مفتي الجمهورية: الأشخاص ذوي الإعاقة قوة خفية من الطاقات    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    الإدارية العليا تواصل تلقى طعون نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «التعليم» تعلن وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة    «العربية للتصنيع» توسّع شراكتها مع الشركات الفرنسية في صيانة وعمرة محركات الطائرات    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    انعقاد الاجتماع الأول لمنتدى الأعمال والاستثمار المصري اليوناني    وزيرا التخطيط والمالية يبحثان تعديلات «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    العربية للتصنيع توقع مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون مع شركة "Sofema" الفرنسية في صيانة وعمرة محركات الطائرات    مذكرة تفاهم بين غرفة صناعة الملابس الجاهزة والوكالة الألمانية لدعم تطوير القطاع الصناعي    3 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    وزير الإنتاج الحربي ووزير الطاقة البوسني يناقشان سبل التعاون    ترامب يوقف طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة بينها 4 دول عربية    وزير الدفاع والإنتاج الحربى ورئيس أركان حرب القوات المسلحة يعقدان عدد من اللقاءات الثنائية مع قادة الوفود العسكرية    رئيس الوطنى الفلسطينى: التصويت لصالح القرار الأممى يعكس إرادة دولية واضحة لدعم العدالة    وزير الخارجية يلتقي مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني    الصحف الكويتية تحتفي بالتعادل مع مصر في مستهل مشوارهما بكأس العرب    دخل تاريخ الدوري الإنجليزي.. هالاند أسرع لاعب يصل ل100 هدف    سليمان: فيريرا رجل سيء.. وما قاله ليس صحيحا    موعد مباراة ريال مدريد أمام بلباو في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    «جلوب سوكر».. بيراميدز يخرج من القائمة النهائية لجائزة أفضل ناد في 2025    معاكسة فتاة تشعل مشاجرة دامية في عابدين    انقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بعد الفيوم الجديدة    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    انقلاب ميكروباص وإصابة 7 أشخاص في مدينة 6 أكتوبر    التحقيق فى سقوط سيدة من أعلى الطريق الدائري بمنطقة بشتيل بالجيزة    الأرصاد: انخفاض درجات الحرارة على كافة الأنحاء.. وتُحذر من هذه الظاهرة (فيديو)    وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت إشراف مالى وإدارى بعد تعدى عامل على التلاميذ    نوة قاسم أخطر وأشد النوات على الإسكندرية.. موعدها وسبب تأخرها    بكلمات نجيب محفوظ، معرض القاهرة الدولي للكتاب يعلن شعار الدورة 57    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    بطولة «محمد فراج».. كواليس حكاية لعبة جهنم ضمن سلسلة «القصة الكاملة»    موعد صلاة الظهر.... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    وزارة الصحة تعلن قواعد السفر الآمن للمرضى بالأدوية خارج مصر .. تفاصيل    استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة في مستشفى شبين الكوم التعليمي بالمنوفية    «غني بالمعادن ومضادات الأكسدة».. الفوائد الصحية للعنب    حركة تنقلات جديدة بمديرية الصحة بالإسكندرية    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    أصحاب الفخامة القُرَّاء فى قصور الحكم    هل يحرق الإخوان العالم؟    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    نتنياهو يستنجد ب ترامب لإنقاذه من مقصلة قضايا الفساد    وكيل الرياضة بالقليوبية يشهد الجمعية العمومية لمركز شباب الفاخورة    ألحان السماء    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    هيجسيث يتوعد بتصعيد الضربات ضد قوارب المخدرات ويهاجم تقارير الإعلام الأمريكي    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة المسلمة وهم الدعوة إلى الله
نشر في الفجر يوم 27 - 05 - 2012

لا شك أن للمرأة دورا هاما في إصلاح المجتمع وتوجيهه، ولذا فإن الإسلام أكد على أهمية إصلاح المرأة وتأهيلها لهذا الدور العظيم، ثم بث فيها هذه الروح الطيبة التي تدفعها إلى العمل، وذلك في عدة نصوص مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "النساء شقائق الرجال" وغير ذلك من النصوص التي تبين أن للمرأة دورا في المجتمع لا بد أن تؤديه وتحرص عليه.
والدعوة إلى الله جل وعلا من أعظم الأمور التي يجب على المرأة العناية بها ورعايتها، خاصة في هذا العصر الذي طغت فيه الفتن وتجاوزت الحد وابتعد كثير من الناس عن الدين الصحيح وانفتحوا على الغرب بما فيه من انحرافات وفساد في العقيدة والأخلاق والقيم وغيرها.
في لقائنا معه يحدثنا الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد قاسم (الأستاذ بكليات البنات بالدمام) فيقول: إن دور المرأة في الدعوة دور عظيم وجدير بالمرأة المسلمة العناية به والحرص عليه، إذ أن المرأة أدرى وأعرف بنفسيات النساء من الرجال، وبالتالي تستطيع الوصول إليهم بسهولة ويسر ويكون عادة تأثيرها أنفع من تأثير الرجل إذا استخدمت الوسائل المعينة على ذلك.
ثم إن مجال الدعوة بالنسبة لها رحب وواسع ذلك أن تواجدها مع بنات جنسها واختلاطها بهن بشكل مباشر لا شك أنه يسهل عملية الدعوة ويضفي عليها نوعا من المحبة والإخاء، ولذا كان ضروريا على المرأة المسلمة أن لا تحتقر نفسها ولا تضيع مثل هذه الفرص.
المرأة المسلمة وأماكن الدعوة:
وإذا كان من الملاحظ أن مجتمعات النساء لا تخلو عادة من اللغط والقيل والقال، وخاصة في المناسبات والأفراح وغيرها حيث تكثير المحاذير ا لشرعية، فإنه يدور في أذهان الكثيرات سؤال هام وهو كيف يمكن للمرأة الداعية أن تقوم بالدعوة في ظل هذه الظروف؟ وهل الأفضل أن تتجنب حضور مثل هذه اللقاءات وتعتزلها، أو أن يكون لها دور في تغيير هذه المنكرات وتبصير النساء بأمور دينهن ونصحهن وتوجيههن؟
وبعد التأمل يتضح أن مما يقف حائلاً أمام الأخوات الداعيات في حضور بعض تلك المجالس أمران أساسيان هما:
أولا: قلة العلم الشرعي الذي يعينهن على مواجهة المنكرات بالحجج والأدلة الشرعية.
ثانيا: حياء مذموم وخوف من المواجهة وشعور بالنقص يمنع المرأة الداعية من أداء مهمتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصح الآخرين.
وربما يكون هناك سبب ثالث وهو اليأس واعتقاد عدم جدوى حضور مثل هذه اللقاءات ومحالة التأثير فيها.
وتجاه هذه التساؤلات والأسباب يبين الدكتور إبراهيم قاسم أن دور المرأة الداعية لا يقتصر على إلقاء الكلمات وإنكار المنكر في المناسبات العامة فقط بل بإمكانها القيام بالعمل الدعوي تجاه قريباتها وصويحباتها وجيرانها قدر المستطاع، فلا تقتصر على صنف دون آخر وإن كان للقريبات حق أعظم بسبب القرابة، ولتكن الدعوة مستمرة في المدرسة والمناسبة والسوق والمستشفى وغير ذلك كلما دعت الحاجة لذلك، وتستخدم في كل حالة الأسلوب الذي تراه مناسباً.
ومن جهة أخرى فإن عدم حضور الداعيات لمثل هذه المناسبات يعطي فرصة أكبر لأصحاب الأهواء والانحرافات لبث سمومهم بين نساء جاهلات غافلات، وكثيرا ما تكون المرأة ا لداعية سببا في انتشار بعض هذه الأمور نتيجة لإعراضها عن حضور هذه المناسبات والتجريء فيها على الكلام والنصح والتوجيه.
والحقيقة أن حضور مثل هذه المناسبات فرصة حقيقية للمرأة الداعية ينبغي عدم تضييعها ذلك أنه قد لا يتيسر لها مثل هذا العدد مجتمعا في مكان واحد، والمرأة في هذه المناسبات تتصل وتتعرف على مجموعة من النساء ربما لا تستطيع الوصول إليهن أو التعرف عليهن إلا في مثل هذه المناسبات.
وأمر آخر وهو أن غالب هذه النوعيات من النساء لا يحضرن إلا مثل هذه اللقاءات، أما لقاءات الدعوة والمذاكرة ومجالس العلم فهن في الغالب بعيدات عنها، لا يتحمسن لحضورها، وبعضهن لا يطلعن على مثل هذه المجالس لذا كانت هذه اللقاءات فرصة سانحة للوصول إلى قلوب النساء اللاتي لا يعرفن عن مجالس الخير شيئاً.
وعلى المرأة الداعية أن تفكر في الأسلوب المناسب للدعوة في مثل هذه ا لمناسبات، فليكن كلامها عاما ولائقا وبعيدا عن تفصيلات قد تثير أمورا لا داعي لها، ولتحرص في مثل هذه المناسبات على أن تتكلم في الأمور والقواعد العامة دون الفرعيات.
وأما خجل بعض ا لنساء من الدعوة خاصة في مثل هذه المناسبات فإن الإسلام يستنكر مثل هذا الخجل السلبي المذموم الذي لا يعود على صاحبه بخير، بل ربما عاد عليه بالشر، والمرأة إذا علمت واستشعرت قيمة ما تحمله من معاني الإسلام ومبادئه السامية، وتذكرت ما وعد الله به عباده الصالحين الداعين إليه من الثواب الجزيل يوم القيامة دعاها ذلك إلى التخلص من هذا الحياء المرذول، ودفعها ذلك إلى الانطلاق في الدعوة بجرأة وشجاعة.
ومع ذلك فإن الدكتور إبراهيم يحذر النساء المسلمات من حضور المناسبات التي تشتمل على منكرات واضحة، إذا كانت المرأة تعلم أنها لن تستطيع تغيير المنكرات الحاصلة، حتى لا تقع في الإثم ولكي تكون قدوة صالحة لغيرها من النساء.
المرأة الداعية وأسس الدعوة إلى الله:
وعندما تمضي المرأة المسلمة في الدعوة إلى الله فإنها لا بد أن تتعرف على بعض الأسس الهامة والعامة في دعوتها لتكون دعوتها على منوال الشرع .
الدكتور خالد بن عبد الرحمن القريشي (الأستاذ المشارك بكلية الدعوة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ) يقول: إن من أهم الأسس في الدعوة إلى الله جل وعلا الدعوة إليه بالقرآن الكريم فإن الله سبحانه وتعالى قد أيد رسوله صلى الله عليه وسلم بالقرآن، وأمره أن يدعو به، ويعتمد عليه، فهو حبله المتين، وصراطه المستقيم، جعله الله هدىً للناس، وحجة عليهم، وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فلذا جاءت النصوص الشرعية الكثيرة التي تأمر بالدعوة بالقرآن الكريم، وتحثُّ عليه، فمن القرآن الكريم :
أولاً - قول الله سبحانه وتعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ}... (الانعام : 19)، فالله سبحانه وتعالى يخبر أن هذا القرآن أوحي لمنفعة الناس ومصلحتهم، إذ فيه النذارة لكم، أيها المخاطبون، وكل من بلغه القرآن إلى يوم القيامة، ولذا كان مجاهد - رحمه الله تعالى - يقول: حيثما يأتي القرآن فهو داعٍ، وهو نذير، ثم قرأ: {لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}... (الأعراف : 2).
فهذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لينذر الكافرين بالقرآن، ويذكر به المؤمنين، لأنه حوى كل ما يحتاج إليه العباد، وجميع المطالب الإلهية، والمقاصد الشرعية.
وعندما يقوم الداعية إلى الله سبحانه وتعالى بذلك الأمر - أي الدعوة بالقرآن للقرآن - فعليه أن لا يكون في صدره حرج، أي ضيق وشك واشتباه، لأنه كتاب الله سبحانه وتعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلينشرح به صدره، ولتطمئن به نفسه، وليصدع بأوامره ونواهيه، ولا يخش لائماً أو معارضاً.
ويبن الدكتور القريشي أن الدعوة بالقرآن الكريم هي الميزان الذي يعرف به صلاح الداعية وصدقه وسلامة منهجه، قال الشيخ ابن باديس -رحمه الله تعالى: (عندما يختلف عليك الدعاة الذين يدعي كل منهم أنه يدعوك إلى الله تعالى، فانظر من يدعوك بالقرآن إلى القرآن - ومثله ما صح من السنة، لأنها تفسيره وبيانه - فاتبعه؛ لأنه هو المتبع للنبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم في دعوته وجهاده بالقرآن، والمتمثل لما دلت عليه أمثال هذه الآية الكريمة من آيات القرآن).
السنة النبوية والعلم الشرعي ركيزتان أساسيتان في الدعوة :
ويضيف الدكتور إبراهيم قاسم بأن على المرأة الداعية إلى الله أن تحرص على تعلم العلم الشرعي وخاصة السنة النبوية، وليكن لها تركيز خاص على ما يتعلق بأمور النساء وما يخصهن من أحكام، فالعلم الشرعي من الأسباب المعينة على الدعوة إلى الله، وهو يعطي ثقة في النفس وقدرة على ربط الدعوة بمسائل الشرع مما يكون له وقع في نفوس السامعات .
أضف إلى ذلك أن المرأة تستطيع أن تبلغ الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء إليهن دون حرج أو حياء بخلاف غيرها من الرجال.
فإذا أضافت إلى ذلك اطلاعها على السيرة النبوية وسيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم لكان في ذلك خير عظيم، فالسيرة النبوية وسيرة السلف ما هي إلا تطبيق عملي لما جاء به الإسلام ويستطيع المرء من خلالها أن يتطلع على أحوال ومشاكل وأمور واقعية لا يستطيع الوصول إليها عن طريق النصوص المجردة.
هذا مع قراءتها المستمرة لكتب الدعوة وما فيها من أفكار وطرق ووسائل فإن ذلك يفتح لها أفاقا كثيرة للدعوة إلى الله مع ضرورة الإلمام بواقعها الذي تعيشه.
لابد من التقيد بالشرع في الدعوة وعدم الحيد عنه:
ومن الأسس التي ينبغي على المرأة الداعية مراعاتها ضرورة التقيد بمنهج الإسلام في الدعوة إلى الله وعدم الحيد والميل عنه أو الاستعاضة عنه بغيره، فإن الخير كل الخير في شرع الله وطريقته، يقول الشيخ محمد بن عبد الله الدويش "إن البشر مهما علا شأنهم وارتفع قدرهم، ومهما بلغوا المنازل العالية من الصلاح والتقى فلن تكون أعمالهم حجة مطلقة، بل لابد من عرضها على هدي النبي صلى الله عليه وسلم: كما يروي بعضهم في مقام الصبر أن شيخاً قام يرقص على قبر ابنه حين توفي رضًى بقدر الله على حد زعمه، وخير من ذلك هدي النبي صلى الله عليه و سلم الذي تدمع عينه ويحزن قلبه، ولا يقول إلا ما يرضي ربه، وهديه صلى الله عليه وسلم القولي والعملي في النوم والقيام خير مما يروى عن بعضهم أنه صلى الفجر بوضوء العشاء كذا وكذا من السنوات، وهديه في تلاوة القرآن خير مما يروى عن بعضهم أنه يختم القرآن كل ليلة، مع التماسنا العذر لمن كان له اجتهاد من سلف الأمة في ذلك".
وسائل ومقترحات للدعوة:
وإذا كانت تلك هي أسس الدعوة إلى الله عز وجل فإن من المشكلات التي يعاني منها الدعاة في خطابهم الدعوي كما يقول الشيخ محمد بن عبدالله الدويش (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود سابقا) هي سيطرة أساليب محددة، وغياب الإبداع والابتكار.
وأكثر ما يبدو فيه هذا النمط من العمل النشاط الموجه للمرأة من المرأة بل حتى من قبل الرجال، وحين يتحدث أحد الدعاة أمام النساء فالغالب أن هناك مجالات محدودة لا يتجاوزها، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة الداعية مع النساء.
والجميع رجالاً ونساءً بحاجة ماسة إلى إحداث نقلة وتطوير في خطابنا الدعوي وإلى أن نتخلى عن الاقتصار على أساليب محدودة ولغة واحدة.
ومن الوسائل المناسبة التي يمكنك أن تسلكها المرأة الداعية إلى الله ما يلي:
- محاولة التأثير على الصديقات في المدرسة أو من الجيران والأقارب بالكلمة الطيبة والخلق الحسن.
- إقامة بعض البرامج المشتركة بين مجموعة من زميلاتك كإقامة درس يقرأ فيه بعض الكتب في أساسيات الدين كتعليم العقيدة وأحكام الصلاة ونحو ذلك.
- إعداد بعض المسابقات الثقافية ونشرها في أوساط الطالبات أو حتى بين الأقارب والجيران في البيوت.
- كتابة بعض النصائح والرسائل التوجيهية سواء للبنات المقصرات في نصحهن وتوجيههن أو للبنات الصالحات في حثهن للقيام بواجبهن.
- التفاعل والمشاركة مع المواقع في الشبكة العالمية والبرامج الإذاعية المتميزة الخاصة بالنساء بالكتابة فيها والتواصل معها ومحاولة تطويرها ونشر عناوينها بين الفتيات وتبقى هذه مجرد أمثلة ليست للحصر.
ويؤكد الشيخ محمد الدويش على ضرورة استخدام القصة في الدعوة إلى الله فإن هذا من أساليب القرآن في الدعوة، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم اعتنى بشأن القصص لما لها من تأثر ووقع في نفوس الناس، وحفظت لنا دواوين السنة طائفة من قصه صلى الله عليه وسلم عليهم من قصص الأمم الماضية وأخبارهم، ولم تكن قصص القرآن أو السنة قاصرة على أنباء الصالحين وأخبارهم، بل شملت مع ذلك قصص المعرضين والفجار للاعتبار بما أصابهم.
وليكن هذا الاستخدام بالقدر المعقول فلا تكون هي اللغة الوحيدة أو تكون على حساب غيرها وبالضرورة لا بد أن يكتفى بالقصص الصحيح عن غيره.
أمور تهم المرأة الداعية:
ولعلنا نختم حديثنا هذا بذكر بعض الأمور التي يجب على المرأة الداعية مراعاتها حتى يكون لها تأثير حقيقي في الدعوة إلى الله ونتبع ذلك بذكر بعض صفات الداعية الناجحة.
فنقول يجب على ا لمرأة الداعية تقوية إيمانها بكثرة التقرب إلى الله بالصيام والقيام وقراءة القرآن والتصدق وغير ذلك فإن هذا من أسباب إعانتها على الدعوة إلى الله ومن أسباب احتساب الأجر فيها.
ثانيا: ضرورة اطلاعها بالإضافة إلى العلم الشرعي على بعض القراءات التربوية والتي تساعدها على الدعوة بثبات ووضوح وحكمة وقوة في العرض والاستدلال.
ثالثا: عليها الاهتمام بأولادها وتعليمهم وتربيتهم فإنهم سيصبحون قدوة في يوم من الأيام، ولا يؤدي بها دعوة الأخريات إلى إهمال أهل بيتها وأولادها.
رابعاً: لتبذل وتعرض مساعدتها لمن تقدر عليه وتحاول الوقوف مع قريباتها في أزماتهن، وتقدم لهن يد العون والمساعدة فإن ذلك مما يحببها لهن، وبالتالي يجعل لها أثرا واضحا في توجيههن.
صفات الداعية الناجحة:
ومما تجد الإشارة إليه أن للداعية الناجحة صفات ومميزات وعلى المرأة المسلمة أن تتطلع على تلك الصفات لتتحلى بها وتمسك بها.
- فهي تلك التي تعرف فضل الله عليها بالهداية والتوفيق وبالتالي فهي في تواضع وخفض جناح مع المحافظة على العزة والكرامة، ولمعرفتها بنعمة الله عليها لا تحتقر امرأة عاصية أو متبرجة أو نحو ذلك بل ترجو لها الهداية والتوفيق وتحاول فيما بينها وبين نفسها أن تفكر في تقصيرها وضرورة إصلاح نفسها ويكون لسان حالها دائما "اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
- الداعية الناجحة هي التي توفق بين بيتها وزوجها وأولادها وتعلم أن ممارسة الدعوة إلى الله لا يتعارض مع ذلك كله، لكن فقط يحتاج إلى تنظيم وحسن تدبير واستغلال الفرص والأوقات في النافع المفيد
- ومن صفات الداعية الناجحة حرصها على متابعة من هداهم الله على يدها وبث روح الدعوة في نفوسهن وتشجيعهن على المضي في هذا الطريق وتفقد أحوالهن بحيث لا يتقاعسن عن العمل شيئا فشيئا ويؤدي ذلك إلى ضياعهن.
ثم هي أيضا لا تكتفي بوعظ ا لناس وتذكيرهن، بل إنها تسعى ليكون حالها وواقعها وتصرفاتها كلها نابعة من شريعة الله فهي في كلامها داعية وفي صمتها داعية وفي حضورها داعية وفي غيابها داعية يصدق قولها فعلها.
- والداعية الناجحة هي التي تحاول ابتكار الأساليب الشرعية والطرق الحكيمة لدعوة غيرها وتحاول التفكير في كيفية ا لوصول إليهن، هذا مع إبداعها في مشاريع الخير التي تنفع الناس وتوجههم.
- الداعية ا لناجحة هي التي تسخر إمكاناتها لخدمة هذا الدين سواء كان ذلك عن طريق الدروس أو المحاضرات أو المسابقات أو ا لمشاركة في الصحف والمجلات ونحو ذلك مما هو مضبوط بالشرع المطهر.
- الداعية الناجحة لا تخلو أبدا من محاسبة نفسها ومعرفة جوانب القصور فيها ثم هي تنقد منهجها في الدعوة نقدا بناء لتتعرف على مواطن الضعف والخلل فتحاول إصلاحها وتعرف مواطن القوة والفائدة فتكثر منها وتطورها، محتسبة في ذلك كله الأجر عند الله غير أبهة ولا مبالية بمدح أحد من الناس فهي ترجو الأجر والثواب من الله وحده.
- إن الداعية الناجحة هي التي تتخذ من الوسطية منهاجا لها في كل أمورها وجميع أحوالها في ملبسها ومسكنها ومأكلها وحياتها كلها فلا إسراف ولا تبذير وفي نفس الوقت لا تقتير وتضييق فهي تخرج بلباس لائق بها كداعية غير متبرجة ولا مغالية فيها وفي نفس الوقت لا تكون متبذلة مهملة.
تلك أمور سريعة متعلقة بالمرأة المسلمة الداعية إلى الله فهل يعي نساؤنا قيمة هذا الأمر ويحرصن عليه؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.