وظائف خالية اليوم 3209 فُرص عمل جديدة في 59 شركة خاصة تنتظر شباب 14 محافظة    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    الاحتلال الإسرائيلي يحدد مواعيد تنقل الفلسطينيين إلى مراكز المساعدات وإغلاق ومؤسسة غزة    «كل الطرق تؤدي إلى الجزيرة».. الأهلي يعلن ضم زيزو    بتقديم التهنئة والورود.. الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال بعيد الأضحى المبارك    منافذ التموين تواصل صرف المقررات في أول أيام عيد الأضحى    السياحة تعلن خطوات تلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    السفير الأمريكي لدى اليابان: المحادثات بشأن الرسوم الجمركية لن تقوض التحالف بين البلدين    قرار تاريخي.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية باكتساح    حالة من الاستقرار في أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق أول أيام عيد الأضحى المبارك    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    إحباط ترويج 38 كيلو مخدرات وضبط 7 عناصر إجرامية ب «دمياط وأسوان»    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية القديرة هدى العجيمي    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    في أول أيام عيد الأضحى.. جامعة قناة تعلن عن خطة رفع الطوارئ في قطاع الخدمات الطبية    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    خاف من نظرات عينيه وبكى بسبب أدائه.. هكذا تحدث يوسف شاهين عن المليجى    محافظ الدقهلية يزور دار المساعى للأيتام بالمنصورة: "جئنا نشارككم فرحة العيد"    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2025 مكتوبة وجديدة للأهل والأصدقاء    وفاه الملحن الشاب محمد كرارة وحالة من الحزن بين زملائه ومحبيه    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    تحالف الأحزاب عن القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ: اجتهادية    حزب الوعي: القائمة الوطنية المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ إما بالونات اختبار أو اجتهادات    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    إيطاليا تلتقي النرويج في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم 2026    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    حبس المتهم بقتل شاب يوم وقفة عيد الأضحى بقرية قرنفيل في القليوبية    نانسي نور تغني لزوجها تامر عاشور في برنامج "معكم منى الشاذلي"|فيديو    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    ماذا يحث عند تناول الأطفال لحم الضأن؟    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    أحمد العوضى يحتفل بعيد الأضحى مع أهل منطقته في عين شمس ويذبح الأضحية    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    خطيب عيد الأضحى من مسجد مصر الكبير: حب الوطن من أعظم مقاصد الإيمان    أجواء من المحبة والتراحم تسود قنا بعد صلاة عيد الأضحى المبارك وتبادل واسع للتهاني بين الأهالي    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعاء محمد حمزة: حريتى «اللعب مع الحياة على المسرح»!
نشر في صباح الخير يوم 16 - 09 - 2014

أن تعيش داخل مساحة زمنية لا تتجاوز الخمس وأربعين دقيقة تمر بها على هموم تفترس قلوب نساء هذا المجتمع، كل وفق سيناريو حياتها واختلاف تفاصيلها.. خمس وأربعون دقيقة من تدفق صادق على خشبة المسرح تجبرنا على الانبهار به بمنتهى الرقة والقوة والإبداع والتلقائية.. الممثلة والمخرجة المسرحية دعاء حمزة فى مونودراما راقية «صح النوم» المأخوذة عن النص الإيطالى الأصلى «نوبة صحيان» لداريوفو.. ذلك النص الذى كان مغرياً لكثير من المبدعين أن يتعاملوا معه مسرحياً من قبل.
«صح النوم» للمبدعة دعاء حمزة فى 2014 استوقفنى لشدة عمق بساطته وصدقه.. أما دعاء نفسها التى أعرفها على أصعدة ثقافية مختلفة خلال سنوات غير قليلة مضت فأصابتنى بدهشة الاكتشاف.
«صح النوم» لقطة للسيدة الشابة البسيطة «أم إمام» التى تعمل فى مصنع، تصحو من نومها وتستعد للخروج برضيعها إلى العمل وفى لحظات شديدة الصدق والتلقائية تستعرض حياتها الزاخرة بتفاصيل كثيرها مؤلم ومحبط وموجع ممزوجة بسخرية لاذعة على حالها.. ورغم أن المسرحية مونودراما فإنها ليست بطولة دعاء حمزة فقط بل بطولة أغلب نساء هذا المجتمع المطحون، وهذا ما فعلته دعاء كمخرجة للمرة الأولى أن تنجح بوعيها وبحسها الإنسانى الراقى فى أن تنقل تجسيدها وكأنه لسان حال كل سيدة تشاهد نفسها كجزء أو تفصيلة من «أم إمام».
ربما تكون هذه الحالة المتدفقة من المشاعر والأفكار التى نقلتها دعاء على خشبة المسرح يعود إلى علاقتها بهذا النص المسرحى منذ ما يزيد على ستة أعوام عندما قرأته وانبهرت به وبشخصية السيدة محور النص، وشعرت أنها ستمثل هذا النص يوماً ما، وكأن الرهان الضمنى الذى عقدته دعاء مع ذاتها، تحقق وفازت به.
وقررت دعاء فى يناير 2014 أن تنجز هذا العمل، وقرأت النص المترجم بقلم الفنانة منحة البطراوي، وكان لدى دعاء شعور قوى بأنها تريد أن توصل معانى كثيرة من خلال هذا النص لا تخص هموم المرأة فحسب، بل هموم المواطن بشكل أو بآخر، ولهذا مر إعدادها للنص بمراحل متعددة أولها: الإحساس والانغماس داخل شخصية المرأة التى يفجر موقف نسيانها لمكان مفتاح شقتها وهى تستعد للخروج برضيعها إلى العمل مشاعر أخرى موازية ومتداخلة تمس علاقتها بزوجها وبجارتها وبحماتها وبالمجتمع والأهم.. علاقتها بنفسها. ولأن دعاء هى ممثلة العرض فكانت تعتمد على مدرسة الفنان أحمد كمال الذى تعلمت منه الكثير فى ستديو الممثل وهى مدرسة الارتجال، وقامت بعمل بروفات وحدها تماما، تسجل الصوت لنفسها وتسمعه، وترتجل ثانية، وتخرج كل ما فى جعبتها من مشاعر وأفكار لمدة شهر ونصف تقريبا، ثم قامت بعد ذلك بكتابة النص بعد أن استقر وجدانها على المعانى والجمل والتفاصيل التى تريد تطعيم النص بها.
ومن يعرف دعاء حمزة ربما يصاب بدهشة الاكتشاف مثلي، عرفت دعاء شخصًا رقيقًا وخجولاً ومتواضعة لدرجة نكران الذات أحياناً.. رقتها تحولت إلى ثقة وسيطرة وتحكم بكل أدواتها على المسرح، صوتها الهادئ الخجول، يتحول على المسرح إلى غناء، وبهجة وتفاعل وحياة وصدق بكل كلمة تقال تواضعها هو سفيرها لتلك التلقائية المتدفقة، فهى تمثل بدون مجهود، تجبرك على المشاركة بحواسك لا مجرد المشاهدة.
تتحرك على المسرح بحرية واضحة.. تدير مونولوجاتها مع الشخصيات الغائبة على المسرح وتلعب أدوارهم وتجسد أصواتهم وتنقلك من شخصية لأخرى ببراعة ناعمة.
• هل هذه هى دعاء التى أعرفها، أو التى كنت أتصور أننى أعرفها؟
بعد أن انتهى العرض.. وجاءت لحظة تحية الجمهور، وتقديم فريق العمل وتحيتهم.. عادت صورة دعاء بخجلها وحمرة وجهها من شدة التواضع.. ما السر وراء أن تكون خشبة المسرح هى كلمة السر وراء ذلك التدفق الإنسانى الرائع الذى يكشف عن أعماق شخصيتين معاً.. شخصية بطلة «النص» وشخصية ممثلته ومخرجته؟!
وقد حلت دعاء حمزة شفرة هذا التحول مفسرة:
بدأت أتحسس طريقى نحو ذاتى عندما بدأت التمثيل عام 2009 واشتركت فى فرقة الورشة وتدربت على التمثيل والإخراج والحكى والكتابة والتعبير الحركى والسيكودراما فى ورش عديدة مع فنانين ومتخصصين مصريين وأجانب، وكانت من أهمهم ورشة ستديو الممثل مع الفنان أحمد كمال الذى علمنى شيئاً مهمّا، وهو كيف أبحث داخل نفسى عن طريق التفكير الحر والارتجال.
أما الفنان حسن الجريتلى مؤسس فرقة الورشة فتعلمت منه فن «المواجهة» على خشبة المسرح الذى يشبه البحر، إما نغرق أو نسبح ونرتمى فى أحضان جمهوره!!.
وربما تكون دراستى فى كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية قد أفادنى كثيرأ لأننى قرأت نصوصاً أدبية كثيرة ساهمت بلاشك فى التأثير الفنى والأدبي، ثم جاءت دراستى للتذوق الأدبى والدراسات الحرة بالمعهد العالى للفنون المسرحية كلها محطات ساهمت فى تشكيلي.
يبقى أن الممارسة العملية هى معلم ومدرب آخر، فتجربة مسرحية الدرس 2009 التى حصلت فيها على جائزة، تختلف عن تجربة عروض الحكى التى عملتها مع المخرجة ريم حاتم فى «قوس قزح»، والتى كانت تتحدث عن علاقة المرأة بجسدها، ووقتها كنت حاملاً فى ابنتى فاطمة، وكتبت نصاً ضمن ورشة الكتابة بعنوان «فاطمة»، وجاءت سنوات الثورة وكانت أغلب العروض التى عملت بها هى «حكي» أكثر منها تعبير حركى مثل الحكى فى فرقة إسكندريللا ومع شعراء مثل أمين حداد وأحمد حداد، وهذا ما كانت تحتمه علينا طبيعة المرحلة «فالثورة وحكايات الشهداء والميدان كان يحكى عنها أكثر من كونها تجسد تمثيلا»، وجاء القرار من داخلى أننى لا أريد أن أتحدث عن الثورة كسياسة ولكن أردت أن أنتقل بها إلى «اللحم والدم» وهموم بنى آدمين وأوضاع مجتمع وقصص إنسانية لا تنتهي، ولهذا وجدت أن «صح النوم» هو الدافع للبداية فى ذلك الطريق.
وسألت دعاء عن مساحات الحرية المتدفقة التى تنساب منها على المسرح فأجابتنى بدهشة مضافة قائلة: أعتقد أن السر والفضل الأساسى يعود إلى المسرح التفاعلى أو السيكودراما حيث إننى كنت محظوظة بورشة عمل حضرتها مع بيل ريفرز Bill Rivers هو مدرب ومعالج نفسى بالدراما.. برازيلى الجنسية، ومن خلال جلسات معه ساعدتنى فى التعرف على ملامح أكثر وضوحاً للذات الحقيقية، والتغلب على «التروما» التى كانت مسيطرة على لسنوات طويلة، وكيفية تخطيها.
أنا بدأت التمثيل وأنا فى سن الثلاثين بسبب خوفى الدائم من أننى لن أستطيع، رغم عشقى للتمثيل ومشاهدتى الكثيرة للمسرح وللسينما، لكننى كنت أؤجل دائماً الخطوة بسبب الخوف.. وفجأة أصبح المسرح هو مكانى الآمن، بل مكانى الذى يجعلنى أشعر بأننى على راحتي، هو الذى يعطينى التوازن وتفريغ الطاقة بداخلي.
تقول دعاء: «تسأليننى عن الحرية على المسرح»، أقول لك «إنى على خشبة المسرح بأقدر أعمل كل الحاجات إللى مش باقدر أعملها فى حياتى وبين الناس»، على المسرح «أنفعل، أغني، أشتم، أصرخ، أتجنن أعيش الانفعالات الإنسانية كما ينبغى أن تعاش فى لحظتها، وهذا ما لا أستطيع تطبيقه فى الحياة، بل ربما تجبرك الحياة أحياناً على الانفعالات المزيفة بما يخالف مشاعرك.. على المسرح أشعر أننى دعاء الحقيقية.. لهذا أشعر أن دفتى متجهة نحو التمثيل والمسرح».
أسست دعاء حمزة فرقة مستقلة باسم «اللعبة» والتى من خلالها تم تقديم عرضها «صح النوم»، وعن سبب اختيارها لهذا الاسم أدهشتنى بفلسفتها قائلة: العرض المسرحى لعبة، أريد أن ألعب مع النص، ومع الجمهور بالتواصل معه خلال العرض، حتى الديكور، والأدوات على المسرح، تكون شديدة البساطة بحيث يصبح لكل أداة استخدامها أثناء العرض.
إنها متعة الاكتشاف لأشخاص فى الحياة مازالت لديهم روعة الرؤية فى اللعب مع هذه الحياة، ودعاء حمزة واحدة من هؤلاء الذين يمتلكون الحس والتلقائية والصدق والحرية والإبداع.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.