أكد السفير التركي لدى مصر حسين عوني بوطصالي أن مصر، تتمتع بالأولوية الأعلى لتصبح شريك تركيا الإستراتيجي، ليس فقط من وجهة نظر ثنائية، ولكن أيضا كبوابة إقليمية ومتكاملة إلى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وأعرب السفير عوني - في كلمة له اليوم الأربعاء بمناسبة الذكرى ال(89) لإعلان الجمهورية التركية - عن الامتنان للقيادة والشعب المصري للشراكة التي أقاموها مع تركيا في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مؤكدا أن الشراكة بين البلدين هى التي سوف تضاعف الفرص المتبادلة وتفتح أفاقا عديدة للتعاون الثنائي والإقليمي والدولي. وقال "إن منطقتنا تمر بأوقات عصيبة وهذا الجزء من العالم ليس بمنأى من المشاكل والتوترات، إلا أننا نؤمن بأن تركيا ومصر سيكون بينهما تعاونا أقوى تلبية للاحتياجات الخاصة بهما وكذلك احتياجات الدول والشعوب المجاورة". وأشار إلى أنه يجب علينا ألا نخاف من اختلافنا عن بعضنا البعض، حيث أن هذه الميزة هى في الحقيقة مصدر ثرائنا .. ومن ناحية أخرى، ينبغي أن نعمل بعزم وإصرار لإعادة اكتشاف وإحياء تراثنا الثقافي المشترك الذي بالتأكيد سوف يقدم لنا قدرا هائلا من مساحات التعاضد والتعاون. وشدد على أن الشعب التركي يتفهم تماما تطلعات وتوقعات الأشقاء المصريين بل والصعوبات التي تواجههم قائلا "نحن نعلم بالتغييرات المؤلمة التي تحدث في الموازين الإقليمية والدولية، ولكننا أيضا واثقون من أن حكومة وشعب مصر لن يستطيعوا فقط أن يتغلبوا على القيود، ولكنهم أيضا سوف يخلقون نموذجا وتجربة فريدة وناجحة لإلهام دول وشعوب أخرى في المنطقة نحو الديمقراطية وحريات أكبر ودولة القانون والعدالة والازدهار. وأشار السفير التركي لدى مصر حسين عوني بوطصالي إلى أن بلاده تتفهم تماما أن يكون لدى بعض الدوائر شكوك حول جدوى ومدى استمرارية التضامن والشراكة بين دولتينا الناميتين، قائلا "إن ردنا على تلك الشكوك هو قرارنا والتزامنا بالاستثمار في مصر المستقبل". وأوضح أن الحكومة التركية من جانبها تعهدت مؤخرا بتقديم حزمة اقتصادية تبلغ قيمتها 2 مليار دولار لمساندة إحياء وتحقيق الاستقرار للاقتصاد المصري .. وقال "إننا تعهدنا بذلك الالتزام دون أي شروط مسبقة". وقال "إن الرئيس محمد مرسي شهد خلال زيارة العمل التي قام بها إلى تركيا في 30 سبتمبر 2012، التوقيع على البروتوكول الخاص بحصة المليار دولار الأولى من الحزمة المشار إليها"، مشيرا إلى أن الشعب والحكومة التركية لم يشيحوا بنظرهم بعيدا ولا نحن انتظرنا أن تقوم الدول والبنوك والمؤسسات الأخرى بتقديم المساندة. من ناحية أخرى، أشار السفير عوني إلى أنه وعلى مر السنوات ال(89) الماضية، استطاعت الجمهورية التركية النهوض من بين ركام إمبراطورية منهارة لتتحول إلى ديمقراطية برلمانية سليمة وسريعة النمو. وأوضح أنه وبعد المرور بالعديد من الأزمات، ونتيجة تضحيات عظيمة من جانب مؤسسي جيل المستقبل، أصبح في استطاعتنا أن نحتل المركز ال(17) عالميا والسادس أوروبيا من الناحية الاقتصادية بل وأصبحت أكبر الأسواق على مستوى منطقتنا والأكثر اندماجا في النظام الاقتصادي العالمي. وأضاف "ندين بهذا النجاح ليس فقط لقادتنا، ولكن أيضا لشعبنا الذي أظهر من التحمل والالتزام بما هو لازم للنمو المستدام بعد أن اقتربت نسب الإنتاج والدخل القومي من التريليون دولار (بمعدلات سعر صرف العملة) وما يقرب من 10 ألف دولار كدخل للفرد الواحد". وتابع "لقد أصبحت تركيا الآن قادرة بل وحريصة على تقاسم خبرتها مع الدول الصديقة الأخرى وتوسيع شراكاتها وبالطبع بدءا من مصر". وفيما يخص التعاون مع مصر، أشار السفير التركي لدى مصر حسين عوني بوطصالي إلى أنه عندما وقعنا اتفاقية التجارة الحرة عام 2005، كانت تجارتنا الثنائية وقتها تقدر بأقل من 500 مليون دولار. ودخل الاتفاق حيز التنفيذ عام 2007. وهذا العام، الذي يشهد العام الخامس لتطبيق الاتفاقية، سوف تصل تجارتنا، بل ومن الممكن أن تتجاوز ال5 مليارات دولار. وقال "ألا تعتقدون أن هذا تعاون مستدام، قبل خمس سنوات كانت الاستثمارات التركية في مصر غير موجودة بل وعاطلة. أما اليوم، فنحن نتحدث عن ثلاثمائة مالك لمشروعات تجارية وأكثر من مائة مصنع، تقوم بتوظيف 50 ألف عامل مصري باستثمارات تبلغ 1ر5 مليار دولار، وتضخ ما لا يقل عن 500 مليون دولار من القيمة المضافة جالبة مئات الملايين من عائدات التصدير إلى الاقتصاد المصري". وأضاف "لقد أصبح رجال الأعمال الأتراك مصريين من خلال إعادة استثمار أرباحهم مرة أخرى في مصر. إنهم يستثمرون في مستقبل هذا البلد. وإستراتيجيتهم هى النمو وبناء المستقبل معا. إذا لم تكن هذه الرؤية مستدامة فأية رؤية هى إذن؟". وتابع "إننا لم نزل نؤمن بأنه في القرن ال(21) سوف تظهر كل من أرض النيل وأرض الأناضول القدرة والإصرار على العمل كشريكين متضامنين ليس فقط نحو مستقبل أكثر ازدهارا من أجل الأجيال القادمة ولكن أيضا نحو الحد من التوترات والخلافات السياسية والثقافية الراهنة، لتعزيز الجسور القائمة وبناء قنوات جديدة بين الحضارات والثقافات والأديان". وأردف "إنه كما سبق وفعل المصريون أكثر من مرة على مر التاريخ من خلال بناء الأهرامات وحفر قناة السويس، فإنه عندما يتقارب الشعبان التركي والمصري لبعضهما البعض، فسوف تكون القارات بدورها أكثر تقاربا وسوف تهدأ الصراعات وبالتالي يتوفر ويزدهر مرة أخرى مناخ جديد للأعمال والتنمية حيث تسطع الشمس ببريق أكبر في سماء البحر المتوسط". واختتم السفير عوني كلمته قائلا شعاره الذي أطلقه بعد ثورة يناير المجيدة "مصر وتركيا يد واحدة" من أجل عالما أكثر ازدهارا واستقرارا.