رسم أحد المدرسين بقعة سوداء في تاريخ التعليم المصري، بتعديه جنسيا على طالبة لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها، في الصف الأول الثانوي بإحدى مدارس المنصورة، أثناء إعطائها درس خصوصي، لينهى مستقبلها الذى لم يبدأ بعد. ولم تكن واقعة التعدي على طالبة المنصورة، الأولى، فكان للتلاميذ نصيب من الكارثة الأخلاقية، بعدما حاول منذ أيام حاول طلاب مدرسة طلعت حرب بمحافظة الجيزة، اغتصاب معلمة، بتمزيق ملابسها وتصويرها؛ لرفضها السماح لهم بالغش داخل لجنة امتحانات مادة الدين، للمرحلة الإعدادية. فبعد انتهاء اللجنة، التف الطلاب حولها محاولين اغتصابها داخل المدرسة، إلا أن صرخاتها كانت سببا في إنقاذها على أيدى زملائها المعلمين، لتجسد الحالتان واقع التعليم المصري المؤلم، بعد أن عجزت وزارة التربية والتعليم عن معالجة الفجوة بين جانبي العملية التعليمية "المعلم والتلاميذ"، وانشغالها عن الأصل بالفروع. يقول الدكتور أحمد حجازى، أستاذ علم الاجتماع بآداب القاهرة، إن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أظهرت كسر بعض فئات المجتمع القوانين، وسلطت الضوء على الانحرافات بشكل عام، خاصة بعد أن فقدت المؤسسات التعليمية دورها التربوي، إضافة إلى تراجع دور الأسرة فى التنشئة السليمة للأبناء، واختفاء مجلس الآباء والإدارات داخل المدرسة. وأضاف "حجازى" أن الانفلات السياسي خلال الفترات الماضية، أثر بشكل كبير على فئات المجتمع في المناطق الفقيرة، خاصة أن كل الممارسات السلبية كانت موجودة في المجتمع لكن غير مرغوب في إظهارها. وأوضح أستاذ علم الاجتماع أن ما يحدث في وسائل الإعلام من عرض أفلام ومسلسلات إباحية، بجانب ما تعرضه مواقع الإنترنت، دفع الطلاب إلى محاكات ما يحدث بها، كما أن الانفلات في النظام والسيولة غير المنظمة في المشهد الاقتصادي له دور أدي إلى أظهار سلوكيات منحرفة، بالإضافة إلى أن عدم إظهار تلك المساوئ المجتمعية في الفترة السابقة، كان أشبه بقنبلة موقوتة، انفجرت بزيادة الانحراف والفعل الفاضح. وأشار "حجازى" إلى غياب دور الدولة وعدم وضوح استراتيجية أساسية، وتراجع دور المدرسة فى تعليم الطلاب الهوايات وتطويرها كما كان في السابق، واختفاء دور الأخصائي الاجتماعي عن المدرسة، وفقدان المعلم للانتماء إلى المجتمع واستخدام وظيفته للحصول على مقابل مادي فقط، له دور كبير في إظهار تلك السلبيات. من جانبها، قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن مشكلة اعتداء الطلاب على المعلمين فى المدارس أو العكس، توضح مدي القصور بين طرفي العملية التعليمية، فمنها ما يتعلق بأساليب التربية، بعد تحول الأمهات من ربة أسرة إلى "شغالة" في البيت وغياب دورها في التربية، إضافة إلى اختفاء القيم المعنوية، وتراجع دور المؤسسة التعليمية، ومنها جزء يتعلق باتخاذ الإجراءات القانونية، فضلا عن غياب الردع العام والخاص، مؤكدة أن أغلب حالات الاعتداء ترتبط بالإدمان وتعاطي أنواع من المخدرات. وأكدت "فايد" أن استطلاعات الرأي أظهرت انتشار الإدمان بين طلاب المدارس بشكل كبير، خاصة في المرحلة الإعدادية، موضحة أن الطلاب يلجأون إلى استخدام جميع الوسائل التي تجعلهم يدخلون في حالة مزاجية خاصة، كاستخدام البنزين والبويا، والكلة. واختتمت: "الحل ليس في العامل الأمني فقط، وإنما باتحاد العمل بين المؤسسات لمواجهة انتشار ظاهرة العنف فى المدارس، واستخدام الدور التربوي بعد انسحابه ليصبح التعليم وهميا، بالإضافة إلى وضع سياسة تعليمية مدروسة".