تسارعت الإجراءات الحكومية والمواقف الوطنية، الهادفة إلى تطويق الممارسات والتصريحات التي تمس الوحدة الوطنية وتنذر بزعزعة أمن واستقرار الكويت، اثر اشتداد تداعيات الأزمة السورية ومحاولات جر الكويت إلى مستنقع الفتنة الطائفية. وقررت الحكومة الكويتية، إحالة مثيري النعرات خلال الاعتصام الذي أقيم أمام السفارة اللبنانية الثلاثاء الماضي إلى النيابة العامة، في حين طلبت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية من خطبائها وقف تحريض الشباب على الجهاد والقتال في سوريا وعدم تبني أي خطابات تؤجج الطائفية أو تثير النعرات بين المذاهب الإسلامية.
وأعرب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء وزير الدولة لشئون البلدية الشيخ محمد العبدالله عن عميق القلق، والاستياء إزاء ما شهدته الساحة المحلية مؤخرا من مظاهر وممارسات مستنكرة تمس وحدتنا الوطنية.
وأكد، أن مجلس الوزراء لن يتوانى عن اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد كل من تسول له نفسه زعزعة أمن البلاد والمساس بالوحدة الوطنية، ودعا جميع المواطنين إلى تغليب الحكمة والعمل على صيانة الوحدة الوطنية والنأي بالممارسة عن أي إساءة او ما يشكل شقا للصف، وبث بذور الفتنة والبغضاء التي يرفضها المجتمع ، مؤكدا عدم التردد في اتخاذ كل الإجراءات والتدابير اللازمة لوأد الممارسات والمظاهر التي من شأنها المساس بالوحدة الوطنية ومقوماتها.
ومن ناحيتها، ذكرت مصادر وزارة الأوقاف أن الوزارة وجهت تعميمًا إلى الأئمة حضتهم فيه على ضرورة الالتزام بميثاق المسجد وتطبيق التعليمات وعدم مخالفتها احتراما لرسالة المسجد وعدم تضمين خطبهم أي تحريض أو إساءة لأي فئة من فئات المجتمع، متوعدة المخالفين بالمحاسبة والإيقاف عن الخطابة.
كما حذر المنبر الديمقراطي الكويتي، من تداعيات انحراف مسار المناصرة لسوريا ، واكتسابه بعدا طائفيا بغيضا يزج بالحراك الشعبي السوري في منعطف تتجاوز خطورته أرض الصراع ، ودعا في بيانٍ له القوى العربية الرسمية والشعبية إلى رفض واستنكار التدخل في الشأن السوري ، وطالب بدفع الأطراف الخارجية إلى مغادرة سوريا فورًا، ونزع فتيل أزمة ستشمل المنطقة العربية بأسرها ، ولن يتحقق منها إلا الدمار الذي يلحق الضرر بالجميع، وأوضح أن تدخل حزب الله اللبناني في مذبحة مدينة القصير فجر لصراع الطائفي بين مختلف الأطراف المعنية بالقضية السورية، وأن نقل الخطاب الطائفي إلى دول الإقليم بشكل عام، والكويت بشكل خاص، ليس إلا مثالاً على انحراف مسار المناصرة، فلم ينتفض السوريون بكل مذاهبهم وطوائفهم ومعتقداتهم وأعراقهم على الظلم من أجل الطائفية، بل من أجل رفع الظلم عنهم ومن أجل حريتهم وكرامتهم.
ودقت 8 مؤسسات للمجتمع المدني والقوى السياسية ناقوس الخطر من فتنة طائفية يسعى إلى إشعالها بعض العابثين بالنسيج الوطني الكويتي، مستغلين الوضع المأساوي في سوريا غطاءً لما يفعلون، محذرة من أن تصدر إلينا صراعات المجتمعات الأخرى تحت ذريعة الدعم والمساندة لهذا الطرف أو ذاك.
ودعت، إلى ضرورة الحذر الشديد من مثل هذه الفتن التي إن اشتعلت فلن تبقي ولن تذر ، مطالبة جميع القوى المجتمعية الحية بالانتباه الشديد لما يمكن أن تؤول إليه أمور البلاد إذا تُرِك العابثون بأمن مجتمعنا دون حساب أو ردع.
وأكد بيان المجتمع المدني والقوى السياسية حق شعوب المنطقة في النضال من أجل حريتها وتقرير مصيرها، غير أنه شدد، في الوقت نفسه، على عدم القبول بأن تُصدَّر إلى المجتمع الكويتي صراعات المجتمعات الأخرى تحت ذريعة الدعم والمساندة لهذا الطرف أو ذاك، وأكدت عدم السماح لأي عابث بزعزعة استقرار البلد بأي مبرر أو حجة، وأنها ستقف بحزم ضده ، مستندة إلى المواطنة التي حدد حقوقها وواجباتها دستور 1962، داعية الجميع إلى التمسك بها ووضع مصلحة البلد فوق أي اعتبار.
وتواصلت عاصفة الإدانة والاستنكار لمحاولات المتطرفين والعابثين بالنسيج الوطني استغلال الوضع المأساوي في سوريا لاشعال الفتنة في البلاد ، بين نواب مجلس الأمة الذين طالبوا الحكومة بالتحرك سريعا أمام الذين يريدون أن يجروا البلد لفتنة طائفية يمكن أن تحرق الأخضر واليابس بحجة الدفاع عن الشعب السوري ، والضرب بيد من حديد على صعيد الأمن والملاحقة القضائية لاجتثاث الأصوات النشاز ، وأن ما حدث أمام السفارة اللبنانية تحركه أجهزة مخابرات إقليمية وجهات اشتدت في الخصومة.
وحذروا من أن هناك مخططا خارجيا كبيرا للمنطقة يمكن أن يدخلنا في أتون الفتنة الداخلية وعلينا أن نتعظ مما يحصل في سوريا والعراق والبحرين وبقية الدول لان الاحتقان وصل حدا يخشى الانفجار وهناك تحركات مشبوهة على الجميع رصدها ووأدها فورا.
وكان مجلس الأمة الكويتي استنكر بشدة جميع "الدعوات الضالة" لاستغلال ما تشهده سوريا من أحداث في التحريض على إثارة النعرات الطائفية وتقسيم المجتمع وتهديد امنه وكيانه ، داعيا إلى الوقوف صفا واحدا لمحاربة الفتن والمحافظة على الوحدة الوطنية.
وطالب المجلس في بيان صحفي اصدره أول امس الحكومة "بتطبيق القانون على الخارجين عليه من دون تلكؤ أو تأخير وان تقطع بسيف العدالة دابر كل من يضمر الشر ببلادنا" ، مؤكدا أن الكويت البيت والملاذ الآمن ولن نسمح إطلاقا للتطرف الأعمى والسلوكيات المريضة بان تهدم البيت الكبير".
وكان اعتصام احتجاجي على مقربة من السفارة اللبنانية في الكويت أقيم مساء الثلاثاء الماضي بحضور عدد كبير من المواطنين الذين نددوا بتدخل مليشيات حزب الله في سوريا وتسببها بسفك الدماء وسط رفعهم لافتات وشعارات للتنديد بتدخل الحزب في سوريا ، وإيصال رسالة احتجاج على تدخل حزب الله السافر في سوريا ومساندته للنظام السوري بقتل السوريين من أهالي القصير في مجازر متعددة خلال الأسبوعين الماضيين.