بين ضحكاتها ودموعها، انفعالاتها المفرطة، وحنانها وجنونها، لخصت دعاء حمزة كفاح ومتاعب وكوابيس الحياة اليومية للقطاع الأكبر من المصريات، في شخصية "أم إمام" بمونودراما "صح النوم"، على مسرح الفلكي. العرض مأخوذ عن نص "نوبة صحيان"، للإيطالى صاحب نوبل داريوفو، ترجمة منحة البطراوى، وقدمته فرقة اللعبة المسرحية، تمثيل وإعداد وإخراج دعاء حمزة، وتصميم إضاءة صابر السيد وموسيقى وشريط صوت شريف الوسيمى، عرض لأول مرة فى مايو2014. يبدأ العرض بضوضاء تأخذنا لمشهد ديكور شديد البساطة والعشوائية لمنزل بسيط، غرفة نوم ومطبخ وحمام، فيما تتناثر لعب أطفال في كل مكان، ونشاهد بطلتنا في كادرات ثابتة كصور تذكارية تعكس اهم احداث حياتها: طفولتها وزواجها وحملها. ونتبين أن الضوضاء مزيج من صوت قطار وأجهزة تليفزيونات وراديوهات جيران في بلوك سكني مزدحم، ونسمع هذيانها خشية تمزق أصابعها.. لنكتشف معها أنه كان "كابوسا". بالتوازي مع لحظات استيقاظها الإجباري للذهاب لعملها، بعد فترة نوم قصيرة وقلقة. تتحسس يدها وتتأكد أنها سليمة، وتعلق: "بشتغل وأنا نايمة، قُطع المصنع على اللي فيه"، رغم ذلك تبدأ يومها ب"نهارك أبيض" لرضيعها بأداءات انفعالية مختلفة، لتوقظه. وسط استعداداتها التقليدية للخروج للعمل، تكتشف أن المياه مقطوعة، تجهز الرضيع وتهدهده بالأغاني التقليدية، ووسط "الربكة" تستبدل مزيل رائحة العرق بالبيروسول! فتسخر من عالمها بكوميديا صارخة. وحين لا تجد مفتاح الشقة، تبدأ رحلة البحث عنه.. بتذكر تفاصيل ما حدث في الليلة الماضية، وتتداعي محطات رحلة التذكر إلى علاقتها بابنها وزملاء عملها بالمصنع ، ورئيسها في العمل الذي لا يري قيمة لعملها ويسبها بإنها مجرد بصمجية غير متعلمة. ومشاداتها مع زوجها الذي يعمل سائق قطار، وسط حالة إنهاك يومي لكلاهما ومشاجرات لأتفه الأسباب، وعدم تقديره لجهدها، وإتهامه لها ب"عضوية جمعية المرأة المتوحشة"، وسخريته من عشقها للغناء الأصيل.. لأن "صوتها وحِش"، وشكواه المستمرة من متاعب حياته وعمله، تسخر "أم إمام" من حماتها الصعيدية التي اعتبرتها "وش فقر"على ابنها، رغم تحملها لتقلبات أحواله المادية، ومن تطفل جاراتها على حياتها الخاصة، حكايات وتداعيات تتلاحق مع خلفية صوتية لأغاني شعبية وتراثية. في العرض شريط صوت متميز واحتفاء بالطرب الأصيل، نتابع مع بطلتنا شغفها بالراديو والغناء ونسمع معها أغنية هدي سلطان "إن كنت ناسي أفكرك" بينما تغسل ملابس طفلها، وتحكي أحد أعذب ذكرياتها عن علاقتها بوالدها الراحل الذي ورثت منه عشق الغناء وفيما تعترف أن صوتها ليس جميلًا تؤكد أنها رغم ذلك "سميعه" وهو ماورثته عن والدها الذي كان عاشقا للطرب وكان يجعلها تصحبه وهو يسمع الأغاني ويشرح لها أنواعها ومميزات كل أغنية، ثم تتجاوز السخرية من صوتها لتغني أغنية شعبية "موعوده بحبك موعوده برموشك وعينيك السودة والله أنا خايفه تشمت في كل بنات الحتة يا حوده" وهي أغنية لبدرية السيد التي لقبت بملكة الغناء الشعبي في الأسكندرية. عبر غنائها ونكاتها وتمثيلها الساخر تسيطر دعاء على خشبة المسرح ل45 دقيقة، خالقة حالة مبهرة من البهجة والحيوية الفائقة لا تسمح بلحظة ملل، وتنتزع الضحكات والتقدير لحياة المرأة "الشقيانة" القادرة على خلق الفرحة، ولا تنتظر سوى قليل من التقدير والتفهم لمتاعبها وتضحياتها اليومية. "أم إمام" ليس لها اسم خاص، فقد اختزلها المجتمع في صفات: أم، زوجة، عاملة، ربة منزل، لتعلق ساخرة: "ونسيت إني امرأة ". وتكتشف، بعد معركة الاستعداد للخروج إلى العمل، أن اليوم هو "الجمعة".. أجازة، ويمكنها أن تنام ساعات أكثر، لتنهي عرضها على أغنية "الهدهدة" الشعبية للطفل: "نام يا حبيبي.. نام"، مع موسيقى ناعسة، غير أنها سرعان ما تفاجأ بأصوات القطار والتليفزيونات والراديوهات، تفسد عليها الحلم بمجرد أن تنام ساعة أو أثنين أكثر مما إعتدات باقي الأسبوع. "صح النوم"، هو تجربة الإخراج الأولى لدعاء، التي مرت على محطات عدة منذ قررت تتبع شغفها بالتمثيل، قبل 6 سنوات، وشاركت في عدة ورش للتمثيل والإخراج، أهمها ورش: أحمد كمال، حسن الجريتلي، ومارك ماكيون بالكوميدى فرانسيز، وبن ريفرز مسرح البلاي باك والسيكودراما. وقدمت عدة عروض في مسرحي الهناجر وروابط، وحصلت على جائزة التمثيل عن "الدرس" في المهرجان القومى للمسرح. وشاركت فى عروض فى كندا وألمانيا وبراج، وفي تجارب حكي، منها قوس قزح.