توزيع 100 شنطة مدرسية لذوي الهمم بالأقصر    طلاب جامعة بني سويف يشاركون في معسكر توعوي لمواجهة العنف الإلكتروني    إدارة الصف التعليمية: أنهينا كافة أعمال الصيانة ومستعدون لاستقبال العام الدراسي الجديد    ضمن حصاد نتائج مؤتمر التعدين بأستراليا .. بحث ترتيبات زيارة وفد من شركات التعدين الأسترالية إلي مصر    قطع وضعف المياه عن مناطق بغرب الإسكندرية اليوم ولمدة 6 ساعات    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    إقامة 21 معرض «أهلا مدارس» في المنوفية.. وحملات رقابية لضبط المخالفات (تفاصيل)    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    محافظ كفرالشيخ يتسلم «أطلس نخيل البلح والتمور في مصر» من ممثلي منظمة فاو    ستارمر: الوضع في غزة لا يطاق.. ولا سلام بلا دولة فلسطينية    إيطاليا: منفتحون على بحث فرض عقوبات تجارية على إسرائيل مادامت لا تؤثر على المدنيين    غزة.. ارتفاع عدد وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 435 شهيدا    الاحتلال يغلق معبر الكرامة بعد إطلاق نار في محيطه    بكين: لن نسمح باستقلال تايوان والعالم بين السلام والحرب    الزمالك يتقدم على الإسماعيلي بهدف نظيف في الشوط الأول    منتخب مصر يودع بطولة العالم للكرة الطائرة بعد الخسارة أمام تونس    الخطيب يحدد ملامح قائمته حال الترشح في انتخابات الأهلي    القنوات الناقلة مباشر مباراة مانشستر سيتي ونابولي في دوري أبطال أوروبا 2025- 2026    حافلة الزمالك تصل ستاد قناة السويس لمواجهة الإسماعيلى    المقاولون العرب يكشف عن هوية المدرب المؤقت بعد رحيل محمد مكي    قوات الحماية المدنية تسيطر على حريق محدود في مخلفات أسفل كوبري أكتوبر    «فصل شعرها عن رأسها».. جيران سيدة بورسعيد ضحية زوجها: «مثّل بجسدها وقال لابنها تعالى أنا قت..لت أمك»    أمطار ورياح.. بيان عاجل بشأن حالة الطقس غدا: «اتخذوا كافة التدابير»    سرقة وصهر الأسورة الأثرية بالمتحف المصري.. قانوني يكشف العقوبة المنتظرة    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    الداخلية تضبط سارقي الأسورة الذهبية من المتحف المصري.. ومفاجأة حول مصيرها    ماستر كلاس للناقد السينمائي رامي عبد الرازق ضمن فعاليات مهرجان ميدفست مصر    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    قصة مدينة عملاقة تحت الأرض.. يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    نائبة وزير الصحة: نستهدف الوصول بمعدل الإنجاب إلى 2.1 في 2027    فيديو.. وزير الصحة: جامعة الجلالة أنشئت في وقت قياسي وبتكليف رئاسي مباشر    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تقدم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صغار علي الشقاء
نشر في الأهرام المسائي يوم 14 - 01 - 2011

يتخذ‏(‏ الاتجار بالبشر في المجتمع المصري‏)‏ في بحث ميداني للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية خمس صور في مقدمتها ظاهرة استغلال الاطفال في العمل حيث شمل البحث عينة من الأطفال العاملين عددهم‏489‏ طفلا ينتمون إلي‏352‏ أسرة في خمس محافظات وتراوحت اعمارهم بين‏7‏ 18‏ سنة‏..‏ أكثر من نصفهم يلمون بمبادئ القراءة والكتابة
حيث تتشابه الحالة التعليمية للوالدين مع أبنائهم وترتفع نسبة الفتيات الأميات مقارنة بالذكور وكانت أخطر النتائج التي توصل إليها البحث هي رضا الأطفال عن عملهم وأصبح الحصول علي المال في حد ذاته قيمة لديهم حيث أن‏80.4%‏ يحبون عملهم في حين يبحث‏64%‏ منهم عن عمل آخر بحثا عن المكسب الأكبر‏.‏
وكانت النسبة الغالبة من الأطفال يعملون عدد ساعات طويلة تتراوح ما بين‏11‏ 13‏ ساعة وأن‏42,3%‏ منهم يعمل في المحاجر التي تصنف ضمن أسوأ أشكال عمل الأطفال وتتوزع المهن الاخري علي ورش الحدادة وتشكيل المعادن والغزل والنسيج في معارض الأثاث ومعظم هذه الأعمال تمثل خطورة بالغة علي حياة هؤلاء الأطفال وخاصة العاملين في المحاجر لانهم مسئولون عن تعبئة وتحميل البودرة الناتجة عن طحن الحجارة لاستخدامها في صناعة البلاط لذلك فهي بيئة عمل مليئة بالمخاطر مع عدم وجود أي نوع من الحماية والوقاية حيث أكد‏42.3%‏ من الأطفال أنهم لا يرتدون أي ملابس خاصة للحماية والوقاية أثناء العمل‏.‏
وهي نتائج تثير تساؤلات حول سبب تفضيل هؤلاء الاطفال للعمل رغم مشقته وخطورته في بعض الاحيان علي التعليم ؟‏..‏ فهل تتعلق المشكلة بالنظام التعليمي ؟ ام ان الامر يتعلق بالوضع الاجتماعي للطفل لانه قد يصبح العائل الوحيد لأسرته فجأة لأي سبب ؟
وتتعدد صور عمالة الاطفال فهناك من يحمل صندوقا للقمامة اثقل منه وآخر يتنقل بين عربات مترو الانفاق طوال اليوم لبيع المناديل الورقية وهناك التباع المعلق علي باب الميكروباص ليجمع الاجرة من الركاب معرضا حياته للخطر‏..‏كلهم اطفال لا يزيد عمر اكبرهم علي‏15‏ سنة ومكانهم الطبيعي هو المدرسة ولكنهم ولأسباب كثيرة طاقة رخيصة يجد فيها صاحب العمل انها لن تكلفه الكثير بالاضافة الي انه يظل الآمر الناهي لأي طفل يعمل لديه ويجد منه الآذان الصاغية لأوامره وتعليماته وقد ينتهي المطاف بمعظم هؤلاء الاطفال بأن يصبحوا اصحاب العمل مستقبلا‏.‏
كريم طفل ترك المدرسة من الصف الثالث الابتدائي ويعمل بأحد الافران يقول إن السبب الرئيسي في ذلك أنه ظل حتي هذه المرحلة لا يعرف القراءة والكتابة‏..‏ حتي اسمه لا يعرف شكل كتابته حتي الآن لذلك قرر النزول للعمل لتعلم صنعة تفيده علي حد وصفه ويري ان المدرسة ستكون عبئا علي أسرة لن تتمكن من تحمل مزيد من المصاريف علي العكس فهو سيساعدهم أكثر بهذا العمل مما لو تعلم بالاضافة الي انه يساعد مصطفي شقيقه الاكبر الذي يعمل معه بنفس الفرن بعد أن ترك هو الآخر المدرسة من الصف السادس الابتدائي ولكن لسبب مختلف تماما عن اخيه لانه كان يعمل في البداية الي جانب دراسته بسبب مرض الاب ولكن بعد وفاته قرر ترك المدرسة لتوفير النفقات بالاضافة الي انه كان يعمل طوال الليل لوجوده بالمدرسة نهارا فلم يتحمل عناء كل يوم حيث ينام‏3‏ ساعات فقط يوميا فأصبح العمل هو خياره لأنه الاهم لأسرته التي تحتاج الي دخل ثابت‏.‏
وأوضح ان عمله هو فخر له لانه مسئول عن اسرته بالكامل رغم صغر سنه الذي لا يعترف به قائلا انا راجل وبصرف علي اخواتي
‏100‏ جنيه أسبوعيا
ويقول إبراهيم‏(18‏ سنة‏)‏ إنه ظل ينتقل بين بعض الأعمال حتي استقر أخيرا داخل احدي الورش منذ كان في التاسعة حتي الآن لأنه شرب الصنعة بالاضافة الي ان اسرته تعيش بميت غمر ويسافر لهم الاحد من كل اسبوع بعد تجميعه مبلغا من المال‏.‏
ويقاطعه الاسطي محمود شملول‏(‏ صاحب الورشة‏)‏ التي يعمل بها قائلا انه يدفع له ولأي طفل يعمل بالورشة‏100‏ جنيه اسبوعيا بالاضافة الي الإكراميات التي يحصل عليها من صاحب أي سيارة يقوم بتصليحها كما انه مسئول عن توفير المسكن لمن يعمل بالورشة خاصة الاطفال القادمين من الارياف‏.‏
ويقول إن عمالة الاطفال ليست عذابا واهانة كما يتصورها البعض ولكنهم سعداء لأن لديهم مصدر رزق لهم ولأسرهم بالاضافة الي ان اي طفل يتعرض للضرب من صاحب العمل يترك العمل بسهولة لان الورش في حاجة دائمة للاطفال العاملين‏.‏
ويؤكد انه يبحث دائما عن اطفال للعمل لأن ورش السيارات تحديدا في حاجة دائمة للاطفال الصغار لأن العمل يتأثر بعدد الأطفال فكلما قل عددهم تأثر حجم إنتاجه في اليوم الواحد ورغم انه كان لديه‏9‏ اطفال الا ان معظمهم ترك العمل بعدما شرب الصنعة إما للعمل في مكان آخر أو يكون قد اصبح لديه ما يكفيه لعمل ورشة خاصة به‏,‏
ويضيف انه لا يوجد لديه اطفال في اي مرحلة تعليمية داخل الورشة فمعظمهم مش غاوي يتعلم رغم حاجته الماسة لأطفال متعلمين في الوقت الحالي لعدم تمكنه من التعامل مع السيارات الاوتوماتيك‏.‏
ويري الاسطي محمود انه لا يجوز إساءة معاملة الاطفال من قبل بعض اصحاب العمل مؤكدا انه يعامل ربنا فيمن يعملون لديه بغض النظر عن وجود اي قانون يتعلق بعمالة الاطفال‏.‏
تفاقم الظاهرة
ولكن د‏.‏ عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ترفض اعتبار عمالة الاطفال أحد اشكال الاتجار بالبشر فلا توجد أسرة تتاجر بطفلها مهما كانت درجة الفقر التي تعاني منه مع وجود استثناءات قليلة قد تدفع بأبنائها الي سوق العمل لتحصل علي مقابل يتقاضاه الطفل مع اعطائه جزءا صغيرا منه‏.‏
وتري ان عمالة الاطفال لها اسباب مجتمعية ادت الي تفاقم الظاهرة بداية من النظام التعليمي الذي يتحمل قدرا كبيرا من المسئولية فمنذ الثمانينيات ومعاناة الاطفال مستمرة بسبب المناهج التي لا تتناسب مع اعمارهم وتجبرهم إما علي الدروس الخصوصية أو أن يصبح تعليم الطفل عبئا علي اسرته لتكون النتيجة فشل الطفل في التعليم وتسربه منه واتجاهه للعمل
ويقول والد أحد الاطفال المتسربين من التعليم تعليقا علي فشل ابنه في التعليم وخروجه للعمل ابني ساب التعليم أسيبه في الشارع والا يشتغل احسن ؟
ويزداد الوضع سوءا في حالة ترك الطفل المدرسة بإرادته وعدم اهتمام الاسرة بذلك لعدم تقديرها قيمة التعليم والاخطر عدم إلحاق بعض الاسر اطفالهم بالمدارس من الاساس ليصبح خارج أولوياتهم لانه التعليم أصبح يفوق امكانيات البعض‏.‏
وتقول الدكتورة عزة كريم إن بطالة الكبار جعلت الاطفال هم من يعمل وينفق علي الاسرة لعدم تمكن الاب من ايجاد عمل يناسبه
وتري انه عندما يجد صاحب العمل هذه الاوضاع المتردية لدي بعض الاسر يبدأ في استغلال احتياجهم لمصدر رزق فيكون الطفل هو الحل خاصة وانه يتحمل الكثير حتي ولو في مقابل الحصول علي بضعة جنيهات‏.‏
وتقترح ان يتم تطوير التعليم وفقا لتطور المجتمع مع وضع تخصصات‏(‏ مهني وزراعي وتجاري‏)‏ لأطفال المرحلة الابتدائية ليختاروا بينها لانها المرحلة التي يهرب منها كثير من الاطفال الذين يكرهون التعليم مفضلين العمل عليه ويصبح أكبر آمالهم في هذه السن ترك المدرسة واللجوء للشارع‏.‏
وتقول د‏.‏ سامية الخشاب أستاذة علم الاجتماع بجامعة القاهرة إن عمل اي طفل لا ينتج الا عن حرمان شديد تعاني منه اسرته فلا يوجد اي طفل يحب العمل في سن صغيرة وإذا حدث ذلك يكون مضطرا‏..‏ فمهما يكن المستوي التعليمي له فإن لا يرغب في ترك المدرسة ولكن اسرته قد تجبره علي ذلك بسبب الفقر الذي يعاني منه كثير من الناس حيث تضطر معظم الاسر الفقيرة الي عدم استكمال تعليم ابنائها نظرا لتكاليف التعليم رغم انها مدارس حكومية‏..‏ الا ان الطفل لا يستفيد من الدراسة بها لأنه في الغالب يخضع لوجهة النظر المعروفة لدي طلاب معظم المدارس الحكومية ان الدروس الخصوصية هي السبيل الوحيد للتعلم وبالطبع هذه الأسر الفقيرة لا تتمكن من ذلك فيكون البديل الوحيد هو تشغيل أبنائهم لأنه الوسيلة الوحيدة التي سيستفيد منها الطفل وأسرته معا من الناحية المادية علي عكس المدرسة التي لا يستفيد منها شيئا وتكلف الأسرة المزيد‏.‏
وتضيف ان هناك بعض الأطفال الذي يفشلون في التعليم فتري اسرته ان العمل هو المكان الأفضل له لأنه في النهاية هيتعلم صنعه تكسبه ويقبلون بسلبيات بعض الأعمال وخطرها علي أطفالهم مهما كانت أعمارهم وذلك في مقابل المصلحة المادية‏.‏
صيد سهل
ويقول محمود البدوي الأمين العام للجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان إنه لا يوجد اي طفل يترك المدرسة بكامل إرادته ولكن المشكلة تكمن في اضطرار بعض الأهالي إلي تشغيل اطفالهم لتوفير أكثر من مصدر رزق للأسرة ولكن النسبة الأكبر من الأهالي يرغبون في استكمال تعليم ابنائهم مهما بلغت صعوبة ظروف الحياة ويروي قصة رجل أمي يعمل حارس عقار ويساعده أبناؤه ولكنه يرفض في المقابل ترك أي منهم دراسته لأنه يري ان مستقبلهم في استكمال التعليم لذلك فالوضع يختلف من أسرة لأخري‏.‏
ويستنكر البدوي استغلال بعض الأطفال للقيام بأعمال تخالف القانون كالترويج للمخدرات وهنا يكون الطفل هو الموزع الأفضل نظرا لتعدد مميزاته حيث تسهل السيطرة عليه وعدم الشك في امره اثناء قيامه بالتوزيع ورغم علم الأطفال باستغلالهم في عمل غير قانوني وتعرضهم للخطر وللسجن الا انهم يجدون فيما يحصلون عليه من وراء هذه الأعمال ما يكفي لتشجيعهم علي تكرار الأمر باستمرار‏.‏ بالإضافة الي استغلال الأطفال في اغراض اخري مثل استغلال بعض الأطفال في الدعاية الانتخابية مؤخرا وقد استخدم الأطفال من سن‏12‏ 18‏ سنة في توزيع بطاقات الدعاية وبرامج المرشحين أمام مقار اللجان يوم الانتخابات وتراوحت يومية الطفل ما بين‏20‏ الي‏30‏ جنيها وكان ذلك استغلالا لوفرة اطفال الشوارع وكونهم اقل عرضة للمخاطر في حالة حدوث اي من الاحتكاكات بين أنصار المرشحين‏.‏
ويضيف ان الأطفال هم الصيد الثمين لكل من يرغب في تسهيل عمل غير قانوني واكبر دليل علي ذلك ظهور توربيني جديد كل فترة يستغل الأطفال كيفما يشاء جنسيا او في بعض الأعمال الاجرامية أو التسول وتقف الجهات المعنية في الدولة عاجزة عن تفعيل القانون وتطبيقه علي ارض الواقع‏.‏
البديل الوحيد
وتقول أمل جودة استشارية اليونيسيف في مجال دعم وحماية حقوق الطفل ان البحث الذي اجراه المركز القومي للبحوث الاجتماعية يعبر عن الوضع الحالي فعمالة الأطفال تزداد بشكل خطير نظرا لقيام العديد من الأسر بدفع ابنائها للعمل لأنهم أحيانا يصبحون المصدر الوحيد للرزق بالإضافة الي ترك بعض الأطفال للمدرسة بكامل ارادتهم هروبا من صعوبة المناهج التعليمية بالإضافة الي زيادة تكاليف الدروس الخصوصية وهي أسر معدمة تجد العمل هو البديل المناسب لأطفالهم لوجود عائد مادي مقابل ما يقومون به ورغم وجود بعض الجمعيات التي تساعد هذه الأسر علي مصروفات المدارس الا انها تقف عاجزة أمام اهم متطلب تعليمي في الوقت الحالي وهو الدروس الخصوصية‏.‏
وتؤكد ان نسبة الأطفال الذين يعملون اكثر مما تظهره معظم الدراسات والبحوث بكثير خاصة في المحافظات التي ينتشر فيها الأميون وتقل فيها اهمية التعليم بالنسبة لكثير من الأسر بالإضافة الي بعض المناطق الموجودة بالقاهرة ولكنها تختلف كليا عنها حيث نجد اطفالا غير مقيدين من الأساس حتي الكبار منهم لا يحمل بطاقة شخصية بالتالي لن يتمكن من دخول المدرسة فيلجأ الطفل للعمل مهما بلغت حدته ومشاكله ولا يهتم بأي حقوق له لدي صاحب العمل فقد يعمل اكثر من‏10‏ ساعات يوميا خاصة من يعملون في الورش حتي انه لا يمكنهم أخذ قسط من الراحة خوفا من بطش صاحب العمل‏.‏
وتؤكد ان زيادة العنف في المدارس من قبل بعض المدرسين خاصة بعد قرار الوزير بعودة الضرب للمدارس ادي الي زيادة العداء بين الطفل والمدرسة لدرجة تجعل الطفل قد يتقبل مشقة العمل أو قسوة الشارع علي الذهاب للمدرسة ليصبح عرضة للاهانة والاستغلال والسجن في أي وقت‏.‏
أضرار نوعية
وتري ان الوضع أخطر بالنسبة للأطفال العاملين بالمزارع فهم أكثر تعرضا للأضرار خاصة الصحية أثناء جمع المحاصيل بالإضافة الي عمل بعض الفتيات الريفيات كخادمات بالمنازل لدرجة وجود بعض المراكز المتخصصة في تأهيل الخادمات لخدمة الأعيان ورجال الأعمال‏.‏
ويقول مجدي وجيد المهدي‏(‏ المحامي‏)‏ إنه لابد من ضمان تنفيذ الضوابط والقوانين المتعلقة بتشغيل الأطفال‏...‏ فما الفائدة من وجود تلك القوانين وهي غير مفعلة واقعيا؟ ورغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية بالدولة للحد من الظاهرة ووجود بعض المواد القانونية التي نستطيع ان نطلق عليها ضمانات الطفل العامل في القوانين المصرية والتي تصب جميعها في مصلحة الطفل العامل وحمايته من أي استغلال او انتهاك في مجال سوق العمل الا انه حتي الان توجد نسبة كبيرة من الأطفال العاملين بدون اي من الاجراءات الرسمية التي كفلها القانون لعمل الأطفال والتي يلتزم بتنفيذها صاحب العمل فهناك مثلا قانون التأمينات والذي لا يطبق علي الأطفال العاملين حيث يشترط للخضوع لقانون التأمينات الاجتماعية ان تسكون سن المؤمن عليه‏18‏ سنة فأكثر سواء كان يعمل بالحكومة او القطاع الخاص وبما ان معظم الأطفال العاملين تحت هذه السن وتنحصر اعمارهم ما بين‏10:16‏ سنة أو ربما أقل من ذلك سنجد لدينا قاعدة كبيرة من الأطفال العاملين تسقط عنهم الحماية التأمينية وبالتالي الرعاية الصحية غير مكفولة فهم خاصة في بعض الأعمال الشاقة التي قد تتسبب لهم في اصابة عمل ورغم امكانية لجوء اهالي الأطفال العاملين لرفع قضايا ضد اي انتهاكات لحقوق ابنائهم عن طريق مكاتب المحامين او الجمعيات المهتمة بحقوق الأطفال الا ان هذا لا يحدث ويظل الطفل وحده المسئول عن الإصابة‏.‏
ويوضح أن جهل الأطفال بحقوقهم القانونية هو السبب الرئيسي في استغلال اصحاب العمل للأطفال لأنهم لن يطالبوا بأي شيء وصاحب العمل سيظل هو المتحكم الوحيد فيهم فمثلا لا يعلم اي طفل عامل انه يحظر تشغيله أكثر من ست ساعات يوميا‏,‏ ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة‏,‏ وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يعمل الطفل أكثر من أربع ساعات متصلة‏,‏ كما يحظر تشغيله ساعات عمل إضافية أو في أيام الراحة الأسبوعية والعطلات الرسمية وفي جميع الأحوال يحظر عمل الطفل فيما بين الساعة الثامنة مساء والسابعة صباحا كما ان اي صاحب عمل يستخدم طفلا دون سن السادسة عشرة يلتزم بمنحه بطاقة تثبت أنه يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل وتعتمد من مكتب القوي العاملة المختص وان يحرر كشفا موضحا به ساعات العمل وفترات الراحة ويبلغ الجهة الإدارية المختصة بأسماء الأطفال العاملين لديه والأعمال المكلفين بها وأسماء الأشخاص المنوط بهم مراقبة أعمالهم‏...‏ كل هذه المواد القانونية تحمي حق الطفل العامل ولكنه لا يعلم عنها شيئا حتي يطالب بها‏..‏ فهو في النهاية يعمل تحت ضغط ظروفه الاجتماعية التي قد تجعله فجأة عائلا لأسرته بالكامل غير مدرك لحقوقه لدي صاحب العمل الذي يري ان المقابل المادي هو الأهم لطفل مضطر للعمل ويبقي الأمر كله في يد صاحب العمل الذي يقرر اذا ما كان سينفذ القانون أو يخضع الطفل لقانونه الخاص‏!‏
ويقترح وجود ثقافة مبكرة داخل المدارس وتحديدا في المرحلة الابتدائية وذلك ليس بهدف التدريس بل هو مجرد تثقيف للاطفال بالحقوق القانونية بشكل مبسط من خلال معرفته لبعض القوانين التي لابد ان يعرفها في هذه السن خاصة مع استغلال البعض لظروف الأطفال الاجتماعية وحاجتهم للعمل وتشغيلهم ببعض الأعمال غير المشروعة مثل الترويج للمخدرات لذلك لابد ان يعلم الطفل انه في هذا الحالة يضع نفسه تحت طائلة القانون وانه معرض للسجن بسبب هذا العمل الاجرامي‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.