البابا تواضروس غير راضٍ عن معظمهم منذ رحيل المهندس عدلى أبادير، الأب الروحى، لأقباط المهجر، ولم تعد تنظيمات الأقباط بنفس القوة التى تمتعت بها فى وجوده، إذ إن مميزات شخصيته القيادية كانت تؤهله لتوحيد جميع المنظمات تحت قيادته رغم اختلاف الأهداف والتوجهات، حيث كان يجيد إدارة اللعبة السياسية بكفاءة. الأمر الثانى الذى مكن أبادير من فرض نفوذه على منظمات أقباط المهجر، أنه كان ينفق من جيبه الخاص على المؤتمرات التى ينظمها بالخارج. واستطاع أبادير، تحويل مؤسسة أقباط متحدون، التى كان يديرها فى سويسرا، إلى صرح كبير معنى بالدفاع عن حقوق الأقليات، وأنشأ لها موقعاً إلكترونياً ومقراً دائماً. وقبل وفاته خصص أبادير وديعة فى إحدى البنوك السويسرية باسم منظمة أقباط متحدون وأوصى بأن يقسم عائدها الربح البنكى لإنفاق على المؤسسة وأنشطتها الخيرية، والجزء الثانى على الموقع الناطق بلسان المؤسسة. وتركزت مطالب منظمات أقباط المهجر فى إصدار قانون موحد لدور العبادة والسماح للأقباط بتولى الوظائف العليا فى الدولة وإدخال التاريخ القبطى للمناهج التعليمية وغيرها من المطالب التى تدخل تحت بند حقوق الإنسان، إلا أن الدفة تغيرت 180 درجة، عقب وفاة أبادير فانفرط عقد المنظمات القبطية بسرعة، ودخل جميع تلاميذه فى حالة صراع على الزعامة، وبدأوا ينقسمون لجبهات، ومنهم من جنح نحو أقصى اليمين المتطرف، ومنهم من اتخذ الأسلوب الهادئ فى طرح القضايا. وشاركت جمعية المصريين بإيطاليا التى يترأسها جورج قلادة، فى تنظيم زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأخيرة لروما، وساعدت مصريين كثيرين على الانتقال من مقاطعاتهم إلى روما لاستقبال الرئيس، وساهم الراحل ماجد رياض، كبير مستشارى البابا الراحل شنودة الثالث، ومنير داوود، عضو لجنة المائة بالكونجرس الأمريكى، فى استقبال موكب السيسى بالولايات المتحدةالأمريكية، واستأجروا أتوبيسات لحشد أبناء الجالية المصرية، من أمام الكنائس والساحات فى مواجهة مظاهرات جماعة الإخوان المضادة، واستطاعوا إحباطها. قامت منظمات أخرى يترأسها بعض تلاميذ أبادير باتصالات مع الإدارة الأمريكية، للمتاجرة بأزمات الأقباط، وتحولت إلى دكاكين للبيزنس وجمع التبرعات لتشويه صورة مصر بالخارج، بعد جفاف التمويل عنهم عقب الزعيم أبادير، وتكالبت هذه المجموعة على زعامة أقباط المهجر بطريقة فاضحة حيث أطلقوا تصريحات بوجود تمييز ممنهج من النظام المصرى ضد الأقباط وساعدهم فى ذلك بعض العناصر الموجودة فى الداخل التابعة لحركات قبطية مثل جمعية واتحاد ماسبيرو وبعض النشطاء ممن كانوا يمدونهم بتقارير عن الحوادث الطائفية. وتعتبر منظمة التضامن القبطى، واحدة من أشهر المنظمات التحريضية، وتعمل ضد مصر والتى أسسها مجدى خليل، مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات، المقيم بواشنطن، والذى نظم مؤتمراً منذ نحو شهرين داخل مقر الكونجرس بحضور ممثلين عن الإدارة الأمريكية تحت شعار «رفع الظلم عن أخواتنا الأقباط»، وهو المؤتمر الذى لاقى اهتماماً من جانب وكالات الأنباء الغربية، لم يقتصر الأمر على المؤتمرات فقط، ولكن صحبته دعوات لنفس المنظمة بالتظاهر أمام البيت الأبيض، فى 2 أغسطس الجارى لفضح ما زعمته بالممارسات القمعية للنظام وتراخيه عن حماية أقباط الصعيد. ويلعب خليل دوراً مختلفاً عن بقية منافسيه، فهو يتبنى وجهة النظر الطائفية فى خطبه ويزايد على المختلفين معه ويصمهم بكونهم عملاء للجهات الأمنية، بينما يسعى بنفس الطريقة، لإخفاء أنشطته فى تسهيل عمليات اللجوء الدينى لأمريكا، والتى يقدمها نظير الحصول على أموال من الراغبين فى الهجرة، بموجب أوراق وتقارير وهمية من مؤسسات حقوقية. الصراع بلغ مداه بين خليل والملياردير كميل حليم، الملقب بحوت أقباط المهجر، رئيس التجمع القبطى الأمريكى، والذى كان تبرع بنصف مليون دولار، لإنشاء كنيسة تحمل اسم البابا الراحل فى مقاطعة شيكاغو، وبمجرد نزول حليم لأرض المعركة لاقى قبولاً شديداً من أبناء الجالية القبطية فى أمريكا، خصوصاً فى الكنائس، وذلك لعلاقته الوثيقة بالكنيسة التى يقدم لها خدمات كثيرة، بخلاف منافسه المعروف بميوله الإنجيلية ونزعته العلمانية. ويأتى مدحت قلادة، مدير اتحاد المنظمات القبطية بأوروبا، ضمن أشهر المحرضين على مؤسسات الدولة ويلعب دوراً كبيراً فى هذا الشأن من خلال الاتحاد الذى يديره ويربط بين نشطاء الأقباط فى عدة بلدان أوروبية، ولعل زياراته المتتالية لمقر البرلمان الأوروبى أكبر شاهد على ذلك، حيث يقدم تقارير دورية تحمل مزاعم بوجود ظاهرة لاختطاف الفتيات القبطيات، وحوادث العنف الطائفى، التى يقوم بتضخيمها باعتبارها ظاهرة ممنهجة. ويعتمد أقباط المهجر بشكل كبير على كاهن هارب من حكم بالإعدام فى قضية أمن دولة عليا، وهو القمص مرقص عزيز، راعى الكنيسة المعلقة السابق، المعروف بتصريحاته العنترية وافتعاله لمشكلات كثيرة مع وزارة الآثار خلال إقامته فى مصر بحجة الحفاظ على الكنيسة المعلقة، ورفض ترميمها إلا بما يتوافق مع رؤيته الشخصية. وفى كثير من الأحيان لا ترضى الكنيسة القبطية، عن مواقف نشطاء الخارج، ويخرج البابا تواضروس ليعلن رفضه القاطع وتبرؤه من أفعالهم وعندها يأتى دور عزيز المعروف ب «مفتى المهجر» ليصدر فتاوى ذات صبغة دينية تدعم مواقفهم ليسهل لهم التأثير على الأقباط غير المسيسين. وتعتبر منظمة الأوفيد، التى يديرها جون ماهر، واحدة من أهم المنظمات الفرنسية التى تتحدث عن الشأن القبطى، وعقدت مؤخراً سلسلة مؤتمرات فى العاصمة باريس للتنديد يسمى الاعتداءات على الأقباط فى عدة محافظات، ولعل السر يرجع إلى زوجة ماهر، التى تخدم فى عدة كنائس فرنسية كاثوليكية والتى تجمع تبرعات كثيرة تحت زعم توزيعها على الفقراء ولكن النصيب الأكبر منها يذهب لتمويل مؤتمرات زوجها.