أثار الاعتداء على مسجد "البحارنة" في الكويت موجة عارمة من الاستنكار، ورفضا واسعا لهذا التصرف الخارج عن التقاليد والأعراف، ومطالبات بسرعة الكشف عن الجناة ومحاكمتهم. ورأى خبراء ومحللون سياسيون أن الاعتداء على المساجد في الكويت محاولة لضرب الوحدة الوطنية، وأنه بفعل أصابع خارجية تسعى إلى الإيقاع بين السنة والشيعة.
وبالتزامن مع مطالبة عدد كبير من النواب وزير الداخلية الكويتي الشيخ أحمد الحمود بتطبيق القانون بحزم على المعتدين على مسجد " البحارنة"، واستنكار وزارة الأوقاف لهذا الاعتداء معتبرة بيوت الله "خطاً أحمر"، يسلم أستاذ العلوم السياسية والقيادي الإسلامي عبد الله النفيسي نفسه إلى جهاز أمن الدولة اليوم الاثنين للتحقيق معه بتهمة الإساءة إلى أحد مكونات المجتمع وشق صف الوحدة الوطنية بعد اتهامه لفصيل من النواب بتنفيذ الأجندة الإيرانية.
وسمحت الأجهزة للنفيسي أمس بالتوجه إلى منزله فور وصوله إلى مطار الكويت على أن يسلم نفسه لأمن الدولة خلال 24 ساعة .
وكانت وزارة الداخلية أحالت النفيسي على النيابة على خلفية انتهاكه قانون نبذ الكراهية، وما ذكره في ندوة في ديوانية النائب السابق حسين الدوسري أساء فيها لطائفة من الكويتيين وشكك بانتمائهم ونعتهم بألفاظ قبيحة، وهو الكلام الذي أعاد تكراره مساء أول أمس في قناة "العربية" الفضائية.
خط أحمر بدورها استنكرت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الاعتداء على مسجد "البحارنة"، داعية إلى تطبيق القانون على العابثين ببيوت الله وعدم الانسياق وراء الأعمال الشريرة التي تسعى لإشعال الفتنة في البلاد .
وقال وكيل الوزارة عادل عبد الله الفلاح أن استنكار أي اعتداء على بيوت الله "واجب" لما لها من حرمة ومكانة في قلوب المؤمنين فلا يجوز المساس بها أو تدنيسها أو أهانتها أو التعرض لممتلكاتها أو للعاملين فيها بأي وجه كان، وأشار إلى أن هذه التصرفات الخبيثة تهدف إلى إثارة الفتنة وبلبلة المجتمع الكويتي الآمن . وأضاف الفلاح أن بيوت الله خط أحمر لا يجوز المساس أو الاقتراب منها أو التساهل مع العابثين بها .
وأكد رئيس مجلس الأمة الكويتي علي الراشد أن من قام بالاعتداء على المسجد لا فرق بينه وبين الصهاينة الذين يعتدون على المسجد الأقصى .
من جانبه أكد الخبير الإستراتيجي اللواء صابر السويدان لصحيفة " السياسة" الكويتية، بأن جميع أطياف الشعب الكويتي أدانت واقعة الاعتداء على مسجد البحارنة.
وأشار السويدان إلى أن هناك أصابع خارجية تلعب على تأجيج العلاقة بين السنة والشيعة في الكويت, مؤكداً بأن الكويت لن تنجرف إلى هذه الفتنة بأي حال من الأحوال نظراً لأن علاقة السنة والشيعة منذ تأسيس الكويت تتسم بالود والاحترام, مشيراً إلى أن هناك شخصيات سنية كانت تتسم بالتطرف ومع هذا أدانت الاعتداء على مسجد "البحارنة".
وطالب اللواء السويدان الأجهزة الأمنية بضرورة تكثيف الدوريات الأمنية على هذا المسجد وبقية دور العبادة التي يمكن ان تتعرض لأي أذى من أطراف خارجية, لافتاً إلى أن وزارة الداخلية تقوم بجهود جبارة لحفظ البلد من الذين يحاولون تأجيج البلد بالفتن الطائفية.
نار الطائفية وفي سياق متصل قال وزير الدولة لشئون مجلس الأمة السابق عبد الهادي الصالح أن الاعتداء على مسجد "البحارنة" يوضح ان هناك من ينفخون في نار الطائفية في البلاد . مؤكدا أن من يستخدمون الورقة الطائفية لا يضرون أنفسهم فقط بل الجميع ولذا يجب على الدولة أن تكون حذرة ويقظة لكل من يحاول بث روح الكراهية والفتنة داخل المجتمع الكويتي.
وذكر الصالح أن هناك دولا كبرى تغذي روح الكراهية بين أبناء الشعوب فمثلما يسعون جاهدين لتأجيج الفتنة بين المسلم والمسيحي في مصر وغيرها يسعون كذلك لتأجيج الفتنة الطائفية بين السني والشيعي في الكويت, منبها بأن اللعبة السياسية التي تمارسها الدول الكبرى على الدول العربية والإسلامية تلعب دورا كبيرا في زرع هذه الفتن.
من جانبه أكد رئيس رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي الأستاذ بكلية الشريعة د. عجيل النشمي انه من الجرم ما حدث لمسجد البحارنة في منطقة الدعية من العبث والتخريب ثلاث مرات متتالية من دون أن يتم القبض عليهم , والذين قاموا به لا يريدون إلا الفتنة لهذا البلد الآمن بأهله جميعا لا تفرقة بينهم.
وقال في تصريح له أمس: "الحمد لله أن هؤلاء العابثين لم يجدوا أمثالهم ممن غايتهم الفتنة يقابلون أعمالهم بمثلها فينالون مساجد السنة بالعبث . وأحسب أن هذا التعقل سيحمل قاصدي الفتنة أن يقوموا هم بأنفسهم بالعبث والتخريب في مساجد السنة ليثيروا الفتنة ويحققوا مقصدهم".
ورأى النشمي انه ينبغي أن يتداعى العقلاء لدرء الفتنة وتفويت الفرصة على من لا يسعده أن يرى البلد آمنا مطمئنا . وعلى وزارة الداخلية أن تحمل هذا الحدث محمل الجد والاهتمام , فإن الفتن الجسام تبدأ من مستصغر الشرر.
عمل مبتور فقد دعا النائب خالد الشطي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود إلى سرعة إلقاء القبض على المجرمين الذين اعتدوا على المسجد وكشف من وراءهم وتقديمهم إلى العدالة.
وأكد الشطي لصحيفة "الرأي" أن إدانة المجرمين الذين هتكوا حرمة بيت من بيوت الله ودنسوا مقدساتنا، عمل مبتور وأداء منقوص ما لم يقترن بملاحقة المحرضين الذين يزرعون الفتنة الطائفية وينشرونها في المنطقة والعالم.
وبين الشطي انه لن تأمن الأوطان وتستقر ولن تنمو وتزدهر، ما لم يعالج هذا الداء، وهو ما يتطلب وقفة سياسية وقانونية وتشريعية واجتماعية، تقطع الطريق على من يحاولون زرع الفتنة في المجتمع.
بدوره، استنكر النائب السابق محمد هايف الاعتداء على مسجد "البحارنة" في الكويت . معتبراً إياه عملاً يراد منه أثارة الفتن.
وقال هايف من على حسابة الشخصي في موقع التواصل "تويتر" :"نستنكر الاعتداء على مسجد "البحارنة" ونطالب بسرعة التحقيق وكشف المتورطين وهو عمل يراد منه إثارة الفتنة في البلاد وواجب وزارة الداخلية درء الفتن".
من جانبه، استنكر تجمّع "العدالة والسلام" التصرفات غير المسئولة وغير الوطنية التي حدثت من تكرار الاعتداء على مسجد "البحارنة"، مؤكدا أن هذا الاعتداء يؤكد وجود مساعٍ خبيثة لتمزيق وحدتنا الوطنية.
ورأى التجمّع أن تكرار ما حدث ناتج عن ضعف وتخاذل حكومي في التعامل مع هذا الملف، مؤكدا أن الاعتداء على أي دار عبادة لأي فئة أو طائفة يعد تعديا على أهل الكويت جميعا، مشيرا إلى وجود أياد خفية تريد شرا بالكويت.