شرت مجلة الايكونوميست البريطانية العريقة في عددها الصادر هذا الأسبوع تقريرا عن حالة القضاء المصري، انتقدت فيه بشدة أحكام يصدرها "قضاة" في مصر لدرجة أنها تهكمت في العنوان على الشعار الشهير الذى انتشر في العالم بعد ثورة 25 يناير وهو :تظاهر كمصري"، لتقول في عنوانها الرئيس :"احكم أو اقض كمصري"! بما يفيد السخرية والتهكم الشديدين على ما وصلت اليه حالة القضاء في مصر. وفي العنوان الرئيسي للتقرير ابرزت الإيكونوميست سؤالا يقول:" هل صارت العدالة المصرية خرقاء، أو مناقضة لإسمها؟!!، كما أرفقت بالتقرير كاريكاتير يصور إله العدالة والحكمة " ماعت " في صورة رجل لا امرأة تقف على الميزان الموضوع في أحد كفتيه كومة ثقيلة من أوراق الأدلة في القضية، وفي الكفة الثانية يقبع مبارك ورجاله في صورة لصوص خائفين، ويتظاهر القاضي الذي يرتدي نظارة طبية بأنه منهمك في النظر الى الأدلة لفحصها ووزنها بينما يخفي يده خلف ظهره ليدفع كفة مبارك ورجاله لكي تبدو أثقل من الأدلة، وهو ما يبرز سلوكا غير شريف أو نزيه من جانب القضاة فى مصر. ووفقا لديانة قدماء المصريين كانت تتم محاكمة الموتي في يوم حساب حيث تفحص أعمالهم في الدنيا إذا كانت مطابقة للصفات الحميدة مثل الصدق والأمانة ومساعدة الفقير، وعدم السرقة وعدم الفتنة، وهي من صفات الإلهة ماعت رمز الحقيقة وعدالة النظام الكوني، وبعد أن يمر الميت على الآلهة كان لا بد أن يتعرف عليهم ويذكرهم أسما إسما، ثم يأخذه " أنوبيس" إله الموت والتحنيط لكي يزن قلبه في ميزان ذي كفتين ، يوضع قلبه (مركز الخلق والأعمال) في كفة وتوضع ريشة الحقيقة "ماعت" في الكفة الأخرى، فإذا كان قلبه أخف وزنا كان من الصالحين، ويكافأ بأن يلبس ملابس بيضاء جميلة ويقتني ضيعة يتمتع فيها هو وزوجته بالحياة في العالم الآخر يأكلون من ثمارها . أما إذا كان قلب الميت أثقل من ريشة الحقيقة , فان هذا يدل علي انه كان في حياته سيئا وفاعلا للخطيئة ، عندئذ يؤخذ قلبه ويلقى به للوحش "عميمت " ليلتهمه وتكون هذه هي نهايته وفنائه إلى الأبد، ويقوم إله الكتابة تحوت بكتابة نتيجة الوزن، فان كانت قلوب الموتى المُحاكَمين أخفَّ من الريشة يكونوا صالحين ويُسمَح لهم بالعبور إلى جنة آرو ، وإن كانت قلوبهم أثقل - أي كانوا مثقلين بالذنوب والخطايا - فكان يلقى بقلوبهم إلى الوحش "عميمت" ليلتهمها، لتكون تلك ميتتهم الثانية، فيختفون تماماً من العالم وينتهي وجودهم، وتظلّ أرواحهم تتعذَّب إلى الأبد. ويعد تقرير الإيكونوميست من بين أهم التقارير الصحفية التي نشرت مؤخرا فى الصحافة الغربية الرصينة التي تنتقد القضاء المصري بعنف ملحوظ بما يشير الى وصول رسالة الى ضمير الرأي العام العالمي بأن حالة القضاء المصري صارت أكثر بؤسا من أيام مبارك وهو ما يؤثر على حالة حقوق الانسان فى البلاد التي يسيطر عليها ويحكمها جنرالات الجيش بعد الاطاحة بالرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي فى انقلاب الثالث من يوليو من العام 2013.