أظهر البيان التحليلي للموازنة العامة للدولة 2016 2017 المعروضة أمام البرلمان، ارتفاع نسبة الأجور في بعض القطاعات وانكماش أجور قطاعات أخرى، حيث حظى قطاع القضاء والشرطة برزيادة وصلت إلى نحو 14%، وهي أكبر زيادة في موازنة الأجور، في حين جاءت زيادة العاملين في قطاعات أخرى كالتعليم 3%، والصحة 4.6%، مما يوضح عدم تطبيق الزيادة في الأجور بين القطاعات بفس المقدار. البيان المالي للموازنة الجديدة كشف أيضًا عن عدم المساواة في مخصصات تلقي العلاج بين بعض القطاعات، حيث خصصت الحكومة في الموازنة 1.3 مليون جنيه للمجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين، الذي أنشأته الدولة عقب ثورة يناير لرعاية أسر شهداء الثورة وعلاج مصابيها، في حين خصصت ما مقدراه 291 مليونًا تحت بند منح ومساعدات للأمن والشرطة، وأوضحت في تفاصيله أن هذا المبلغ تم رصده لعلاج ورعاية ضباط الشرطة والمحالين للمعاش وأسرهم من الضباط، في دلالة واضحة على أن الحكومة تسعى لزيادة رواتب بعض القطاعات على حساب ميزانية الصحة والتعليم، وفق المنصوص عليه بالدستور، بحجة عدم وجود مخصصات مالية. وقد تتعرض الموازنة لعدم الدستورية، كما أشار رئيس لجنة الخُطة والموازنة بمجلس النواب، الدكتور حسين عيسى، خلال اجتماع اللجنة، أمس الثلاثاء، بأن النسب الدستورية للتعليم، والصحة تمثل إشكالية كبرى؛ لأنها لم تتحقق في الموازنة العامة، مضيفًا أن البرلمان لا يملك تمرير موازنة مخالفة للدستور، وهذا أمر لا يتحمله أحد في مجلس النواب، والوزراء متفقون على ذلك، وخصوصًا أن الموازنة تصدر بقانون. وعلق النائب عبد الحميد كمال بأن الموازنة التي لا ترتكز على العدالة والوضوح في توزيع الأجور بين قطاعات العاملين بالدولة تعبر عن مدى الخلل التي وضعت عليه، قائلًا: إن ذلك الخلل يؤكد حتمية إعادة النظر في بنودها بما يتلاءم مع مراعاة العدالة بين المواطنين كافة في مختلف القطاعات. وأضاف كمال أن ما وصلت إليه اللجنة الاقتصادية فيما يخص الموازنة هو بيت القصيد؛ لأنها لم تعبر بشكل عادل عن توزيع نسب الأجور لتحقيق التوازن بين الخدمات المقدمة والقطاعات العاملة بالدولة، متوقعًا أن تتم إعادة النظر في الموازنة لمخالفتها الدستورية فيما خُصص للتعليم والصحة. وقال الدكتور زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي: الحكومة تركز للعام الثالث على التوالي على معالجة عجز الموازنة بتحجيم الأجور في بعض القطاعات، وتقليص الدعم عن بعض الخدمات، ظنًّا بأن ذلك هو الحل لأزمة الموازنة، وهو ما يعكس التصور الخاطئ للحكومة، حيث كان من المفترض أن تتم زيادة الأجور في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار. وأضاف الشامي أن ضغط حصص الأجور لبعض القطاعات لزيادة إيرادات الدولة، تقابله زيادة بعض القطاعات الأخرى وكبار الموظفين بزيادات الرواتب، وتجنب خفض أجورهم، وهو ما يضرب بمفهوم العدالة الاجتماعية عرض الحائط، بين فئات المجتمع. وأوضح أن عدم الالتزام بمخصصات التعليم والصحة في الدستور ليس بجديد على الحكومة في عدم الالتزام بالبنود الدستورية، موضحًا أن الحكومة كان لديها وقت كاف لتعديل الموازنة بما يتواكب مع متطلبات المجتمع إلَّا أنه ليس هناك نية لاتخاذ هذه الخطوة.