فى محاولة لاستعادة الماضى أعلن مجموعة من الشباب لا يتجاوزون العشرين من عمرهم، عن تشكيل جماعة تكفيرية باسم «الناجون من النار» بمنطقة شبين القناطر، ووزعوا منشورات على الأهالى أمام المساجد، بها جمل وعبارات تكفيرية وتأكيدات على أن هدفهم نصرة الإسلام وإعلاء رايته،أعقب كل هذا بيومين فقط عمليات تفجير سيارات مفخخة فى عدد من المناطق بالجمهورية. «صوت الأمة» تحدثت الى احد قيادات جماعة الناجون من النار المتهم باغتيال أبوباشا وزير الداخلية، الشيخ حسام الدين دومة وهو على فراش المرض بعد اجراء عملية زرع كبد، حيث أكد ان «الناجون من النار» ليست جماعة حديثة بل إن تاريخها يعود إلى منتصف الثمانينيات، حينما ترك الطبيب الشاب «مجدى الصفتى» فكر تنظيم الجهاد وتبنى فكر التبيين والتوقف - أى التوقف عن الحكم للمسلمين المعاصرين بكفر أو إسلام إلى أن يتبينوا حقيقة معتقداتهم - وسرعان ما كون جماعة خاصة به مزج فيها بين فكر الجهاد فى العمل المسلح وبين عقيدة جماعات التوقف والتبيين المنتشرة. ■ ما الذى دفعكم فى بداية تأسيس الجماعة للجوء للعنف؟ - كان علينا إثبات أن معتنقى هذا الفكر هم أهل جهاد وعمل وليس أهل كلام فقط كما كان يرميهم خصومهم خاصة من تنظيم الجهاد المصرى. وضم إليها مجموعة من الأشخاص من معتنقى فكر التوقف الذين وافقوا على فكرة الأخ مجدى الصفتى فى وجوب القيام بتحرك مسلح لإثبات أن فكرنا ليس كلاما فقط وإنما هو كلام وعمل وجهاد أيضا، وكان من بين بعض من انضموا لنا متعاطفون سابقون مع تنظيم الجهاد. ■ بعيدا عن الاتهامات ما العمليات التى تقرون حقا بتنفيذها؟ - «الناجون من النار» قام بثلاث عمليات مسلحة حاولوا فى الأولى اغتيال حسن أبو باشا، ولكنه نجا بأعجوبة فلم يمت وأصيب بجراح خطيرة، والثانية محاولة اغتيال نبوى إسماعيل، والكاتب الصحفى «مكرم محمد أحمد». - هل العناصر الحالية تنتمى للجماعة الأصلية الناجون من النار القديمة؟ - بسجن قادة المنظمة وأغلب قادتها تفككت وانتهى أمرها ولم يعد لها وجود رغم استمرار هروب مجدى الصفتى لست سنوات متصلة قبل أن يلقى القبض عليه عام 1993، ويسجن مع الأخوة الذين تحول أغلبهم عن فكر التوقف إلى فكر السلفية الحركية، كما أن الأخ مجدى أعلن تركه للعمل الجهادى ببيان من داخل السجن قال فيه إن ما تم من عمليات كان تحت تأثير طيش السن وضغوط معينة، أما العناصر الجديدة لانعرف عنها شيئا ربما تتلقى تمويلا لا نعرف مصدره. ■ وما علاقتكم بجماعة الإخوان؟ - جميع الجماعات التكفيرية سواء «الناجون من النار»، أو القطبيين، أو الشكريين أو الفراماوية، خرجت من عباءة جماعة الإخوان التى تعد الأب الروحى لها، جميعها ظل يعمل فى السراديب كخلايا نائمة طوال العقود الماضية، لكن اصحاب هذه الجماعات انشقوا عن فكر الاخوان بفكر جديد. ■ ما سبب تكون جماعات العنف برأيك؟ - تبلورت أفكار ومبادئ جماعة التكفير والهجرة فى السجون المصرية وخاصة بعد اعتقالات سنة 1965م ورأى المتدينون المسلمون داخل السجون من ألوان العذاب ما تقشعر من ذكره الأبدان وسقط الكثير منهم شهداء بسبب التعذيب دون أن يعبأ بهم أحد فى هذا الجو الرهيب، ولد الغلو ونبتت فكرة التكفير ووجدت الاستجابة لها. ففى سنة 1967 طلب رجال الأمن من جميع الدعاة المعتقلين تأييد الرئيس جمال عبد الناصر فانقسم المعتقلون إلى فئات: فئة سارعت إلى تأييد الرئيس ونظامه بغية الإفراج عنهم والعودة إلى وظائفهم وزعموا أنهم يتكلمون باسم جميع الدعاة وهؤلاء كان منهم العلماء وثبت أنهم طابور خامس داخل الحركة الإسلامية وثمة نوع آخر ليسوا عملاء بالمعنى وإنما هم رجال سياسة التحقوا بالدعوة بغية الحصول على مغانم كبيرة. أما جمهور الدعاة المعتقلين فلجأوا إلى الصمت ولم يعارضوا أو يؤيدوا باعتبار أنهم فى حالة إكراه، بينما رفضت فئة قليلة من الشباب موقف السلطة وأعلنت كفر رئيس الدولة ونظامه بل اعتبروا الذين أيدوا السلطة من إخوانهم مرتدين عن الإسلام ومن لم يكفرهم فهو كافر والمجتمع بأفراده كفار لأنهم موالون للحكام وبالتالى فلا ينفعهم صوم ولا صلاة. وكان إمام هذه الفئة ومهندس أفكارها الشيخ على إسماعيل. ■ هل تكفر هذه الجماعات الحكام فقط؟ - هم يكفرون كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها ولم يتب منها وكذلك يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله بإطلاق ودون تفصيل ويكفرون المحكومين لأنهم رضوا بذلك وتابعوهم أيضاً بإطلاق ودون تفصيل، أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم، أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم، وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهى كافرة مارقة من الدين، وكل من أخذ بأقوال الأئمة أو بالإجماع حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو فى نظرهم مشرك كافر