تتحدى قرى محافظة المنوفية البطالة والفقر على طريقتها الخاصة بعيدا عن أجهزة الدولة التى رفعت يدها عنها، حيث يعتمد أهلها على أنفسهم عملا بالمثل القائل "ما حك جلدك مثل ظفرك "، و توارث الأجيال جيلا بعد جيل حرفة أو صنعة اشتهرت بها 18 قرية . هنا تجد الشباب مثل خلية النحل داخل الورش والسيدات داخل البيوت ليتم تجميع المنتج وتوريده للأماكن الشهيرة، مثل خان الخليلى بالقاهرة ومنها لجميع دول العالم لتفترش قصور الاثرياء، لكن المشكلات عديدة والمطلوب دعم هذه التجارب المدهشة كسوة الكعبة تعد صناعة السيرما من أقدم الأعمال اليدوية التى تفوق فيها أبناء قرية شما، حيث تتميز بالفن الرفيع والنقوش المبهرة والتى بدأت صناعتها مع "كسوة الكعبة" منذ عهد محمد على. هذه القرية تعد نموذجا فى العمل اليدوى لكل أعمال الخشخان وتجليد كسوة الكعبة وقنديل الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم واللوحات المطرزة خاصة الخطوط القرآنية التى تحاك على التابلوهات وتتعرض تلك القرية لأزمة كبرى تهدد هذه الصناعة بالانقراض، وأهلها واقفون بين كساد منتجهم وانتشار المقلد الوارد من سوريا وبين غياب دور الدولة فى دعم هذه الصناعة وإقامة معارض تسويقية فى الداخل والخارج. “الأهرام" التقت أحمد خليل أقدم من عمل فى تلك الحرفة منذ أوائل الثمانينات وصاحب ورشة مشغولات يدوية يعمل بها نحو 100 شاب تقلص إلى 25 حاليا . يقول، إننا نخشى أن تنقرض هذه الصناعة الحرفية القديمة نتيجة كساد المنتج والذى يظل يعمل به الشباب أكثر من شهرين للانتهاء منه ونبيع منتجاتنا بشكل محدود لا يغطى احتياجات العاملين فى هذه الصناعة، ونطالب أجهزة الدولة المعنية بتوفير معارض خارجية مدعومة من الدولة لعرض هذه المنتجات التى تفوقنا فى صناعتها على دول تركيا وتونس والهند. ويقول سمير على عطية إننى أعمل فى تلك الحرفة منذ 9 سنوات عقب تخرجى فى كلية التربية الرياضية، وكان عددنا فى البداية نحو 3 آلاف شاب فى ورش القرية تقلصنا إلى 400 شخص الآن بسبب عدم الاهتمام بنا من الدولة، حيث يطلب الصندوق الاجتماعى منا لكى نشارك فى معارضه سحب قرض بفائدة تكون كبيرة، ثم نشارك فى معارض فى أطراف معرض القاهرة الدولى لا يصل إليها زبون، ثم يحاسبوننا على المواصلات وسعر المتر ب 300 جنيه فى المعارض، فكيف نستمر فى تلك المهنة؟. ويشير محمد أبو العينين عامر إلى صعوبة التصدير مباشرة من القرية للخارج، حيث توجد العديد من العراقيل للخروج بالمنتج من مصر ولو استطعنا الخروج به يكون المطلب فى البلاد العربية مراجعتها اسلاميا وطلب شهادة من الأزهر والسجل التجارى وبطاقة ضريبية، فيكون الخيار الوحيد أمامنا بيعها للتجار فى خان الخليلى ،ووصل سعر لوحة باب الكعبة حاليا لنحو 150 جنيها، بعد أن كنا نبيعها فى التسعينات ب 600 جنيه، ناهيك عن الضرائب الباهظة التى تفرض علينا. حرير أبو شعرة “أنامله تلف - كما يقولون - بالحرير" ربما يكون ذلك المثل قد تم إطلاقه من تلك القرية بالذات قرية "أبو شعرة "، فقد نسج أهالى قرية أبو شعرة على حوائط قصر الإليزيه بفرنسا أجمل اللوحات الفنية المصنعة بأيادى شباب وأطفال القرية، واستطاعوا أن يتبوأوا مكانا متقدما بين أفضل الدول التى تشتهر بصناعة السجاد اليدوى على مستوى العالم، يعمل 80٪ من سكانها فى صناعة السجاد الحرير، حيث يبدأ العمل من سن خمس سنوات . وتقوم قرية ساقية "أبو شعرة" بمركز أشمون، بتصدير نحو3500 متر مربع سنويا من السجاد المصرى الذى يتم الاحتفاظ به فى القصور والمتاحف العالمية، وتعد من أرقى الصناعات اليدوية فى مصر والاعتماد الأساسى فى بيعها على الأجانب الوافدين لمصر . وأشار قدرى عبد النبى أمين صندوق جمعية السجاد فى أبو شعرة، إلى أن المهنة فى الفترة الأخيرة،تواجه شبح الانقراض، حيث تكررت الشكوى من بعض الأسر المنتجة من عدم توفير خامات الحرير اللازمة لصناعة السجاد وعدم تعامل وزارة التضامن الاجتماعى معها بالشكل الصحيح على عكس ما تقوم به إيران للنهوض بتلك الصناعة، وكان المعرض الأخير لا يليق بمستوى تلك الصناعة التى باتت مهددة بالانقراض بعد أن كانت الأولى فى الشرق الأوسط. ومن جانبه أكد مسعد عمران رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية صناعة السجاد اليدوى بالمنوفية، أن وزارة التضامن توقفت عن دعمهم بالخامات والتمويل وامتنعت عن شراء المنتج، مما أدى إلى ركود تام فى صناعتنا التى نالت شهرة عالمية واسعة، فى حين أرجع الكثيرون أسباب التراجع فى هذه الصناعة إلى انخفاض حركة السياحة بشكل ملحوظ، واحتكار رجال الأعمال للمادة الخام والخيوط التى تدخل فى تلك الصناعة، مما يهدد حياة نحو 4500 عامل يعملون بصناعة السجاد اليدوى خاصة الحرير، بالرغم من أن القرية تحتل المركز الأول فى هذه الصناعة .