اندلعت أزمة سياسية بين بغدادوأنقرة بسبب اتهامات من العراق بدخول قوات تركية إلى أراضيها، ودعت العراق السبت، الحكومة التركية إلى سحب قواتها "فورا" من محافظة نينوى شمالي البلاد، معتبرة دخول قوات مع آليات عسكرية لتدريب مجموعات عراقية "خرقاً خطيراً" للسيادة العراقية. لم تقتصر التصريحات والتنديد العراقي على هذا الحد، حيث هددت بغدادتركيا بإنها ستضر إلى طلب تدخل روسيا لردع الأتراك في المناطق العراقية، بحسب تصريح رئيس لجنة الأمن والدفاع فى مجلس النواب العراقي، حاكم الزاملى، الذي أكد أن البرلمان سيجتمع قريباً لبحث ما وصفه ب"الاعتداء التركى" الأخير بعد دخول قوة تركية عسكرية إلى العراق دون علم وإذن الحكومة الاتحادية. وبعيدًا عن الأزمة السياسية التي اندلعت وطلب العراق التدخل الروسي لحسم الامر، كانت لهذه الخطوة التركية أبعاد خاصة بعد التدخل الروسي في سوريا وتحجيم الدور التركي الذي كانت تلعبه في الأراضي السورية خلال الفترة السابقة. تدخل تركيابالعراق لتعويض نفوذها في سوريا جاء التدخل التركي في شمال العراق لكسر الطوق الذي تم فرضه على طموحات أردوغان في سوريا، فمنذ إسقاط طائرة بوتين، يواجه الأتراك ساعات عصيبة في التحرك داخل سوريا، خوفا من رد روسي، فضلا عن العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها موسكو، فالتدخل في العراق عملياً محاولة للعب دور في مجال جغرافي آخر، لا يدخل ضمن النفوذ الروسي، ومنسق مع أربيل وهو في الوقت نفسه يدور في الموصل التي يراها الأتراك جزءاً من نفوذهم. منافسة الغريم الإيراني في العراق فضلا عن هذا؛ هناك تعطش تركي لمنافسة الغريم التقليدي، إيران، على تقاسم النفوذ في المنطقة، والعراق منذ زمن بعيد وهي على مر السنين خط المواجهة والمجابهة بين تركيا (العثمانية) وإيران (الفارسية)، وذلك يعود إلى أن العراق لا يشترك في حدوده مع إيرانوتركيا ولا يضم أقلية كردية قومية نشيطة كما في تركياوإيران وحسب، بل إن كلتا الدولتين ترى في العراق مجالاً حيوياً على المستويين السياسي والاقتصادي، ومن ثم فإن العراق تاريخياً وجغرافياً وبسبب تركيبته العرقية والدينية، هو امتداد للأمن القومي التركي والإيراني. ونتيجة لما خلفه الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003، من تدمير للقدرات العسكرية والاقتصادية للعراق، الأمر الذي أدى إلى فتح الباب واسعاً أمام امتداد النفوذ الخارجي، وفي مقدمتها كانت تركياوإيران، ومع اتساع نفوذ الأخيرة على خلفية تقارب الايدلوجيات مع الحكومة المركزية، ترى تركيا الآن فرصة لوضع نفوذًا أخرى في مناطق خارج السيطرة الحكومية ، إلا إنها قوبلت بالرفض القاطع من الحكومة المركزية للعراق. وجاءت هذه الخطوة التركية بعد اتهام العراق منذ أيام قليلة تركيا صراحة بالتورط في ملف داعش، وشراء النفط العراقي من التنظيمات الإرهابية. توطيد العلاقة مع إقليم كردستان ويرى محللون أن التدخل التركي الأخير في العراق جاء لتوطيد العلاقة مع حكومة إقليم كردستان ودعم رئيس الإقليم الذي يشهد توترات وخلافات سياسية بين أحزابه، وتدعو بعض القوى السياسية في الإقليم إلى عدم الاعتراف بنظام الحكم هناك، وأكدت تقارير تركية أن أنقرة تدعم المقاتلين الأكراد المحسوبين على بارزاني رئيس إقليم كردستان على خلفية أن هناك انفاقيات نفط تمت بين الجانبين تخشي أنقره أن تسقط بعد تغير النظام الكردستاني. وعلى خلفية ذلك أعلن رئيس كتلة الجبهة التركمانية العراقية في برلمان كردستان آيدن معروف، أنهم يرحبون بدعم تركيا العسكري في الموصل، مضيفًا أن "لتركيا دور مهم في تحرير نينوى بإعتبارها منطقة تعيش فيها خليط من المكونات"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن لمدينة الموصل علاقة تاريخية مع تركيا. قاعدة عسكرية تركية في نيينوى يأتي هذا بينما نقلت صحيفة "حرييت" التركية المعارضة، بأن التحركات العسكرية التركية في محافظة نينوى تأتي ضمن اتفاق بين أربيل وأنقرة على منح تركيا قاعدة عسكرية دائمة في منطقة بعشيقة، حيث تم توقيع الاتفاق بين البرزاني ووزير الخارجية التركي السابق، المسئول الحالي عن ملف الشرق الأوسط والتحالف الدولي ضد التنظيم في الخارجية التركية، فريدون سينيرلي أوغلو، خلال زيارة قام بها المسئول التركي إلى أربيل في الرابع من نوفمبر الماضي.