دائمًا ما يصاحب موضوع إغلاق مكاتب لقناة الجزيرة الكثير من اللغط ما بين مؤيد لهذه الخطوة ومعارض لها، ولكن تكرار هذه الظاهرة من المحيط إلى الخليج في العديد من البلدان العربية، بداية من فلسطين عام 2001، فالمغرب، ثم الأردن والكويت والسودان والجزائر، مرورًا بسوريا ومصر، وانتهاء بالعراق، جعل هناك خصوصية في التعامل مع قناة على كونها مؤسسة إعلامية تعمل وفق أجندة تم ترتيبها مسبقًا من قِبَل قطر بتعاون دولي؛ لتأدية دور معين في المنطقة العربية. والأمر الذي أطر لهذه الفكرة ودفعها بقوة للخروج للعلن هو غياب المنحى الديمقراطي للسياسية الداخلية في قطر عن شاشتها، فلا نكاد نرى فيها الانقلابات الداخلية التي طالت هرم السلطة فيها، ولا القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة فيها، ولا أصوات المعارضة القطرية وانتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة لتعتيمها على الانتقادات الحقوقية من منظمات دولية لأوضاع العاملين الأجانب على الأراضي القطرية. قرار إغلاق مكتب قناة الجزيرة في العراق قررت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية سحب رخصة قناة الجزيرة القطرية وغلق مكتبها في بغداد، وذلك بعد اتهامها بمخالفة الضوابط الحكومية الصادرة في 2014 لتنظيم وسائل الإعلام في زمن الحرب على الإرهاب. وأرسلت الهيئة كتابًا إلى مكتب قناة الجزيرة يعلمها بقرار مجلس الأمناء الذي اتخذ في نهاية مارس الماضي، والذي يقضي بسحب الرخصة وغلق المكتب لمدة عام. أسباب غلق المكتب أوضح مجلس الأمناء أن القرار جاء "نظرًا لاستمراركم بممارسة الخروقات والمخالفات والتمادي بالخطاب الإعلامي المحرض على العنف والطائفية، رغم مطالبتكم لأكثر من مرة وإعطائكم الفرصة لتحسين خطابكم الإعلامي بما ينسجم مع مدونات ممارسة المهنة". وقال حافظ الميرازي المدير السابق لمكتب الجزيرة إن "الجزيرة نفذت مهمتها في أن تجعل قطر اسمًا شهيرًا مؤثرًا في الساحة السياسية، في إحدى المراحل كانت أداة قوية للسياسة الخارجية، لكن كل هذا انتهى الآن"، وتابع أن "الجزيرة فقدت مصداقيتها في أجزاء من العالم العربي"، ومضى الميرازي بالقول "لم تعد تمثل طرفي النقاش في العالم العربي"، في إشارة إلى تبنِّيها وجهة نظر أحادية. وتعرضت تغطية قناة الجزيرة مرارًا إلى انتقادات من السلطات العراقية، التي ترى أنها تركز في تغطيتها على انتقاد الأغلبية الشيعية الحاكمة في البلاد، كما أنها تتحامل كثيرًا على قوات الحشد الشعبي التي لها دور كبير في استئصال إرهاب داعش الإرهابي في العراق. وتتهم قادة العراق دول الخليج بالتقصير في محاربة تنظيم داعش، وفي بعض الحالات بتقديم الدعم للإرهابيين، كما تتهم قطر بأنها تدعم المجموعات المتشددة. مكتب الجزيرة وحوادث سابقة سبق إغلاق مكتب الجزيرة في العراق العديد من التنبيهات العراقية، ففي عام 2013 اتهمت الحكومة العراقية شبكة الجزيرة وتسع قنوات فضائية أخرى بتأجيج المشاعر الطائفية التي تُذكِي العنف. وفي أغسطس 2004 أغلقت السلطات العراقية مكتب الجزيرة في بغداد، وأمرت العاملين بمغادرته؛ تنفيذًا لقرار حكومة رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي بإغلاق المكتب لمدة شهر؛ بذريعة أن الجزيرة تعمل من خلال تغطيتها على تشويه الحقائق. ويرى مراقبون أن قناة الجزيرة تحولت إلى منبر إعلامي ناطق باسم الإرهاب التكفيري، الذي يودي بحياة الأبرياء في سورياوالعراق وغيرهما، عبر تزوير الأحداث وتزييف الوقائع، كما أن القناة لعبت دورًا رئيسيًّا في إشعال الاضطرابات وتغذيتها في العديد من الدول العربية، من خلال التزوير والتضليل اللذين مارستهما؛ مما ساهم في انتشار الفوضى والتطرف، فمن جهة تركز قناة الجزيرة على الأحداث في مصر وسورياوالعراق، لكنها في المقابل لا تدير بالًا لما يحدث عندها في قطر من انتهاكات حقوقية، ولا تسلط الضوء على ما يحدث في البحرين وبعض المناطق المعارضة في السعودية.