مصر تتمتع بالأولوية الأعلى لتصبح شريكنا الإستراتيجي
مصانعنا في مصر تقوم بتوظيف خمسين ألف عامل مصري باستثمارات تبلغ 1،5 مليار دولار، و تضخما لا يقل عن 500 مليون دولا
ووصلت مشروعاتنا التجارية اكثر من مائة مصنع يمتلكها ثلاثمائة مالك
قال حسين عوني بوطصالي السفير التركي في مصر خلال الاحتفال السنوي بإعلان الجمهورية التركية " ان يوم التاسع و العشرين من أكتوبر يمثل ذكرى إعلان الجمهورية التركية، وهذا العام، نحتفل بالذكرى التاسعة و الثمانين لدولتنا الجديدة، و لم يتبقى سوى أحد عشر عاما لأخوتكم الأتراك حتى يحتفلوا بالذكرى المئوية لإعلان الجمهورية" جاء ذلك خلال الاحتفال الذي اقيم اليوم بمنزله بحضوركافة القوي السياسية والشخصيات العامة والاعلامية من الجانب المصري والتركي وتتضمن الحفل كلمة للسفير وبعدها قدمت للخضور العديد من العروض الفنية للفرق مصرية وتركية
وأكد حسين عوني السفير التركي خلال كلمتة الذي افتتح بها الاحتفالية قائلا على مر السنوات التسع و الثمانين الماضية، استطاعت الجمهورية التركية النهوض من بين ركام إمبراطورية منهارة لتتحول إلى ديمقراطية برلمانية سليمة و سريعة النمو. و بعد المرور بالعديد من الأزمات، ونتيجة تضحيات عظيمة من جانب مؤسسي جيل المستقبل، أصبح في استطاعتنا أن نحتل المركز السابع عشر عالمياً و السادس أوروبيا من الناحية الاقتصادية بل وأصبحت أكبر الأسواق على مستوى منطقتنا والأكثر اندماجاً في النظام الاقتصادي العالمي. ونحن ندين بهذا النجاح ليس فقط لقادتنا الإقليمين، ولكن أيضا لشعبنا الذي أظهر من التحمل والالتزام بما هو لازم للنمو المستدام بعد أن اقتربت نسب الإنتاج والدخل القومي من التريليون دولار (بمعدلات سعر صرف العملة) وما يقرب من 10 ألف دولار كدخل للفرد الواحد. لقد أصبحت تركيا الآن قادرة بل وحريصة على تقاسم خبرتها مع الدول الصديقة الأخرى وتوسيع شراكاتها و بالطبع بدء من مصر.
موضحا أن مصرتتمتع بالأولوية الأعلى لتصبح شريكنا الإستراتيجي، ليس فقط من وجهة نظر ثنائية، ولكن أيضا كبوابة إقليمية ومتكاملة إلى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وعبر عن امتنانه للقيادة والشعب المصري للشراكة التي أقاموها مع تركيا في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مشيراً إلى أن الشراكة بينهما هي التي سوف تضاعف الفرص المتبادلة وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون الثنائي والإقليمي والدولي. لافتاً أن المنطقة تمر عبر بأوقات عصيبة وهذا الجزء من العالم ليس بمنأى من المشاكل والتوترات، إلا أننا نؤمن بأن تركيا ومصر سيكون بينهما تعاوناً أقوى تلبية للاحتياجات الخاصة بهما وكذلك احتياجات الدول و الشعوب المجاورة.
وأضاف عوني يجب علينا ألا نخاف من اختلافنا عن بعضنا البعض، حيث أن هذه الميزة هي في الحقيقة مصدر ثرائنا. ومن ناحية أخرى، ينبغي أن نعمل بعزم و إصرار لإعادة اكتشاف و إحياء تراثنا الثقافي المشترك الذي بالتأكيد سوف يقدم لنا قدراً هائلاً من مساحات التعاضد والتعاون. خاصة وإن الشعب التركي يتفهم تماماً تطلعات وتوقعات الأشقاء المصريين بل والصعوبات التي تواجههم. نحن نعلم بالتغييرات المؤلمة التي تحدث في الموازين الإقليمية والدولية، ولكننا أيضا واثقون من أن حكومة وشعب مصر لن يستطيعوا فقط أن يتغلبوا على القيود، ولكنهم أيضاُ سوف يخلقون نموذجا وتجربة فريدة و ناجحة لإلهام دولاُ و شعوباً أخرى في المنطقة نحو الديمقراطية ونحو حريات أكبر ونحو دولة القانون والعدالة والازدهار.
مشيرا انهم يتفهمو تماما أن يكون لدى بعض الدوائر شكوك حول جدوى ومدى استمرارية التضامن والشراكة بين دولتينا الناميتين. وردنا على تلك الشكوك هو قرارنا والتزامنا بالاستثمار في مصر المستقبل. لقد تعهدت الحكومة التركية من جانبها مؤخرا بتقديم حزمة اقتصادية تبلغ قيمتها 2 مليار دولار لمساندة إحياء وتحقيق الاستقرار للاقتصاد المصري. وقد تعهدنا بذلك الالتزام دون إي شروط مسبقة. و قد شهد الرئيس محمد مرسي خلال زيارة العمل التي قام بها إلى تركيا في 30 سبتمبر 2012، التوقيع على البروتوكول الخاص بحصة المليار دولار الأولى من الحزمةالمشار إليها. إن الشعب و الحكومة التركية لم يشيحوا بنظرهم بعيدا ولا نحن انتظرنا أن تقوم الدول والبنوك والمؤسسات الأخرى بتقديم المساندة. قائلا عندما وقعنا اتفاقية التجارة الحرة في عام 2005، كانت تجارتنا الثنائية وقتها تقدر بأقل من 500 مليون دولار. و دخل الاتفاق حيز التنفيذ في عام 2007. وهذا العام، الذي يشهد العام الخامس لتطبيق الاتفاقية، سوف تصل تجارتنا، بل ومن الممكن أن تتجاوز ال5 مليارات دولار. ألا تعتقدون أن هذا تعاون مستدام؟ قبل خمس سنوات كانتالاستثمارات التركية في مصر غير موجودة بل وعاطلة. أما اليوم، فنحن نتحدث عن ثلاثمائة مالك لمشروعات تجارية و أكثر من مائة مصنع، تقوم بتوظيف خمسين ألف عامل مصري باستثمارات تبلغ 1،5 مليار دولار، و تضخما لا يقل عن 500 مليون دولار من القيمة المضافة جالبة مئات الملايين من عائدات التصدير إلى الاقتصاد المصري.لقد أصبح رجال الأعمال الأتراك مصريين من خلال إعادة استثمار أرباحهم مرة أخرى في مصر. إنهم يستثمرون في مستقبل هذا البلد. و إستراتيجيتهم هي النمو وبناء المستقبل معا. إذا لم تكن هذه الرؤية مستدامة فأية رؤية هي إذن؟
نحن لم نزل نؤمن بأنه في القرن الواحد والعشرين سوف تظهر كل من أرض النيل وأرض الأناضول القدرة والإصرار على العمل كشريكين متضامنين ليس فقط نحو مستقبل أكثر ازدهارا من أجل الأجيال القادمة ولكن أيضا نحو الحد من التوترات و الخلافات السياسية والثقافية الراهنة ، لتعزيز الجسور القائمة وبناء قنوات جديدة بين الحضارات والثقافات والأديان.
وكما أكرر في كل مناسبة، بأنه كما سبق و فعل المصريون أكثر من مرة على مر التاريخ من خلال بناء الأهرامات وحفر قناة السويس، فإنه عندما يتقارب الشعبين التركي والمصري لبعضهما البعض، فسوف تكون القارات بدورها أكثر تقارباً و سوف تهدأ الصراعات وبالتالي يتوفر و يزدهر مرة أخرى مناخ جديد للأعمال و التنمية حيث تسطع الشمس ببريق أكبر فى سماء البحر الأبيض المتوسط.
وحيث شارفت فترة عملي التي استمرت لمدة ثلاث سنوات في بلدكم الجميل على الانتهاء، فإنني وأسرتي سوف نغادر مصر الرائعة قريباً حاملين معنا الذكريات الجميلة والشعور بالنعمة التي حظينا بها في صورة الحب الذي أظهرته لنا كافة فئات المجتمع والحكومة والقيادة المصرية. وحيث أننا شربنا من مياه النيل ونعمنا بها، فإننا نرجو من كل قلبنا وبكل السعادة تحقُق المقولة التقليدية "بأننا سوف نعود ثانية إلى مصر بطريقة أو أخرى". و في النهاية اختتم عوني كلمتة قائلا ، أكرر مرة أخرى شعاري: "مصر وتركيا يد واحدة" من أجل عالماً أكثر ازدهارا واستقرارا .