الحرب مع الخفافيش تحتاج النور.. لا نتركها فريسة للشائعات، لتنظيمات ودول تخوض حرب قذرة تبغى تدمير ومحاولة محوك حتى تحتل مكانك.. لا تقتصر تصرفاتهم على مجرد تمويل إرهابية تستهدف جنودا أو مدنيين، لكن إنها حرب ممتدة على مختلف الأصعدة خاصة السياسية والإعلامية. لذلك العملية التى يقوم بها الجيش المصرى ضد المجموعات الإرهابية فى سيناء ليست مسلحة فقط، لأنها تتجاوز تصفية والقبض على العناصر التى تتستر فى وديان وجبال ودروب سيناء الواعرة، لأن ما يقف وراء هؤلاء يخوضون حربًا أخرى إعلامية تسعى لتحطيمك، بتصوير ما يقوم به الجيش المصرى، كأنه حرب تستهدف أهالى سيناء، وليس تصفية لجماعات إرهابية. وهى النقطة التى يمكن أن ينفذوا منها هؤلاء فى الهجوم على تحركات الجيش والأمن فى سيناء، لأنهم يدركون أن دفاعهم المباشر عن المجموعات الإرهابية فى سيناء لن يحقق لهم أى تعاطف، بعد دماء جنود الشباب التى أريقت.
الغريب فى الأمر أن المواد والمعلومات التى يعتمد عليها هؤلاء فى هجومهم مستمدة من إسرائيل..! ويتولى ترويجها وتسويقها المرتبطون بالمحور التركى الذى لا يخفى وجهه فى هذه المعركة وصار محل شكوك بأنه من يقف وراء العملية الأخيرة فى كمين كرم القواديس.
ولذلك لم تتوقف عملية التدعيم بمجرد وقوع الحادث، فراح هؤلاء يخوضون حربا من نوع مختلف، أدواتها إعلامية هذه المرة تعتمد على نشر الكثير من الأكاذيب والشائعات حول العملية فى سيناء بداية من شريط الفيديو الذى تم تسريبه عن واقعة اعتداء جنود على اثنين من السيناويين.. ومحاولة تأجيج الخلاف مع أهالى سيناء خاصة مع قيام الجيش بعملية إخلاء المنازل للمنطقة الحدودية التى تضم عدة أنفاق، واصلة بين غزةوسيناء، ويعتقد أنها المصدر الأول لوصول التهديدات ضد الجنود فى سيناء خاصة فى تهريب المنفذين منها.
وبمجرد أن بدأت العملية، راح الإعلام الإخوانى الخارجى سواء المتمثل فى القنوات المملوكة للتنظيم والتى تدار عبر تركيا أو قناة الجزيرة تصور الأمر، أن ما يقوم به الجيش عملية تهجير للسكان هناك، واستغلت هذه القنوات والخلايا العنكبوتية على الإنترنت تصور الأمر بأنه عملية تفجير المبانى وليس غلق الأنفاق، وعملية تهجير للسكان وليس عملية إخلاء.
ولكن تركت المعركة الإعلامية بحالة ضبابية وعدم اصطحاب الإعلام المرئى والمكتوب عبر المحرر العسكرى المدرب على طريقة التعامل مع الخطط الحربية كما يحدث فى المعارك، ليسجل ما يحدث ويعطى صورة للأحداث، أعطى فرصة أن تستغل من المحور التركى ذى الواجهة الإخوانية وأن يقود حربا إعلامية معاكسة.
والغريب أن هذه الحركة اعتمدت فى معلوماتها على ما تقدمه إسرائيل بحجة أنها الأقرب من موقع الأحداث فى سيناء.
وتحولت التقارير الصادرة من تل أبيب، هى المصدر المعلوماتى الذى تعتمد عليه الآلة الإعلامية الإخوانية لترويج ما يخرج منها. ولم يقتصر الأمر على صبيان الإخوان من الإعلاميين، بل إن واحداً من الرءوس المفكرة للتيار الإسلامى ككل، مثل فهمى هويدى الذى خرج الثلاثاء الماضى، لينسج مقالاً اعتمد فيه على رواية إسرائيلية بحتة عن الوضع فى سيناء - الشهادة الإسرائيلى، لم يكتف فيه على معلومات من الجانب الإسرائيلى - ويحلل ويفند البيانات بل تخطى الأمر لتبنيه وجهة نظر المعلق رون بن يشاى المعروف بصلاته الوثيقة بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية «الموساد»، وهو ما يدركه هويدى جيدا.
واستند هويدى بشكل معتمد على التحليل المخابراتى الإسرائيلى، بأن تنظيم أنصار بيت المقدس لا يستهدف مصر، لكنه على المدى البعيد يهدف إسرائيل وأن مصر تبالغ فى حربها ضد الإرهاب وأن الحرب تدار لصالح إسرائيل، وما تقوم به القوات المصرية لم تقم به إسرائيل فى غزة على مدار احتلالها لهًا لمدة 40 عامًا.
والغريب أن هويدى الذى ملأ الدنيا ضجيجاً بأنه ضد إسرائيل باعتبارها العدو الأزلى لنا، تعامل مع الرؤية المخابراتية الإسرائيلية بتسامح شديد، وكأن إسرائيل تحدفنا بالخير على يده.
ولكن يبدو أن هويدى تبنى وجهة النظر الإسرائيلية، عندما تطابقت مع تصورات المشهد التركى الذى كان من أول المروجين له عندما قدم زعيمه أردوغان للعالم العربى وكأنه المنقذ، لكن عندما بدأ مشروعه فى الأفول أو التهديد، لم يتورع أن يستند للدفاع عنه باستخدام أدوات إسرائيلية هذه المرة، بعد أن اعتمد هو وغيره على عدم حالة التساهل فى التعامل الإعلامى فى الحرب ضد الإرهاب فى سيناء، لكنه سواء على المستوى الرسمى أو المهنى، بعد أن سخرت القنوات المصرية للدفاع عن مصالح ضيقة لمصالح رجال أعمال يمثلونها.
لذلك الحرب فى سيناء ضد الإرهاب، لابد أن يعضدها تعامل إعلامى، يكشف تفاصيل ما يجرى فى سيناء ولا يترك الأمر إلى معلومات وتخمينات، خاصة أن العدو فى الطرف المقابل يستغل حالة الضبابية الموجودة ونقص المعلومات ليروج ما يريده سواء تركياً أو إسرائيلياً.