كيف ننجو بمصر من التطرف الديني؟ المنظومة الخفية التي تساند الإخوان أقام أحدهم قبل أيام احتفالا لتكريم أوائل الثانوية العامة في منطقته .. حيث وزعت الجوائز العينية والرمزية .. وطلب من كل متفوق أن يقول كلمة للحضور .. يعبر فيها عن نفسه ويشرح كيف وبأي طريقة حقق هذا التميز .. لقد كان المفهوم هو أن علي من يتكلم أن يشرح ذاته .. ولكن كل من تكلموا من شباب مصر في المنطقة راحوا ينكرون أدوارهم الشخصية فيما حققوه .. وتكلم كل منهم عن فضل الله سبحانه وتعالي ورضا الوالدين .. ومضي البعض حد أن قال أنه يستكثر علي نفسه ما تحقق .. وأنه ربما لايستحقه .. لكن هذا حدث بسبب رضا الله عنه. إن رضا الله أمر جوهري في توفيق جهودنا .. ولكن الله لايرضي عن عباده الكسالي .. كما أن دعاء الوالدين الذي يكشف عن رضاهما أيضا لا يمكن أن يكون سبب النجاح الوحيد .. فالأب لا يكتب إجابة سؤال .. والأم لاتدون حل مسألة .. وقد تفوق الغرب كله رغم أنه يخالفنا الدين .. وعلي الرغم من أنه يعاني من تفكك عائلي يناقض أوضاع الأسر المصرية المترابطة. المشهد البسيط في حفل التكريم، علي تكراره، كشف بدوره عن أن الشباب الذي يفترض فيه أن يكون معتزا بنفسه .. ومقدرا لفرديته .. ومؤكدا علي خصائصه .. وعلي أن جهده هو الأساس الذي حقق له ما أنجز (والجهد يؤدي إلي رضا الله).. إنما يحيل تفوقه إلي أسباب أخري لاعلاقة لها به .. وقد ألبس تقدمه ثوبا دينيا لافتا .. وذلك ليس أمرا غريبا وإنما يعبر عن ظاهرة عامة في المجتمع .. لها أبعاد متنوعة. يجب أن أشير هنا إلي أنني لا أعني بالفردية ترسيخ أنانية الأفراد .. ولكن أعني احترامهم لكينونتهم .. إذ أعرف جيدا أنه كما تقدم الغرب بالبناء علي نجاح الأفراد .. فإن القيم الآسيوية قد حققت نجاحا آخر حين تم توظيف طاقات الأفراد في الانتماء إلي الكيان الأكبر: الأسرة أو البلد أو شبكة العمل ..لكن للأسف لا هذا ولا ذاك موجود لدينا. المظهر والجوهر ولكي أشرح لك ما أقصد فإنني سوف أذهب معك إلي تونس .. كنت هناك قبل بضعة أسابيع .. بلد زرته أكثر من مرة وأفضله لقضاء بعض الوقت بعيدا عن الصخب .. وأعرف فيه شخصيات عديدة أعتز بها .. وهم يحبون مصر جدا .. وقبل أيام أصدر الرئيس زين العابدين بن علي قرارا بالإفراج عن الصيادين المصريين الذين دخلوا بمراكبهم المياه الإقليمية التونسية دون إذن .. وهو قرار تشكر تونس عليه. إذا ما تجولت في شوارع تونس سوف تري مصر التي كانت قبل امتداد الظاهرة الدينية .. لا أتحدث هنا عن الحجاب .. وعن اللحي .. وإنما عن قدرة المواطنين علي أن يتعاملوا بعصرية مع الحياة .. طريقة مدنية لاتنفي التدين .. لا أحد ينظر متطفلا إلي امرأة في الشارع لأنها لاتضع غطاء الرأس .. فهذا هو الطبيعي .. ولا أحد ينظر إلي كاشفة شعرها علي أنها من دين آخر غير الإسلام .. والقاعدة هي أن الناس أحرار في تصرفاتهم ماداموا لايخالفون القانون . وبالطبع لم ينبت هذا من فراغ .. ادخل أي مكتبة وانظر إلي العناوين المصفوفة علي الأرفف لكي تعرف كيف يفكر المجتمع .. وما هي القضايا التي تشغله .. من النادر أن تجد كتابا سلفيا أو متطرفا .. والكتب تناقش قضايا الدين بطريقة متفتحة .. والصحف أيضا تنشر فيها مقالات واضحة من أجل ترسيخ عصرية المجتمع.. أحدها كان يرصد الأصول الشرعية لمنع العمرة في تونس اتقاءً لأنفلونزا الخنازير .. فالبناء الثقافي لعقلية المواطنين محكوم بقيم تحافظ علي مواصفات الدولة ..وهي مواصفات تختلف تماما أو جزئيا عن جيرانها الأقرب .. سواء في الجزائر أو المغرب . ولكن صورة المجتمع الخارجية ليست هي الدليل الوحيد علي أن بناءه صحيح .. يعني إذا كنا نعتبر تونس هي لبنان الغرب .. فإن لبنان نفسها لديها صورة خارجية لمجتمع ليبرالي إلي حد بعيد من الناحية الظاهرية .. غير أن هذا لا ينفي أن المجتمع نفسه يعاني من طائفية مروعة تسكن النفوس .. والعقول .. وتهدد الدولة في أي لحظة .. وتجعلها هشة البنيان .. وقيد الخطر. ومن ثم فأنا أتحدث عن الجوهر قبل المظهر .. ومشكلة المجتمع المصري في الاثنين .. في أن التطرف أجري عملية غزو متدرجة ومستمرة لعقول وأفئدة الناس علي مدي عقود .. وانعكس هذا علي المظهر بالتالي .. ومن ثم علي سلوك الناس .. وأصبح حاكما في التعاملات اليومية .. وصار له تأثير في التفاعل السياسي .. ويمثل ظهيرا ثابتا لبقاء التطرف علي الساحتين الاجتماعية والسياسية. أين المشكلة القضية الأصيلة هنا ليست في أن الناس تقول (إن شاء الله ) دون أن تفعل هي شيئا.. وفي أنها تنجرف خلف أي شعار ديني دون أن تفحص قائله ومن يردده وهدفه منه .. وتتعامل مع أي ممن يردد هذا الكلام علي أنه (بتاع ربنا).. وتبني علي أساس هذا حكمها .. وليس لديها مانع من أن تعطل الشارع في صلاة التراويح .. أو أن ترفع مستويات صوت المكبرات ليلا ونهارا دون أي تحسب للآخرين. القضية هي أن التفكير لم يعد علميا .. ولايقوم علي المنطق .. بقدر مايستند إلي اللامرئي .. ولايجعل العقل مرجعا .. ويركن إلي العاطفية .. ويتجاهل قدرة الفرد علي أن يغير حاله .. وإمكانية أن يقوده طموحه وابتكاره إلي ما هو أفضل .. بدلا من أن يقود مسار حياته بالاتكال المتواكل .. تخدعه الشعارات ولايحتكم إلي صحيح الرؤي. في الأسبوع الماضي، وصلت إلي يد زميلي أشرف أبو الريش - نائب رئيس قسم الأخبار في جريدة روزاليوسف - نسخة من منشور يوزعه نائب إخواني في شبرا الخيمة اسمه جمال شحاتة ..عبارة عن إعلان مسابقة تداعب تلك المشاعر الدينية بقصد تحقيق فائدة سياسية .. فالمنشور يبدأ بتحفيظ القرآن وتسميعه وأسئلة في التاريخ الديني وينتهي بإعلان عن مدونة النائب ومقره واستفتاء حول أدائه. القضية هنا في الشعار الذي تضمنه المنشور .. وهو (الإسلام هو الحل ) .. وهو شعار كما يعرف الجميع لا يمكن استغلاله سياسيا بحكم الدستور .. ويعتبر مخالفة قانونية .. وإذا كان هذا ليس وقت انتخابات فإن النائب إنما يبني قاعدة تصويته علي أساس الشعار غير الدستوري .. لأن الدستور لا يقر باستخدام الدين في الدعاية السياسية .. والأهم أن النائب لم يشغل باله وهو يجتهد في طباعة وتوزيع المنشور بأن يقول للناس ماذا قدم لهم .. وكيف له أن يضيف في الفتره المقبلة .. وإذا كانت تلك واحدة من الوسائل لكي ينمي قاعدته الانتخابية ويربط الأصوات .. فما الذي سوف يكون في يمينه لناخبيه غير أن يجلسهم أمامه لكي يعيدوا تلاوة القرآن فيختار منهم من يسافر إلي أداء العمرة. لا هو قال رصف شارع .. ولا تحدث عن افتتاح مركز خدمات .. ولا عن افتتاح مدرسة .. أو زيادة عدد الفصول .. أو الضغط من أجل كوبري .. أو تحسين أحوال المنطقة .. ولا أسئلة تقدم بها إلي الحكومة من أجل مصالحهم .. هو يدرك أنه لم يبن علاقته مع الناخبين علي هذا الأساس ولا يريد أن يضيع وقته .. فأقرب طريق إلي أصوات الناس دينهم .. ولأن هؤلاء يدركون تلك الحقيقة .. وهذه المشكلة .. فإنهم يواصلون استثمارها بكل السبل .. خصوصا في رمضان. المناخ مع التطرف إن تدين الناس ليس عيبا .. ولكن أن يصبح المظهر المتدين هو ميزان الحكم علي جميع الأمور فإن تلك تكون هي المأساة التي نعيشها الآن .. أجيال تلو أخري توجهت بوصلة ثقافتها بعكس اتجاهات ثقافة العصر .. بعد أن أقنعتهم رسالة مكثفة ودائمة ومتكررة ومتواصلة أن الدين هو مفتاح الحياة الوحيد .. والإشكالية أن تلك الرسالة تقود إلي الآخرة لأن الخطاب الديني يقوم بالأساس علي علاقة الفرد بما بعد الموت .. ولايحفزه علي استثمار طاقة حياته .. فقد تم اجتزاء القاعدة التي تقول (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا .. واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا).. واقتصر الأمر علي الشطر الأخير. هذا المناخ هو الذي خلق الفرص المتوالية لنمو التنظيمات المتطرفة .. ولاستمرار بقاء التنظيمات المستغلة للدين في السياسة علي الساحة .. رغم أنها لاتطرح أي بديل .. ولا تقدم أي تصورات يمكن أن تشرح للناخب ما هو تخيلها لمستقبل البلد .. ومن ثم فإن تنظيم الإخوان لو لم يكن قد تأسس في عشرينيات القرن الماضي .. وشهدنا تلك الحالة المجتمعية الثقافية في مصر منذ بداية السبعينيات لكان قد ظهر تنظيم آخر علي نفس الشاكلة .. يأكل عقل الناس ويخدعهم ويتاجر بمشاعرهم غير الموجهة. إن الامر المؤكد هو أننا نريد تعاملا دستوريا حاسما وقانونيا ناجعا مع كل من يرفع هذا الشعار الذي يؤدي إلي تضليل الناخبين سياسيا باستخدام الدين .. حتي لو كان علي منشور رمضاني .. وقد ينكر النائب المذكور وغيره - كما هي عادة الإخوان - علاقته بهذا المنشور المخالف للدستور .. ولكن هناك عشرات السبل للتحقق من هذا .. بدءا من متابعة الناخبين الذين تواصلوا مع مقره الانتخابي عن طريق المنشور .. وصولا إلي حفل توزيع جوائز مسابقاته هو وغيره. لكن المشكلة ليست في تصرف نائب من هذا النوع .. كما أنها لا يمكن أن تحمل دائما علي جهد الأمن المتيقظ في تتبع تحركات تلك التنظيمات .. ومواجهة ما تقوم به من تصرفات علي مستوي الأعمال السرية خصوصا عمليات غسيل الأموال المتنوعة التي يقومون بها .. ومن العار أن قاموا بها وهم الذين يرددون شعارات الدين. الخطة المطلوبة لكن المشكلة أننا نحتاج إلي عمل جماعي مخطط ومكثف ودائم وله جدول زمني .. يقوم بإحداث التعديل الجوهري في بناء الشخصية المصرية .. وبحيث ينسف التربة الدائمة التي تنمو فيها تلك التنظيمات .. والمنظومة الخفية، رغم كونها منظورة، التي تدعم الإخوان المسلمين ومن يماثلهم .. وكلنا نعرف ما هي الخطورة التي يمثلونها علي مصير هذا المجتمع. نحتاج إلي خطة تضعها عقول مصر .. لا يمكن أن تحرز نتائجها بين يوم وليلة .. ليس أقل من عشر سنوات .. وتكون علي مرحلتين (5+5).. وتركز علي عملية إحياء الثقافة المصرية في الشخصية المصرية .. تحفظ لها خصوصيتها .. وتمنعها من التيه الذي تعانيه .. وتستعيد مكنون الطاقة التي يمكن أن تدفع بها إلي الأمام .. وتخرج بها من غياهب الماورائيات وتعود بها إلي الواقع .. تفجر الطموح .. وتصر علي خلق روح التحدي .. والانضباط .. وثقافة العمل الجاد .. وروح العصر المدنية .. وتجعل من التدين منظومة قيم تحكم الأخلاق وليس آلية لخديعة الناس من قبل المتنطعين والانتهازيين والمحتالين باسم العقيدة. خطة تخلق تيارات مجتمعية متصاعدة .. تحقق الارتباط بالبلد .. وتؤكد الولاء والانتماء له .. وتجعل العقول تنتبه والقلوب تهفو حين تري علم الوطن أو تسمع سلامه الوطني .. تشعر بالفخر لأنها من هنا .. حيث تكون قد حققت إنجازها .. فتخاف عليه .. وتدهس من يمكن أن يقترح التضحية به في معارك لا ناقة لنا فيها ولاجمل .. وتحترم قيمة الدماء المصرية .. وتعرف كيف يمكن أن تحكم علي الأمور .. فلا يضللها مزايد .. ولايخدعها برنامج . إن كثيرا من مشكلات هذا المجتمع في السنوات الأخيرة نتجت عن أحكام عاطفية .. حركتها آليات التطرف .. أو الأدوات التي تسانده دون أن تدري - أو تدري - وقد كانت حرب غزة الأخيرة أحد أهم الأمثلة علي ذلك .. وهناك عشرات من الموضوعات المثيلة .. والدليل علي ذلك الخداع أنه لم يحدث متغير حقيقي في القطاع المحتل واقعيا رغم أن إسرائيل تقول غير ذلك .. ولكن كل ما تم تفجيره في يناير الماضي لم يعد يعبر عن نفسه صراحة .. إذ بغض النظر عن هدوء الحرب .. ووقف إطلاق النار .. فإن القطاع محاصر والشقاق الفلسطيني مستمر .. ولكن مدافع الإعلام المزيف سكتت .. حتي الجهود المصرية التي تبذل علي مدار الساعة تلبية للاحتياجات الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة لا تحظي بأضواء كافية تعبر عنها .. وتنسف خديعة أننا كنا نساهم في الحصار. اتجاهات وعلاقات هذا مثال عابر قصدت أن أقطع به اقتراحي بتلك الخطة الممتدة للتأكيد علي ضرورتها .. ومن ثم أعود إلي ما ينبغي عمله .. وأتوقف أمام مجموعة من المسائل التي تعبر عن الارتباك الذي نعانيه ويحتاج إلي تعديلات في الحركة المجتمعية المصرية : - المسألة السكانية .. وتنظيم النسل .. وهو ملف له علاقة بطبيعة التربية الدينية للمجتمع .. سواء علي المستوي الإسلامي أو المسيحي .. وهي تخضع بدورها إلي مزايدات التيارات المتطرفة وتؤثر في المناخ السياسي .. ولها أبعادها المستقبلية الخطيرة. العلاقة بين فئتي الشعب .. والمناخ الطائفي .. ومايرتبط بذلك مما يخص حرية العقيدة .. وهي بدورها في صميم التوجهات الدينية للناس .. وتتعرض لتسخينات سياسية مفجرة من التنظيمات الدينية خصوصا الإخوان المسلمين .. ولها بدورها تأثير خطير جدا علي مستقبل البلد وعلاقة عنصريه الأساسيين . العلاقة بين الغني والفقير .. وطبيعة التكوين الاجتماعي .. وقياس عدالة التوزيع .. ولا نريد في هذا أن نحبب الناس في الفقر .. وقبول التفاوت الطبقي .. لكننا نريد أن تكون هناك ثقافة قادرة علي أن تفجر في الناس طاقة اجتياز مواقعهم الاجتماعية عن طريق العمل المثمر وتنمية القدرات .. واحترام التنافس في إطار القانون .. وتوظيف النظام التكافلي في المجتمع من أجل سد الثغرات الناشئة عن المتغيرات الاقتصادية ..وليس لكي يتمكن المتطرفون من أن يربحوا أصوات الناخبين .. وهي بدورها علاقة تستخدم في تحقيق الأغراض السياسية. - العلاقة بين الفرد وعمله .. وهل العمل يكون من أجل التخلص من البطالة .. والتحول من صفة عاطل إلي عامل .. أم أن العمل أيضا وسيلة للترقي والتحقق في المجتمع .. والإسهام بالجهد الواجب في تطوره .. وأن أجر العمل يقوم علي أساس الجهد المبذول فيه والقدرات التي توظف من أجله .. وليس لكي يسد احتياجات الشخص أيا ما كانت .. فالذي لديه احتياجات أكبر عليه أن يبذل جهدا أكبر .. وهذه مسألة تحسم أمورا كثيرا في عقلية المجتمع وثقافته أهمها المبرر الذي يتم اختلاقه من أجل تسويغ الفساد. العمل الذي نريده وهناك أمور أخري كثيرة .. لابد أن تعمل عليها جهود متنوعة ومنظمة من قبل جهات مختلفة وبشكل مستمر .. وأخص هنا بالذكر الأدوار التي يجب أن تقوم بها جهات متنوعة: - منظومة التعليم .. بمستوياته المختلفة .. فالمشكلة لا تقوم في تلك المنظومة فحسب علي ما يواجهه الناس من ظاهرة الدروس الخصوصية والمدارس التي تفرز جاهلين لامتعلمين وإنما علي ما تلقنهم من قيم .. لم تزل أسيرة الروح المتطرفة .. والتي تعاني من قيود عدم وضوح الهوية .. والتي ينبغي أن تعلم الناس قيم العمل .. والعصرية .. والحداثة .. وتؤهل الأجيال إلي خوض غمار التنافس . - منظومة الثقافة .. وهي ذات دور أصيل في خلق تيارات حقيقية متأصلة في وجدان المجتمع .. تعمق شخصيته .. وتدعم ثقافته المصرية .. وتؤكد علي هويته .. وتربط بين البشر والأرض والتاريخ .. ومن المؤكد أن هناك عشرات من الشعارات والتصريحات التي تتردد حول ذلك .. ولكنها لا تعبر عن واقع حقيقي .. أو بتقدير متفائل تمثل جهدا يمثل قطرة في بحر. إن كثيرا من الأموال التي تنفقها الحكومة ووزاراتها المختلفة الآن علي حملات دعائية منظمة - قد تكون مثمرة - لخلق اتجاهات مواتية من أجل إصلاح الأحوال .. خصوصا في مجال الاقتصاد .. لها علاقة بما لم تغرسه المنظومة الثقافية وغيرها .. في شخصية المصري .. وعلي سبيل المثال فإن حملة وزارة النقل من أجل أن يحافظ الناس علي القطارات بعد تطويرها لها علاقة بما لم تقم به تلك المنظومة وغيرها من المنظومات التي أشرت إليها أو سوف أشير إليها. - منظومة الإعلام .. وهذه تكلمنا فيها كثيرا من قبل .. والمطلوب منها واضح. - منظومة الخطاب الديني .. الذي يقتضي تطويرا وتحديثا وعصرية .. بحيث يحسم مسائل كثيرة عالقة .. ويمنع هذا الضياع الحادث بين الناس والواقع .. ويربط بينهم وبين الحياة .. ولايدفعهم إلي الموت .. إما استشهادا بالاتجاه إلي ميادين ليست لنا .. أو انتحارا عبر الهجرة غير الشرعية التي يعلم المهاجرون أن فرصة النجاة من بحارها قد تكون صفرا، ولكنهم يفعلون ذلك ويركبون في قوارب لا أمان لها أمام أبسط موجة ..علي أساس أن الأعمار بيد الله. وفي مسألة الخطاب الديني هناك عشرات من المعضلات التي يطول الحديث فيها .. وبينها ما ذكر من قبل .. وفيها حسم معاني الشريعة وقيمها .. وعلاقة ذلك بالنظام السياسي .. ودور الفرد في المجتمع .. وقيمة احترام الدولة .. وحدود الاتكال .. ودور الدين في حياة الناس .. وعلاقات العمل .. وعلاقة الدين بالعلم .. واحترام العقائد .. وغير ذلك كثير . إن العمل في هذه الاتجاهات وفق منهج ورؤية يمكن أن يحرز ثماره بوضوح في وقت منظور .. ولكن حين يجري العمل علي ذلك بإيمان حقيقي بأهميته وتأثيره علي مستقبل البلد .. والطريقة المثلي للحفاظ عليه بعيدا عن التطرف الديني وتنظيماته الغادرة. عبد الله كمال يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي WWW.abkamal.net www.rosaonline.net أو علي المدونة علي العنوان التالي: http//:alsiasy.blogspot.com Email: [email protected]