كانت الإسكندرية شاهدة على حقبة من حياة الزعيم جمال عبد الناصر، حيث قضى طفولته فى شارع القنواتى بمنطقة باكوس، فى منزل ظل يراود السكندريين حلم تحويله إلى متحف أو مكتبة توثق حياة قائد ثورة يوليو. "البديل" تجول فى شارع القنواتى بمنطقة باكوس ورصد آراء السكندريين وتطلعهم إلى الحلم الذى طال انتظاره. قال محمد عبد السلام، أحد سكان شارع القنواتى: مثلى مثل أى مواطن من سكان منطقة باكوس نحفظ تاريخ منزل الزعيم عبد الناصر عن ظهر قلب، فقد شهد مولده يوم 15 يناير 1918، قبيل أحداث ثورة 1919، حيث أتى والده قادما من محافظة أسيوط بعد انتقاله للعمل وكيلا لمكتب بريد باكوس، وكان جمال أكبر أبنائه، وأنجب من بعده "عز العرب" و"الليثى" فى المنزل ذاته، وفيه أيضا توفيت زوجته "والدة جمال" عندما كانت تضع مولودها الرابع، وهى اللحظة التى تركت حزنا دفينا فى قلب الزعيم. انتقلت أسرة "عبد الناصر" من وإلى الإسكندرية عدة مرات نظرا لطبيعة العمل إلى أن باع المنزل بمبلغ 3 آلاف جنيه إلى عائلة الصاوى التى قضت فيه عشرات السنين حتى أمر الرئيس أنور السادات بإخلائه لكى يكون متحفا يخلد ذكرى الزعيم جمال عبد الناصر، واشترت محافظة الإسكندرية المنزل ب30 ألف جنيه، وظل على حاله التى يرثى لها حتى كاد أن ينهار بعد أن أصبح مأوى للحيوانات الضالة، ووكرا لمتعاطى المخدرات يأتون إليه بالمساء والناس نيام ويدنسونه بكل قبيح. وقال الحاج محمود درويش: بعد كل الموبقات التى طالت المنزل، وبعد عشرات الاستغاثات والشكاوى التى أرسلناها إلى المسؤولين، قرر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، عام 2005 تحويله إلى مزار سياحى تحت إشراف لجنة خاصة بصندوق التنمية الثقافية قامت بترميمة وعينت له حراسا كانوا يأتون نهارا فقط، وشيئا فشيئا تلاشت الآمال فى تحويل المنزل إلى متحف ينهض بالمنطقة ككل، وقبل ثورة يناير 2011 بأيام قليلة علمنا من مسؤول بوزارة الثقافة أن أسرة الزعيم عبد الناصر تبرعت بكل مقتنياته من أجل وضعها فى ذلك المنزل ليكون متحفا، ولكن ذهب هذا الكلام مع رياح الثورة. وأضافت فوزية رجب: منذ أسابيع قليلة تم وضع لوحة على المنزل مكتوب عليها "مكتبة والد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر"، وبدأ 3 موظفين فى الحضور يوميا حتى الساعة الثانية بعد الظهر، وحتى الآن لم يتم به أي تجهيزات ولم تحضر للمكتبة أي كتب أوماشابه، وكنت أتمنى أن تفتتح المكتبة فى الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو. وقال فوزى محمد، من قاطنى الشارع: إن إقدام المحافظة على تحويل المنزل إلى مكتبة كبيرة باسم والد الرئيس جمال عبد الناصر أمر جيد سيسهم فى تعميق الثقافة لدى المواطنين وخاصة الشباب، وإن الاهتمام بالقراءة فى منزل واحد من زعماء الوطن العربى أمر مشرف، لكن متى سيتم افتتاحها، فقد قالوا إنها ستكون متحفا يضم مقتنيات الزعيم ولكن لم يف أحد من مسؤولى وزارة الثقافة بهذا الوعد. وأضاف محمود داوود: أتمنى أن يتم تطويروترميم المنازل المجاوزة لمنزل عبد الناصر كسياق جمالى للمكتبة التى نتمنى افتتاحها قريبا، لأن البيوت المجاورة قديمة وبعضها معرض للانهيار، ومازلنا نأمل خيرا خاصة بعد إعادة رصف الشارع. من جانبه، قال النائب كمال أحمد: اسم عبد الناصر لا ينحصر فى منزل تاه عنوانه فى الإسكندرية وتشتت القرار بشأنه بين تحويله إلى متحف أو مكتبة أو تركه دون اهتمام، فالزعيم أعظم بكثير من ذلك، مشيرا إلى أن الحديث عن الزعيم لا ينتهى لأنه هبة من السماء لمصر والأمة العربية بالكامل، وعلامة نهضة ورمز بارز فى تاريخ الأمة العربية ومسار الحراك العالمى، وعشاق عبد الناصر بالملايين ولا يمكن حصرهم، والاهتمام بكل الأشياء التى تخص عبد الناصر أمر بديهى من المفترض أن يتم بدون مطالبات. يذكر أن جمال عبد الناصر، التحق بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، واشترك فى أول مظاهرة له وهو فى طالب بالثانوية فى مدرسة رأس التين، وكانت فى ميدان المنشية من تنظيم حزب مصر الفتاة، وتم القبض عليه وقضى يوما فى الحبس بأحد أقسام الإسكندرية وأخرجه والده فى اليوم التالى، ومن هنا كانت ولدت نوازع الزعامة داخل جمال عبد الناصر، وأصبحت الإسكندرية من أهم الأماكن التى يهواها قلبه، وكان يقضى فيها معظم إجازاته.