من أعلى برج القاهرة، وفي مدة زمنية لا تتجاوز الدقيقة الواحدة، إلا أنها خلفت مشهدا مأساويا يصعب رؤيته ويتألم كل من يتذكره، اتخذ "نادر. م. ج" طالب كلية الهندسة جامعة حلوان قراره بالانتحار، وإلقاء نفسه من أعلى برج القاهرة أطول مباني القاهرة وأعلاها. لحظة انتحار طالب كلية الهندسة، والتي وثقتها كاميرات المراقبة في برج القاهرة، تثبت عزمه على اتخاذ قرار الانتحار، وهو ما كشفه أصدقاء "نادر" بعد انتحاره، من أنه كان يمر بظروف نفسية صعبة قبل قدومه على تلك الخطوة و الانتحار من اعلي برج القاهرة. الشاب الذي لم يتجاوز عقده الثاني، والذي لقى مصرعه في الحال، والذي انضم إلى تعداد حالات الانتحار التي تزداد يوما بعد يوم، كشف صديقه الذي كان برفقته لحظة انتحاره في تحقيقات النيابة أنه كان يعاني من أزمة نفسية شديدة في الفترة الأخيرة وأنه اصطحبه لبرج القاهرة في محاولة منه للتخفيف عنه، ومساعدة في الخروج من تلك الأزمة النفسية، إلا أنه ورغم محاولة صديقه للتخفيف عنه كان عازما على تنفيذ قراره، تحت الضغوط النفسية. اكتئاب سوداوي الفيديوهات والمشاهد التي وثقفت لحظة انتحار الطالب "نادر"، تثبت أنه كان يعاني من مرض نفسي يعرف باسم الاكتئاب السوداوي، وفقا لما كشفه الدكتور «جمال فرويز» استشاري الطب النفسي، والذي قسم المرض النفسي إلى قسمين أولهما مرض نفسي عبارة عن انفصام وهلاوس، والآخر مرض نفسي بمثابة اكتئاب سودوي وهو الذي ينطبق على حالة طالب الهندسة المنتحر. جهل بخطورة المرض النفسي حالة "نادر" والتي كشف عنها صديقه وكشف عنها أستاذه الجامعي من أنه تلقى رسالة من أحد طلابه يخبره فيها رغبته في الانتحار نتيجة الظروف الصعبة التي يمر بها، دفعت «فرويز» للتأكيد على أن رغم تزايد حالات الانتحار خلال السنوات الأخيرة إلا أن غالبية المصريين لا يدركون حتى تلك اللحظة خطورة المرض النفسي، وما يسببه من آثار سلبية في نفسية صاحب المرض النفسي. مصر في المرتبة ال 79 عالميا ووفقا ل أستشاري الطب النفسي، فإن مصر وإن كانت معدلات الانتحار فيها أقل من المعدلات العالمية إذ تحل في المرتبة 79 على مستوى العالم، وتحل في المرتبة الرابعة عربيا، إلا أن تلك المعدلات تحتم على الجميع وفي مقدمتهم الدولة لاتخاذ خطوات حقيقية لمواجهة تلك الحالات، وزيادة وعي الأسرة المصرية بخطورة المرض النفسي، وكيفية التعامل السليم مع أصحاب هذا المرض. تدهور في سن المراهقة وشدد «فرويز» على خطورة الضغوط التي يعاني منها الشخص، والتي يجب التغلب عليها أول بأول، لما تسببه تلك الضغوط بما يسمى "تدهور سن المراهقة" وهو ما يفسر سبب زيادة حالات الانتحار بين الشباب خاصة في فترات المراهقة العمرية. الظروف الاقتصادية ليست حجة وفي الوقت الذي أرجع فيه كثيرون تزايد عمليات الانتحار إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، نفى «فرويز» تلك التكهنات، مؤكدا أن الظروف الاقتصادية لم تكن نهائيا سببا للانتحار بدليل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها الدولة المصرية والشعب عقب هزيمة يونيو عام 1967 حيث لم تشهده تلك الفترة حالات انتحار رغم الظروف الصعبة التي مرت بها الدولة والشعب، وهو ما يرجح أن تلك الحالات ترجع للضغوط النفسية.