رئيس جامعة الأقصر يهنئ المحافظ بحلول عيد الأضحى.. صور    مشايخ وعواقل القبائل يهنئون محافظ شمال سيناء بعيد الأضحى    محافظ الفيوم يناقش مشكلات انقطاعات وضعف ضغط مياه الشرب بعدد من المناطق    إسرائيل هيوم: نتنياهو انتقد قرار الهدنة التكتيكية التي أعلنها الجيش في مناطق    قوات الأمن الروسية تقتحم مركز احتجاز في منطقة "روستوف" جنوبي البلاد وتقتل محتجزي رهائن    مدرب ألبانيا: "الأتزوري" مرشح للقب    نجم بايرن ميونخ يمدد عقده مع النادي    بأسلوب انتحال الصفة.. حبس عصابة النصب والاحتيال على المواطنين بالقطامية    محافظ الدقهلية يزور دار الأيتام وكبار السن والمرضى لتهنئتهم بعيد الأضحى    جرعة زائدة.. مصرع عامل بسبب المخدرات في الوراق    بالتفاصيل مرور إشرافي مكثف لصحة البحر الأحمر تزامنًا مع عيد الأضحى المبارك    "العيد أحلى" مبادرة مراكز شباب بكفر الشيخ للاحتفال بالعيد    كولومبيا يضرب بوليفيا بثلاثية قبل كوبا أمريكا    ريهام سعيد: «محمد هنيدي اتقدملي ووالدتي رفضته لهذا السبب»    جيل رأى الملك عاريااً!    قوات الاحتلال تعتقل 3 مواطنين جنوب بيت لحم بالضفة الغربية    احذر.. تناول الكبدة النيئة قد يصيبك بأمراض خطيرة    نصائح منزلية | 5 نصائح مهمة لحفظ لحم الأضحية طازجًا لفترة أطول    إصابة شاب فلسطينى برصاص قوات الاحتلال فى مخيم الفارعة بالضفة الغربية    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    وزير التعليم العالي يزور الجامعة الوطنية للأبحاث النووية في روسيا    «النقل»: انتظام حركة تشغيل قطارات السكة الحديد ومترو الأنفاق في أول أيام العيد    المنيا تسجل حالتي وفاة أثناء أدائهما مناسك الحج    قساوسة وقيادات أمنية وتنفيذية.. محافظ المنيا يستقبل المهنئين بعيد الأضحى (صور)    سعر اليورور اليوم الأحد 16-6-2024 مقابل الجنيه في البنوك    مع أهالي عين شمس..أحمد العوضي يذبح الأضحية في أول يوم عيد الأضحى (فيديو)    خالد النبوي يظهر مع العُمال في العيد ويُعلق: «أسيادنا الخادمين» (صورة)    إيرادات Inside Out 2 ترتفع إلى 133 مليون دولار في دور العرض    أدعية وأذكار عيد الأضحى 2024.. تكبير وتهنئة    الأهلي يتفق مع ميتلاند الدنماركي على تسديد مستحقات و"رعاية" إمام عاشور    كرة سلة.. قائمة منتخب مصر في التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024    مصدر من اتحاد السلة يكشف ل في الجول حقيقة تغيير نظام الدوري.. وعقوبة سيف سمير    لتجنب التخمة.. نصائح مهمة للوقاية من المشاكل الصحية بعد تناول «لحوم عيد الأضحى»    وزير الإسكان: زراعة أكثر من مليون متر مربع مسطحات خضراء بدمياط الجديدة    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    برشلونة يستهدف ضم نجم مانشستر يونايتد    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    إصابة شاب فلسطينى برصاص قوات الاحتلال فى مخيم الفارعة بالضفة الغربية    التونسيون يحتفلون ب "العيد الكبير" وسط موروثات شعبية تتوارثها الأجيال    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    البنتاجون: وزير الدفاع الإسرائيلي يقبل دعوة لزيارة واشنطن    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    درجات الحرارة اليوم 16- 06 - 2024 في مصر أول أيام عيد الأضحى المبارك    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    حج 2024| خيام الحجاج المطورة في المشاعر المقدسة تتحدى التغيرات المناخية    بلالين وهدايا.. إقبالًا الآف المواطنين على كورنيش مطروح في عيد الأضحى المبارك    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    الأوقاف الإسلامية بالقدس: 40 ألف فلسطيني أدوا صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد بدر.. صور    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزت عوض في حضرة »ماعت«!
نشر في الوفد يوم 27 - 05 - 2011

أري أنه عند التزيد في التمسك بحالة التدين في إطارها المظهري والقشري الدعائي الاستعراضي فقط بين بشر في وطن ما، فإن الأمر ينذر بخطر محدق علي منظومة أداء وحياة الناس فيه، وتعثر المضي في سُبل تحقيق التقدم، بل وقبل كل ذلك هناك خطورة أكبر علي ترسيخ الإيمان القويم بالعقائد والقيم الدينية الحقيقية التي تدعو لها الأديان عندما يتم الانشغال بمظاهر التدين، وإقناع الناس بضرورة اتباعها ليضيعوا في متاهات الاختلاف علي تفصيلات طقسية لا تمس جوهر الإيمان الحقيقي العتيد الذي توصينا فيه آيات الكتب المقدسة بأن الإيمان لابد أن تعقبه أعمال تُعلي قيم الخير والحق والعدالة، حتي لا نصل إلي حالة نأسر فيها العقل ونُيبس بها الوجدان، فنبتعد عن تحقيق صياغة نرتضيها لدعم التآلف الإنساني في إطار دولة مدنية لبشر قرروا التعايش السلمي الآمن علي أرض وطن مشترك.
والمشكلة في التشبث بهذا التدين المغشوش أنه أصبح يشكل جداراً فاصلاً بين هؤلاء المظهريين وتقبلهم أي اجتهادات فكرية أو إنسانية، بعد أن باتوا يبادرون بالهجوم الشرس الذي يصل إلي حد التكفير علي كل من لايشاركهم ممارسة العديد من طقوس مظهريتهم والتقوقع داخل أطر وأشكال جامدة تجيز وتمنع، ثم تدخل بالناس في دوائر الحلال والحرام اللانهائية التي يستند البعض القليل منها إلي صحيح الدين ، والقليل منها إلي افتاءات صاحبها.
من منا يمكن نسيان الفيلم الشهير »العار« الذي كشفت ذروة أحداثه الدرامية وفي مباغتة مذهلة أنه وفور موت الأب التاجر الثري الشيخ الجليل صاحب السمعة الطيبة بطل الفيلم تكتشف الأسرة باستثناء الابن الأكبر أنها ما عرفت ذلك الرجل الغريب تاجر المخدرات وزعيم عصابة من الأشرار العتاولة في الإجرام وبشراكة وإشراف مع الابن الأكبر، فهو سر أبيه وحافظ عهده، فتتهاوي الأسرة ويحدث السقوط المدوي، ومن ثم التداعيات المفزعة.
علي عكس اتجاه أحداث دراما »العار« المحبوكة الصياغة والتأثير التي تنبه إلي ضرورة الحذر من أصحاب الأقنعة المزيفة لبشر باتوا نجوماً ورموزاً في دنيا العطاء والتسربل بآيات وتعاليم الأديان، وبشكل مغاير لأهداف تلك الدراما عشت الأسبوع الماضي حدثاً حزيناً أثناء مشاركتي في توديع مواطن نبيل، موظف مصري طيب.. الإنسان عزت عوض، فمفاجأة يوم الرحيل تمثلت في اكتشاف الدنيا التي عاشها الفقيد وشارك في صياغة شكلها.. دنيا الخير والحب والبذل والإيثار لصالح الغير دون إعلان، فالمتابع لمشهد الوداع في الطريق إلي المدافن، ووصولاً إلي سرادق العزاء يخفف من أحزانه المفاجأة الطيبة الإيجابية.. نحن أمام مدينة بكامل بشرها تذهب لأداء واجب العزاء لفقد مواطن ليس من أصحاب الجاه والسلطان، عزت لم يكن عضواً قيادياً في حزب سياسي، أو موظف بارز في الإدارة المحلية، وأولاده وأقاربه أيضاً ليسوا في مواقع مسئولية يسعي أصحاب المصالح لمجاملتهم (علي طريقة تقديم السبت من أجل الوصول إلي الأحد).. المشهد بكامل تفاصيله مؤشر مطمئن لأصالة بشر قرروا أن يكرموا مواطناً بسيطاً منهم، رغم كل معاناتهم لألم فراقه.
لقد قصدت الحديث عن الفقيد كنموذج لرجل عادي من بيننا للتأكيد علي أننا كثيراً ما نكتشف أنه يعيش وسطنا من يستحقون منا التوقف والتأمل الجاد لتركيبة شخوصهم أكثر وأهم من كل أصحاب الوجوه اللامعة االتي قد يصنعها المجتمع والناس ليتحلقوا حولها لتطالعنا سحنهم عبر وسائل الإعلام بشكل مكرر وممل.
لقد نشأت مفاجأة دراما رحيل المواطن عزت لإحداثها صدمة لثقافة ومفهوم الناس عن التدين والمتدينين، فهو لم يكن ذلك الرجل الدرويش الذي يتحدث في الأمور الدينية ليل نهار، ولم يكن من الناس التي لاتغادر الكنيسة ويرتدون رداء الشمامسة رغم أنه خادم أمين مثالي، ولم يكن من هؤلاء الذين يحملون الكتب المقدسة لفتحها وتلاوة آياتها في وسائل المواصلات، ولم يكن من الغلاة والمتشددين الذين يحرمون ويحللون، أو يقصون وينفون من يخالفهم الرأي والرؤية.
لقد تخيلت لقاء الفقيد ب »ماعت«، و»ماعت« في الميثولوجيا المصرية إلهة الحق والعدل والسلم في مصر القديمة، هي رمز لتوازن الكون، وهي تمثل فكرة تجريدية أكثر من كونها شخصية حقيقية.
عند حساب المتوفي في العالم السفلي عند المصريين القدماء كان يوضع قلب الميت علي الميزان في كفة وريشة الإلهة ماعت في الكفة الأخري.. فإذا رجحت كفة قلب المتوفي فإنه يدخل الفردوس في معتقداتهم، وأما إذا رجحت كفة الريشة فإنه يدخل الجحيم.. وكانت هيئة المحكمة في العالم السفلي تتكون من 42 قاضياً بعدد أقاليم مصر، ويرأسهم أوزيريس.
وتصور قدماء المصريين عن يوم الحساب كان أن يصاحب أنوبيس الميت إلي قاعة المحكمة، ويبدأ القضاة في استجواب الميت عن أفعاله في الدنيا، وهل كان متبعاً آل ماعت (الطريق القويم) أم كان من المذنبين.. ويبدأ الميت في الدفاع عن نفسه ويقول: لم أقتل أحداً، ولم أفضح إنساناً، ولم أشكو عاملاً لدي رئيس عمله، ولم أسرق.. وقد كنت أطعم الفقير، وأعطي ملبساً للعريان، وكنت أساعد الناس، وكنت أعطي العطشان ماء.. ثم يبدأ القضاة في سؤاله عن معرفته بالآلهة.. ثم يأتي الوقت للقيام بعملية وزن قلب الميت أمام ريشة ماعت للفصل في الأمر. فإذا نجح في ذلك يسمونه »صادق القول« بمعني المغفور له.
يضيف ابن عوض »واحد من الناس« في حضرة ماعت علي تفاصيل ما ذكرنا من شهادة الميت في زمن الأجداد:
لقد عرفت أني مواطن في وطن مطلوب فيه العطاء.. عرفت أن كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا ينْوِي بِقَلْبِهِ، لَيسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ اضْطِرَارٍ.. لأَنَّ الْمُعْطِي الْمَسْرُورَ يحِبُّهُ الله.
تعلمت أن الْوَاعظ فَفِي الْوَعْظِ، الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ، الْمُدَبِّرُ فَبِاجْتِهَادٍ، الرَّاحِمُ فَبِسُرُورٍ.
في انتظار قضاء ماعت تعالوا نسقط أقنعة الشياطين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.