«من هنا بدأ الإرهاب».. من شارع جانبي متفرع من «الجلاء» الممتد من كورنيش النيل حتى محطة الأوتوبيس في باب الحرس بمحافظة دمياط، إنها زاوية الخليل التى أنشأها موظف يدعى إبراهيم فشور أسفل منزله، بداية ثمانينيات القرن الماضي بعد اغتيال الرئيس أنور السادات – بحسب وليد البرش، أحد القياديين السابقين بالجماعة الإسلامية. «إبراهيم فشور» من مواليد عام 1938 م، حاصل على ليسانس آداب، كان يهوى المسرح، عمل لفترة ناقدًا فنيًا، وانتمى لحزب التجمع لفترة من الزمن، ثم ما لبث أن قرأ لسيد قطب كتبه حول الجاهلية التي تعيش فيها مصر، فجعل من زاويته تجمعًا لكل المنتمين للفكر القطبي، فضمت جماعة "التوقف والتبين" والسلفيين من أتباع الدعوة وغير المنتمين تنظيميًا لأحد، وكان يخطب الجمعة بها مشاهير الدعاة، أمثال حافظ سلامة، وعمر عبد الرحمن، وعبد الجواد ياسين، وأحمد المحلاوي، عبر لقاء يعقد بها بين صلاة المغرب والعشاء كل يوم ثلاثاء، وكانت الزاوية كثيرًا ما تشهد صدامًا مع أمن الدولة. زاوية الخليل تحتضن «التوقف والتبين»: قطبية الفكر احتضنت الزاوية جماعة التوقف والتبين بدمياط، إحدى تطبيقات الفكر القطبى، التى استندت في فكره إلى نقطتين أساسيتين، الأولى جاهلية المجتمعات المعاصرة، والنقطة الثانية وجوب وجود عصبة مؤمنة تستعلي بإيمانها على الجاهلية الموجودة، تهتم بتحقيق كلمة التوحيد، وتسعى لإقامة المجتمع الإسلامي، وحاول كثيرون تطبيق هذا الفكر. نشأت "التوقف والتبيين" في قرية على شط النيل تسمى سواحل كفر البطيخ على يد شاب يدعى نجيب عبد الفتاح إسماعيل «أبو عمار»، ابن الزعيم الإخواني عبد الفتاح إسماعيل، وسميت بهذا الاسم لأنهم قالوا «نحن لا نكفر أحدًا، ولا نحكم لأحدٍ بالإسلام، فنتوقف في الحكم على الناس حتى يتبين لنا هل هم يكفرون بالطاغوت ويحققون شروط لا إله إلا الله أم لا؟»، ولم يشهدوا لمن قال: لا إله إلا الله أو ارتاد المساجد أو صام رمضان أو أدى فريضة من فرائض الدين بالإسلام حتى يتبينوا من استيفائه الشروط التي وضعوها لمن يكون مسلمًا عندهم، كما حكموا على الشعب المصري كله بالارتداد عن الإسلام. زاوية الخليل وجهة جماعة الشوقيين وتبنت زاوية الخليل أيضا جماعة الشوقيين التى نشأت على يد شخص يدعى «شوقي الشيخ» بقرية كحك مركز أبشواي محافظة الفيوم، والتى يستحل أفرادها أموال الشعب غير المسلم في اعتقادهم، فكانوا يسيرون في القرى المجاورة لهم يبحثون عن غنيمة، حتى إذا وجدوا شاة أو بطة أو غيرها، سها عنها أصحابها، أخذوها فرحين بغنيمتهم، ومن أشهر الأحداث المرتبطة بهم قتلهم المقدم أحمد علاء، ضابط أمن الدولة بالفيوم في مارس 1993م، والمشهور ب"أباطرة التعذيب في الجهاز"، وبعد الحادثة، من لم يعتقل منهم، ترك الفيوم وذهب إلى سيناء، ليكون جزءا من الحركات الإرهابية التي تحارب الجيش هناك. حوار مع شاب ب«التوقف والتبيين»: تكفير الوالدين منهجه وأشار وليد البرش، إلى حواره مع أحد أعضاء جماعة التوقف والتبيين، الشاب الذى لم يحصل على الإعدادية يدعى «أيمن . ه»، وقال الشاب، إنه لا يحابي أحدًا في دين الله فهو على ملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلم حين قال لقومه: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، وبالتالي الشعب مرتد لأن هذا حكم الله فيه. "البرش": وأهلك هم مرتدون أيضًا؟ الشاب: ما رأيك أمي تصلي الفروض الخمسة وتصوم رمضان وتصوم تطوعًا الاثنين والخميس وترتدي النقاب وتكفر حسني مبارك هل هي مسلمة؟ البرش: هي استوفت شروط الإسلام لديكم. ضاحكا: لا هي مرتدة. البرش: ولماذا؟؟ الشاب: لأنها متزوجة من أبي المرتد الكافر. ويوضح "البرش" أنه تأكد بعد نهاية الحوار مع الشاب، بأنه كان معتدًا بجهله، مستمتعًا بأنه المؤمن وسط أهله الكفار، لافتا إلى عمله بعد ذلك مرشدًا للمباحث وخرج من السجن، ولا يدري إن كان ترك هذا الفكر أم لا. استباحة كل المحرمات وأضاف "البرش" أن هذا الفكر يبيح لمعتنقيه المحرمات بزعم وجودهم وسط مجتمع كافر، فدماء الشعب الكافر وأمواله بل وأعراضه حلال لهم، والكذب والغدر والخيانة في التعامل مع الشعب حلال، بل العمل مرشدًا مع المباحث ضد هذا الشعب حلال لديهم، لا ضير فيه، وعمل الكثير منهم مرشدين للمباحث داخل وخارج السجن، ولا يجدون في ذلك عضاضة ولا إثمًا ، فالمباحث كفار، والشعب مثلهم، والعمل مرشدين ضرب للظالمين بالظالمين ليخرجوا من بين أيديهم سالمين. وتابع: "كان أحدهم في سجن بورسعيد ينتظر دخول أعضاء الجماعة في الصلاة، ويقوم بسرقة ما يستطيع من أشيائهم، ويحملها فرحًا إلى غرفته، فقد حصل على غنيمة، ثم ما لبث أن عمل مرشدًا للمباحث وأفرج عنه، الآن من أشهر المرابين في دمياط"، موضحا أن جماعة التوقف والتبيين، كانت لا تصلي في المساجد؛ لأنها تراها بنيت لمحاربة دين الله، وكانوا يصلون في مساجدهم في قرية السواحل أو في أماكن يخصصونها للصلاة بأماكن عملهم، وكانوا لا يدخلون أطفالهم المدارس لأنه يوجد بها مواد شركية، ولا يدخلون الجيش، وكانوا يعتمدون في تعلمهم الدين على كتب محمد بن عبد الوهاب، وكتب علماء الوهابية بالسعودية، كالشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين وغيرهم. 25 يناير أخرجتهم من جحورهم.. وجبهة النصرة ملجأهم واستطرد "البرش": بعد 25 يناير، عادت هذه الجماعة إلى مساجدها بقرية السواحل، وبدأت في تجميع أنصارها مرة أخرى، وما لبث أن انضم أبرز أعضائها ويدعى "أبو عمر" إلى جبة النصرة في سوريا، وقبض على الخلية التي كان منضما إليها في قرية سواحل كفر البطيخ تناهض الدولة بقيادة نجيب أبو إسماعيل.