محافظ جنوب سيناء: إنشاء 45 منزلا بدويا لأهالي وادي مكتب وتجمع الندية    رئيس جهاز دمياط الجديدة: إنهاء ملاحظات الاستلام النهائي لمحطة مياه الشرب    المسافة قد تزيد ل675 كيلومترا.. وزير النقل: دراسة مد القطار الكهربائي السريع إلى قلب الإسكندرية    باحث: إسرائيل لم تبدأ عملية موسعة برفح الفلسطينية.. ومواقف أمريكا متناقضة    الدكتور أحمد عبدالعزيز: لا يوجد منزل قائم على الأرض من شمال غزة لجنوبها    نجم الزمالك يفجر مفاجأة: «لعبت ماتش القمة مع الأبيض وأنا موقع للأهلي»    دورات تنمية سياسية لأعضاء برلمان الشباب في دمياط    خوفا من محاولة خطف.. إصابة سيدتين قفزتا من توكتوك في الدقهلية    مسرحية "صنع الله السيد في حاله".. دعوة لتعزيز الانتماء وحب الوطن    كيف تلاحق وزارة الكهرباء المخالفين وسارقي التيار بالمحاضر القانونية؟    مجلس عمداء كفر الشيخ يبحث استعدادات امتحانات الفصل الدراسي الثاني    أزمة في الدوري الإنجليزي.. تعرف على السبب    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    بعد رحيله.. مسيرة عطاء وزير النقل السابق هشام عرفات    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية وبيطرية بقرى مطوبس    نصائح مهمة يجب اتباعها للتخلص من السوائل المحتبسة بالجسم    مستشفى الكلى والمسالك الجامعى بالمنيا.. صرح مصري بمواصفات عالمية    رئيس "رياضة النواب": نسعى لتحقيق مصالح الشباب حتي لا يكونوا فريسة للمتطرفين    أمين الفتوى يكشف عن طريقة تجد بها ساعة الاستجابة يوم الجمعة    إسماعيل هنية: طوفان الأقصى اجتاحت قلاع الاحتلال الحصينة.. وتذل جيشا قيل إنه لا يقهر    21 ضحية و47 مصابا.. ما الحادث الذي تسبب في استقالة هشام عرفات وزير النقل السابق؟    ضبط عاطل بحوزته كمية من الحشيش في قنا    أمير عيد يكشف ل«الوطن» تفاصيل بطولته لمسلسل «دواعي السفر» (فيديو)    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    «أونروا»: نحو 600 ألف شخص فرّوا من رفح جنوبي غزة منذ تكثيف بدء العمليات الإسرائيلية    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    «الشعب الجمهوري» يهنئ «القاهرة الإخبارية» لفوزها بجائزة التميز الإعلامي العربي    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    بتوجيهات الإمام الأكبر ..."رئيس المعاهد الأزهرية" يتفقد بيت شباب 15 مايو    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    رغم تصدر ال"السرب".. "شقو" يقترب من 70 مليون جنية إيرادات    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رسميًا| مساعد كلوب يرحل عن تدريب ليفربول.. وهذه وجهته المقبلة    رجال أعمال الإسكندرية تتفق مع وزارة الهجرة على إقامة شراكة لمواجهة الهجرة غير الشرعية    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    أحمد موسى: برلمان دول البحر المتوسط يسلم درع جائزة بطل السلام للرئيس السيسي    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    لسة حي.. نجاة طفل سقط من الدور ال11 بالإسكندرية    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    صور.. كريم قاسم من كواليس تصوير "ولاد رزق 3"    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل عامر يكتب :تأثير الاستثمار الدولي على سيادة الدولة
نشر في صدى البلد يوم 17 - 10 - 2012

تشكل الشركات المتعددة الجنسيات اليوم القوة المحركة في النظام الاقتصادي والسياسي الدولي الراهن ، وهي ظاهرة اقتصادية مهمة في مجال العلاقات الدولية ، بحيث أنها تمثل اليوم إحدى القوة المؤثرة في صنع الاحداث والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العالم المعاصر ، وبالتالي أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات تعد بمثابة الحكومة الكونية Global Government كما أضحت تلك الشركات تتحكم في موارد طبيعية هائلة وتسيطر مباشرة على أهم النشاطات الاقتصادية في كل المجتمعات في العالم ، وقد دفع تعاظم نفوذ هذه الشركات إلى خلق نوع قوي من المزج بين الوحدات الإنتاجية والمؤسسات المالية والمصرفية العالمية على الصعيد العالمي.
وتعد الشركات متعددة الجنسية قوة هائلة في الاقتصاد العالمي المعولم ، وتمارس عملها من خلال شبكة معقدة من الهياكل التنظيمية وتنخرط في عمليات الإنتاج الدولي وفق نظام عالمي متكامل يضع تحت إداراتها ما يناهز ثلث الإنتاج العالمي . كما وتعد الشركات متعددة الجنسية المحرك الرئيس لظاهرة العولمة التي تمثل المحدد الاساسي لمسار النمو والتنمية في مختلف دول العالم اليوم.
ويمثل ظهور الشركات متعددة الجنسيات الصورة الجديدة لتنظيم النشاط الاقتصادي في الاقتصادات الراسمالية المتقدمة ، حيث أن الشركة متعددة الجنسية أو عبر الوطنية كما تسمى في بعض الأحيان ، تمثل التجسيد الحي لظاهرة كوكبة الحياة الاقتصادية ، حيث أخذت هذه الشركات تسيطر على العالم ، مخترقة كافة مناطق السيادة الوطنية بسلعها ، خدماتها ، أموالها ، تكنولوجياتها ، اتصالاتها البعدية ، بطاقة ائتمانها وأنماطها الاستهلاكية .
وأخذ نشاط الشركات متعددة الجنسيات يحظى بأهمية كبيرة في العديد من أدبيات السياسة والاقتصاد ، وفي تقارير العديد من المنظمات الدولية ، على رأسها تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD حول الاستثمار العالمي ، نظرا للدور الذي تلعبه في السيطرة على عمليات نقل التكنولوجيا ومؤسسات التمويل وأسواق العمل ومنافذ التسويق وتدفقات وحركة رؤوس الأموال والاستثمار ، وانعكاسات هذا الدور على مستقبل تطور الاقتصاد العالمي.
بدأ التدويل تاريخياً في الاقتصاد يتبادل السلع على نطاق دولي, أي إن السوق الحر سبق الاقتصاد الرأسمالي, ويمثل هذا التدويل في الحياة الاقتصادية اتجاهاً موضوعياً, نحو تحول الأسواق المحلية المغلقة إلى أسواق مفتوحة عالميا. لقد أدى انهيار النظام الإقطاعي والأهمية المتزايدة للتجارة الدولية, وظهور الدولة المركزية القومية, في القرن السادس عشر والسابع عشر إلى ظهور عناصر الفكر التجاري الذي تبلورت أفكاره, على يد مجموعة من الكتاب غير المتجانسين أطلق عليهم قيماً يعد اسم التجاريين أمثال (توماس من, جان كولسيير), لقد تبلورت الموضوعات المشتركة بين التجاريين, بضرورة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية, لتحقيق ميزان تجاري ملائم يحتوي على فائض مع زيادة قوة الدولة الاقتصادية بزيادة عدد سكانها تحقيق تراكم للنقود (المعادن النفيسة) التي تعتبر أساسا للثروة لقد كانت الفلسفة التجارية ترتكز على زيادة تراكم المعادن النفسية, إذ أن ندرة رأس المال يترتب عليها ارتفاع في سعر الفائدة, مما يترتب عليه تخفيض كلأ من الاستثمار ومستوى النشاط الاقتصادي, و لتشجيع الاستثمار يجب تخفيض سعر الفائدة, لتحقيق زيادة في فاعلية النشاط الاقتصادي, مما يؤدي إلى زيادة في رأس المال (زيادة المعادن النفيسة), وعليه كان التجاريون يحبذون ضغط الاستهلاك, وزيادة الادخار لضرورة تراكم المعادن النفيسة, ولتحقيق الزيادة في الاستثمار ومستوى النشاط الاقتصادي, أن الفلسفة التجارية تبلورت في أن زيادة المعادن النفيسة تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتوج وبالتالي زيادة الحافز على رفع وتيرة النشاط الإنتاجي. وعليه تكون العلاقة العكسية بين سعر الفائدة والنشاط الاقتصادي هي العلاقة الثابتة لزيادة فاعلية النشاط الإنتاجي ومن ثم فلقد شهد القرن الثامن عشر الولادة الحقيقة لما يعرف بالثورة الصناعية حيث بدأت التجارة تتوسع على الصعيد الداخلي وامتدادها خارجياً, وأدخلت التحسينات على قطاعي الزراعة, والصناعة وبدأ معدل النمو السكاني بالارتفاع مما جعل قطاعات اقتصادية أخرى في التطور كالنظام المصرفي، وكانت أوربا تتجه نحو اقتصاد السوق, وهذا ما دفع بالتغيير في نمط الإنتاج السائد نحو نمط الإنتاج الرأسمالي, ومنذ ظهور ذلك النمط كان هناك ميل لزيادة حجم الوحدة الإنتاجية النموذجية, باعتبارها الوعاء الذي تتفاعل فيه قوى الإنتاج مع علاقات الإنتاج, أن هذا التفاعل الرأسمالي البسيط القائم على زيادة الإنتاجية للوحدة القائمة بواسطة تقسيم العمل, أدى إلى حدوث الانتقال إلى المشاغل عن طريق جمع حرفيين في عدة اختصاصات في ورشة واحدة , وعليه فأن الرأسمالي يعمد إلى تجزئة عملية الإنتاج في الورشة إلى سلسلة من العمليات وعليه يكون تقسيم العمل بافتراض تمركز وسائل الإنتاج في قبضة الرأسمالي الذي هو مالك البضاعة المصنوعة
إن أبعاد العولمة عديدة ومتنوعة إلا أنها تتبلور في بعض السمات التي تميز زمن العولمة، ويتسم زمن العولمة على سبيل المثال لا الحصر بالاتي  انحسار دور الدولة : يرى كثير من الباحثين تراجعاً"للوطنية" وقد نجحت الشركات متعددة الجنسية في تحديد وتوظيف دور الدولة للتجاوب مع منطقها وتوجهاتها، وبالتالي اقتصر دور الدولة على الدفاع عن السيادة والاستقرار الوطنيين وهو يدافع عن مشروعية الشركات الاستثمارية ، والذي يخدم في نفس الوقت كلا الطرفين في التنمية أي الدولة والشركات، ولذلك فإن ذلك يؤدي إلى تغير في وظيفة الدولة وشكلها.
أن مفهوم سيادة الدولة لهو واحدا من المفاهيم الهامة الذي أهتم به فقهاء القانون و باحثي السياسة على قدم المساواة وذلك منذ أن أبتدعه جان بودان الفرنسي عام 1576 في كتبه الستة عن الدولة، ولا يعدو مفهوم السيادة – كمفهوم قانوني – أن يكون مجرد وصف للقدرة الفعلية للدولة ومن ثم لقوتها، وللسيادة أيضا مفهوم سياسي إلى جانب ذلك المفهوم القانوني السابق فهو يمثل واقعا سياسيا معينا و الذي هو القدرة الفعلية على الإنفراد بإصدار القرار السياسي في داخل الدولة و خارجها و من ثم القدرة الفعلية على الاحتكار الشرعي لأدوات القمع في الداخل وعلى رفض الامتثال لأية سلطة تأتيها من الخارج وتعتبر السيادة هي المميز الرئيسي للسلطة السياسية للدولة و لأهمية هذا المميز نجد إنه أنتقل من كونه صفة إلى أسم فبدلا من أن يقولوا السلطة السياسية ذات السيادة بدأوا يتكلمون عن سيادة الدولة ليقصدوا بها نفس المضمون: استقلال الدولة وعدم خضوعها لأي سلطة أخرى. حيث تتزايد حدة التوتر بين بلدانها على نحو يشبه كثيرا ما حدث في القرن التاسع عشر، وهذا ما يفسر السبب وراء إصابة النخب السياسية باليأس الشديد من أجل الحفاظ على بقاء حلم اليورو حيا مهما تكلف الأمر على ما يبدو. وفي ذات الوقت، تشهد الدول الغربية بالفعل مشاعر في بدايتها تنتشر بين مواطنيها بأن الحكومات الديموقراطية تُحكم من قبل النخب السياسية والأثرياء، وهو ما يؤدي إلى حرمان الأغلبية من حقوقها. ويأتي تصاعد حركة تي بارتي (أو حزب الشاي) في الولايات المتحدة الأمريكية، والظهور الحديث للأحزاب المتشددة في العديد من الدول الأوروبية للدلالة على أنه في أوقات الشدائد ينمو التطرف السياسي. وقد يكون التغيير السياسي وازدياد النفوذ بطيئا، لكنه أصبح الآن محسوسا في كثير من الأسواق الغربية. ويمكنك فقط إلقاء نظرة على التدخل الذي يحمل دوافع سياسية في مجالات الاستثمارات و لوائح عمل الشركات. ويعني هذا من الناحية العملية أن الطريقة التي نتناول بها مجال الاستثمارات ينبغي أن تتغير أيضا. فقد أصبحت المتغيرات الاقتصادية مثل الناتج المحلي الإجمالي وأسعار الفائدة مجرد معايير ضحلة جدا لتقدير حجم المخاطر بالنسبة للدولة.فعلى المستوى الاقتصادي نجد أن سلطة الضبط الاقتصادي انتقلت من الدولة و انتقلت إلى هؤلاء الفاعلين و المتمثلين مثلا في الشركات و التكتلات التي تفرض على العالم أنه أصبح و حدة اقتصادية واحدة تحركه قوى السوق التي لا تحطمها حدود الدولة الوطنية، كما أن الأسواق التجارية و المالية العالمية أصبحت خارجة عن تحكم كل دول العالم، كل هذا يبين على أن العالم أصبح بلا حدود اقتصادية ، فالنظام الاقتصادي اليوم هو نظام واحد تحكمه أسس عالمية مشتركة و تديره مؤسسات عالمية، مما يعني أن الدولة الوطنية لم تعد الفاعل أو المحدد الرئيسي للنشاط الاقتصادي و التجاري على الصعيد العالمي وإنما كما سبقت الشارة لذلك فالفاعلين الاقتصاديين الجدد هم الذين أصبح لهم دور محوري في مجالات الإنتاج و التسويق و النافسة. لذلك يجب على الدولة إعادة صياغة سيادتها و سلطتها و وظائفها خصوصا في مجال رسم و توجيه السياسات الاقتصادية و ذلك تحولها إلى مؤسسة مهمتها تسهيل و تسيير عمليات العولمة في مجالات الإنتاج و الاستثمار و تحركات رؤوس الأموال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.