التسول مهنة يقف وراءها بلطجية . أطفال لا يملكون المال لشراء إحتياجات المدرسة . الحياة الصعبة تجعل الطفل مجبر على التسول .
يعاني الكثير من الأطفال بقرى ومحافظات مصر من الحرمان والنقص الكبير في الخدمات الصحية والتعليمية وسوء التغذية، نتيجة لإهمال المسئولين والفساد السياسي الذى عاشوه على مدار ثلاثون عاما، والتي انعكست تأثيراتها السلبية على أطفال مصر وحولتهم إلى فريسة سهلة للإمراض والتسول و مما رسة العمل الشاق الذى لا يتناسب مع أعمارهم، بينما عانى غيرهم من نقص التعليم والاستغلال ، في ظل الصمت المطبق من المسئوليين.
الظروف السيئة والإهمال جعل هولأء الاطفال يخرجون إلى العمل فى ظل أعمارهم التى لاتسمح لهم بذلك الفعل مما أدى إلى تسول الكثير من الاطفال ليصبح ذلك أمرا منتشرا وخاصة بين الأطفال الذين يضطرون للتسول من أجل لقمة العيش، وتفاقمت هذه الظاهرة الخطيرة في الاونة الاخيرة، وتحولت الى مهنة يتفنن بها البعض من خلال جلب اطفال رضع أو ذوي احتياجات خاصة للتأثير في عواطف المارة ودفعهم الى اعطاء المال، واعتبر البعض هذه الظاهرة السلبية نتيجة طبيعية لزيادة حالات الطلاق والتفكك الأسري .
الكثير أرجع ذلك إلى عدم إهتمام الحكومة بالشرائح الاجتماعية الفقيرة، وتحول التسول وبخاصة بين الاطفال من حالات فردية الى ممارسة تقف وراءها جهات تستغل الاطفال وتدفعهم الى التسول.
قضيت يوما كاملا مع هؤلاء الأطفال الذى أطلق عليهم أعلاميا "أطفال التراحيل" وتحدثت مع الطفل " سمير حامد " عمرة 9 سنوات والذي سرد لى بدموع المعناة والمشقة التى عاشها منذ أن أشتد ساعدة عن عملة الذى يتمثل فى "حصد محصول الذرة" قائلا منذ أن خرجت إلى الحياة وجدت نفسى فى الحقل أعمل فى "الفلاحة" بعشرة جنيهات يوميا منذ بداية الصباح حتى سواد الليل وأسرتى بسيطة جدا وابى لا يعمل ووالدتى تتاجر فى بيع الخضروات لتساعد فى مصاريف المنزل .
وأستكمل سمير حديثة : لا يقتصر عملى على "الفلاحة " فقط بل أدهب أحيانا إلى منازل الاغنياء للعمل فى منازلهم أو فى "جنينة المنزل" على حد قولة ، وذلك من أجل زيادة الدخل لان مصاريف المنزل كثيرة ولا يستطيع أبى توفير كل هده المصاريف.
وتحدث الطفل محمد وهو تلميذ فى الصف السادس الابتدائى وهو في احدى اشارات المرور أثناء مما رسة عملة الذى يكمن فى مسح زجاج السيارات ، أنا لا أملك المال لشراء احتياجات المدرسة من ملبس وأدوات مدرسية وغيرها من ملتزمات المدرسة وأسرتى بسيطة جدا لا تستطيع أن توفر لى كل هذه الاموال التى تساعدنى على إستكمال دراستى، مما جعلنى أسعى إلى العمل لتوفير المال الذى يساعدنى على ذلك بعد عجز والدى الذى بلغ سنة ال50 عاما دون عمل.
وكان هناك قصة أخرى سردها لنا محمود التلميذ فى الصف الخامس الإبتدائي، أعمل فى ورشة تصليح سيارات وأنا اصحو يوميا عند الساعة الرابعة فجرا واعود للمنزل الساعه العاشرة لتوفير المال الذى يساعد أسرتى على المعيشة .
وقال سمير الذى يعمل عند إشارات المرور قائلا: منذ أن التحقت بالمدرسة الابتدائية وأعتدت على هذا الحال أنا وشقيقتى التي تكبرني بعام وأحد ، فكنا نشترى يوميا "مناديل ورقية" و " حلوى" لنبيعها في الاشارات المرورية لمساعدت أسرتى على مصاريف المنزل .
كان لابد أن نزور أسر هؤلاء الاطفال لكى نتوصل إلى الأسباب التى دفعتهم لهدا العمل الشاق حيث أكد "مهران جابر" والد أحد الاطفال أنه إضطر لإرسال أبنائه للعمل في التراحيل بسبب الفقر الشديد مؤكدا أن أطفالة هم دخل رئيسي للاسرة.
وأشارت" وفاء " أن شقيقتها تخرج للعمل لجمع البرتقال لمساندة الأسرة علي الحياة الصعبة و أنها فضلت عدم تكمله دراستها لأنها تشعر بألم الأسرة في البحث عن دخل يعين والدها و لديه 5 أبناء و يعمل فلاح باليومية و ليس له دخل أخر.
وبعيون لاتفارقها الأحزان سردت أسماء : أن شقيقتى وغيرهم من أطفال التراحيل ضحية إهمال المسئوليين فإن شقيقتى و غيرها من الاطفال يعملون جميعا فى جمع "الموالح" لمساعدة أسرهم مع أن هدا العمل شاق عليهم جدا ولكن ظروف المعيشة و أحتياج أسرهم لهذا الدخل جعلتهم يتركون دراستهم ويعملون من أجل جمع الاموال . وأشار "مجاهد الولى" أنه لديه ثلاثة أطفال هم السيد و محمد و هدي و أنهم يعملون فى ورشة خراطة باليومية و ليس لهم دخل غير ما كانوا يقدمونه للأسرة ، مضيفا أنهم تركوا دراستهم لانهم يستطعون ان يجمعوا بين العمل والدراسة .
وطالب مجاهد المسئوليين بسرعة التدخل لحل هدة العادة التى أنتشرت كثيرا بين ألاف الاسر الفقيرة وكان الضحية الاطفال الأبرياء الذين تركوا دراستهم و خسروا مستقبلهم من أجل جمع الاموال لاسرهم الفقيرة.
"سميرة فواز" معلمة فى مدرسة أبتدائية كان لها تعليق على هولاء الاطفال صرحت بة لى قائلتا: إن الطلاب في المدرسة بمستوى دراسي جيد ، ما إن تاتي العطلة الصيفية حتى يتجهون إلى الاشارات المرورية أو إلى ممارسة بعض الاعمال فمنهم من يعمل فى ورشة ، ومنهم من يعمل فى المزارع وغير ذلك من الاعمال المضنية التى لاتتناسب مع أعمارهم الصغيرة ، بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة ، فى ظل الاهمل الملحوظ لهولاء الاطفال من قبل المسئوليين.
وعلق "ف.ك.ع" الذى رفض ذكر إسمة، الذى يعمل بالشئون الاجتماعية :مؤكدا على ضرورة التفات المسؤولين الى هذه الفئة المهمشة ومساعدتها من أجل بناء مجتمع راسخ لان الاطفال عماد المستقبل وهم الذين يبنون المجد ويخروجون بوطنهم مصر إلى بر الامان لان فيهم من يكون الطبيب والمهندس والمعلم و العالم .
أما موريس مينا، مدرس علم النفس والاجتماع قال إن الظروف التي يمر بها أسر هؤلاء الاطفال أدت الى إرسال الكثير من هذه الاسر البسيطة اطفالها الى العمل لمساعدتهم على زيادة الدخل وتحسين المعيشة. وأستكمل موريوس حديثة :أكثر الأسر التى أرسلت أطفالها للعمل في أعمال شاقة لاتتناسب مع أعمارهم لقلة دخلها ، مضيفا أن هناك إنتهاك لقانون العمل الذى لا يسمح بالعمل لاقل من سن 15 عاما ، فضلا عن عدم توفر الرقابة سواء في المدينة اوخارجها، مشددا على ضرورة التفات المسؤولين الى معاناة الاطفال وايجاد الحلول لهم.
الجمعيات الاهلية تبنت هده الظاهرة التى أنتشرت بشكل ملحوظ وسعت للقضاء عليها حيث قال" عبد المعز عبد المولى" مدير جمعية الشيخ عبدالله الاهلية ، أن الجمعية تسعى بكل جهودها للقضاء على هذه الظاهرة من خلال إقامة مشاريع منتجة تدير دخلا ثابتا لاسر هولاء الاطفال لكى توفر لهم احتياجاتهم التى تساعدهم على إستكمال دراستهم دون ممارسة تلك الاعمال الشاقة.
وأضاف عبد المولى أن الجمعية قامت بعمل "حضانة "للاطفال من سن 4- 6 سنوات بمصاريف ضئيلة لمنع هؤلاء الاطفال من ممارسة تلك الاعمال والتركيز فى مستقبلهم ودراستهم.
المسئولين كان لهم رؤية مختلفة وكان لابد وان نستمع اليها حيث أكد مصدر مسئول رفض ذكر إسمة : أن هذه الظاهرة تختفى يوما بعد يوم فإن عدد هولاء الاطفال الذى أطلق عليهم عمال التراحيل بلغ عددهم فى عام "2011" 7 ملايين طفل و أن عددهم الان لا يتعدى 2 مليون طفل .
و أضاف المصدر أن الأجهزة الأمنية تعمل بكل طاقتها للقضاء على هذه الظاهرة وضبط جميع الأشخاص الذين يقومون بجمع الأطفال وتوزيعهم على الاعمال الشاقة المختلفة التى لا تتناسب مح أعمارهم مما دفعت الكثير منهم للتسول.