تمتلك محافظة الغربية حرف نادرة كفيلة أن تؤهلها للعالمية عبر تصدير منتجاتها للأسواق العربية والغربية، وإثراء منتجي تلك الحرف وتوفير فرص عمل للشباب ودعم الاقتصاد المصري، حيث تمتلك محافظة الغربية قرى منتجة لعدة صناعات كالسجاد والحرير اليدوي والمفروشات والصدف والسيراميك والفخار والجريد والعطور والزجاج والحديد، ورغم انتشار هذه الصناعات الحرفية المتميزة على مستوى المحافظة إلَّا أن معظمها يعاني مشكلات كثيرة تهدد عجلة الإنتاج بها، وتساهم في انقراض هذه الحرف على المدى الطويل. شهدت تلك الحرف تدهورًا واضحًا خلال الفترة الأخيرة، وعانى أهلها البطالة ومشكلات كبيرة في الحصول علي المواد الخام ومجالات التسويق التي توقفت وما زالت الدولة تصم آذانها عن صرخات الحرفيين. قرية محلة مرحوم التابعة لمركز طنطا يشتغل معظم سكانها البالغ عددهم 40 ألف نسمة تقريبًا بحرفة العقادة منذ أعوام طويلة، وتعتبر تلك القرية منبع صناعة «العقادة» على مستوى الجمهورية، ورغم ذلك فتلك الصناعة الحرفية مهدده بالانقراض، وكذلك المصانع والورش بالقرية مهددة بالغلق، مع العلم أن هذه المصانع يعمل بها من أول الصبي الصغير في إجازة الصيف والنساء بالمنازل والبنات بالمصانع والرجال «الصنيعية» كل ذلك مهدد بالانهيار لأسباب عديدة، رغم أن هذه الصناعة هي مصدر الدخل الوحيد لهؤلاء الحرفيين. قال محمد أحمد المسيري، من أبناء القرية وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد: القرية تشتهر بهذه الصناعة وتنفرد بها على مستوى الجمهورية، وعدد الورش بالقرية يصل إلى 300 ورشة تتعامل مع أنواع الأثاث كافة، إلَّا أن هناك مشكلات تواجه أصحاب الورش، خاصة في ارتفاع سعر المواد الخام. واتهم المسيري وزارة الصناعة بعدم الاهتمام بهذه الصناعة قائلًا: نعاني من مشكلات كثيرة كفيلة بأن تقضي على الحرفة؛ أهمها توفير المواد الخام، مطالبًا الحكومة بضرورة إنشاء مصنع؛ للمساهمة في توفير المواد الخام اللازمة كخطوة مهمة جدًّا للاهتمام بالصناعة وتطويرها. وأشار المسيري إلى أن صناعة العقادة المقصود بها صناعة مشغولات الحرير اليدوي، وبرع فيها أهالي قرية محلة مرحوم، وكانت تلك المهنة جاذبة في إجازة نهاية العام لتلاميذ وطلاب المدارس، حيث كان يحرص أولياء الأمور على أن يتعلم أبناؤهم تلك المهنة من الصغر، يوم أن كانت تشمل جزءًا كبيرًا من الفن الراقي برسوماته المختلفة والمبهرة، لكن منذ سنوات بدأت تلك المهنة تتعرض لحالة من الاغتيال المعنوي؛ بسبب ارتفاع سعر المواد الخام بعد غلق المصانع التي كانت تنتج المواد المستخدمة في تلك الصناعة، فضلًا عن البديل المستورد، وأصبحت شأنها شأن فوانيس رمضان التي أتت إلينا من الصين. وأضاف أنه كان هناك إصرار من حرفي القرية على ممارسة هذه الصناعة اليدوية من أجل لقمة العيش وبقاء هذه الصناعة في أماكن كثيرة بجميع أنحاء الدولة، باستخدام المواد الخام المستوردة، مجبرين عليها من أجل العمل والاجتهاد للسعي للرزق دون اهتمام من الحكومة وكان الله هو الموفق والرازق حتى جاء اليوم الذي تحارب فيه تلك الصناعة من دولة الصين، دون اهتمام من المسؤولين في الدولة مناشدًا المسؤولين النظر في مشكلات عمال العقادة نظرة اهتمام من أجل الأسر التي تعمل في تلك المهنة والحفاظ على الحرفة من الانهيار. ومن حرفة العقادة بطنطا إلى حرفة صناعة الحديد، التي تشتهر بها مدينة زفتى بمحافظة الغربية منذ سنوات بأشكاله ومستخرجاته كافة؛ من عربات الكارو ومقطورات النقل الصغيرة والكبيرة وجميع لوازم الفلاح المصري من كماليات الجرار الزراعي محراث وحفار ودارسة محصول القمح والأرز، كما تقدمت مدينة زفتى في صناعة خطوط إنتاج مصانع الطوب الطفلي، وكانت تصدر الخطوط للعديد من الدول، ومنذ عامين تحديدًا بدأت الصناعات في الركود، ولجأ العديد من الصناع إلى تغيير مهام عملهم وتغيير مسار العمل؛ بسبب غلاء الأسعار وقلة المبيعات. قال محمد سعدات، صاحب ورشة لصناعة المقطورات: مع أن الحديد من الصناعات الثقيلة التي تحظى باستقرار الطلب وكثرة استعمالها ومشتقاتها، إلَّا أن هناك ظاهرة تؤدي لخراب بيوت العاملين في المجال، وهي الركود الذي تسبب في وقف الحال وتشريد العمال، لافتًا أن مهنة الحدادة بها الكثير من الأخطار التي تهدد سلامة العاملين في الورشة، فقد تتسبب بجروح وضيق في النفس إضافة لضعف النظر الناجم عن دخان اللحام وقص الحديد، بالإضافة لكونها متعبة وشاقة جدًّا وتحتاج لتركيز وقوة بدنية لا تتوفر لدى جميع الأشخاص، مؤكدا أن العمل يشهد حالة من الركود الاقتصادي؛ بسبب ارتفاع أسعار الخامات، مبينًا أن الإهمال من جانب المسؤولين تسبب في تراجع صناعة الحديد وهجرها أصحابها إلى صناعات أخرى بعد أن عانوا العديد من المشكلات دون وجود حلول من المسؤولين. ويرى اللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية، أنه حريص على الاهتمام بالحرف اليدوية النادرة التي توجد بالقرى لقيمتها التاريخية، مما دفعه إلى إقامة أسواق لأصحابها وتوفير أماكن لعرض منتجاتهم ودعمهم ماليًّا، في محاولة من المحافظة وجمعية رجال الأعمال ووزارة الاستثمار للحفاظ على ما تبقى من هذه الحرف، لافتًا إلى أن المشروع القومي «مشروعك» ساهم بشكل كبير في دعم التنمية المجتمعية وزيادة دخل الأسرة ورفع المستوى المعيشي وخلق فرص عمل للشباب، حيث وفرت هذه المشروعات التي تم تنفيذها بالفعل على مستوى المحافظة ألفًا و172 فرصة عمل للقضاء على البطالة. وشدد محافظ الغربية على تسهيل الإجراءات كافة لأصحاب المهن والحرف اليدوية، للتيسير على المواطنين في الحصول على القروض، وتشجيع الشباب للتوجه لعمل مشروعات صغيرة وعدم انتظار الوظيفة الحكومية، موضحًا أنه تم افتتاح عدد كبير من هذه المشروعات وتقديم التمويل المناسب لمشروعات أخرى تقدم بها الشباب وأصحاب الحرف المختلفة.