ليست العدالة مجرد قاعة محكمة ولا حكمًا يُتلى في نهاية الجلسة، بل وعيٌ يتشكل في وجدان المجتمع ويصنع سلوكًا راقيًا قائمًا على احترام القانون. حين تختار النيابة العامة أن تواجه الجريمة بالعلم، وأن تزرع في عقول المواطن ثقافة القانون قبل أن تقع المخالفة، فذلك يعني أن العدالة في ليبيا تخطو نحو مرحلة أكثر وعيًا وإنسانية.
العدالة تبدأ من الوعي لا من قاعات المحاكم ويبرز مركز البحوث الجنائية والتدريب التابع لمكتب النائب العام الليبي، بوصفه إحدى أهم المؤسسات الوطنية التي تمزج بين العدالة والمعرفة، وتحوّل الثقافة إلى أداة لحماية المجتمع وترسيخ سيادة القانون.
فمن خلال برامجه البحثية وأنشطته التوعوية والثقافية، يعمل المركز على نشر الوعي القانوني وبناء جسر من الثقة بين المواطن ومؤسسات العدالة، في رؤية متكاملة تجعل من المعرفة سلاحًا، والثقافة درعًا، والوعي طريقًا إلى الأمن والاستقرار.
وهذا ما يجسده مركز البحوث الجنائية والتدريب، الذي جعل من رسالته بناء مجتمع آمن بالمعرفة، ونشر ثقافة القانون بوصفها خط الدفاع الأول عن قيم الدولة والمواطنة.
من فكرة إلى إنجاز.. كيف وُلد معرض النيابة العامة الدولي للكتاب؟ على هامش فعاليات معرض النيابة العامة الدولي للكتاب، الذي احتضنته العاصمة طرابلس خلال الفترة من 15 إلى 27 أكتوبر الجاري، التقت «فيتو» بالمدير التنفيذي لمركز البحوث الجنائية والتدريب التابع لمكتب النائب العام الليبي، محمد علي الأسود، الذي يعد أحد أبرز العقول الفاعلة في تطوير منظومة العدالة ونشر الوعي القانوني في ليبيا.
وفي حديثه، أوضح كيف استطاعت النيابة العامة من خلال المركز أن تجعل من المعرفة وسيلة لتعزيز سيادة القانون ومكافحة الجريمة بالوعي، لا بالعقوبة فقط.
حديثه حمل رؤية واضحة حول تحويل العدالة إلى مشروع وطني ثقافي، ورسم معالم استراتيجية تسعى إلى بناء مجتمع آمن بالمعرفة، منفتح على الحوار، ومتسلح بالعلم.
وقال محمد الأسود أن فكرة معرض النيابة العامة الدولي للكتاب جاءت وليدة احتياج حقيقي للمعرفة والبحث عن المراجع القانونية النادرة، بعد أن لمس القائمون على المركز نقصًا واضحًا في مصادر المعرفة داخل ليبيا.
وأضاف الأسود في تصريح خاص ل«فيتو»: "بدأت الفكرة عندما كنا نبحث عن مراجع قانونية في القاهرة، فقلنا: لماذا لا نحضر هذه الكتب إلى ليبيا؟ ومن هنا وُلدت فكرة المعرض، كإحدى وسائل تحقيق أهداف مركز البحوث المتمثلة في نشر الثقافة القانونية والتوعية المجتمعية."
المعرض.. خطوة استراتيجية نحو مجتمع يعرف حقوقه وواجباته وأوضح أن النظام الأساسي للمركز يتضمن تنظيم المعارض والورش والندوات الثقافية والتوعوية، مضيفًا: "تجربتنا الأولى العام الماضي لاقت إقبالًا واسعًا، وتلقينا طلبات عديدة من الجامعات والكليات والهيئات لتجديد التجربة، لما تمثله من مساحة لقاء وتبادل ثقافي ومعرفي. لذلك قررنا إطلاق النسخة الثانية بمشاركة واسعة من الدول العربية."
وأكد أن إقامة المعرض لا تُعد نشاطًا ثقافيًا فحسب، بل هي خطوة استراتيجية ضمن رؤية النيابة العامة الرامية إلى نشر الوعي كوسيلة لمكافحة الجريمة، مشيرًا إلى أن النيابة العامة لا يقتصر دورها على التحقيق فقط، بل تمتد رسالتها إلى الوقاية من الجريمة عبر نشر الثقافة القانونية.
وقال: "مركز البحوث الجنائية والتدريب هو الذراع التنفيذي للنيابة العامة في تنفيذ هذه الاستراتيجية، عبر المؤتمرات والندوات والموقع الإلكتروني للمركز الذي يعزز وعي المواطنين بالقضايا والأحكام القانونية، ولمسنا انعكاس هذا الدور في إقبال المواطنين على المعرض، وفي شعورهم بأن النيابة العامة قريبة منهم، تنشر الوعي وتوفر مناخًا معرفيًا جيدًا للباحثين."
وأشار محمد الأسود إلى أن الثقة بين المواطنين والنيابة العامة شهدت نموًا ملحوظًا بفضل هذا التوجه، موضحًا أن المركز يتمتع باستقلالية مالية وإدارية ويتبع النائب العام مباشرة، ما يجعله مؤهلًا للقيام بدوره الاجتماعي والتوعوي في بناء مجتمع آمن يقوم على المعرفة.
الثقافة.. سلاح ضد الجريمة وجسر نحو السلام وأضاف: "الثقافة هي وسيلة لترسيخ سيادة القانون ومكافحة الجريمة. وشعور الفخر لدينا يأتي من رؤية المواطنين يتفاعلون مع المعرض، لأن رسالتنا أن العلم والمعرفة ليست حكرًا على أحد، بل يجب أن تتاح للجميع. والمركز ليس إلا إدارة فتحت الباب للجميع، ليكون المعرض منصة للتلاقي ولمّ الشمل الثقافي بين الليبيين والعرب."
وأكد المدير التنفيذي أن مشاركة دور النشر من داخل ليبيا وخارجها تحمل رسالة واضحة للعالم بأن ليبيا آمنة، تسير على طريق العلم والإيمان، وتستطيع احتضان الفعاليات الدولية.
وتابع: "نحن نستهدف جميع فئات المجتمع لأننا نؤمن أن العلم للجميع. نريد أن نبني جسورًا تعبر بنا إلى بر الأمان، فالعلم سلاح، واللقاء داخل المعرض فرصة للحوار والنقاش، من خلال الندوات والحلقات النقاشية التي تطرح رؤى قانونية وثقافية."
مركز البحوث الجنائية والتدريب.. المعرفة في خدمة العدالة وفي سياق متصل، تحدث محمد الأسود عن رؤية المركز قائلًا: "نحن نعمل على تطوير العدالة الجنائية في ليبيا عبر دعم البحث العلمي والتدريب المستمر، ورفع كفاءة الكوادر القضائية بما يواكب المعايير الوطنية والدولية. رؤيتنا تمتد من عام 2023 حتى 2030، ونسعى من خلالها إلى نشر ثقافة سيادة القانون والمساهمة في الاستقرار عبر البحث العلمي والتنمية المهنية، دعمًا لأهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة 2030، وجدول أعمال الاتحاد الأفريقي 2063."
وأوضح أن رسالة المركز ترتكز على إستدامة الجودة النوعية لنظام العدالة الجنائية، وتكريس الحماية القضائية لحقوق الإنسان وضمانها، مؤكدًا أن القيم الجوهرية التي ينطلق منها عمل المركز تشمل المسؤولية، الموضوعية، الإبداع، التعاون، المشاركة، الاستقلال، والانفتاح*.
وأشار إلى أن المركز يعمل على تحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها: تعزيز استقلال السلطة القضائية وضمان الكفاية المهنية للعاملين في أجهزة إنفاذ القانون. تطوير القدرات التشغيلية لمواجهة تحديات العدالة وحقوق الإنسان. تيسير النفاذ إلى العدالة لجميع الفئات من خلال التمكين القانوني والتعاون المجتمعي. تعزيز التعاون الدولي في القضايا الجنائية. ترسيخ البحث العلمي كأداة لمواكبة التطور التقني والقانوني.
وذكر أن المركز ينفذ منظومة واسعة من البرامج تشمل البحوث والدراسات حول الجريمة والعقاب، وتحليل البيانات العلمية لتطوير التشريعات، ودراسة أوضاع ضحايا الجريمة، ولا سيما الأطفال والفئات المستضعفة، إضافة إلى تصميم برامج تدريبية لأعضاء النيابة العامة والعاملين في أجهزة إنفاذ القانون.
كما أشار إلى أن المركز يعزز تعاونه مع الجامعات والمؤسسات التعليمية لإدراج موضوعات تتعلق بعمله ضمن برامج الدراسات العليا، وتخصيص مقاعد لأعضاء النيابة لإجراء بحوث أكاديمية مرتبطة بالواقع العملي.
وأعلن إطلاق موقع المركز الإلكتروني في أول نوفمبرالمقبل، الذي سيتضمن منصة للبحوث والتدريب والإرشاد القضائي والتوعية المجتمعية، موضحًا أنه سيحتوي على محاضرات وقصص توعوية ورسائل للمواطنين حول القانون وحقوقهم وواجباتهم.
وقال " نريد أن نوجه رسالة واضحة مفادها أن ليبيا قادرة على النهوض بالعلم والمعرفة، وأن العدالة تبدأ من الوعي، وأن الثقافة هي الطريق الأسمى إلى الأمن والسلام". ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا