* قرض الصندوق أحدث تحولًا جوهريًا في الاقتصاد * الإصلاحات لاقت استحسانًا في الداخل والخارج * مستويات التضخم تتراجع لاحقًا توقع معهد كارنيجي الأمريكي للأبحاث السياسية والاقتصادية أمس، الأربعاء، أن الجنيه سيستعيد عافيته، رغم انخفاض قيمته بسبب تطبيق الحكومة، العام الماضي، قرار التعويم، لكن المركز، مشيرًا إلى أن الاقتصاد سيعاني من الارتفاع الشديد في الطلب على الدولار الأمريكي. ووصف المركز الاتفاق الذي وقعته مصر مع صندوق النقد الدولي في 11 نوفمبر 2016 للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار أمريكي مقابل سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، بأنه "أحدث تحولًا جوهريًا في الاقتصاد المصري". وأكد أن الإصلاحات لاقت استحسانًا في الداخل والخارج، أدّى تحرير سوق صرف العملات الأجنبية، الذي أُنجِز في إطار الإصلاحات والذي يتيح تحديد سعر الجنيه من قِبَل السوق بدلًا من البنك المركزي. وتوقع المركز البحثي أن مستويات التضخم سوف تتراجع بعد تراجع تدعيات تعويم الجنيه في المستقبل القريب، وأكد أنه منذ الإصلاحات، يعوّل البنك المركزي على تدفقات العملات الأجنبية لتزويد البنوك بالعملات. وأضاف: "غالبًا ما يعقب التراجع المفاجئ في قيمة العملة بارتفاع تدريجي في إطار ما يُعرَف بالتقلب الشديد في سعر الصرف، فعندما تتراجع قيمة العملة بصورة سريعة، غالبًا ما تكون الأسعار المحلية بطيئة في التكيف مع القيمة الجديدة للعملة على الرغم من التعديلات السريعة في الأسواق المالية، كما أن الاحتياجات من الواردات تُحدَّد في معظم الأحيان في المدى القصير بسبب الموجبات التعاقدية وغياب البدائل الداخلية، ويتراجع الطلب على العملات الأجنبية في المدى الطويل مع تمكُّن الشركات والأعمال المحلية من زيادة إنتاج السلع البديلة عن الواردات، وتزداد الاستثمارات الخارجية بفعل تراجع تكاليف المدخلات الضرورية لإنتاج سلع للتصدير". وتابع: "علاوةً على ذلك، وفي حين خرج البنك المركزي رسميًا من سوق صرف العملات الأجنبية، تساهم كمية الاحتياطيات التي يملكها في تعزيز مصداقية الحكومة المصرية. مع تطبيق الإصلاحات واستلام القرض من صندوق النقد الدولي على دفعات، سوف ترتفع مستويات الاحتياطي، هذا مع العلم بأنها وصلت إلى 26.36 مليار دولار – وهو المستوى الأعلى منذ العام 2011 – ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن تبلغ من جديد 33 مليار دولار، أي المستوى الذي كانت عليه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، بحلول السنة المالية 2018-2019. عبر تعزيز الاحتياطيات لتبلغ أرقامًا أعلى من المتوقّع، سوف يُنظَر إلى الاقتصاد المصري بأنه يقدّم بيئة أفضل للمستثمرين الأجانب، ما سيفضي إلى زيادة الطلب على الجنيه المصري وبالتالي ارتفاع قيمته". وأكد المركز: "أتاح الارتفاع في مستوى الاحتياطيات لمصر الشروع في تسديد المبالغ المستحقّة للدول الدائنة الأجنبية والشركات الدولية – في مؤشر قوي عن الاستقرار المالي". وتابع: "فيما تعمل مصر على تطوير بيئة استثمارية أكثر مرونة وجاذبية بموجب البرنامج الإصلاحي، قد تبدأ أيضًا بتصدير الغاز الطبيعي نحو أواخر العقد الراهن، ويُتوقَّع أن يرتفع إنتاج الغاز الطبيعي المصري من 3.8 مليارات قدم مكعب في اليوم في صيف 2016 إلى 7.7 مليارات قدم مكعب في غضون ثلاث سنوات. فيما لا تزال مصر تستهلك 5.2 مليارات قدم مكعب في اليوم، يمكن تصدير الفائض المتوقع في إنتاج الغاز إلى الأسواق الدولية، الأمر الذي سيساهم في زيادة الإمكانات التصديرية في قطاعَي الصناعات الثقيلة والتصنيع بعد تسوية مسألة النقص في الغاز الطبيعي، وفي الحد من الطلب المصري على واردات الغاز الطبيعي من الخارج، ما يؤدّي إلى تسجيل مزيد من الارتفاع في الطلب على الجنيه". وأكد كارينجي أن "آفاق النمو الاقتصادي في المدى الطويل واعدة، وقد بدأت الإصلاحات باستقطاب قدر كبير من الاستثمارات الخارجية رغم وجود عوامل أخرى يجب أن يتوقف عندها المستثمرون الذين يعتقدون أن العملة هي أصول منخفضة المخاطر، أو أيضًا المستهلكون الذين يتوقعون حدوث ارتفاع في قيمة الجنيه في وقت قريب". ولفت المركز إلى تقرير "تسهيل الصندوق الممدَّد" الصادر عن صندوق النقد الدولي، والذي أشار إلى سعى مصر إلى أن تكون لديها سوق صرف تعمل على أكمل وجه بحلول 30 يونيو، ما يقتضي إلغاء سقف المئة ألف دولار المفروض على تحويلات الأفراد بالدولار إلى الخارج، وسقف ال50 ألف دولار المفروض على الودائع النقدية لاستيراد السلع غير الأساسية، مع رفع مزيد من القيود المفروضة على استخدام العملات الأجنبية في مصر، قد تزيد الضغوط التي تتسبّب بانخفاض قيمة الجنيه، ما يؤدّي إلى تراجع إضافي في مدّخرات معظم المصريين ورواتبهم. واختتم المركز تقريره بقوله: "مما لا شك فيه أنه من شأن ارتفاع قيمة الجنيه المصري أن يمنح اندفاعة كبيرة للاقتصاد والمستهلكين المصريين"، وأن "تحمّل المسؤولية المالية في المستقبل ومواصلة الإصلاحات التي جرى الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي سيجعلان الاقتصاد المصري أكثر قوة في المدى الطويل، ما يؤدّي بالتالي إلى تعزيز قيمة الجنيه المصري، مشيرا ل"تمتع مصر، التي تملك العدد الأكبر من السكان بين البلدان العربية، بالطاقات الاقتصادية الأكبر في الشرق الأوسط، ويُشكّل الاقتصاد السليم والمتنوّع والشامل مفتاحًا أساسيًا لاستثمار تلك الطاقات".