«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعجاز العلمي في الصوت
نشر في الفجر يوم 21 - 06 - 2014

ذكر القرآن كلمة الصيحة في عدد كبير من الآيات في القرآن الكريم عندما تكلم عن فناء قوم مدين وثمود وقوم لوط معبراً عنها بالصوت الشديد.
فيتراود لذهن المتأمل مباشرة السؤال التالي: كيف يمكن للصوت أن يغدو وسيلة لموت مجموعة أو قوم من الناس؟ وكيف يمكن للناس أن تموت وهي في دارها من دون أن يصاب الدار بأي أذى؟ والسؤال الذي لم يطرحه أحد من قبل، وهو الأهم في هذه الموضوع، لماذا تم القضاء على هولاء الأقوام كلها في وقت الصبح بفعل الصيحة وليس أي وقت آخر كما ورد في آيات كثيرة؟ وأي صوت هذا الذي نتكلم عنه في سِيَر الأقوام البائدة؟ ومن أين جاء؟ وأين سكنت هذه الأقوام؟ ولماذا لم تمت كل الأقوام بنفس الطريقة؟
أين سكنت الأقوام البائدة التي قضت بالصيحة؟
إن الباحث عن الطريقة التي ماتت فيها الأقوام البائدة مدين وثمود يجد أنهم كانوا يتخذون الجبال مساكناً لهم. لقد ذكر الله تعالى في سورة هود أنّ مدين قوم شعيب الذين كانوا يسكنون الجبال، جاءوا بعد قوم لوط وقوم ثمود (صالح) ويشير القرآن إلى ذلك في قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}.... [هود: 89].
وقوم مدين من العرب سكنوا في مدينة البدع التي تقع في الشمال الغربي من المملكة العربية السعودية في وادي عفال 225 كلم غرباً عن مدينة تبوك وتبتعد عن البحر (خليج العقبة) ثمانية وعشرين كلم شرقاً وعن البحر الأحمر أربعين كلم شمالاً.
يقول المؤرخ الاغريقي إيو سيبوس (أنّ مدين بن إبراهيم كان أول من سكنها فسميت باسمه. وشعيب، نبيهم هو ابن ميكيل بن يشجن. ويقال أن جدته أو أمه هي بنت لوط). وكان قوم مدين من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان، ويطففون فيها، ويأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشياءهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم، فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم، حتى أحل الله بهم البأس الشديد. وأخذتهم الصيحة وذلك في قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}.... [هود:94- 95].
وقال تعالى: {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ}.... [الأعراف:90 - 92].
إنّ الصيحة التي ذكرها القرآن الكريم، هي فعلاَ صوت شديد، والمتتبع للظواهر الطبيعية على الكرة الأرضية يرجح أنّ الصيحة هي فعلاَ صوت ولكنها، خلافا لما ذهب البعض في تفسيرها، موجات صوتية غير مسموعة، أي تحت صوتية، نتجت عن ظواهر طبيعية كالزلزال أو الريح مثلاً.
هذه الموجات الصوتية تزداد شدة داخل الجبال، ولذلك شعر الذين يسكنون الكهوف بخوف وفزع حينما وجدوا بعض أعضائهم تتذبذب وتهتز ولم يستطيعوا أن يوقفوا هذه الرجفة التي أصابت أجسادهم إلى أن انفجرت بعض أعضائهم الداخلية تأثراً بهذه الاهتزازات الصوتية. فهؤلاء لم يستطيعوا سماع هذه الموجات تحت الصوتية القادمة إليهم، فماتوا بالرجفة التي أصابت بعض أعضاء جسدهم فشبهها القرآن الكريم بالرجفة أو الصعقة أحيانا.
إنّ تكوّن موجات تحت الصوتية كان على الأرجح نتيجة حدوث زلازل داخلية لم يصل إلى سطح الأرض منها، إلا الموجات تحت الصوتية التي نشأت عنها. وتنتقل هذه الموجات تحت الصوتية مسافات بعيدة دون أن تفقد شيئاً من قوتها، ولديها القدرة على اختراق الحواجز، وتزداد شدتها ورنينها في داخل الجبال، فتصبح الموجات مميتة إذا ما استمرت لفترة طويلة.
كيف يميت الصوت؟
لك أن تتساءل كيف يمكن أن يموت الإنسان في دياره دون أن تصيب داره بأي أذى كما ذكر القرآن الكريم؟ {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}. لم تكن الرجفة التي مات عن طريقها قوم مدين والتي تحدث عنها القرآن هي زلزالا وإنما كانت نتيجة تأثير الرنين الناتج عن الموجات تحت الصوتية في أعضاء الجسم والتي تتسبب بارتجاف بعض الأعضاء الداخلية للإنسان.
والدليل على ذلك أن هذه الرجفة لم تؤثر على المباني وإنما فقط على الإنسان. وما يمكن أن يدلنا على ذلك هو الاستخدام الحديث لبعض الأسلحة الفتاكة والتي تعتمد على الموجات تحت الصوتية والتي يبلغ ترددها (7 هيرتز) مع درجة شدة معينة من الديسيبلز فإنها تولّد ذبذبة مماثلة لدرجة ذبذبة الموجات الصوتية، نتيجة للرنين، ولهذا تصاب الأعضاء بالرجفة التي تؤدي بدورها إلى انفجار العضو الداخلي لجسم الإنسان.
نستنج من هذا العرض أنّ الموجات تحت الصوتية قادرة على اختراق الجبال والجدران وقادرة أيضاً أن تسبب الموت للإنسان فقط ودون التأثير على ما حوله. وهي قادرة على الانتقال إلى مسافات طويلة دون أن تخف قوتها ثمّ إنّ وجود أولئك الأقوام في فجوات الجبال زاد الأمر سوءاً لأنّ تأثير الموجات كان شديداً عليهم لما تسببه هذه الأماكن من رنين وصدى لهذا الصوت الخفي.
أما أصحاب الحجر وهم ثمود، قوم صالح عليه السلام، فقد جاء ذكرهم في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَءاتَيْنَاهُمْ ءايَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ}.... [الحجر : 80- 83].
كانوا ينحتون الجبال، ليعيشوا داخلها ظناً منهم أنها ستحميهم ولكنها كانت وبالاً عليهم. إذ أخذهم الله. بالصيحة فأرجفهم وصعقهم ثم أماتهم وهم داخل كهوفهم. وقد حدث لثمود - أصحاب الحجر- ما حدث لمدين - قوم شعيب الذين كانوا يقطنون الجبال أيضاً، فقد جاءهم العذاب بالرجفة والصيحة التي أثرت بشدّة داخل تلك التجاويف الجبلية. قال تعالى: {وأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.... [فصلت17].
وقال تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ المُرْسَلِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.... [الأعراف : 73-78]
لقد جاء تفسير اللغوي لسورة الأعراف في قصة ثمود: أنّ العذاب الذي أنزله الله على قوم صالح عليه السلام لعقرهم الناقة التالي: أن وجوههم أصبحت في اليوم الأول مصفرّة كأنما طليت بالخلوق، وفي اليوم الثاني أصبحت محمرّة كأنما خضبت بالدماء فضجوا وبكوا وعرفوا آية العذاب فلما أمسوا صاحوا‏:‏ ألا قد مضى يومان؟ وفي اليوم الثالث أصبحت مسودّة كأنما طليت بالقار، ثمّ تكفّنوا وتحنّطوا وألقوا أنفسهم إلى الأرض فجعلوا يقلبّون أبصارهم إلى السماء والأرض لا يدرون من أين يأتيهم العذاب فلمّا أصبحوا في اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كصوت الصاعقة فتقطّعت قلوبهم في صدورهم وقال تعالى يصوّر حالهم: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}‏... [الأعراف : 78].
وما ينبغي الإشارة إليه أنه رغم ضعف سند الحديث إلا أنه يمثل إلى درجة كبيرة حال الناس الذين تعرضوا إلى سلاح الصوت.
سرّ التوقيت...
لنقرأ الآيات التي تتحدث عن قوم ثمود بإمعان. قال تعالى: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.... [هود : 67]. و{فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِين}.... [الحجر : 83]. وقال: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.... [الأعراف : 78]. وقال تعالى في قوم مدين: {ولَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وأَخَذَتِ الَذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}... [هود : 94-95]، {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ}... [الأعراف : 90-92]. {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.... [العنكبوت : 36-37].
عرّفتنا الآيات السابقة أن قوم ثمود وقوم مدين قضوا بالصيحة ولكن السؤال لماذا أماتهم الله تعالى في وقت الصباح؟ وما التفسير العلمي لذلك؟
عند التعرض الطويل للموجات تحت الصوتية فإن هذه الموجات - غير المسموعة – التي- يشعر بها الجسم فقط - تسبب حالة من الشعور بالضيق والضغط الشديد تؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزول (cortisol) في الجسم. وهذا أمر معروف طبياً. وكذلك التعرض أثناء النوم لموجات تحت صوتية يؤدي إلى ارتجاف بعض أعضاء الجسم كالمعدة أو القلب ويحفز الجسم على إنتاج هرمون الكورتيزول. فما تأثير إنتاج الكورتيزول على الجسم؟
إنّ هرمون الكورتيزول الذي يفرز عن طريق الغدد المجاورة للكلية- يلعب دوراً مهماً ورئيسياً في تهيئة الجسم لمقاومة الضغوطات. فهو يرفع ضغط الدم ويرفع مستوى السكر في الدم أيضاً، وذلك ليزود الجسم بالطاقة اللازمة لمواجهة الحالات الطارئة. إلا أنه في حالة التعرض للضغوطات لمدة طويلة فإنّ إنتاج هرمون الكورتيزول (cortisol) يزداد مما يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة، والإصابة بارتفاع ضغط الدم أو تجلط الدماغ أو إضعاف عمل الغدد الصماء، وكل هذه الأعضاء أساسية لاستمرار الحياة. والنتيجة هي أنّ زيادة إنتاج هرمون الكورتيزول يؤدي إلى الوفاة.
ولكن لماذا كان تأثير الموجات تحت الصوتية شديد في الساعات الأولى من الصباح؟ لأنه في ذلك الوقت يكون إفراز هرمون الكورتيزول في أعلى مستوى له. فإذا تم تحفيز إنتاج هذا الهرمون في هذا الوقت من الصباح فإنه يؤدي إلى تخريب الإنتاج الطبيعي لهرمون الكورتيزول بأسواء طريقة ممكنة ذلك لأنّ النائم يتلقى الموجات تحت الصوتية على أنها شيء يهدد الإنسان، فترتفع نسبة إنتاج الكورتيزول في الجسم. إلّا أنّ هذه المادة لا يستخدمها الجسم لأنّ الإنسان نائم، فتبقى في الجسم مسببة تخريباً في عمل أعضاءه. وهذا هو التفسير العلمي لموت الأقوام ثمود ومدين بالصيحة "مصبحين".
ولكن ما هي المدة الزمنية التي يلزم تعرّض النائم لها لتحصل الوفاة؟ إنّ الأبحاث العسكرية السرية لا زالت تقوم بتجارب في ذلك الشأن لاستخدام الموجات تحت الصوتية كسلاح قتل أو تعذيب. في موضوع نشر حول هذا الموضوع يوصف المتعرض للموجات تحت الصوتية بأن لونه يصبح مخضرّاً كلون العشب الأخضر.
عذاب قوم لوط بالصيحة:
قال تعالى في سورة الحجر: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ * قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ * قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
تشير هذه الآيات إلى أنّ الصيحة التي قضت على قوم لوط كانت مترافقة مع زلزال كبير وبركان قوي، فكانت الحمم البركانية تخرج من باطن الأرض ثمّ تهبط عليها كالمطر على قوم لوط الذين كانوا يسكنون منطقة (سديم) في الأردن. وتشير الآيات السابقة إلى أنّ قوم لوط جاءتهم الصيحة "مشرقين" أي في ساعات الصبح الأولى.
ويمكننا التساؤل عمّا إذا كان موت لوط الفعلي بالصيحة والرجفة أولاً ثم بالبراكين والزلازل لأن الله تعالى أراد أن لا يبقي لهم أثراً. ويؤكد هذا عالم الآثار الألماني وورنر كيلر (Werner Keller) قائلاً: "غاص وادي سديم الذي يتضمن (سدوم) و(عامورا) مع الشق العظيم، الذي يمر في هذه المنطقة، إلى أعماق سحيقة في يوم واحد، قال إنّ هذا الدمار حدث بفعل هزة أرضية عنيفة صاحبتها عدة انفجارات وأضواء نتج عنها غاز طبيعي وحريق شامل تحررت معه القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع في ذلك الغور.
أما قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ} فيمكن أن يعني حدوث انفجار بركاني على ضفتي بحيرة لوط، ولهذا كانت الحجارة التي انطلقت (مِنْ سِجِّيل)، وعن ذلك يقول وورنر كيلر أيضاً في كتابه: "تحررت القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع من ذلك الغور، ولا تزال فوهات البراكين الخامدة تبدو ظاهرة في الوادي العلوي من الضفة الغربية، بينما تترسب هنا الحمم البركانية وتتوضع طبقات عميقة من البازلت على مساحة واسعة من السطح الكلسي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.