة علاقات كبيرة على مدار ثلاث سنوات، وفى عام 2000 أسس جمعية تدعى «الجمعية المصرية لرجال الأعمال والبيئة والسكان والتنمية»، ومشهرة برقم 446 بتاريخ 30 مايو عام 2000، وتولى رئاسة مجلس إدارتها، وكانت هى البوابة الرئيسية التى مارس من خلالها أشكالاً متنوعة من الفساد. نجح «حماد» من خلال شبكة علاقاته المتشعبة، فى تخصيص قطعتى أرض بناء بمدينة 6 أكتوبر، مساحتهما 30 ألف فدان، أى نحو 126 ألف متر، باسم الجمعية، من خلال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لصالح الجمعية التعاونية للبناء والإسكان، وذلك خلال عام 2003. وخصصت قطعتا الأرض وقتها لإقامة 416 وحدة سكنية لأعضاء الجمعية المصرية لرجال الإعلام والبيئة والسكان والتنمية، وتبلغ مساحة القطعة الأولى 15 فداناً، والثانية 14.82 فدان. إلا أنه تبين تلاعب المتهم فى تخصيص قطع الأراضى المخصصة لأعضاء الجمعية التعاونية للبناء والإسكان، بالمخالفة للقرارين الوزاريين رقم 174 و175، المتعلقين بتقسم وتخصيص قطعتى الأرض سالفة الذكر، لما خصصتا من أجله. القرار الوزارى نص على التزام الجمعية بعدم البدء فى تسويق العقارات إلا بعد اكتمال الإنشاءات بالكامل، ولا يحق للجمعية الإعلان وبيع قطع أراضى فقط دون إقامة وحدات سكنية داخل تلك القطع، إلا أن المتهم خالف ذلك وقام بتخصيص تلك الأراضى لأعضاء الجمعية دون إنشاء أى مبان عليها، وبالمخالفة للقانون وقرارى التخصيص الوزاريين. ولم يكتف بذلك، بل خصص قطعة واحدة لأكثر من عضو من أعضاء الجمعية، حيث بلغ عدد القطع الفعلية المخصصة للجمعية عدد 208 قطع، إلا أنه قام بتخصيص 270 قطعة بزيادة قدرها 62 قطعة، تقاضى فيها مقدم الحجز والأقساط، والذى يتراوح قيمة الواحد منها بين 8 آلاف و12 ألف جنيه لقطعة الأرض الواحدة. 2- المنتفعون من أراضى الجمعية بدأ حماد يجذب عدداً من كبار مسئولى الدولة، ووهمهم بالاستفادة من أراضى الجمعية، وضمت قائمة المنتفعين- بحسب ما جاء فى أوراق القضية، اللواء «م.م»، واللواء «م.ح»، وانضم الاثنين للجمعية بتاريخ 13 يناير 2003، ورقم عضويتهما بالجمعية 183 و184 على التوالى وفقا لكشف المنتفعين من تخصيص الأراضى وقتها. وشملت قائمة المنتفعين أيضاً اللواء «ض.أ»، وكذلك اللواء «ه.ح»، واللواء «أ.س»، والدكتور «ف.م»، ورجل الأعمال «ح.أ» الهارب خارج البلاد والمتهم بالكسب غير المشروع بمبلغ 15 مليار جنيه مع وزراء كبار فى عهد «مبارك». وضمت القائمة كذلك، المستشار «إ.م»، والمستشار «أ.ج»، والمستشار «ف.ع»، والمهندس «م.ع»، والمهندس «أ.أ»، إلى جانب مجموعة من رجال الإعلام منهم « ن. ح» ، « ع.ح»، « خ.إ»، « ر.ك» ، « أ.أ». 3- تزوير مستندات لم تتوقف جرائم المتهم عند هذا الحد، بل استغل وظيفته كأمين صندوق لجمعية الإسكان ورئيس لمجلس إدارة الجمعية التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية، وقام بتحصيل مبلغ 4 آلاف جنيه من أعضاء جمعية الإسكان تحت حساب ثمن قطعة أرض بمدينة 6 أكتوبر، وإيداعها بالجمعية، مستغلاً ضعف الإشراف من قبل الوزارة على أعمال الجمعية، ما مكنه من الاستيلاء على هذه الأموال بمستندات صرف وهمية. وتلاعب المتهم كذلك ببعض المبالغ المالية الخاصة بإيرادات الجمعية، مستغلاً صلة القرابة التى تجمعه بأمين الصندوق، والتواطؤ فيما بينهما باصطناع مستندات وهمية تشير إلى صرف تلك المبالغ، حيث بلغ ما أمكن حصره منها حوالى 96 ألفاً و400 جنيه، وذلك خلال عام 2004. وبحسب ما جاء فى أوراق القضية، قام المتهم بتغيير مقر الجمعية عدة مرات ونقله حالياً لمحافظة الجيزة رغم تبعية الجمعية لمديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة، وذلك بغرض التهرب من إجراء المراجعات المالية على أعمال الجمعية، بالإضافة إلى ادعائه فقد سجلات ومستندات الصرف بتحرير مذكرة فقد بقسم العجوزة، وتلاعبه فى المذكرة بإضافة عبارة تفيد بفقد المستندات المؤيدة للصرف وذلك لإخفاء استيلائه على تلك المبالغ وصعوبة حصرها. وأشارت أوراق القضية إلى أن المتهم اشترى قطعة أرض باسمه كرئيس لاتحاد المنتفعين لأعضاء الجمعية المصرية لرجال الإعلام بناحية «الخطاطبة» بمدينة السادات، وقيامه بسداد مبلغ 100 ألف جنيه كجدية تعاقد، وقام بإدراج ذلك المقابل بسجل الإيرادات والمصروفات على أنه 125 الف جنيه وحصل على الفارق لنفسه. وشملت مخالفاته أيضاً تقديمه لبيانات أسعار «مصطنعة» تفيد صرفه لمبلغ 25 ألف جنيه أخرى على تسوية الأرض وتركيب لافتات وأتعاب محاماه، إلا أنه تبين عدم صحة ذلك وأن المتهم لم يستلم هذه الأرض من الأساس. وأقر المحاسب القانونى للجمعية ويدعى «ثروت مصطفى العايدى»، بأن جميع الميزانيات الخاصة بالجمعية «وهمية» ولا تعبر عن المركز المالى الحقيقى للجمعية، وأن المتهم وأمين الصندوق قاما بإعداد تلك الميزانيات بأنفسهما، وأن دوره اقتصر على اعتمادها بخاتمه فقط، وذلك مقابل حصوله على مبلغ 2500 جنيه. وبفحص أعمال الجمعية من قبل مدير الشئون الاجتماعية «إدارة الجمعيات» بمحافظة القاهرة، تبين وجود مخالفات أخرى بها خلال عام 2004 وحده، تمثلت فى مبلغ 25 ألف جنيه قيمة شراء أشجار زينة من مشتل «البادية»، حيث تيبن عدم استيفاء بيان الأسعار، وأنها مستندات صرف وهمية، ومبلغ 94 ألف جنيه مصروفات عمومية خلال عام 2004، لم يقدم أمين الصندوق أى مستندات تبرر صرفها، ومبلغ 20 الفاً و650 جنيهاً قيمة شراء دروع تذكارية وميداليات ببيانات أسعار من المجموعة الهندسية للتوريدات مشكوك فى صحتها وغير مرفق بها كشف توزيع تلك الهدايا. وضمت أوراق القضية أيضاً صرف 95 ألف جنيه قيمة عقد ندوات ثقافية وعلمية خلال عام 2004، ومبلغ 4 آلاف جنيه قيمة شراء «عجل بقرى» لتوزيعه بمناسبة عيد الأضحى فى العام ذاته دون مستند مؤيد للصرف ودون اتباع الطرق القانونية للشراء، ومبلغ 2800 جنيه قيمة شراء 100 علبة حلويات بمناسبة المولد النبوى ببيان أسعار لا يحمل بيانات عن المورد ودون وجود كشف توزيع لهذه الأصناف على المستفيدين. 4- «قصور وفيللات وأراضى» ووفقاً لأوراق القضية، فإن ممتلكات المتهم وثروته العقارية تمثلت فى ملكيته لمنزل كائن بالعقار رقم1 ميدان سفنكس الدور الثانى بالعجوزة بمحافظة الجيزة، وشقة سكنية كائنة بالعقار رقم 11 شارع أحمد رخا بمنطقة إمبابة بمحافظة الجيزة، وعقار مكون من عدد 5 طوابق بمساحة 145 متراً بشارع «داير الناحية» بمنطقة «طروة» بمركز أشمون بمحافظة المنوفية، وقطعة أرض مساحتها 6 أفدنة مقام عليها فيللا كبرى «قصر» بناحية «صراوة»، وأرض زراعية مساحتها 3 أفدنة بحوض جزيرة الرمال والبسطة، وقطعة أرض مساحتها 9أفدنة و23 قيراطاً بحوض «الصاوي» بمركز أشمون بمحافظة المنوفية، وشقة سكنية بمدينة الرحاب بالقاهرة الجديدة برقم 22 عمارة2 نموذج (أ) مجموعة 58 مساحتها 157 متراً. كما يمتلك شقة سكنية بالعقار رقم 50 شارع وادى النيل بالدور العاشر بمنطقة العجوزة، وقطعة أرض مساحتها 150 متراً بشارع أحمد سلام بمدينة الأمل بإمبابة، وسيارة مرسيدس موديل 1979 تحمل لوحات معدنية بأرقام (267585 ملاكى القاهرة)، ومكتب كائن بميدان سفنكس تم شراؤه من الشركة القابضة للتجارة من خلال لجنة بيع أصول شركات توظيف الأموال، إلى جانب وحدة سكنية كائنة 7 شارع الحجاز بالدقى بالجيزة، يستغلها كصالة كمال أجسام «نادى رياضى». بالإضافة إلى مجموعة حسابات فى البنوك، تمثلت فى حساب ببنك مصر فرع أشمون برقم (2540010024032)، وحساب ببنك مصر فرع النيل برقم (4611200006925) وآخر برقم (46100100021179)، وحساب بالبنك المصرى الخليجى برقم (0300585092000)، وحساب ببنك (HSBS) فرع لبنان برقم (502320). 5- تجميد القضية 10سنوات المثير فى الأمر، ما كشفته التحريات عن أن القضية تم تجميدها لأكثر من 10 سنوات، حيث تبين أن أهالى قرية قرية «صراوة» بمركز أشمون بمحافظة المنوفية، تقدموا بشكوى عام 2005 لوزارة العدل ضد المتهم، حملت رقم 355 لسنة 2005، يتهمونه بممارسة نشاط تقسيم وبيع الأراضى بنطاق محافظة المنوفية، وعدم سداد الضرائب المستحقة على ذلك النشاط. وتبين أن رئيس هيئة الرقابة الإدارية اللواء أركان حرب محمد فريد تهامى، أعد مذكرة تحريات حول هذه الشكوى تحت بند «سرى جدا»، حصلت «الفجر» عليها، وحررت فى 9يوليو 2005. وأكدت مذكرة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، أن المتهم حصل على استفادات مالية من توزيع وتخصيص قطع الأراضى وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية بالإعلان عن فتح باب الحجز للأراضى، وذلك بغرض تخصيصها لبعض الأشخاص المقربين منه. كما أظهرت مذكرة الرقابة الإدارية، أنه بالرجوع للمسئولين بمنطقة الضرائب العامة بمحافظة المنوفية، أكدوا قيام المتهم بممارسة نشاط تقسم وبيع الأراضى، وهى إحدى الممارسات التى تستحق تحصيل الضرائب عليها، إلا أنه لم يقم بذلك، بل وتبين عدم وجود ملف ضريبى للمتهم يمكن من خلاله إجراء المحاسبة الضريبية حول هذا النشاط أو غيره. والغريب أن المتهم استمر يمارس عمله بشكل طبيعى رغم المذكرة السرية لرئيس هيئة الرقابة الإدارية، بل وترقى فى العمل، حتى أقيل فى 1يونيو 2013، ورغم ذلك واصل عمليات الفساد فى الجمعية التى يرأس مجلس إدارتها حتى عام 2015 لتبدأ سلسلة تحقيقات جديدة بعد 10 سنوات من تجميد القضية.