صاحب إحدى صالات الجيم: الاستعانة بالمنشطات والمكملات لتساعد على إحداث تضخيم سريع للعضلات أحد لاعبي كمال الأجسام: ضرر المنشطات في المستقبل
لم يكن اللجوء إلى استخدام المنشطات في الألعاب الرياضية أمراَ حديثاً, بل تعود بداياته إلى العصر اليوناني, حيث أشار الفلاسفة اليونانيين القدماء إلى تعاطي الرياضيين بعض النباتات, وأكل خصيتي الثور بغرض العمل على رفع مستوى اللياقة البدنية, وتحسين المستوى الرياضي والبدني.
وشهد أواخر منتصف القرن التاسع عشر بداية تناول العقاقير المنشطة في الأنشطة الرياضية, ويُذكر أنه في عام 1865 تم إعطاء السباحين بعض المواد المنشطة, أثناء مسابقات السباحة في قناة أمستردام . كما استخدمها المتسابقون في سباق الدراجات عام 1879, حينما استعملوا مادة الكافيين مخلوطة مع بعض المشروبات الكحولية ومادة السكر والايثر .
ولجأ أحد المدربين إلى الاستعانة بالأكسجين في مباريات كرة القدم عام 1908, كما شهدت دورة اللعاب الأوليمبية المقامة في روما عام 1955 استخدام أحد متسابقي الدراجات للمنشطات الرياضية.
ونظراً إلى التهديد الخطير الذي يمارسه تعاطي المنشطات على الأخلاقيات والقيم التي تقوم عليها الرياضة, فقد دخلت الاتفاقية الدولية لمكافحة المنشطات في مجال الرياضة في فبراير 2007 حيز التنفيذ, إذ توفر الاتفاقية الإطار القانوني الذي كان غائباً, والذي يمنح الحكومات الحق في التصدي لانتشار العقاقير التي تساعد على تحسين الأداء في مجال الرياضة، والذي أصبح يستخدم بشكل مستتر.
ومن الضروري التفرقة بين المنشطات "Anabolic Steroids" , والمكملات الغذائية المعروفة باسم "Nutritional Supplements", فالمنشطات ممنوعة دولياً, ولها أضرار مدمرة للصحة على المدى الطويل, وهي عبارة عن هرمونات, وتتعدد أشكال تعاطيها ما بين الحبوب والحقن.
أما المكملات الغذائية فهي صورة مشروعة وغير ضارة من صور تدعيم الأداء الرياضي, وهي عبارة عن منتجات مستخلصة من مكونات غذائية مثل بروتين الصويا, وشرش الحليب, والحليب خالي الدسم, وغيرها من المواد التي تُحضر بصورة مقننة, لتمنح الجسم نسب عالية من البروتين بدون دهون أو كوليسترول, كما يضاف إليها الكربوهيدرات المركبة, وبعض الفيتامينات والمعادن من أجل الطاقة.
وتنوعت العقاقير والمنشطات المستخدمة في المجال الرياضي عامة، وكمال الأجسام ورفع الأثقال خاصة على مستوى العالم، والتي تعمل غالبيتها على زيادة الكتلة العضلية, وخاصة المركبات المصنعة المشتقة من هرمونات الذكورة التستوستيرون, والتي تم اكتشافها في بداية الثلاثينات من القرن الماضي عن طريق العلماء الألمان, ثم انتشرت بشكل أوسع في منتصف الخمسينيات بواسطة العلماء الروس.
ومنذ ذلك الوقت، وقد تعددت أسماء المنشطات المستخدمة عالمياً في لعبة كمال الأجسام, والتي يعد من أشهرها حالياً : حقن التستيرون, حبوب الانافار, حبوب وينسترول winstrol depot, حقن ترينبولون, حقن الديكاdecadurabolin , سوستانون sustanon, حبوب الداينابول, حقن الساستنول, وحبوب كلينباتيرول, والاندريول , وغيرها.
وإذا كان لممارسة رياضة كمال الأجسام فوائد عدة كتنمية الحجم العضلي, وزيادة القوة العضلية, ومرونة العضلات والمفاصل, ومنح الجسم التناسق المطلوب, وتقوية القلب والأوعية الدموية, وتحفيض خطر الإصابة بالشريان التاجي, والتحكم في الوزن, بالإضافة إلى العامل النفسي الذي لا يستهان به, إذ تمنح ممارسيها ثقة عالية.
فإن لجوء ممارسي هذه الرياضة لتناول العقاقير والأدوية المنشطة, يمثل خطراً داهماً, "تتعدد المنشطات والضرر قاتل", إذ يصبح متناولي هذه المنشطات مصانع متحركة لانتاج الأمراض المختلفة, والتي منها على سبيل المثال لا الحصر: العدوانية والاكتئاب، والأرق، والصداع وألم المعدة, وارتفاع ضغط الدم, والتأثير السلبي على جهاز المناعة, وخلل في تمثيل الأنسولين في الجسم مما يزيد من فرص الاصابة بمرض السكر, وزيادة الدهون والكوليستول الضار في الدم , وانخفاض معدل الدهون مرتفعة الكثافة والتي هي حيوية لصحة الشرايين والدورة الدموية, والعيوب الخلقية والمشاكل الجنسية وانكماش الخصيتين, وتليف الكبد, والقضاء على عمل الكليتين, بالإضافة إلى إعاقة النمو الطبيعي لدى المراهقين, والسرطان وغيرها.
وفي مجتمعاتنا العربية عامة ومصر خاصة, تزايد هوس الشباب بممارسة لعبة كمال الأجسام، ليس بغرض احترافها كرياضة وحسب, وإنما بهدف الحصول على الجسم المثالي الذي يحلم به كل شاب أسوة بأبطال العالم, وفي وقت قياسي, ومن هنا برزت خطورة تعاطي هذه المنشطات.
وهذا ما يؤكده حسام عبد الجواد، صاحب إحدى صالات الجيم, حيث قال: "غالبية اللاعبين يرغبون بالوصول إلى فورمة سريعة خلال شهر أو شهرين", ولذا يستعينون بالمنشطات والمكملات لكونها تساعد على إحداث تضخيم سريع للعضلات، ومنها منشطات التسترون والتي تعطي تأثيراً قويا وسريعا, ولكنها تضر بالكبد وتسبب العقم.
كما أشار إلى المنشطات "الحيوانية" والمستخدمة في أصلها للخيول, وأصبح يتعاطاها ممارسو هذه اللعبة، ولكنها غير منتشرة بكثرة في مصر لارتفاع أسعارها, واستيرادها في نطاق محدود للخيول فقط.
وأوضح "حسام" أن هناك مكملات غذائية طبيعية أقل ضرراً مثل combat" ", و proton"" , و"الأمينو أسيد" ومنها الأجنبي ومنها المصري، وتتميز بأسعارها التي تلائم الجميع, ولكنه حذر من كثرة استخدامها على المدى البعيد, إذ يضر تراكم الهيدروجين في الجسم بالكلى.
وأوصى بضرورة اعتماد اللاعب على التغذية السليمة والطبيعية, والتمرينات الشاقة للحصول على الفورمة المطلوبة, بدلا من اللجوء للمنشطات.
وهذا ما أوضحه "شريف طاهر" أحد لاعبي كمال الأجسام, والذي يمارسها كهواية, دون الاعتماد على المنشطات أو المكملات الغذائية, مكتفياً باتباع نظام غذائي يعتمد على البروتين الطبيعي في الدجاج والفواكه، والابتعاد عن الدهون.
كما رفض "طارق محسن" أحد ممارسي هذه الرياضة تناول المنشطات لأضرارها الجسيمة, ولكنه في الوقت نفسه اعترف بوجود كثير ممن يتعاطونها دون الخذ في الاعتبار تداعياتها الخطيرة في المستقبل القريب.
ومن ضمن هؤلاء "أحمد درغام" الذي يمارس هذه الرياضة من أجل احترافها بالمستقبل, ولذا يتناول بعض المكملات الغذائية مثل "يوركس بلود" وغيرها عوضاً عن الهرمونات والمنشطات, والتي تكلفه شهرياً ما بين ألف وألفي جنيه.
وتشير عدة دراسات إلى إمكانية الحصول على أجسام قوية ومتناسقة دون منشطات ومكملات غذائية، عن طريق النوم الجيد لساعات لا تقل عن 8 ساعات, والاجتهاد في التمرين, والتغذية السليمة بالعناصر الغذائية الرئيسية من بروتينات وكربوهيدرات وفيتامينات والابتعاد عن الدهون قدر الأمكان.