تعددت حالات الانتحار في مصر في الأونة الأخيرة، بسبب غلاء أسعار السلع الأساسية والضرورية في حياة المواطنين، حيث أخذها البعض على أنه الحل الوحيد أمامه للتخلص من أعباء المعيشة اليومية، والهروب من ضعفهم أمام ابنائهم لعدم تلبية احتياجتهم، وهو ما أرجعه الطب النفسي إلى أنه "اكتئاب سودوي" يتراكم نتيجة ضغوط الحياة، محذرًا من تكرره في الفترة المقبلة، إذا باتت الحكومة محلك سر دون النظر للمواطن ولحالته الاقتصادية. يلقى نفسه وطفلتيه في مياه النيل ببنها وشهدت مدينة بنها بالقليوبية، اليوم الأربعاء، حادثا مأساويا، حيث قام أب بإلقاء نفسه وطفلتيه في مياه النيل بعدما عجز عن توفير أموال لشراء ملابس العيد لهما، وبالتحريات تبين أن الأهالي تمكنوا من إنقاذ الأب فيما لقيت الطفلتين مصرعهما.
انتحار مواطن تحت عجلات القطار في الثالث عشر من يونيو الماضي، لقى رجلا أربعينيًا مصرعه، بمركز دشنا بمحافظة قنا، عقب انتحاره بوضع عنقه على خطوط السكك الحديدية، و أفادت تحريات المباحث الجنائية بأن ضائقة مالية تسببت في عجزه عن الإنفاق على أسرته ما دفعت المواطن للانتحار.
انتحار رب أسرة شنقًا وفي السادس من أكتوبر الماضي، تكررت نفس حالة الانتحار لرب أسرة في العقد السادس من عمره، في منطقة حي عرابي بمدينة كفر الزيات، حيث قرر التخلص من حياته شنقًا داخل منزله، لفشله في تدبير نفقات المعيشة، والوفاء باحتياجات أسرته. وكشفت التحريات عن الظروف المعيشية الصعبة التي مر بها المتوفى في الفترة الأخيرة، حيث يعول 3 أبناء ولدين وبنت، في مراحل مختلفة من التعليم، إضافة إلى زوجته، ربة منزل بدون عمل.
ولا يختلف الحال في يناير الماضي، فهدد أحد المواطنين ويدعى سليمان عمران سليمان، عامل باليومية، ولديه 6 أبناء لا تتعدى أعمارهم السابعة، بقتل نفسه وأسرته، بعد بؤس حاله وعجزه على تحمل المعيشة، خاصة أنه لا يتقاضى أية معاشات رغم أنه بات على بعد 4 سنوات من سن ال65.
انتحار ربة منزل في الثامن عشر من سبتمبر لعام 2015، انتحرت سيدة تدعى صفاء حمدي، 32 سنة، ربه منزل ومقيمة بمركز بني مزار، عن طريق إلقاء نفسها أمام القطار، بعد مشاجرة مع زوجها بسبب الفقر وسوء الظروف المعيشية وعدم مقدرته علي توفير أبسط احتياجاتها في الحياة.
خلافات على مصروف المدرسة ومن حالات الانتحار الشهيرة التي تدوالها السوشيال ميديا بشكل مكثف واقعة انتحار مواطن يدعي فرج رزق فرج، 48 سنة، ويعمل سائق، شنقا على لوحة إعلانية بالطريق الصحراوي السريع بين القاهرة والإسماعيلية في 24 من سبتمبر عام 2015، بسبب خلافات مع زوجته على مصروفات أبنائه في المدرسة.
حالة يأس واحباط تؤدي للانتحار في ضوء ما سبق أوضح الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطبي النفسي في جامعة القاهرة، إن لجوء بعض المواطنين في العقد الثاني من أعمارهم إلى الانتحار على أنه الحل الوحيد أمامهم للتخلص من أعباء الحياه وعدم قدرتهم الاقتصادية على المعيشة يعتبر احباط شديد ويأس ناجم عن العجزعلى استطاعة المعايشة خاصة أن هؤلاء في عمر المراهقة، فتغلبهم لحظات الضعف.
اكتئاب سودوي وأضاف "فرويز"، في تصريح خاص ل"الفجر"، أن اتجاه الفئة العمرية الكبيرة فيما فوق الثلاثين إلى الانتحار يعتبر اكتئاب سودوي؛ نتيجة تراكم الأعباء على مدار عمره، لافتًا إلى أن جين الاكتئاب بينمو على مراحل إلى أن يصل إلى نهايته السودوية التي تؤدي تصور له أن الحل هو انتهاء حياته. تكرار الحالات وحذر أستاذ الطبي النفسي في جامعة القاهرة، من تكرر عملية الانتحار لدى بعض المواطنين في المرحلة المقبلة، نتيجة ضغط الحياه، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه. وطالب أستاذ الطبي النفسي في جامعة القاهرة، الحكومة بالتسرع لحل أزمة ارتفاع الأسعار، والتحدث مع المواطنين عن طريق المؤتمرات الصحفية وشرح للمواطن الظروف التي تمر به البلد بشكل يستوعبه، والابتعاد عن التصريحات الاستفزازية التي تتسبب في بؤس حال المواطن- بحسب قوله.
ضعف وعدم إدراك أصول الدين من جانبها أكدت الدكتورة سامية خضر صالح، استاذ علم الاجتماع، أن لجوء المواطنين إلى الانتحار "ضعف"، ويشير إلى أن الشاب المصري غير قادر على الإنتاج، بالإضافة إلى أنه يوضح أنهم لا يفقهو أصول الدين. وترى "خضر"، في تصريح خاص ل"الفجر"، أنه لابد من تجديد الخطاب الديني، وتكثيف دور الأزهر في وتوحيد الخطب التي تحس المواطن وخاصة الشباب على العمل والاجتهاد، وابتعاد الإعلام عن التركيز على السلبيات، وتقديم مادة إعلامية تساعدهم على النشاط وليس الإحباط- بحسب قولها.