انخفاض سعر الذهب نهاية تعاملات الجمعة    السيسي يوافق على ربط موازنة جهاز تنظيم النقل البري لعام 2025-2026    سموتريتش يتحدث عن دفن فكرة الدولة الفلسطينية    مصطفى بكري: موقف مصر تجاه غزة شهادة عالمية على التضامن والإنسانية    ليلة تألق زيزو .. الأهلي يكتسح فاركو برباعية في الدوري المصري    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم ملاكي ودراجة بخارية بقنا    وزير الثقافة يكرم الموسيقار هاني شنودة في افتتاح مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    مؤشر لمرض خطير.. حسام موافي يوضح أسباب الدم في البول لدى الأطفال    انفجار كبير يهز مانهاتن واشتعال نيران على سطح أحد البنايات    رئيس جامعة بنها يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على الخدمة الطبية المقدمة للمرضى    "الطفولة والأمومة" يحبط زواج طفلتين بمحافظتي البحيرة وأسيوط    سجل الآن، انطلاق اختبارات القدرات لطلاب الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    بيان أزهري شديد اللهجة ردًا على وهم "إسرائيل الكبرى"    "ثمرة سنوات من الجد والاجتهاد".. رئيس جامعة بنها يوجه رسالة لخريجي كلية التربية -صور    "لا يجوز".. ماذا تقول لائحة الدوري المصري في واقعة قميص محمود مرعي؟ (مستند)    محافظ الدقهلية يتفقد المخابز ويوجه بتكثيف حملات التفتيش (صور)    الزراعة: تكثيف الجهود لمتابعة الأنشطة البحثية والإرشادية للمحطات البحثية    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية بقيمة 6 ملايين جنيه في 24 ساعة    الإحصاء: معدل البطالة يتراجع 0.2% إلى 6.1% في الربع الثاني من 2025    ET بالعربي يعلن توقف فيلم كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني والمنتج يرد    20 صورة- بسمة بوسيل ترقص وتغني في حفل الدي جي الإيطالي مو بلاك    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    خطيب الأزهر يحذر من فرقة المسلمين: الشريعة أتت لتجعل المؤمنين أمة واحدة في مبادئها وعقيدتها وعباداتها    وزير الأوقاف ومحافظ الوادي الجديد يؤديان صلاة الجمعة بمسجد التعمير بشمال سيناء    محافظ المنيا يفتتح مسجد العبور ويؤدي صلاة الجمعة بين الأهالي (صور)    الصحة 47 مليون خدمة مجانية في 30 يومًا ضمن حملة «100 يوم صحة»    مؤسسة شطا تنظم قافلة صحية شاملة وتكشف على الآلاف في شربين (صور)    استغرقت 3 ساعات.. إنقاذ طفلة "العظام الزجاجية" بجراحة دقيقة بسوهاج (صور)    الحل في القاهرة.. قادة الفصائل الفلسطينية يشيدون بجهود مصر بقيادة الرئيس السيسى فى دعم ومساندة غزة    «النيل عنده كتير».. حكايات وألوان احتفالا بالنيل الخالد في أنشطة قصور الثقافة للأطفال    الاتحاد السكندري يعاقب المتخاذلين ويطوي صفحة فيوتشر استعدادًا ل «الدراويش» في الدوري    تفحمت بهم السيارة.. مصرع 4 أشخاص في اصطدام سيارة ملاكي برصيف بالساحل الشمالي    فليك: جارسيا حارس مميز وهذا موقفي تجاه شتيجن    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    محافظ الجيزة يوجه بمضاعفة جهود النظافة عقب انكسار الموجة الحارة | صور    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 فلكيًا في مصر (تفاصيل)    مؤلف «سفاح التجمع» يكشف كواليس أول يوم تصوير    رانيا فريد شوقي في مئوية هدى سلطان: رحيل ابنتها أثر عليها.. ولحقت بها بعد وفاتها بشهرين    بطعم لا يقاوم.. حضري زبادو المانجو في البيت بمكون سحري (الطريقة والخطوات)    الصفقة الخامسة.. ميلان يضم مدافع يونج بويز السويسري    البورصة: ارتفاع محدود ل 4 مؤشرات و 371.2 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول    متى تنتهي موجة الحر في مصر؟.. الأرصاد الجوية تجيب    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    عودة أسود الأرض.. العلمين الجديدة وصلاح يزينان بوستر ليفربول بافتتاح بريميرليج    الزمالك يمنح محمد السيد مهلة أخيرة لحسم ملف تجديد تعاقده    مالي تعلن إحباط محاولة انقلاب وتوقيف متورطين بينهم مواطن فرنسي    الكشف على 3 آلاف مواطن ضمن بقافلة النقيب في الدقهلية    محافظ أسيوط يتفقد محطة مياه البورة بعد أعمال الإحلال    قصف مكثف على غزة وخان يونس وعمليات نزوح متواصلة    الإدارية العليا: إستقبلنا 10 طعون على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ    ضبط مخزن كتب دراسية بدون ترخيص في القاهرة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 والقنوات الناقلة.. الأهلي ضد فاركو    ملك بريطانيا يحذر من "ثمن الحرب" فى الذكرى ال 80 للانتصار فى الحرب العالمية الثانية    ياسر ريان: لا بد من احتواء غضب الشناوي ويجب على ريبييرو أن لا يخسر اللاعب    قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا    ضربات أمنية نوعية تسقط بؤرًا إجرامية كبرى.. مصرع عنصرين شديدي الخطورة وضبط مخدرات وأسلحة ب110 ملايين جنيه    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لجان شعبية لإسقاط مصر
نشر في صدى البلد يوم 10 - 03 - 2013

لم يتبقَّ من مصر بعد بضع شهور فقط من حكم الجماعة الخارجة عن القانون إلا أشلاء دولة تحتضر، وتلفظ أنفاسها يوما بعد يوم في كل مناحي الحياة. ولولا أن بتلك الدولة شعبا لازال يتمسك بها لكانت انهارت بالكامل قبل ذلك بشهور، حيث أجهزت تلك الجماعة بنظامها القائم وحلفائها وأتباعهما على كافة مؤسساتها بدون استثناء، ولم يتبقَّ بها سوى الجيش مؤسسة مستقلة، هي حائط الوطن الأخير.
وقد بدأت تلك الجماعة وأتباعها فعليا في محاولات جادة لهدمه أيضا، حيث يتخوفون من وجود أي مؤسسة قائمة ومستقرة، ويعتبرون أي مؤسسة في مصر هي بالضرورة ضدهم، أو خصما من حسابهم، ولو لم يتبقَّ فيها غير الشعب لحاصروه وهدموه أيضا، خوفا من انقضاضه عليهم، حيث لازالوا محاصرين بالمرض الذي لا يرجى برؤه، وهو التخوف من كل شيء لا يدين لجماعتهم بالولاء، باعتبارهم جماعة اعتادت العيش تحت سوط الأنظمة، ويملأهم الرعب والخيفة من وجود أي مؤسسة في مصر ليست تحت سلطتهم، حيث يعني ذلك لهم بالضرورة الانقلاب عليهم، حتى أن الشعب الذي على وشك أن يفعلها، يستعدون له بالسلاح والميليشيات والتحالفات السرية والعلنية مع جماعات الإرهاب المحلية والدولية باعتبار حربهم القادمة ستكون مع شعب مصر، بعد أن يسقطوا كل مؤسساته، بينما القوات المسلحة فمازالت في مقاعد المحايدين، أما الوطن فيتهاوى وحيدا قطعة قطعة.
فالشرطة التي اختارت لنفسها خانة جفاء الشعب والوطن، بغرامها المرضي بأحضان أي سلطة، رغم مناشدات الشعب لها بعد الثورة بأن تعود لخانة الوطن والوطنية، من خلال الدفاع عن مصر وشعبها، كما فعل قدماؤهم في 25 يناير من العام 1952م، وليس التعامل باعتبارهم قوات احتلال، أو ميليشيات تعمل لصالح من يدفع لهم رواتبهم ويمنحهم امتيازات تجعلهم فوق كرامة الشعب ودمائه. الآن في ظل الاحتجاجات التي ينظمها منسوبو "الداخلية" في عموم الجمهورية، يتوجس كثير من الناس من نواياهم فيها ومطالبهم منها، حيث فقدوا الثقة في كل شيء يخصهم، فليس هناك من هو متأكد أن تلك الاحتجاجات حقيقية لصالح الشعب والوطن، أو هي ضمن خطة للإطاحة بما تبقى من الدولة لصالح النظام وجماعته غير الشرعية، أو لتهيئة المناخ وإفساح المجال لهم لسيطرة ميليشياتهم على الأمن، من أجل قمع الناس بالناس، والشعب بالشعب، الذي بات وحيدا في وطن لا تبدو فيه دولة ولا قانون ولا نظام حاكم، ولكن جماعة وأتباع ينفذون مخططا، تؤكد كل ملامحه انه معادٍ لهذا الشعب وهذا الوطن.
وما يؤكد مخاوف الناس وشكوكهم وتوجسهم من أن مؤامرة ما تدبر ضده لقمعه وقهره وقتله وتجويعه وتخويفه وإرهابه، هو ظهور تلك الدعوات المشبوهة حول تقنين الميليشيات، عبر "اختراع" قانون لإيجاد شركات أمن مسلحة، بالتزامن مع دعوات بعض الجماعات اليمينية المتطرفة لإنشاء ما يسمى "لجان شعبية" في المحافظات، وقد فعلوا ذلك فعلا في أسيوط، ويسعون لتكرار التجربة في القاهرة وبقية المحافظات.
ومن عجائب تلك الجماعات ومن يدعون من خلالها لتلك الميليشيات، أنهم أكثر من قتل المصريين منذ ظهورهم في السبعينات وحتى الآن، حيث اشتهروا بالقتل والتفجيرات والاغتيالات والسلب والنهب تحت مسمى "الاستحلال" تارة، والجهاد تارة أخرى، ولازالوا حتى الآن يهددون الناس بالقتل في كل مناسبة، ويذكرونهم بتاريخهم في ذلك، فلا تمر وقفة أو تجمع لهم في أي أزمة، إلا ولوحوا بالعنف، وذكّروا معارضيهم بأنهم محترفون في هذا النوع من العمل المسلح، وهددوا المجتمع بالثورة ضده، وهو ما أطلقوا عليه بالباطل "ثورة إسلامية"، والتي لا يقصدون منها الإسلام الذي نعرفه بالتراحم ومكارم الأخلاق، ولكنهم للأسف يهددون الناس به، بدلا من أن يبشروهم بدولة العدل والإنصاف والرحمة في ظله، حيث يقصدون ذلك "الإسلام" الذي يفهمونه هم؛ وهو استباحة الدماء، واعتبار القتل جهاد، والقتلى كفار لأنهم معارضون، ومن قُتل خطأ على أيديهم فديته صيام شهرين.
ويكفي أن نعرف أن أسيوط، التي أعلنوا سيطرتهم على أمنها منذ يومين، هي نفسها التي حاولوا احتلالها من قبل في بداية الثمانينات، وحررتها الدولة آنذاك بالطائرات وقوات الصاعقة، ولا يخفى ما يحمله ذلك من دلالات. بل أن من يتولى الدعوة لتشكيل ميليشيات بمسمى "اللجان الشعبية"، هو نفسه من قتل 118 شرطيا مصريا في أسيوط عام 1981م، وهي التي يدعي حمايتها الآن، وقتلت جماعته ما يزيد على 400 مواطنا، وأكثر من 100 سائح في حوادث متفرقة.
ولا يبدو جديدا سعي تلك الجماعة الخارجة عن القانون، التي تحكم في مصر الآن، إلى إيجاد دور لميليشياتها منذ انتفاضة يناير وحتى اليوم، حيث دفعت بهم في غير مرة لمواجهة الناس والمتظاهرين في الشوارع، والثوار في التحرير، ولوحت باستخدامهم مرات أخرى، وكأنها تعاني من فائض قوة، كالذي تعاني منه بعض الأنظمة عقب الحروب، فتلك القوات أو الميليشيات التي تشارك في حروب أو أعمال عنف، يصبح لقادتها رغبة في الظهور واقتسام السلطة.. وبالفعل حاولت الجماعة إخراجهم أكثر من مرة لتفرضهم على الناس كأمر واقع، ولكنها فوجئت برد فعل شديد العنف من الشعب، وصل إلى حد إراقة الدماء في أحداث الاتحادية، وما سبقها من أحداث متفرقة على مستوى الجمهورية.
منذ أن دشنت الجماعة عمل ميليشياتها علنا من خلال ما أسموه آنذاك حماية مجلس الشعب المنحل، ثم بعدها بمحاولة فض مظاهرة "جمعة كشف الحساب" بالقوة، وهدم المنصة والاعتداء على المتظاهرين في ميدان التحرير، وهو ما أسس لحقبة العنف في الشوارع منذ ذلك الحين، وكذلك فعلوا في تهديد المحاكم في قضية تزوير بيانات المرشح الرئاسي أبو اسماعيل، ثم حصار المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي، وتهديد وزارة الداخلية وسب وزيرها علنا، ومحاصرة النيابة العامة وإجبارها على إطلاق سراح أحد عناصرهم الذي ضبط بحوزته سلاح آلي، وغيرها العديد من الحوادث التي أسست لحقبة اللاقانون والفوضى وهدم القضاء، ناهيك عن قرارات الرئيس المنتهكة للقانون والدستور.
وفيما يبدو أن رسالة العنف التي أرسلها الشعب ردا على محاولات فرض نظام الميليشيات عليه، وردا على هدم القانون، لم تجد من يفهمها حتى الآن، ويبدو أن محاولاتهم المستمرة لن تنتهي إلا باحتراب أهلي واضح، يتصدى فيه الشعب بكل ما يملكه من وسائل لتلك الأقلية التي تسعى لاختطافه وتخويفه، وفرض سطوتها عليه بالقوة، وربما تنتهي بفرض الإتاوات عليه مقابل الحماية، كما تفعل الميليشيات في العديد من الدول الساقطة.
وليس غريبا ولا مستغربا، أن يصمت من يعتبر نفسه مسؤولا عن الدولة إزاء محاولات الإجهاز على ما تبقى منها، فهو لم يحرك ساكنا من قبل، إزاء كل ما يدور على أرض الوطن، وكأنه لا يعنيه، أو وكأن ما يدور ضمن خطة مسبقة التجهيز، تنفذها جماعته وأعوانها، بل ويشارك فيها النظام نفسه، بتهيأة المناخ لإسقاط الدولة، عبر السماح بإشاعة الكراهية في كل مكان فيها، وإهمال شعبها، وإسقاط قوانينها، وعدم الحفاظ على مؤسساتها الراسخة.
المزيد من أعمدة جمال دربك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.