فشل حزب العدالة والتنمية ذو الخلفية الإسلامية في الفوز بالانتخابات المحلية وحلّ ثالثا خلف حزبي الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، وذلك رغم الخروقات القانونية التي جرت في عدة مناطق والتي اتهمت المعارضة رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران بترتيبها خدمة لحزبه. واعتبرت أحزاب المعارضة، أن الانتخابات المحلية والجهوية شابتها اختلالات كبيرة، محملة بذلك المسؤولية إلى اللجنة المشرفة عن الانتخابات المكونة من رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزارة العدل. وقال حميد شباط أمين عام حزب الاستقلال في اتصال مع "العرب" اللندنية هذه الانتخابات عرفت سابقة تاريخية للخروقات التي أثّرت على سير عملية الاقتراع، محملا المسؤولية لرئيس الحكومة ووزير العدل باعتبارهما المشرفين على العملية الانتخابية. وأضاف شباط أن هناك انفلاتات حقيقية بمختلف المدن، حيث تم منع الكثير من المواطنين من الإدلاء بأصواتهم في فاس، مطالبا رئيس الحكومة ووزارة الداخلية بفتح تحقيق عاجل في الأمر. وأعلن بلاغ لوزارة الداخلية، بعد الفرز النهائي للأصوات، فوز حزب الأصالة والمعاصرة بالمرتبة الأولى، متبوعا بحزب الاستقلال في المرتبة الثانية، ثم حزب العدالة والتنمية في المرتبة الثالثة، يليه حزب التجمع الوطني للأحرار، فالحركة الشعبية ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وأكد بلاغ للوزارة، أن حزب الأصالة والمعاصرة، حصل على 6655 مقعدا، وفي المرتبة الثانية حصل حزب الاستقلال على 5106 مقعدا، بالمقابل حصل حزب العدالة والتنمية على 5021 مقعدا، وحصل حزب التجمع الوطني للأحرار على 4408 مقعدا، وحصلت الحركة الشعبية على3007 من المقاعد، في حين حصل الاتحاد الاشتراكي على 2656 مقعدا ثم الاتحاد الدستوري على 1489 مقعدا. وقالت خديجة الرويسي القيادية البارزة في حزب الأصالة والمعاصرة، في اتصال مع "العرب" إن "حزبها سجل مخالفات جسيمة، تتمثل في عنف واستفزاز ضد مرشحي الحزب ومرشحاته، وحالات اقتحام مكاتب التصويت، والقيام بأعمال الحملة الانتخابية يوم الاقتراع، والمس بسرية التصويت، كما سجلنا منع ناخبين من الولوج إلى مكتب التصويت للإدلاء بأصواتهم". وأضافت الرويسي أن حزبها تقدم بعدة شكاوى لوكيل الملك مطالبا بفتح تحقيقات عاجلة، وحملت الحكومة مسؤولية ما جرى بصفتها الجهة المشرفة. من جهته، عبر إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في تصريح ل"العرب" اللندنية، عن غضبه من "الخروقات التي شوشت على سير عملية الاقتراع في مختلف المدن والجهات، وعن المخالفات وبينها خاصة شراء أصوات الناخبين والقيام بالدعاية الحزبية يوم الاقتراع". ووجه لشكر انتقاداته للحكومة على الصمت على هذه الخروقات، مشيرا إلى أن الذي حصل على المرتبة السادسة، سيتخذ القرارات المناسبة سواء الطعن السياسي أو القضائي في النتائج. وقال مراقبون إن التراجع الصارخ لحزب العدالة والتنمية في نتائج الانتخابات هو مؤشر يزكي موقف الشارع من الحزب الإسلامي الذي يقود الائتلاف الحكومي، الذي بدأت شعبيته تتراجع تدريجيا، خاصة بعد تنكره للوعود التي سبقت توليه رئاسة الحكومة، واتخاذه لمجموعة من القرارات ضد مصالح الشعب، بالتوازي مع تعايشه مع الفساد الذي رفع شعار محاربته قبيل الانتخابات التشريعية. ولفتوا إلى أن المغاربة اكتشفوا أن الوعود التي قدمها الإسلاميون هي خدعة للوصول إلى الحكم، وهو ما حدا بهم إلى اختيار حزب الأصالة والمعاصرة أو حزب الاستقلال. وجاءت هزيمة إسلاميي المغرب لتؤكد أن الشعوب العربية اغترّت بالشعارات الدينية للأحزاب الإسلامية في أكثر من بلد، وأن تجاربهم في الحكم تنتهي دائما إلى الفشل وهو ما عبّرت عن انتخابات المغرب ومن قبلها الانتخابات التونسية منذ قرابة العام، حيث سحب التونسيون ثقتهم من حركة النهضة الإسلامية ومنحوها لنداء تونس وهو حزب ليبرالي.