منال عوض تكرم عددًا من المسئولين لدورهم في نجاح "التنمية المحلية بصعيد مصر"    جامعة المنصورة الأهلية تحصد موقعًا متقدمًا في تصنيف التايمز    بدء اجتماع الحكومة بالعاصمة الجديدة    وزارة التخطيط تستعرض الإصلاحات الهيكلية المنفذة منذ يوليو 2024    «دعم مطلق وتأيد للشرعية».. دلالات زيارة وزير الخارجية للبنان| تقرير    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    ترامب أطلق رصاصة النهاية، عكاشة يرد على قرار الرئيس الأمريكي بشأن الإخوان    بدء اجتماع الجمعية العمومية لاتحاد الكرة بعزف السلام الوطني    مدرب المصري يتوعد فريق زيسكو في الكونفدرالية    نجم السعودية: نستهدف التتويج بكأس العرب.. ورينار منحني الفرصة الحقيقية    خبراء الأرصاد يتوقعون طقسًا خريفيًا مائلًا للبرودة بالقاهرة الكبرى    وزير التعليم: إدخال مادة البرمجة فى المدارس الفنية العام الدراسى المقبل    الفنانة الإسبانية ماكارينا تشارك في مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب تضم صيف سويسري لإنعام كجه جي    تحديث أسعار الخدمات الطبية بالتأمين الصحي الشامل بداية من يناير المقبل    تحرير 104 مخالفات للمحلات غير الملتزمة بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    مندور يستقبل عميد حاسبات ومعلومات قناة السويس الجديد    بسبب الإهمال.. استعباد مدير ووكيلي مدرسة في قنا    الأهلي يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة الجيش الملكي    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    موسكو: زيارة ويتكوف لا تزال قائمة وروسيا ستعمل مع أي مقترحات يقدمها    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    بسبب تعاطيهم الحشيش.. إنهاء خدمة 9 من العاملين أثناء أدائهم للعمل الحكومي    محامي رمضان صبحي: التواصل معه صعب بسبب القضية الأخرى.. وحالة بوجبا مختلفة    بتروجت يلتقي وادي دجلة في مواجهة قوية بدور ال32 لكأس مصر    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    قبل موتها المفاجئ.. المذيعة هبة زياد تكشف تعرضها للتهديد والابتزاز    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    دورات تدريبية لأعضاء النيابة العامة حول التصدي لجرائم العنف ضد المرأة    مصر الخير عضو التحالف الوطنى تفتتح مدرسة السلام الإعدادية بمحافظة المنيا    المفوضة الأوروبية: ما يحدث في السودان كارثة إنسانية    "إسرائيل ليست على طريق السلام مع سوريا".. كاتس يشير إلى خطة جاهزة في اجتماع سري    الداخلية تواصل حملاتها المرورية وتضبط 145 ألف مخالفة ب24 ساعة    وزارة التعليم: لا دراسة أونلاين أو وقف الغياب بسبب الفيروسات الشتوية وحضور الطلاب مستمر بالمدارس يوميا    المعارضة تقترب من حسم المقعد.. وجولة إعادة بين مرشّح حزبى ومستقل    مرفق الكهرباء يعقد اجتماعا مع رؤساء شركات التوزيع لمناقشة أسباب زيادة شكاوى المواطنين    مواعيد مباريات اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص بطريق أبوسمبل    القبض على مريض نفسى حرق سيارة بمدينة 6 أكتوبر    طقس الخميس.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحا    انطلاق أول رحلة رسولية خارجية للبابا ليو الرابع عشر نحو تركيا ولبنان    طب قصر العينى تنظم ندوة علمية لقسم الصحة العامة    أحدث ابتكارات ماسك، خبير يكشف مفاجأة عن صفحات تدار من إسرائيل للوقيعة بين مصر والسعودية (فيديو)    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    ضبط المتهم بالتعدى على فتاة من ذوى الهمم بطوخ وحبسه 4 أيام    سر ظهور أحمد مكي في الحلقة الأخيرة من مسلسل "كارثة طبيعية" (فيديو)    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    زكريا أبوحرام يكتب: أسئلة مشروعة    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدوتة الحدود المصرية (تقرير شامل)
نشر في البديل يوم 09 - 04 - 2016


تمهيد
تشهد الساحة المصرية في الآونة الأخيرة مناقشات كثيرة ومتنوعة فيما يخص الحدود المصرية، وبالرغم من أن مصر على وجه الخصوص تختلف عن أغلب دول المنطقة كون حدودها معروفة منذ ألاف السنين وتعتبر كيانا جغرافيا وتاريخيا واضح المعالم ولا يحتاج لشرح كثير إلا أنه فيما يبدو أن الأطماع في السيطرة على نقاط القوة الجيوسياسية باتت شديدة منذ بداية فترة الضعف المصري منذ عقود وزادت حدتها بشكل أكبر بعد الاضطرابات التي تشهدها مصر منذ ثورة 25 يناير ، فشهدت الخمس سنوات الأخيرة اثارة قضايا مثل «حلايب» وقضية الحدود البحرية المصرية مع كل من قبرص و فلسطين المحتلة "إسرائيل" وفي الآونة الأخيرة تمت من جديد اثارة قضية جزر «تيران و صنافير» بينما لم تثار قضايا مهمة كقضية «أم الرشراش» "إيلات" على سبيل المثال.
ومن هنا كان لابد لكي نضع النقاط على الحروف أن يتم رسم المشهد كاملا لقصة الحدود المصرية وكيف وصلت لشكلها الحالي وما هي أهم النقاط الخلافية فيها وحقيقة أمرها وسيتضح للقارئ بشكل واضح أن حقيقة الامر هي أن مصر اذا أرادت احياء قضاياها الحدودية بشكل عادل سيكون لها الكثير من الحقوق الضائعة وأن حدود مصر التي تستحقها هي تتجاوز بشكل كبير وضعها الحالي.
نتناول في هذا التقرير قصة ترسيم الحدود الوطنية المصرية حيث نبدأ أولا بشرح سريع ومختصر لتاريخ الحدود المصرية قبل العصر الحديث منذ عهد الفراعنة وحتى وصول محمد علي باشا للحكم ثم نتناول عصر محمد علي باشا وتأسيس الدولة المصرية الحديثة وننطلق منه إلى الخلاف المصري العثماني واتفاقية 1840 وترسيم حدود الدولة المصرية النهائية الذي تم الاتفاق عليه بين الأتراك "الدولة العثمانية" والدولة المصرية ثم نتنقل للحديث عن تطورات الأحداث وترسيم حدود كل حد شرقا وغربا وجنوبا
حدود مصر قبل العصر الحديث
يجمع المؤرخون بشكل شبه قاطع أن هناك بعض الكيانات في العالم تتمتع بخصائص جغرافية تتسبب في خصائص حضارية وسياسية وثقافية ثابتة تجعل منها كيانات من الصعب تغييرها أو العبث في حدودها وانه يكفي أن تذكر اسم الكيان لتحدد موقعه الجغرافي بسهولة على العكس من أغلب دول العالم فمثلا حين نقول فرنسا سنجد أننا امام تغييرات جغرافية وحضارية وعدم ثبات بينما يختلف الأمر كثيرا حين نتحدث عن بريطانيا على سبيل المثال التي تعتبر جزيرة عملاقة تتمتع بخصوصية جغرافية ، ومصر تقع في قائمة هذه الدول التي تتمتع بهذه الخصوصية كما الصين والهند وإيطاليا وغيرهم.
وكانت مصر على مدار العصور القديمة قبل سيطرة الرومان تتسع حدودها وتضيق حسب قوتها وضعفها منذ عهد الملك نارمر موحد القطرين وحتى هزيمة كليبواترا أخر ملكة مصرية مستقلة حيث بعدها تحولت مصر لولاية رومانية
توضح الخريطة أدناه شكل الدولة المصرية القديمة يبرز الخط الأحمر حدود مصر في عهد الملك المصري تحتمس والخط الاخضر في عهد رمسيس الثاني
في عصور متأخر تقلصت الحدود المصرية بسبب هجمات الأشوريين من الشرق والكوشيين من الجنوب واستطاع الملك بسماتيك الأول مؤسس الاسرة ال 26 إعادة حدود مصر بشكل كبير بعد طرده للأشوريين وردعه للكوشيين ثم جاء الإحتلال الفارسي وبعد ضم مصر لإمبراطورية الإسكندر الأكبر ولكن سرعان ما استقلت مصر من جديد و عادت للإستقرار في عهد أسرة البطالمة ولكن ليس بالشكل الذي كان في عهود الفراعنة العظام حيث أن التقسيم بدأ بعد وفاة الإسكندر الأكبر بين قادة جيشه وكانت مصر من نصيب القائد بطليموس وكان التقسيم مبنيا على ما اتفقوا عليه لا على اساس حدود مصر الطبيعية والمعروفة قبل مجيئ الإسكندر إليها
يوضح اللون البني ادناه حدود مصر أثناء عصر أسرة البطالمة
بعد هزيمة مصر في موقعة أكتيوم البحرية وانتحار الملكة كليوباترا تحولت مصر لولاية تابعة للإمبراطورية الرومانية وتحولت حدودها لحدود إدارية وليست دولية ولأول مرة كان الرومان السبب المباشر في استقطاع جزء كبير من الأراضي المصري ليعيدوا تقسيم المنطقة حسب هواهم فتم تقسيم مصر نفسها لولايتين وتم فصل شبه جزيرة سيناء وفلسطين عن مصر –كانت فلسطين حتى هذا العهد جزءا طبيعيا من الدولة المصرية كسيناء تماما – وتم فصل الصعيد بداية من الأقصر وحتى أقصى الجنوب في ولاية تسمى طيبة ، إلا أن هذا التقسيم لم يشعر به المصريين بشكل كبير مؤثر أو متغير لأنه كان مجرد تقسيم إداري كتقسيم المحافظات حاليا وكانت مصر كلها تابعة للإمبراطور في روما وبعد انهيار روما باتت تابعة للإمبراطور في القسطنطينية
شكل ولايات الإمبراطورية الرومانية بعد ضم مصر
ظل الوضع على ما هو عليه مع تغيرات طفيفة تحدث بين الحين والآخر حتى استطاع القائد العربي عمرو بن العاض انتزاع مصر من الرومان وضمها كولاية تابعة للخلافة الإسلامية وبعد ضم مصر للخلافة لم يتغير الوضع كثيرا فظلت الحدود إدارية وان تغيرت بعض الشيئ وبشكل غير واضح فكان العرب يعتبرون بداية مصر شرقا من العريش ونهايتها غربا في برقة
ظلت مصر ولاية ذات حدود إدارية منذ عهد الرومان وحتى في عهد الخلافة الراشدة والأموية والعباسية حتى استقلت بشكل كامل في العهد الفاطمي ..
مع استقلال مصر الكامل وتحولها لمركز الحكم وعاصمة للخلافة في العصر الفاطمي استعادت الكثير من مجدها الذي غاب حتى عادت الخريطة شبيهة إلى حد كبير لأيام الفراعنة العظام فامتدت حدودها جنوبا وشمالا لحدود «تحتمس» وزادت غربا حتى وصلت لتونس والجزائر حاليا
حتى بعد اسقاط الخلافة الفاطمية على يد صلاح الدين الايوبي ورغم عودة مصر رسميا لتبعية بغداد والخلافة العباسية إلا أن ما أحدثه الفاطميين ظل متجذرا وظلت مصر في عهد الأيوبيين دولة مستقلة وكيان سياسي مستقل رغم تبعيته الإسمية للخلافة العباسية وبعد سقوط بغداد انتقلت عاصمة الخلافة المركزية للقاهرة من جديد وظلت مصر دولة مركزية ذات حدود رسمية في عهد المماليك محتفظة بحدودها التي عرفت بها منذ فجر التاريخ
مصر المملوكية
ولم يظل على ما هو عليه فبدأت أطماع الجار الشمالي المتمثل في «تركيا العثمانية» الصاعدة في الظهور واستطاع الجيش العثماني دخول القاهرة عام 1517 م وتحويل مصر لولاية تابعة لإستانبول وعادت من جديد حدود مصر مجرد حدود إدارية يقسمها سلاطين العثمانيين حسب توزيع جوائزهم وولاتهم ولكن في أغلب الوقت لم يقم العثمانيين بما قام به الرومان من تقسيم مصر إداريا لعدة ولايات وانما ظل حتى الجزء الأكبر من فلسطين بجانب سيناء في وضعه الطبيعي منذ فجر التاريخ جزءا من الأراضي المصرية الخاضعة للقاهرة
محمد علي باشا
بعد صعود محمد علي باشا للحكم في مصر بإرادة شعبية وثورة من النخبة بدأت مصر في استعادة مجدها من جديد واستقلالها الذي غاب عنها منذ دخول العثمانيين وتم تأسيس الجيش المصري الحديث وأعاد الباشا مصر مرة اخرى لحدود «تحتمس العظيم» بل وزاد عليها جنوبا بشكل كبير وعادت القاهرة مركزا للحكم من جديد وعاصمة للسلطة تهدد عواصم العالم.
مصر في عهد محمد علي باشا
اتفاقية 1840:
اختلف الأمر هذه المرة في محاولة استعادة مجد مصر وحدودها المعتادة فكانت أوربا الصاعدة والطامعة في السيطرة على الشرق ترفض بأي حال عودة المجد المصري من جديد ، وتجسد هذا في التحالف الكبير الذي تم بين الدول الأوربية وتركيا العثمانية ضد المشروع المصري وبالفعل استطاعت القوى العالمية تقييد المشروع المصري بل وهدمه وإعلان اتفاقية لندن 1840 والتي بموجبها أولا تم فصل سوريا الكبرى عن مصر وتحريض الاهالي السوريين على الجيش المصري واجبار القوات المصرية من الانسحاب من الجزيرة العربية والحجاز ..
الملفت للنظر في اتفاقية 1840 أن الدولة العثمانية أقرت أن يحكم محمد علي باشا الجزء الجنوبي من سوريا الكبرى على ان يعود للدولة العثمانية بعد وفاته وتعود حدود مصر الطبيعية له ولأولاده من بعده وعند النظر للخريطة التي حددت حدود مصر الشرقية نجد أن جزءا كبيرا ممايعرف اليوم بفلسطين وجزء كبير من الساحل "السعودي" الحالي اعتبر جزءا من الأراضي المصرية بشكل تلقائي وليس حتى جزءا من سوريا الكبرى كما هو مبين أدناه
ولم تستطع اتفاقية لندن الاقتراب من حدود مصر الجنوبية أو الغربية وظلت على وضعها وزادت بشكل كبير في عهد الخديوي إسماعيل حتى جاء 1892 ..
الحدود الشرقية البرية لمصر:
يعتبر عام 1892 عاما فاصلا في تاريخ الحدود المصرية حيث أصدر السلطان العثماني فرمانا بعد تعيين الخديوي عباس الثاني وريثا لوالده الخديوي توفيق ولأول مرة وبشكل رسمي يتم استقطاع شبه جزيرة سيناء بالكامل من السيادة المصرية لصالح السيادة التركية لكن بعد ضغوط شديدة ورفض بريطاني بسبب القلق على سيطرة الأتراك على قناة السويس تم التراجع عن الفرمان ولكنه يعتبر اول خطوة جدية في إعاد رسم حدود مصر الشرقية بشكل مختلف عن ألاف السنين الضاربة بجذورها في وضوح حدود مصر الشرقية..
أثارت الدولة العثمانية مسألة حدود مصر الشرقية من جديد عام 1906 واعتبرت أن العقبة وأم الرشراش ليستا جزءا من الأراضي المصرية رغم نص اتفاقية 1840 على ذلك وأثارت من جديد قضية سيناء وكان الرأي العام المصري وقتها يميل للدولة العثمانية في هذا الشأن بسبب معرفته أن الاحتلال البريطاني يحاول اتخاذ سيناء مبررا للسيطرة على فلسطين وتهديد الحجاز فلم تجد تركيا رفضا شعبيا مصريا كبيرا وبناء عليه أمر السلطان العثماني قائد جيشه بالاستيلاء على العقبة وطابا بشكل كامل وبعد أزمة كبيرة ومفاوضات تم التوافق على أن تتواجد قوة مصرية في طابا باعتبار أن مصر كلها جزءا من الدولة العثمانية.
ولكن بعد ذلك صعدت تركيا من جديد رغبتها وبعد خلافات كبيرة تم التوصل ل«اتفاقية 1906» المبرمة بين مصر والدولة العثمانية في تسوية الحدود الشرقية لمصر والتي تعتمد حتى اليوم كحدود رسمية بين مصر وفلسطين المحتلة وطبقا لهذه الإتفاقية تم اعتبار كل من جزر تيران وصنافير جزءا من السيادة المصرية وكذلك قرية أم الرشراش "إيلات" حاليا وبناءا عليها أيضا تم فصل العقبة والساحل الاسيوي على طول خليج العقبة عن السيادة المصرية – الجدير بالذكر أنه في هذا الفترة لم تكن هناك دولة تسمى الأردن ولا دولة تسمى السعودية – أما حكام شبه الجزيرة العربية "إمارة جبل شمر" لم يروا أن لهم أي حق في هذا الصراع وأن حدودهم تنتهي عند ما أقرته الدولة العثمانية لمحمد علي باشا عام 1840 والذي أوردنا خريطته في الجزء السابق ..
وظل الأمر في هذا الوضع حتى استطاع عبد العزيز آل سعود بمساعدة بريطانيا السيطرة على شبه الجزيرة العربية وإعلان الدولة السعودية التي كانت مصر قد قضت عليها من قبل واعتبر السعوديون الساحل المطل على خليج العقبة جزءا من الأراضي السعودية وفقا لاتفاقية 1906 واعتبرت السعودية أن جزيرتي تيران وصنافير جزءا من الأراضي السعودية ايضا وادعت أنهما ليستا لهما علاقة باتفاقية 1906 ولكن لم تستطع مواجهة القوات المصرية وقتها وظلت الجزيرتين تحت السيادة المصرية.
وفي عام 1948 احتلت العصابات الصهيونية قرية أم الرشراش المصرية وقتلت جنود الحامية المصرية هناك وأطلقوا عليها اسم "إيلات" ولكن بريطانيا وقتها واسرائيل ادعتا أن أم الرشراش لم تكن ضمن خط اتفاقية 1906 وانها جزءا من فلسطين وليست مصر وظل الوضع على ما هو عليه حتى قامت اسرائيل باحتلال كامل سيناء عام 1967 وبعد انتصار مصر وتوقيع اتفاقية السلام انسحيت اسرائيل إلى خط اتفاقية 1906 بما في ذلك جزيرتي تيران وصنافير فيما عدا طابا التي ارادت أن تجعل منها أم رشراش جديدة وادعت انها خارج خط اتفاقية 1906 أيضا ولكن بعد التحكيم الدولي عادت طابا لمصر وتم تناسي قضية ام الرشراش بشكل كامل فيما يبدو أنه كان نوع من التوافق أن تسلم اسرائيل طابا مقابل نسيان أم الرشراش المصرية ..
صورة توضح تطور الحدود الشرقية لمصر منذ 1840
الحدود الجنوبية لمصر
ظلت الحدود الجنوبية لمصر ممتدة إلى أقصى جنوب السودان حتى بعد اتفاقية 1840 وفي عهد الخديوي إسماعيل وصلت الحدود حتى أوغندا جنوبا وأريتريا في الجنوب الشرقي
في عام 1882 احتلت بريطانيا مصر وتوغل الجيش البريطاني في السودان وأرادت بريطانيا رسم الحدود بين مصر والسودان فيما عرف باتفاقية «الحكم المشترك 1899» حيث كانت السودان جزءا من المملكة المصرية وتخضع للتاج المصري منذ 1840 ولكن بعد دخول البريطانيين اختلف الأمر فوافقت مصر على الاتفاقية حتى لا تضيع السودان بالكامل لصالح بريطانيا ويكون لمصر سيادة عليها فتم الاتفاق على رفع العلمين المصري والبريطاني في السودان وتم رسم الحدود الفاصلة على أن تكون حدود إدارية حيث أن مصر والسودان دولة واحدة تحت حكم اسرة محمد علي باشا.
وتم اعتبار خط العرض 22 هو الحد الفاصل بشكل واضح لا يقبل اللبس او التشكيك فيما اعتبر فقط مثلث حلايب يخضع اداريا لحاكم الخرطوم بدلا من القاهرة لتسهيل الخدمات له وبسبب الصلات العائلية والبشرية بين سكان المثلث والأهالي تحت خط 22 ووافقت الدولة وقتها لأنها كانت تعتبر أن مصر والسودان دولة واحدة وأن كل هذه التقسيمات إدارية تخضع في النهاية للتاج المصري والسيادة المصرية ..
وبعد استقلال السودان عن مصر وانتهاء الملكية اعتبرت مصر مثلث حلايب جزءا من الأراضي المصرية وفقا لاتفاقية 1899 ولكن السودان اعتبار التقسيم الإداري تقسيما سياسيا ومازال يطالب بحلايب حتى اليوم
خريطة توضح شكل مثلث حلايب
خريطة توضح الحدود المصرية السودانية وفقا لاتفاقية 1899
الحدود الغربية لمصر:
لم تظهر مشكلة الحدود الغربية لمصر قبل عام 1925 ولم يرد ذكرها حتى في اتفاقية 1840 وكانت برقة وبني غازي في العصور القديمة امتدادا طبيعيا مصريا ولكن بعد الإحتلال الإيطالي لليبيا بدأت تظهر خلافات حدودية مصرية ليبية فتم توقيع اتفاقية 1925 بين كل من مصر وبريطانيا وإيطاليا وتم في الاتفاقية تنازل الجانب المصري عن حقه في «واحة الجغبوب» واعتبارها جزءا من الاراضي الليبية بالرغم من كونها مصريا متصلة بشكل مباشر بشريا وثقافيا بواحة سيوة المصرية وتم احترام الاتفاق حتى اليوم
شكل الحدود الليبية في خريطة قديمة للمملكة المصرية
خريطة توضح رسم الحدود المصرية الليبية ودخول الجغبوب ضمن الأراضي الليبية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.