طفلان يجلسان أمام منزلهما ويرميان الحجارة في بحيرة صغيرة من مياه الصرف الصحي وأمامهما محل خضروات خالياً من الزبائن ويقف الذباب على خضرواته المعروضة، محلات أخرى أغلقت أبوابها خوفاً من دخول مياه الصرف الصحي إليها. هذا هو أول مشهد قابلته عند دخولي إلى شارع منصور غنام، بمنطقة "بشتيل البلد" التابعة لمحافظة الجيزة. "محدش بيدخل عندي المحل لما بيشوف منظر الدبان وهو ملموم على الخضار ومش عارفة أبيع ولا عارفين نأكل عيش؛ لأن المجاري طافحة على طول" هكذا أخبرتنا رضا محمود- صاحبة محل خضروات بشارع منصور غنام وهي تقف على عتبة محلها وتحمل ورقة تطير بها الذباب بعيداً عن خضرواتها المعروضة.
على بُعْد خطوات من هذا المشهد وعند أول شارع "رشاد عبد الرازق" مشهد آخر لسيدات جلسن أمام بيوتهن من يرَاهُن من بعيد يعتقد أن تقضية وقت الفراغ هي سبب جلوسهن ولكن عند الحديث معهن حول سبب الجلوس أخبرتنا إحداهن: " احنا ورانا أشغال ومصالح مش عارفين نعملها بسبب إنهم قاطعين المياه عننا عشان مياه المجاري متطفحش وحتى الطبيخ مش عارفين نطبخ"
تعاني معظم شوارع بشتيل البلد من مشكلة الصرف الصحي؛ بسبب أن المجاري أقيمت بمواسير ضيقة لا تتحمل جريان المياه ما يتسبب في طفحانها، تقوم المحليات بحل هذه المشكلة من خلال قطع المياه عن المنطقة، كما قال لنا محمد مصطفى أحد السكان: "مفيش حد بيجيلنا من الحي عشان يحل مشكلة الصرف الصحي، احنا بنجيب ناس تسلكلنا بفلوسنا والحي بيكتفي بس إنه يقطع المياه عننا، أكتر من مرة نشتكي يقولولنا مشكلتكوا ملهاش حل".
يعبر سكان بشتيل في بعض الشوارع على "الطوب" تجنباً لأن يقعوا في مياه الصرف الصحي التي من المؤكد أنها مليئة بالأمراض والحشرات الضارة، بالإضافة إلى البلاعات المفتوحة التي ربما لو كنت تسير وأنت تفكر في شيء ما ستقع فيها، أيضاً كابلات الكهرباء القريبة جدا من مياه الصرف الصحي الطافحة بالشوارع والتي أخبرتنا سلمى يوسف- احدي ساكنات المنطقة: "الكابل ده ضرب قبل كده أكتر من مرة وناس كتيير اتكهربت بسبب إن مياه الصرف الصحي بتسرح عليه ومحدش بيجي من المسؤولين إلا لما الكارثة بتحصل".