يعد الإطماء أحد الظواهر السلبية الناجمة عن بناء السد العالي، مما تسبب في منع مرور مادة «الغرين» المسؤولة عن بناء التربة الزراعية والمحافظة على خصوبتها، إلَّا أن تجفيف تلك المادة وإعادة استخدامها في النشاط الزراعي والصناعي، سيحول دون التأثير البيئي السلبي الناجم عن السد، بخلاف خفض الكميات المستهلكة من الأسمدة الكيماوية التي يعتمد عليها المزارعون حاليًا في تعويض ما تفقده الأراضي من عناصر مهمة لنمو النباتات. من جانبه قال المهندس عبد الحليم علي، الخبير الزراعي: كمية الطمي المترسب منذ بدء تخزين مياه الفيضان في مايو 1964 نحو 100 مليون طن سنويًّا، وصلت الآن إلى أكثر من 3 مليارات طن تقريبًا، لذلك لابد من التفكير في الاستفادة من تلك الكميات الهائلة، عن طريق رفع الطمي إلى خارج البحيرة، حيث يجفف وينظف من جميع الشوائب والمعادن ويعبأ في عبوات زنة 50 كجم، بحيث يسهل نقلها، لافتًا إلى أنه من الممكن أن تقسم تلك الكميات، بحيث تستخدم 10% منها في صناعة الخزف والسيراميك و40% للأراضي الزراعية القديمة، بمعدل خمسة أطنان لكل فدان سنويًّا، ويتم استخدام ال50% المتبقية في استصلاح الأراضي الصحراوية بواقع 200 طن لكل فدان. وأوضح الخبير الزراعي أن ثمن عبوة الطمي لن تزيد 10% عن ثمن مثيلتها من الأسمدة الكيماوية، حيث إن ثمن الرمل الخشن والزلط الرفيع المغسول والمستخدم في السيراميك يغطي تكلفة رفع 100 مليون طن طمي، أي حوالي 2 مليار عبوة، مشيرًا إلى أن السد العالي حافظ على كمية الطمي منذ بنائه، حيث كانت 85% منه تذهب للبحر المتوسط دون استفادة، وفكرة الاستخراج تتيح الاستفادة ب100% من الطمي المحمول إلى الأراضي المصرية. من جانبه قال الدكتور حمدي حسين، الخبير البيئي: مشكلة الأطماء تزداد حدتها عامًا تلو الآخر؛ نتيجة الخلل البيئي المترتب على تزايد معامل التخزين الميت للطمي بالبحيرة، مما أفقد دلتا النيل بالتدريج قدرتها الذاتية للمحافظة على توازن المنسوب بينها وبين البحر، حيث طغى الأخير على الدلتا، مما أدى إلى تآكل جزء منها، بجانب تدهور التربة المتلازم مع تناقص الطمي بمياه النهر، لافتًا إلى أنه منذ ذلك الوقت، اتجهت الدولة للتوسع في إنشاء مصانع إنتاج الأسمدة، في محاولة لتعويض التربة الزراعية عن الحرمان من مصدر الطمي الطبيعي. وأوضح الدكتور حمدي أن الحل لتجنب الأزمة بناء أكثر من خزان يسمح بالتخفيف من كميات الطمي المتراكمة ببحيرة السد، بواسطة عمليتي الفتح والغلق للبوابات بالتناوب بين السدود، بناء على نتائج منظومة الرصد الرقمي والمراقبة الفضائية، بطول النهر من المنبع حتى المصب، وفي هذه الحالة تدفع المياه التي تعبر السد والخالية من الرواسب ذلك الطمي المتراكم، لتجدد قدرتها على حمل الرواسب وأثر شدة تدفق المياه في تحريك الطمي المتراكم بقاع البحيرة، مما يسهل عملية خروجه عبر بوابات السد التالي، إلَّا أن تضاريس النهر داخل الأراضي المصرية وقفت عائقًا أمام إنشاء خزان جديد، بالإضافة إلى السد العالي وسد أسوان، لذلك تم بناء سد داخل الأراضي السودانية مروي، لحجب جزء كبير من رواسب الطمي التي تصل السد العالي، مما يؤدي إلى زيادة السعة التخزينية للبحيرة، في مقابل انخفاض حجم المخزون الميت من الطمي.