ضابط مخابرات زار مهدى عاكف فى بيته لإثنائه عن مبادرة الإخوان الإصلاحية وقال له «انتم بكده زى ما تكونوا ضربتم نفسكم بالنار» عندما يتكلم محمد حبيب عن الإخوان المسلمين لابد أن ننصت له جيدا.. فهو ليس بعيدا عن هذه الجماعة.. هو واحد منها كان ينتمى اليها حتى وصل إلى النائب الأول للمرشد.. كان واحداً من المدافعين عنها بشراسة فى ظل بطش النظام السابق.. انتقل محمد حبيب من يمين الجماعة إلى يسارها.. استقال منها وأصبح من المعارضين لها.. مايقوله محمد حبيب الآن تفتيش تحت جلد هذه الجماعة.. ما يقوله يجعلنا على يقين من أن هذه الجماعة تعمل لمصالحها الشخصية والضيقة.. ما يقوله يسقط عنها ورقة التوت الأخيرة ليتبين لنا وجهها الحقيقى وهو وجه لو تعلمون كارثى.. مايقوله يجعلنا على يقين أنها وهى تعقد الصفقات تتنازل عن النزاهة والصدق.. لا يهمها سوى انتصاراتها حتى لو كان انتصارها هزيمة لمصر والمصريين.. لقد كشف محمد حبيب فى حواره مع الكاتب عادل حمودة ببرنامج «معكم» على قناة السى بى سى ماخفى من اسرار الجماعة.. كشف عن تفاصيل لقاءاتها مع أمن الدولة والمخابرات فى ظل النظام السابق لعقد الصفقات والخروج بمكاسب.. لقد أكد حبيب فى حواره أن القيم الاخلاقية والإيمانية للجماعة أصابها العوار بعد الثورة ليكشف أن الجماعة فقدت كثيرا من رصيدها بسبب مواقفها غير الأخلاقية تجاه أحداث محمد محمود واستعداء المجلس العسكرى على باقى القوى الثورية فيما عرف بجمعة الوقيعة والاتهامات المتبادلة بالعمالة والخيانة. واضاف حبيب «ان الصورة المأخوذة عن الجماعة من الخارج غير الصورة الحقيقية من الداخل على ارض الواقع.. صحيح أن المرشد له مكانته ومنزلته فضلا عن العاطفة التى تجمعه مع باقى أفراد الجماعة ولكن فى التحليل الاخير يظل المرشد فرداً والقرارات تحددها المؤسسية، فهناك مكتب إرشاد وهناك مجلس شورى وفى فترات الضغط أو التفريق يختزل الامر كله فى مكتب الارشاد». «وفى الوقت الذى كانت فيه السلطة الحاكمة تتميز بالشراسة البوليسية مما جعل الجماعة منكبة على التنظيم والتوحد ووحدة الوعاء..لكن مع قيام الثورة وتناثر الأوراق كان من المفترض أن قيادة الجماعة تتكيف وترتب نفسها على الوضع الجديد، لكن للاسف تصورت الجماعة أن قضية السمع والطاعة وثقافة الثقة فى القيادة يجب أن تحظى بما كانت تحظى به فى السابق ولكن مع أجواء الثورة والانطلاق فلا شك أن آثار الثورة تتغلغل وتؤثر بشكل أو بآخر على الافراد وعلى المستويات الدنيا أو الوسطى، ولكن وجدنا عدم وجود مرونة كافية فى استيعاب أو تغيير السمع والطاعة فالسمع والطاعة مقابل الشورى فأنا لا أقدر على فرض رأى على مجموعة إلا بعد التشاور وكان هذا غير متاح ايام النظام بسبب التضييق أما الآن بعد الحرية فلابد من الشورى أولا. الشباب استطاع أن ينهى ثقافة الابوة فاصبحنا كلنا أخوة على قدم المساواة ولا يوجد هناك كبير أو صغير فكما توجد ثقافة الثقة فى القيادة فلابد أن يكون هناك ثقافة الثقة فى الافراد وحين لا يجد الشباب هذا يبدأ الشباب فى التململ». وبتطبيق ذلك التحليل على موقف شباب الجماعة إزاء قرار مكتب الارشاد بعدم دعم عبد المنعم أبوالفتوح دون الرجوع إلى باقى الصف وهو ما جعل شباب الجماعة يضربون بقرارات المكتب عرض الحائط ويجمعون التوكيلات لابو الفتوح. وعلق حبيب على ذلك أن «ابو الفتوح لم يخالف ثوابت الفكر أو المنهج أو القيم وخالف قرارا سياسيا وإداريا فإذا كنتم تريدون معاقبته فكان يجب الاكتفاء بتجميد عضويته لكن للأسف تم فصله، وأرادت الجماعة ايصال رسالة للشارع مفادها انهم لا يرغبون فى السلطة من خلال رفضهم لترشح أبو الفتوح وفصله، لكن ما وصل للشارع رسالة فى غاية السوء مفادها «إذا كنتم تفصلون شخصيات بهذه القامات من جماعتكم فماذا أنتم فاعلون بالمعارضة حال وصولكم إلى الحكم» حبيب الذى كان أحد صقور جماعة الإخوان المسلمين ومدافعا شرسا عنها اعترف للمرة الأولى بصفقات الجماعة مع النظام السابق من خلال جهاز أمن الدولة وأنه كان يتم عقد جلسات سرية بين قيادات الجهاز وقيادات الجماعة، مما يؤكد أن الجماعة رغم ظهورها بصورة المعارض الشرس للنظام لم يكن لديها مانع من التعاون مع النظام للمشاركة فى مسرحية الديمقراطية المزعومة، فقد أكد حبيب تلقى مهدى عاكف المرشد العام للجماعة اتصالا فى 2004من أحد وكلاء جهاز المخابرات العامة ثم قام بزيارته فى منزله فى محاولة لإثناء الإخوان عن المبادرة الإصلاحية التى اعلنوا عنها وقال له حسب حبيب «انتوا ايه اللى عملتوه ده بالظبط.ده زى ما تكونوا ضربتوا نفسكوا بالنار».. حدث هذا عندما أعلنت جماعة الإخوان عن مبادرة الإصلاح من نقابة المحامين فاسقط فى يد النظام الذى تعود من الإخوان على رد الفعل لا الفعل.. حكى مهدى عاكف ما دار فى المكالمة للأعضاء فقيل له إذا عاود الاتصال وطلب اللقاء فلنكن معك وهو ماحدث.. قام ضابط المخابرات بزيارة مهدى عاكف فى منزله وحضر اللقاء محمد حبيب وخيرت الشاطر وقيل للضابط «لا نريد شيئا لانفسنا كل ما يتصل بالحريات والغاء الطوارئ». وقد تم تسجيل كل المطالبات بالكتابة والتسجيل وفوجئنا عقب هذا اللقاء بمهاجمة بيوت 85 كادراً دون معرفة السبب. وكان يتم تجهيز أربعة أربعة من طرة إلى سجن آخر ثم إلى مقر مباحث أمن الدولة بمدينة نصر ويعذبون تعذيباً بشعاً.. توافق هذا مع وفاة أكرم الزهيرى مريض السكر مع الاهمال والنواب فى مجلس الشعب لعبوا دوراً فى تفجير القضية وتشكيل لجنة إلى طرة لتقصى الحقائق فتم الافراج عن المجموعة. لم يكن هذا الاتصال بين الأمن وجماعة الإخوان هو الأخير فقد تكررت اللقاءات مع كل حدث يقع فى مصر وهو ماكشفه ايضا محمد حبيب حيث قال إنه فى سنة 2005 كان يتم الترتيب للاستفتاء والمادة 76 من الدستور وموضوع التوريث والكلام مع القوى المؤثرة، حيث لا يريدون إزعاجاً أو قلقاً خاصة أن ذلك سيعقبه انتخابات رئاسة وانتخابات مجلس شعب. طلبوا عن طريق بعض الافراد «ان احنا نقعد» وقعدنا انا وعاكف وخيرت الشاطر واتنين من كبار رجال أمن الدولة فقالوا جئنا بمشروع «بكدج على بعضيه» نحن لا نريد مظاهرات ولكن سنضمن لكم وضعاً سياسياً ووضعاً اجتماعياً فسألناهم عن التفاصيل وكان ردهم انهم غير مخولين للكلام فى التفاصيل، فقلنا عندما يكون هناك تفاصيل ومخولون فأهلا وسهلا بكم لكن نحن لا يمكننا الموافقة على شىء غير واضح التفاصيل.. وانتهى الموقف عند هذا الحد. وفى انتخابات 2005 كنا متأكدين انهم هيتصلوا بينا ليمارسوا الضغوط وقبل ما يتصلوا رفعنا سقف عدد المرشحين إلى 200 أو أكثر علشان لما يجوا يتكلموا نصل فى المفاوضات إلى 100 على الاقل. اتصلوا بنا وكان لدينا معلومة حول رؤيتهم وتصورهم لهندسة الانتخابات لتخرج بشكل كما لو كان ديمقراطيا، خاصة أن الادارة الامريكية ضغطت لدمج التيار الاسلامى فى الحياة السياسية وكنا مستوعبين ذلك. التقينا مع قيادات كبيرة فى الجهاز وجلست مع حسن عبد الرحمن وكانوا يدفعون لتخفيض عدد المرشحين حتى يكون هناك ضمان للرقم 40 أو 42 أو 45 الخ.. وصلنا إلى 161 فى نفس الوقت كان عندنا ردائف تغطى هذا الرقم لانه حتى لو تم الاتفاق على سقف للمرشحين برضوا هيشتغلوا من تحت». لكن محمد حبيب نفى ل عادل حمودة أن تكون هناك صفقة لتوريث جمال مبارك الحكم، وهو ما كان يتردد بقوة من وجود تيار داخل الجماعة لتمرير جمال مبارك رئيسا مقابل الاعتراف بحزب لجماعة الإخوان المسلمين وتخفيف الضغوط الامنية عليها وهو ما لاقى صدى عند بعض القيادات الإخوانية. ما حكاه حبيب عن تاريخ الجماعة فى التعامل مع الامن وعقد صفقات تصب فى صالحها السياسى على حساب القوى الاخرى والحقوق السياسية للمصريين انفسهم يجعل وجود سيناريو الصفقة بين المجلس العسكرى والإخوان هو سيناريو صحيح إلى حد بعيد. وقد أكد حبيب فى حواره على أنه قام بتسجيل العديد من التفاصيل حول تجربته كأحد قيادات جماعة الإخوان فى نظام مبارك وانه سيقوم بطباعتها فى مذكرات خاصة به. ما حكاه محمد حبيب يستحق أن نتوقف عنده كثيرا فالجماعة تمد يدها للنظام - أى نظام - تعقد الصفقات وتحصل على المكاسب ثم تعود لتغسل يديها مما عقدته أمام الناس.. لقد كان مقبولا أن تفعل الجماعة هذا فى ظل نظام ديكتاتورى كان يقمعها بالقوة ويفرض عليها قبضته لكن بعد ثورة يناير سقط الخوف من قلوب المصريين.. الخوف الذى كان يحكم به النظام السابق.. سقط الخوف لم يعد هناك مكان لأن يعطى أحد أوامره وعلى الجميع الاستجابة.. عليهم السمع والطاعة.. لم يعد مقبولا من الجماعة أن تفرض ماتريد تمريره على اعضائها دون شورى أو نقاش.. لم يعد مقبولا أن تعقد الجماعة صفقاتها السرية للخروج بغنائم ومكاسب وقتية.. فقط استبدلت النظام السابق بالمجلس العسكرى.. ماتفعله الجماعة الآن جعل أعضاءها يكفرون بها فيخرجوا عليها ويتمردوا على قوانينها.. دفع كثيرين إلى تقديم استقالتهم وهو يرى الجماعة تحيد عن أهدافها وتجنح عن مبادئها الدعوية والدينية قبل السياسية.. كان جنوحها مقبولا لدى الشباب فى ظل تضييق النظام السابق عليها.. كانوا يتقبلونه أما الآن فلم يعد مقبولا على الإطلاق.. لم يعد مقبولا أن تستمر انتهازية الإخوان.. الانتهازية التى خرجت أمامها معارضة ليس من خارج الجماعة وإنما من داخلها.. معارضة تكشف وتفضح ما لا نراه