اكد رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد الذي يتمتع بنفوذ كبير، انه يدعم التصدي للدعوات المتزايدة الى اصلاح في البلاد، معتبرا انه يمكن ان يؤدي الى اضطرابات اتنية. وفي مقابلة، عبر هذا السياسي المخضرم والمستبد الذي بلغ من العمر 86 عاما عن قلقه من الاجراءات التحريرية التي قام بها رئيس الوزراء محمد نجيب عبد الرزاق ورأى ان السلطات تتبنى موقعا متساهلا جدا مع حركة متصاعدة تطالب بانتخابات حرة ونزيهة.
وقال مهاتير في مكتبه الحديث في الطبقة السادسة والثمانين في ناطحة السحاب بتروناس تاورز في العاصمة الماليزية كوالالمبور "نحتاج الى حكومة صارمة. يجب ان تكون عادلة ويجب ان تكون صارمة".
وتأتي تصريحات مهاتير بينما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في 28 نيسان/ابريل واشتبكت مع متظاهرين يريدون تغيير النظام الانتخابي الذي يعتبرونه غير حيادي.
ونزل عشرات الآلاف من الماليزيين الى الشوارع في مسيرة في العاصمة اثارت غضب الحزب الحاكم وادت الى ظهور خطاب محافظ متشدد ضد الاصلاحات المقترحة.
وكان عبد الرزاق الذي يفترض ان يدعو الى انتخابات مطلع العام المقبل عمل على تخفيف بعض اجراءات المراقبة الامنية المفروضة منذ عقود واستخدمها مهاتير باستمرار خلال توليه منصب رئيس الحكومة 22 عاما.
لكن مهاتير الذي تقاعد في 2003، حذر من ان حرية كبيرة يمكن ان تؤدي الى اضطرابات اتنية.
وقال مهاتير الذي بدا اكثر تقدما في السن "نريد الآن ان نكون اكثر ليبرالية وما حدث هو اننا اكثر ادراكا لانتمائنا العرقي من قبل. اليوم الناس ستبادلون الاتهامات بالعنصرية".
ويشكل المسلمون من اتنية المالاي اكثر من ستين بالمئة من سكان ماليزيا البالغ عددهم 28 مليون نسمة. وهم يتمتعون بتفوق سياسي في نظام يمنحهم ضمانات افضل في قطاعي الاعمال والتعليم.
وتضم ماليزيا اقليتين كبيرتين من الصينيين والهنود الذي يعبر كثيرون منهم عن استيائهم من هذا النظام.
وسعيا لكسب اصوات الاقليات، وعد عبد الرزاق بمراجعة هذه السياسات بينما اكدت المعارضة ضرورة الغائها.
الا ان مهاتير الذي يتمتع بمكانة كبيرة بعدما حول ماليزيا الى بلد مستقر ومزدهر بسياسة تجمع بين الدفع بالتنمية والمراقبة الاستبدادية، حذر من ان التغيير يمكن ان يشعل ماليزيا.
وقال "هناك تنافر اكبر بين الاعراق اليوم مما كان الوضع قبل التحرير".
ووصفت المعارضة تحذيرات الحزب الحاكم بانها ترويج لشائعات.
وقال مهاتير ان حملة نجيب لتشجيع الوحدة بين المجموعات "لم تحدد بشكل واضح".
وتابع ان تأكيد عبد الرزاق العام الماضي ان الناس لن يسجنوا بعد اليوم بسبب معتقداتهم السياسية -- في اطار تخفيف الاجراءات الرقابية الامنية -- فتح الباب للتطرف.
واضاف ان "ما يحدث بالطبع عندما تفتح الامور -- وتصبح اكثر ليبرالية -- يلقي المتطرفون، والعدوانيون منهم، بافكارهم".
واكد مهاتير ان "هناك مشاكل في كل مكان لم تكن فيه مشاكل من قبل".
ويقود عبد الرزاق ائتلافا يحكم ماليزيا منذ اكثر من نصف قرن منذ استقلال البلاد لكنه اليوم يواجه مزيدا من الاحتجاجات.
وتعتبر المعارضة الماليزية وعود الحكومة حول مزيد من الحريات العامة محاولة لكسب الاصوات التي خسرتها في الانتخابات التشريعية السابقة في 2008 وفاز فيها بفارق ضئيل حزب عبد الرزاق.
وفي محاولة لكسب اصوات المعارضة في تلك الانتخابات، حاول عبد الرزاق تحقيق توازن بين الناخبين الذين يتطلعون الى التغيير والقوى المحافظة القوية التي تهيمن على الحزب الحاكم والحكومة منذ 55 عاما.
وقال مهاتير ان الاتهامات بتزوير الانتخابات "سخيفة" وغالبية المالاي يرون في الاصلاحات التي طالب بها المتظاهريون في نيسان/ابريل فشلا للحكومة "في وقف العنف الذي يقومون به"، في اشارة الى المتظاهرين.
واوقفت الشرطة في نهاية نيسان/ابريل 222 شخصا على الاقل خلال تظاهرة اشرك فيها عشرات الالاف للمطالبة باصلاحات انتخابية لكنها تحولت الى مواجهات.
وسار المتظاهرون وعددهم ثلاثون الفا بحسب الشرطة وستون الفا بحسب وسائل الاعلام المستقلة، نحو ساحة الاستقلال بوسط العاصمة متحدين حظر السلطات التجمع في ذلك المكان وذلك بالرغم من وعود رئيس الوزراء نجيب عبد الرزاق بتعزيز الحريات العامة.
وقال زعيم المعارضة انور ابراهيم امام الحشود قبل ان تبدأ المواجهات ان "الرسالة التي نوجهها الى نجيب (عبد الرزاق) هي اننا نريد انتخابات نظيفة".
واستبعد مهاتير حدوث انتفاضة للماليزيين مثل تلك التي تشهدا دولعربية عدة، موضحا انهم يتمتعون بحرية اكبر من تلك التي تتمتع بها الشعوب العربية.
الا انه بدا اقل ثقة في قدرة القوى الحزبية الحاكمة التي تسيطر على الحكومة منذ الاستقلال في 1957 على الاحتفاظ بالسلطة اذا خسرت الانتخابات التي يتوقع ان تشهد منافسة حادة.
وقال "علينا ان نأمل في عملية انتقالية هادئة لكن اذا لم يكن اداء (التحالف الحاكم) جيدا فهذا لن يكون امرا جيدا للبلاد"