مهندس عمليات المقاومة ضد الاحتلال في تسعينات القرن الماضي، أذاق العدو مرارة الألم في كثير من الأحيان، سجله يفيض بالأمجاد والبطولات، كان من بين الذين سطروا تاريخهم بحروف من نور، في الدفاع عن الأقصى المبارك والقضية الفلسطينية، ضحى بالغالي والنفيس، لصد الهجمات والممارسات الصهيونية بحق أولى القبلتين. يحيي عياش الذي ولد في السادس من مايو 1966 بقرية رافات بطولكرم جنوب غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية، درس في قريته حتى أنهى المرحلة الثانوية التي نجح فيها بتفوق فأوفده أهله للدراسة في جامعة بيرزيت وتخرج في كلية الهندسة قسم الهندسة الكهربائية في 1988، وقد تزوج إحدى قريباته وأنجب منها ولدين هم البراء ويحيى. تعتبر الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت في ديسمبر 1987 هي بدايته بأعمال المقاومة ضد إسرائيل، وكان عمره وقتها 21 عاماً، حيث كتب رسالة إلى حركة حماس وتحديداً لكتائب عزالدين القسام يوضح لهم فيها خطة لمقاومة الاحتلال عبر الهجمات الانتحارية، وهى نوع جديد من المقاومة لم يكن ظهر بفلسطين بعد، وأصبحت مهمته إعداد السيارات المفخخة والعبوات شديدة الانفجار. وقد استطاع أن ينقل المعركة إلى قلب المناطق الآمنة داخل الأراضي المحتلة التي زعم الإسرائيليون أن أجهزتهم الأمنية تسيطر على الوضع تماماً فيها ونفذ مقاتلو حماس بتخطيط منه عدداً من العمليات المهمة والمؤثرة، لتبلغ خسائر الإسرائيليين في عملياته 76 قتيلا و400 جريح. وكان عياش قد نشط مع صفوف كتائب عز الدين القسام منذ مطلع عام 1992 وتركز نشاطه في مجال تركيب العبوات الناسفة من مواد أولية متوفرة في الأراضي الفلسطينية، وعقب مذبحة المسجد الإبراهيمى في فبراير 1994 طور أسلوبا بالهجمات الانتحارية سماه (العمليات الاستشهادية)، واعتبر مسئولا عن سلسلة من هذا النوع من الهجمات، مما جعله هدفاً مركزياً لإسرائيل. ووصلت عملياته الجهادية لقلب الكيان المحتل في تل أبيب، وبدأت مطاردة الكيان الصهيوني له، حيث كان يتخذ من كهوف ومغارات فلسطين قواعد انطلاق ومخبأ له، ينطلق منها لتنفيذ العمليات الاستشهادية، ضد جنود ودوريات الاحتلال. وكانت قوات كبيرة من الجيش الصهيوني والمخابرات، قد داهمت منزله وقامت بتتفيشه والعبث بالأثاث، وتحطيم بعض الممتلكات الشخصية الخاصة به. على إثر تلك المداهمات، اضطر يحيى عياش للانتقال من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، للاختباء والتمويه، ونجح في تنفيذ العديد من العمليات الاستشهادية ضد مصالح الكيان الصهيوني في هذا الوقت. بعد مطاردة طويلة من جهاز الشاباك الصهيوني، تمكنت المخابرات الصهيونية من اغتيال المقاوم القسامي والمهندس والقيادي في كتائب القسام، يحيى عياش، وذلك في يناير من العام 1996. وضع إسحق رابين، رئيس وزراء الاحتلال في ذلك الوقت، ملف القائد القسامي، على رأس أولويات حكومته السياسية والأمنية، حيث وضع جهاز الشاباك مادة متفجرة وصلت إلى 50 جم في تليفون محمول، أخذه عياش من صديقه أسامة. وكان عياش ينتظر مكالمة من والده، وفي يوم الخامس من يناير عام 1996، وكان الخط المنزلي مقطوعا، فاتصل والده بالتليفون المحمول، وعن بعد تم تفجير التليفون عن طريق طائرة كانت تحلق في نفس الوقت، فتناثرت أشلاء الشهيد يحيى عياش، بعدما تعرض لجروح بالغة وقطع في الرقبة من تأثير الانفجار.