الدولة تضع التمكين فى صدارة أولوياتها.. والمجلس يرفع تقاريره مباشرة للرئيس    مصدر يكشف موعد عودة المياه بعد كسر مفاجئ في خط رئيسي أمام مستشفى أم المصريين    خلافات بين اسرائيل والولايات المتحدة حول الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترامب    أمريكا تحاصر الإخوان تشريعيا بعد تحركاتها التنفيذية.. مشروع قانون يلزم الرئيس ترامب بإخضاع الجماعة لعقوبات صارمة.. تجميد الأصول وحظر تأشيرات أبرز المقترحات.. وقيادات التنظيم تواجه مخاطر كبيرة بعد المستجدات    ماريسكا يعلن تشكيل تشيلسي أمام ليدز يونايتد في البريميرليج    كأس إيطاليا.. تعرف على تشكيل إنتر ميلان أمام فينيزيا    «كى چى» تحت التهديد| الطفل وحده فى المواجهة.. والتوعية تحد من جرائم التحرش    إغلاق مخبزين وضبط أصحابهما بالبدرشين والحوامدية    طرح البوسترات الرسمية لمسلسل «سنجل ماذر فاذر» قبل عرضه    أكرم القصاص: المرحلة الثانية من الانتخابات أكثر انضباطا وتدخل الرئيس السيسي حاسم    مها محمد: كوليس ورد وشيكولاتة أجمل من التصوير    مهرجان البحر الأحمر السينمائي يكشف عن لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة    صحة الإسماعيلية تختتم دورة السلامة المهنية داخل معامل الرصد البيئي    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    بإطلالة جريئة.. رزان مغربي تفاجئ الجمهور في أحدث ظهور    رئيس جامعة طنطا يفتتح فعاليات هاكاثون 2025 لتحالف جامعات إقليم الدلتا    «هربنا قبل أن نغرق».. شهادات مروّعة من قلب الفيضانات التي ضربت نصف القارة الآسيوية    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    اتفاق تاريخي بين كاف والقناة الرابعة البريطانية بشأن بث مباريات أمم إفريقيا    في حوار ل"البوابة نيوز".. رامي حمادة يكشف سر فوز فلسطين على قطر وطموحات المباريات المقبلة    كأس إيطاليا.. أتالانتا يضرب جنوى برباعية نظيفة ويعبر إلى الدور القادم    مجموعة مصر.. الأردن يضرب الإمارات بهدف على علوان في شوط أول نارى    هل يجوز التصدق من أرباح البنوك؟| أمين الفتوى يجيب    بدء تحصيل الزيادة الجديدة فى قانون الإيجار القديم اول ديسمبر    انتهاء ترميم المبانى الأثرية بحديقتى الحيوان والأورمان    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    أحمد فهمي يكشف تفاصيل رسالة هنا الزاهد بعد الطلاق    أهالي السيدة نفيسة يوزعون الشربات على الزائرين في المولد.. صور    ما حقيقة انتشار الدواجن السردة بالأسواق المحلية وتأثيرها على صحة المواطنين؟    الخارجية السورية: وفد سفراء مجلس الأمن يزور دمشق    عون: لبنان تعب من المهاترات التي مزقته    حبس المتهمين باستغلال شيكات مزورة باسم الفنانة بوسي 3 سنوات    الخامس في قنا.. القبض على " قرموش" لشراء اصوات الناخبين    القبض على 4 أشخاص بحوزتهم مبالغ مالية بمحيط لجان انتخابية في جرجا    لجنة إدارة الإسماعيلي تؤكد سعيها لحل أزمات النادي المالية وإنهاء قضايا الفيفا    الجيزة تنفّذ حملة مكبرة بعثمان محرم لإزالة الإشغالات وإعادة الانضباط إلى الشارع    مياه الشرب بالجيزة: كسر مفاجئ بخط مياه قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    «الري» تتعاقد على تنفيذ التغذية الكهربائية لمحطتي البستان ووادي الصعايدة    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    المفوضية الأوروبية تتقدم باقتراح بشأن قرض لتمويل تعويضات لكييف    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    ما مصير امتحانات الثانوية العامة بعد بلوغ «عبد الحكم» سن المعاش؟.. تفاصيل    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. انتصار السيسي: وجودكم يضيف قيمًا وإنسانية وجمالًا لا يُقدّر بثمن    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعجاز العلمي في الصوت
نشر في الفجر يوم 21 - 06 - 2014

ذكر القرآن كلمة الصيحة في عدد كبير من الآيات في القرآن الكريم عندما تكلم عن فناء قوم مدين وثمود وقوم لوط معبراً عنها بالصوت الشديد.
فيتراود لذهن المتأمل مباشرة السؤال التالي: كيف يمكن للصوت أن يغدو وسيلة لموت مجموعة أو قوم من الناس؟ وكيف يمكن للناس أن تموت وهي في دارها من دون أن يصاب الدار بأي أذى؟ والسؤال الذي لم يطرحه أحد من قبل، وهو الأهم في هذه الموضوع، لماذا تم القضاء على هولاء الأقوام كلها في وقت الصبح بفعل الصيحة وليس أي وقت آخر كما ورد في آيات كثيرة؟ وأي صوت هذا الذي نتكلم عنه في سِيَر الأقوام البائدة؟ ومن أين جاء؟ وأين سكنت هذه الأقوام؟ ولماذا لم تمت كل الأقوام بنفس الطريقة؟
أين سكنت الأقوام البائدة التي قضت بالصيحة؟
إن الباحث عن الطريقة التي ماتت فيها الأقوام البائدة مدين وثمود يجد أنهم كانوا يتخذون الجبال مساكناً لهم. لقد ذكر الله تعالى في سورة هود أنّ مدين قوم شعيب الذين كانوا يسكنون الجبال، جاءوا بعد قوم لوط وقوم ثمود (صالح) ويشير القرآن إلى ذلك في قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}.... [هود: 89].
وقوم مدين من العرب سكنوا في مدينة البدع التي تقع في الشمال الغربي من المملكة العربية السعودية في وادي عفال 225 كلم غرباً عن مدينة تبوك وتبتعد عن البحر (خليج العقبة) ثمانية وعشرين كلم شرقاً وعن البحر الأحمر أربعين كلم شمالاً.
يقول المؤرخ الاغريقي إيو سيبوس (أنّ مدين بن إبراهيم كان أول من سكنها فسميت باسمه. وشعيب، نبيهم هو ابن ميكيل بن يشجن. ويقال أن جدته أو أمه هي بنت لوط). وكان قوم مدين من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان، ويطففون فيها، ويأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشياءهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم، فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم، حتى أحل الله بهم البأس الشديد. وأخذتهم الصيحة وذلك في قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}.... [هود:94- 95].
وقال تعالى: {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ}.... [الأعراف:90 - 92].
إنّ الصيحة التي ذكرها القرآن الكريم، هي فعلاَ صوت شديد، والمتتبع للظواهر الطبيعية على الكرة الأرضية يرجح أنّ الصيحة هي فعلاَ صوت ولكنها، خلافا لما ذهب البعض في تفسيرها، موجات صوتية غير مسموعة، أي تحت صوتية، نتجت عن ظواهر طبيعية كالزلزال أو الريح مثلاً.
هذه الموجات الصوتية تزداد شدة داخل الجبال، ولذلك شعر الذين يسكنون الكهوف بخوف وفزع حينما وجدوا بعض أعضائهم تتذبذب وتهتز ولم يستطيعوا أن يوقفوا هذه الرجفة التي أصابت أجسادهم إلى أن انفجرت بعض أعضائهم الداخلية تأثراً بهذه الاهتزازات الصوتية. فهؤلاء لم يستطيعوا سماع هذه الموجات تحت الصوتية القادمة إليهم، فماتوا بالرجفة التي أصابت بعض أعضاء جسدهم فشبهها القرآن الكريم بالرجفة أو الصعقة أحيانا.
إنّ تكوّن موجات تحت الصوتية كان على الأرجح نتيجة حدوث زلازل داخلية لم يصل إلى سطح الأرض منها، إلا الموجات تحت الصوتية التي نشأت عنها. وتنتقل هذه الموجات تحت الصوتية مسافات بعيدة دون أن تفقد شيئاً من قوتها، ولديها القدرة على اختراق الحواجز، وتزداد شدتها ورنينها في داخل الجبال، فتصبح الموجات مميتة إذا ما استمرت لفترة طويلة.
كيف يميت الصوت؟
لك أن تتساءل كيف يمكن أن يموت الإنسان في دياره دون أن تصيب داره بأي أذى كما ذكر القرآن الكريم؟ {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}. لم تكن الرجفة التي مات عن طريقها قوم مدين والتي تحدث عنها القرآن هي زلزالا وإنما كانت نتيجة تأثير الرنين الناتج عن الموجات تحت الصوتية في أعضاء الجسم والتي تتسبب بارتجاف بعض الأعضاء الداخلية للإنسان.
والدليل على ذلك أن هذه الرجفة لم تؤثر على المباني وإنما فقط على الإنسان. وما يمكن أن يدلنا على ذلك هو الاستخدام الحديث لبعض الأسلحة الفتاكة والتي تعتمد على الموجات تحت الصوتية والتي يبلغ ترددها (7 هيرتز) مع درجة شدة معينة من الديسيبلز فإنها تولّد ذبذبة مماثلة لدرجة ذبذبة الموجات الصوتية، نتيجة للرنين، ولهذا تصاب الأعضاء بالرجفة التي تؤدي بدورها إلى انفجار العضو الداخلي لجسم الإنسان.
نستنج من هذا العرض أنّ الموجات تحت الصوتية قادرة على اختراق الجبال والجدران وقادرة أيضاً أن تسبب الموت للإنسان فقط ودون التأثير على ما حوله. وهي قادرة على الانتقال إلى مسافات طويلة دون أن تخف قوتها ثمّ إنّ وجود أولئك الأقوام في فجوات الجبال زاد الأمر سوءاً لأنّ تأثير الموجات كان شديداً عليهم لما تسببه هذه الأماكن من رنين وصدى لهذا الصوت الخفي.
أما أصحاب الحجر وهم ثمود، قوم صالح عليه السلام، فقد جاء ذكرهم في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَءاتَيْنَاهُمْ ءايَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ}.... [الحجر : 80- 83].
كانوا ينحتون الجبال، ليعيشوا داخلها ظناً منهم أنها ستحميهم ولكنها كانت وبالاً عليهم. إذ أخذهم الله. بالصيحة فأرجفهم وصعقهم ثم أماتهم وهم داخل كهوفهم. وقد حدث لثمود - أصحاب الحجر- ما حدث لمدين - قوم شعيب الذين كانوا يقطنون الجبال أيضاً، فقد جاءهم العذاب بالرجفة والصيحة التي أثرت بشدّة داخل تلك التجاويف الجبلية. قال تعالى: {وأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.... [فصلت17].
وقال تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ المُرْسَلِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.... [الأعراف : 73-78]
لقد جاء تفسير اللغوي لسورة الأعراف في قصة ثمود: أنّ العذاب الذي أنزله الله على قوم صالح عليه السلام لعقرهم الناقة التالي: أن وجوههم أصبحت في اليوم الأول مصفرّة كأنما طليت بالخلوق، وفي اليوم الثاني أصبحت محمرّة كأنما خضبت بالدماء فضجوا وبكوا وعرفوا آية العذاب فلما أمسوا صاحوا‏:‏ ألا قد مضى يومان؟ وفي اليوم الثالث أصبحت مسودّة كأنما طليت بالقار، ثمّ تكفّنوا وتحنّطوا وألقوا أنفسهم إلى الأرض فجعلوا يقلبّون أبصارهم إلى السماء والأرض لا يدرون من أين يأتيهم العذاب فلمّا أصبحوا في اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كصوت الصاعقة فتقطّعت قلوبهم في صدورهم وقال تعالى يصوّر حالهم: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}‏... [الأعراف : 78].
وما ينبغي الإشارة إليه أنه رغم ضعف سند الحديث إلا أنه يمثل إلى درجة كبيرة حال الناس الذين تعرضوا إلى سلاح الصوت.
سرّ التوقيت...
لنقرأ الآيات التي تتحدث عن قوم ثمود بإمعان. قال تعالى: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.... [هود : 67]. و{فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِين}.... [الحجر : 83]. وقال: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.... [الأعراف : 78]. وقال تعالى في قوم مدين: {ولَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وأَخَذَتِ الَذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}... [هود : 94-95]، {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ}... [الأعراف : 90-92]. {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.... [العنكبوت : 36-37].
عرّفتنا الآيات السابقة أن قوم ثمود وقوم مدين قضوا بالصيحة ولكن السؤال لماذا أماتهم الله تعالى في وقت الصباح؟ وما التفسير العلمي لذلك؟
عند التعرض الطويل للموجات تحت الصوتية فإن هذه الموجات - غير المسموعة – التي- يشعر بها الجسم فقط - تسبب حالة من الشعور بالضيق والضغط الشديد تؤدي إلى إفراز هرمون الكورتيزول (cortisol) في الجسم. وهذا أمر معروف طبياً. وكذلك التعرض أثناء النوم لموجات تحت صوتية يؤدي إلى ارتجاف بعض أعضاء الجسم كالمعدة أو القلب ويحفز الجسم على إنتاج هرمون الكورتيزول. فما تأثير إنتاج الكورتيزول على الجسم؟
إنّ هرمون الكورتيزول الذي يفرز عن طريق الغدد المجاورة للكلية- يلعب دوراً مهماً ورئيسياً في تهيئة الجسم لمقاومة الضغوطات. فهو يرفع ضغط الدم ويرفع مستوى السكر في الدم أيضاً، وذلك ليزود الجسم بالطاقة اللازمة لمواجهة الحالات الطارئة. إلا أنه في حالة التعرض للضغوطات لمدة طويلة فإنّ إنتاج هرمون الكورتيزول (cortisol) يزداد مما يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة، والإصابة بارتفاع ضغط الدم أو تجلط الدماغ أو إضعاف عمل الغدد الصماء، وكل هذه الأعضاء أساسية لاستمرار الحياة. والنتيجة هي أنّ زيادة إنتاج هرمون الكورتيزول يؤدي إلى الوفاة.
ولكن لماذا كان تأثير الموجات تحت الصوتية شديد في الساعات الأولى من الصباح؟ لأنه في ذلك الوقت يكون إفراز هرمون الكورتيزول في أعلى مستوى له. فإذا تم تحفيز إنتاج هذا الهرمون في هذا الوقت من الصباح فإنه يؤدي إلى تخريب الإنتاج الطبيعي لهرمون الكورتيزول بأسواء طريقة ممكنة ذلك لأنّ النائم يتلقى الموجات تحت الصوتية على أنها شيء يهدد الإنسان، فترتفع نسبة إنتاج الكورتيزول في الجسم. إلّا أنّ هذه المادة لا يستخدمها الجسم لأنّ الإنسان نائم، فتبقى في الجسم مسببة تخريباً في عمل أعضاءه. وهذا هو التفسير العلمي لموت الأقوام ثمود ومدين بالصيحة "مصبحين".
ولكن ما هي المدة الزمنية التي يلزم تعرّض النائم لها لتحصل الوفاة؟ إنّ الأبحاث العسكرية السرية لا زالت تقوم بتجارب في ذلك الشأن لاستخدام الموجات تحت الصوتية كسلاح قتل أو تعذيب. في موضوع نشر حول هذا الموضوع يوصف المتعرض للموجات تحت الصوتية بأن لونه يصبح مخضرّاً كلون العشب الأخضر.
عذاب قوم لوط بالصيحة:
قال تعالى في سورة الحجر: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ * قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ * قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
تشير هذه الآيات إلى أنّ الصيحة التي قضت على قوم لوط كانت مترافقة مع زلزال كبير وبركان قوي، فكانت الحمم البركانية تخرج من باطن الأرض ثمّ تهبط عليها كالمطر على قوم لوط الذين كانوا يسكنون منطقة (سديم) في الأردن. وتشير الآيات السابقة إلى أنّ قوم لوط جاءتهم الصيحة "مشرقين" أي في ساعات الصبح الأولى.
ويمكننا التساؤل عمّا إذا كان موت لوط الفعلي بالصيحة والرجفة أولاً ثم بالبراكين والزلازل لأن الله تعالى أراد أن لا يبقي لهم أثراً. ويؤكد هذا عالم الآثار الألماني وورنر كيلر (Werner Keller) قائلاً: "غاص وادي سديم الذي يتضمن (سدوم) و(عامورا) مع الشق العظيم، الذي يمر في هذه المنطقة، إلى أعماق سحيقة في يوم واحد، قال إنّ هذا الدمار حدث بفعل هزة أرضية عنيفة صاحبتها عدة انفجارات وأضواء نتج عنها غاز طبيعي وحريق شامل تحررت معه القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع في ذلك الغور.
أما قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ} فيمكن أن يعني حدوث انفجار بركاني على ضفتي بحيرة لوط، ولهذا كانت الحجارة التي انطلقت (مِنْ سِجِّيل)، وعن ذلك يقول وورنر كيلر أيضاً في كتابه: "تحررت القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع من ذلك الغور، ولا تزال فوهات البراكين الخامدة تبدو ظاهرة في الوادي العلوي من الضفة الغربية، بينما تترسب هنا الحمم البركانية وتتوضع طبقات عميقة من البازلت على مساحة واسعة من السطح الكلسي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.