«امضِ في طريق النور، ولا تأخذ معك الجهلة والمنافقين والضعفاء»، «ابحث في حياتك عن الفوضى، وتخلص منها، اجعل حياتك متوازنة ومنظمة».. هذه بعض مقولات «تحوت» إله الحكمة عند القدماء المصريين. معلم الكتابة اعتبر المصريون القدماء الإله تحوت هو من علمهم الكتابة والحساب، وصوروه وهو ممسك بالقلم ولوح يكتب عليه، كما أنه أحد أبرز الشخصيات التي لها دور أساسي في محكمة الموتى، حيث يقوم بتسجيل نتيجة وزن قلب الميت أمام ريشة الحق «ماعت». فمن كان قلبه أثقل من ريشة الحق، فهو من المخطئين العاصين، ويُلقَى بقلبه إلى «عمعموت»، وهو وحش مفترس على شكل رأس تمساح ومقدمة أسد والنصف الخلفي لفرس النهر، فيلتهمه، وتكون هذه هي النهاية الأبدية للميت المخطئ. أما إذا كان القلب أخف من ريشة الحق «ماعت»، فمعنى هذا أن الميت كان صالحًا في الدنيا، فيدخل الجنة، يعيش فيها مع زوجته وأحبابه، بعد أن يستقبله أوزيريس. محاكمة الموتى يتوقف مصير الميت في العالم الآخر – حسب معتقد المصري القديم – على هذه المحكمة العادلة، وهي الوسيلة المثالية لحياة أبدية خالدة في حماية المعبود «أوزير» في مملكة الموتى. وتتم المحاكمة أمام الإله أوزير، الذي يصور جالسًا في مقصورة وخلفه «إيزيس» و«نفتيس» وأمامه زهرة اللوتس، يقف عليها أبناء حورس الأربعة، وعلى جانب القاعدة يوجد صف من القضاة، ومن الجانب الآخر يدخل المتوفى، يقوده «أنوبيس» وأحيانًا «حورس» نحو الميزان، فيوضع فيه قلبه، الذي يُعتقَد أنه مخزن كل أفعال الميت أثناء حياته، ومن الناحية الأخرى للميزان يوضع رمز المعبود «ماعت» ربة العدالة، ويقوم المعبود «أنوبيس» بالوزن، حيث يقف المعبود «تحوت» وأحيانًا المعبود «سشات» أمام الميزان؛ ليدون نتيجة الوزن. ولم تتوقف أهمية «تحوت» على إعلان نتيجة المحكمة، بل إن التقويم وأيام السنة والشهور ارتبطت به، حتى إن البعض يطلق على التقويم المصري اسم التقويم التوتي؛ بسبب بدء أول شهور السنة المصرية باسم «توت»، وهو أحد أسماء الإله «تحوت»، الذي كان يسمى «جحوتي» أيضًا. كتاب «تحوت» المقدس تحكي إحدى الأساطير أن هناك كتابًا مقدسًا خطه «تحوت» بيده، وخبأه؛ حتى لا يحصل عليه أحد، وهذا الكتاب به نصوص مقدسة، من يحصل عليها ويقرؤها، فستمنحه قوة خارقة؛ ولذلك عكف كثير من الملوك على البحث عن هذا الكتاب. وذكرت بعض الأساطير عثور الأجداد على الكتاب، مثل بردية «إيبرس» إحدى أشهر البرديات المعروضة حاليًّا ببرلين، أن أحد ملوك الأسرة الأولى عثر عليه تحت تمثال «أنوبيس» بمدينة «ليتوبوليس».