الإخبار بالشيء يأتي من الله. والتنبؤ العلمي يأتي من الناس. وإخبار الله واقع لا محالة. وتنبؤات البشر تخيب دائمًا إلا في حالات نادرة. وتنبؤات البشر ينقصها دائمًا وأبدًا الجزم المطلق. ولننظر في مسألة التنبؤ بالزلازل. حينما عقَرت ثمود ناقة الله أخبرهم الله علي لسان صالح - عليه السلام - بعذاب بعد ثلاثة أيام. والإخبار من جانب الله واقع لا محالة» يقول تعالي: "فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامي ذَلِكَ وَعْدى غَيْرُ مَكْذُوبي * فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةي مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذي إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ * وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ" "هود: 65 - 68". فليحذر الذين يخالفون من أمر الله. فهؤلاء ثمود قوم صالح خالفوا أمر الله. فأُهلكوا بالرجفة والصيحة والصاعقة. ومَدْيَن قوم شُعيب. خالفوا أمر ربهم. فأُهلكوا بالرجفة والصيحة. وعذاب يوم الظُّلة. ولربما أتت الحرارة الشديدة في يوم الظلة من حرائق هائلة أحدثتها الزلازل. ولربما أتت من السماء. وتظل العلاقة بين الرجفة والصيحة والصاعقة وشدة الحر - موضوع بحث علمي علي علماء الزلازل أن يعالجوه. وفي تاريخ التنبؤ بوقوع الزلازل. لم تصدق إلا حالة واحدة ساهم في رصدها الحيوانات» حيث خرجت الثعابين بكثرة من جحورها. ورفضت الدجاج الدخول في حظائرها. وانطلقت الأبقار من عقالها. ورفضت الكلاب المُدرَّبة الأوامر الصادرة لها. وأصابها القلق الشديد. وبجانب حدوث الزلازل الصغيرة. فقد ازداد تركيز غاز الرادون المشع كما زاد انحدار الأرض. كان ذلك في هايشنج في شمال شرق الصين - وبناءً علي الإشارات السابق ذكرُها - مصدر تحذير حكومي. وأمرًا بإخلاء البيوت من سكانها وترحيلهم في العراء. وفي الساعة التاسعة والنصف من أحد أيام شهر فبراير ضرَب زلزال كبير المنطقة. ونجا الناس من هلاك محقق. قارعة أو انتظار الحدث الأكبر: يقول تعالي: "وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَي بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَي النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةى أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّي يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ" "الرعد: 31". وعن تلك القارعة يقول المفسرون: أي لا يزال الكافرون تصيبهم داهية مُهلكة» من صاعقةي. أو من قتلي. أو من أسْري. أو من جَدْبي. أو غير ذلك من العذاب أو البلاء. ولا تزال القوارع تنزل بساحتهم أو بالقرب منهم حتي يوم القيامة. وتمثل كارثة صدع سان آندرياس مثالاً لعجز الإنسان عن دفع الضرر. مع علمه بحتميَّة وقوعه. وعبر هذا الصدع سيحل بالأرض قارعة من المتوقع أن تضرب الأرض اليوم أو غدًا أو بعد شهر أو بعد سنة. أو بعد مائة سنة. أو بعد ألف سنة. وبصفة عامة في أي لحظة. ويمتد الصدع لمسافة 1300كم خلال ولاية كاليفورنيا بمحازاة ساحل الولاية من المكسيك شمالاً حتي خليج الولاية جنوبًا. وتوجد منظومة الصدع في حزام يبلغ عرضه 100كم. وقد شقَّت فيه الأنهار مجاريَ لها. ومن عجيب القرآن أن يأتي ذكر القارعة في الآية السابقة مقترنًا بتقطيع الأرض وسير الجبال. ثم يكون مسرح الكارثة المتوقعة عبر ذلك الصدع الذي يمثل حافَة انزلاق ناتجة من تقطيع الأرض. حيث تلتقي قطعة المحيط الهادي "Pacific Plate) وقطعة كوكس "Cocas Plate) وقطعة جون دي فوكا "Juan de Fuca Plate). وتمثل مناطق الصدع نطاقًا حيويًّا للولايات المتحدةالأمريكية. يقطنه عشرة بالمائة من السكان. ويتركز فيه 40% من أوجه النشاط الاقتصادي. وفي هذا النطاق تهاجر مدينة لوس أنجلوس 2سم كل سنة نتيجة لحركة الأرض عبر هذا الصدع. وتتولد الزلازل نتيجة الحركة الفجائية عبر الصدع. وقد سجل عشرة آلاف زلزال في سنة 1984 فقط في مناطق ذلك الصدع. وتضرب الزلازل الأرض في تلك المناطق بصورة دورية. ففي سنة 1906 ضرب الأرض زلزال كبير أدي إلي إزاحة القاعدة الصخرية ما بين 5و4 إلي 6سم. تُري متي تقع الكارثة الكبري عبر صدع سان آندرياس؟ الله أعلم. وما علي الأمريكان إلا انتظار أن تصيبهم قارعة الصدع الذي سيأتي بزلازل مُهلكة في مناطق الساحل الغربي أو قريبًا منه في المحيط الهادي. ولا عاصم اليوم من الزلازل أو الخسْف أو الغرق. إلا الله.