محافظ المنيا يوجه باستغلال الفصول الدراسية لمواجهة الكثافة الطلابية    أسعار الفاكهة اليوم الإثنين 11 أغسطس في سوق العبور للجملة    تراجع أسعار الذهب اليوم الاثنين 11 أغسطس في بداية التعاملات    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    «الدوما»: قادة أوروبا يستحقون الشفقة وهم يحاولون اللحاق بالقاطرة الروسية الأمريكية    دولة واحدة دافعت عنها.. انتقادات حادة لإسرائيل خلال اجتماع مجلس الأمن    هدية قطر لترامب تثير الجدل من جديد.. شكوك حول موعد تسليم الطائرة الرئاسية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يرد على تغريدة محمد صلاح.. فماذا قال؟    حبس التيك توكر «نوجا تاتو» في اتهامها بنشر الفسق والفجور    السيطرة على حريق هائل بمحل دهانات في المنيا    لارا ترامب تتفاعل مع محمد رمضان على طريقتها    حظك اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    6 عادات يومية تؤثر على صحة عمودك الفقري.. احذر منها    بعد قرار جون إدوارد.. عبدالله السعيد يتدخل لحل أزمة نجم الزمالك (تفاصيل)    «بشهر أغسطس».. مباريات قوية تنتظر صلاح مع ليفربول في الدوري الإنجليزي    «حد فاهم حاجة».. الغندور يكشف مفاجأة بشأن رحيل كهربا عن الاتحاد الليبي    رابط نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025 لطلاب الثانوية العامة.. أحدث بيان رسمي من مكتب التنسيق    زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب سواحل المكسيك    أصعب 48 ساعة فى أغسطس.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس: ذروة الموجة شديدة الحرارة    النيابة تنتدب المعمل الجنائى.. و«الحى»: كل الأكشاك غير مرخصة ويفترشون الأرصفة مقابل رسوم إشغال    فلسطين تطالب بتحرك عربى فعّال لمواجهة جرائم الاحتلال    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بعد الهبوط العالمي الأخير.. قائمة ب10 بنوك    إجمالى إيرادات الفيلم فى 11 ليلة.. تصدر شباك التذاكرب«28» مليون جنيه    تعرف على القائمة الكاملة لفيلم سفاح التجمع    موسمُ الرياض سعوديًّا... وعقلٌ لا يعجبه العجب!    أمين الفتوى: لا مبرر للجوء إلى الحرام.. الله قدّر أرزاق العباد قبل خلقهم (فيديو)    جمال العدل: الزمالك هو الحياة.. ولا نية للترشح في الانتخابات المقبلة    لدعم صحة أعصابك.. أهم مصادر فيتامين B12 الطبيعية    بروتوكول المناعة الثقافية: وكيف نحصّن هوية أمتنا؟    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    محافظ الفيوم يكرم أوائل الثانوية والأزهرية والدبلومات الفنية    برشلونة يمطر شباك كومو في كأس خوان جامبر    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    هاني رمزي: ريبيرو يقلق جماهير الأهلي    يحسن وظائف الكبد ويخفض الكوليسترول بالدم، فوائد عصير الدوم    هتقعد معاكي لأطول مدة.. أفضل طريقة لحفظ الورقيات في الثلاجة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل الصحفي أنس الشريف في غارة على غزة    ياسر ريان: مصطفى شوبير رتمه بطئ والدبيس أفضل من شكري    يوسف الحسيني: اجتماع الرئيس بقيادات الهئيات الإعلامية يفتح آفاقًا جديدة للإعلام    تكريم اسم الفنان لطفي لبيب والإعلامي عمرو الليثي بمهرجان إبداع للشباب- (25 صورة)    فرصة ذهبية لطلاب الإعدادية.. تخفيض الحد الأدنى للالتحاق بالثانوي بدمياط    الإسكندرية السينمائي يطلق استفتاء جماهيري لاختيار أفضل فيلم سياسي مصري    "تضامن سوهاج" تكرم 47 رائدة اجتماعية وتمنحهن شهادات تقدير    الشقق المغلقة تدفع 9 جنيهات.. تفاصيل خصومات شحن عدادات الكهرباء مسبقة الدفع 2025    المسلماني: الرئيس لا يريد شعبًا مغيبًا وجاهلًا (فيديو)    الداخلية تضبط طالبا يستعرض بدراجة بخارية    قرار هام بشأن البلوجر مونلي صديق سوزي الأردنية بتهمة نشر فديوهات خادشة    السيطرة على حريق داخل مخزن مواد غذائية فى الزيتون دون إصابات.. صور    استشهاد الصحفي أنس الشريف بقصف إسرائيلي في غزة.. هذا آخر ما كتبه على «فيسبوك»    «لا يجب التنكيل بالمخطئين».. المسلماني: الرئيس طلب الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    94 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة بداية الأسبوع    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    الشوربجي يشكر الرئيس السيسي على زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التلاميذ.. ضحايا الإهمال
نشر في الوفد يوم 16 - 11 - 2014

من مقتل «يوسف» إلي مأساة «روجان».. هكذا تتنامي جرائم العنف والفوضي التي تشهدها المؤسسات التعليمية في مصر في الآونة الأخيرة، نتيجة أسباب عدة علي رأسها الأخطاء البشرية التي تستحوذ علي النسبة الأكبر، في ظل غياب الرقابة والتفتيش والتوجيه التربوي علي المعلمين، والمشرفين الإداريين، وتقاعس «التربية والتعليم» عن محاسبة المخطئ، وتحريك دعاوي جنائية ضده، فضلاً عن إهمال الصيانة في المدارس.
فلم تكن حادثة الطالبة «روجان» 14 عاماً، التي فقدت بصرها إثر سقوط لوح زجاجي من نافذة الفصل عليها - أثناء وجودها - في فناء مدرسة المقدم الشهيد السيد نبيل التابعة لإدارة العجوزة الأولي من نوعها، ولن تكون الأخيرة، بل تتزايد الجرائم باستمرار.. ويسقط المزيد من التلاميذ سواء قتلي بسبب الإهمال أو حوادث الطرق أثناء ذهابهم إلي المدارس أو العودة من المدارس سواء قتلي بسبب الإهمال أو حوادث الطرق أثناء ذهابهم إي المدارس أو العودة من المدارس إلي منازلهم، وكذلك تزداد الإصابات لدرجة كسور في العظام أو جروح غائرة أو التسبب في فقدان تلميذة بصرها أو تشويه وجهها، أو وجبات فاسدة، كل ذلك بسبب تراخي المسئولين عن التعليم في مصر في القيام بدورهم، وعدم توفير وسائل الأمان اللازمة من أجل منح التلاميذ مناخ مناسب للتعليم، وهو ما يزيد من مشكلات التعليم بوجه عام، ومن ثم باتت الحاجة ملحة لإيجاد حلول عاجلة للحد من ضخامة الكارثة، الأمر الذي يتطلب إرادة سياسية حقيقية للتغيير من وزير «التربية والتعليم» مع تضافر جهود جميع الجهات التربوية والتدريبية والإشرافية التي لها صلة بالمنظومة التعليمية لإيجاد آلية مناسبة للتعامل مع تلك الخلل الجسيم والحد من إثاره؛ خاصة وأن مصر احتلت المركز الأخير عالمياً في جودة التعليم وكفاءة التعليم الأساسي خلال الأعوام الماضية - حسبما أكدت مؤشرات المنتدي الاقتصادي العالمي عام 2013. فالتعليم هو الركيزة الأساسية في بناء وتشكيل مكونات الإنسان العقلية والوجدانية، وتأهيله للتعامل مع العلم والمعرفة واستيعاب آليات التقدم وتفهم لغة العصر.
كشف المركز المصري لحقوق الإنسان عن فوضي العملية التعليمية وحالات العنف والانتهاكات التي شهدتها المدارس في مصر، خلال الفترة من 20 سبتمبر وحتي 13 نوفمبر من العام الدراسي (2014- 2015)، وكان من الملاحظ زيادة حالات القتل التي شهدتها المدارس وإصابة المئات من التلاميذ، بعدد من المحافظات، في ظل تكاسل وزارة التربية والتعليم عن اتخاذ ما يلزم من إجراءات رادعة تمنع تكرار هذه الجرائم، التي يدفع ثمنها التلاميذ الأبرياء. وانتقد التقرير حالة الإهمال والتسيب والتقصير في متابعة المدارس، وسوء التغذية والوجبات الفاسدة، وعدم صيانة المباني وزجاج الشبابيك والأبواب، وكذلك عدم الاعتناء بصيانة المراوح في أسقف الفصول، كما أن هناك مباني كثيرة متهالكة، فضلاً عن استخدام القوة ضد التلاميذ، والتقاعس عن محاسبة المدرسين والمشرفين الإداريين المقصرين في عملهم وتحريك الدعاوي الجنائية ضدهم نتيجة الإهمال والتراخي.
ورصد التقرير 7 حالات قتل، و24 حالة وفاة، 4 حالات اغتصاب، 28 حالة إصابة، 6 حالات انتهاك للطلاب بيد المعلمين، إضافة إلي محاولتين انتحار، 38 حالة تحرش، 10 اعتداءات علي المعلمين، 129 مدرسة بلا أسوار، 31 مدرسة آيلة للسقوط، 5 انفجارات، موضحاً ان المدارس أصحبت مقابر للتلاميذ.
وقدم التقرير عدداً من التوصيات لإصلاح المنظومة التعليمية.. أولاً تشديد الرقابة من وزارة التربية والتعليم علي المعلمين والمديرين من أجل ضمان انتظام العملية التعليمية ووقف انهيار المنظومة التعليمية الملحوظ منذ الثورة، الأمر الذي يتطلب ضرورة وقف كل مدرس يضبط في عمل غير أخلاقي سواء تحرش بالتلاميذ جنسياً أو تورط في أعمال قتل أو عنف أو الاتجار في المواد المخدرة حفاظاً علي أبنائنا وبناتنا داخل المؤسسات التعليمية، فالمعلم قدوة قبل أن يكون موظفاً في الدولة يؤدي دوره، مع تشديد الحراسة علي المدارس.
وثانياً: ضرورة الاهتمام بتطوير المدارس وتزويدها بوسائل الإيضاح والتكنولوجيا الحديثة لتقليل الفجوة بين المدارس الحكومية والخاصة والأجنبية من جهة، وبين المدارس المصرية ومدارس الخارج.. فتلاميذ مصر من حقهم مستقبل أفضل.
وثالثاً: أهمية الاهتمام بالتعامل النفسي مع المعلمين وتأهيلهم بشكل يسمح لهم بمستوي أفضل في تعاملهم مع بعضهم البعض ومع تلاميذهم، ومواجهة حالة التردي الأخلاقي التي أصبحت تواجه المعلم في هذه الفترة، مع السعي المستمر لتحقيق الانضباط التعليمي والأخلاقي.
ورابعاً: مراقبة وتطوير المعلمين بشكل أكثر إيجابية، خاصة وأن كادر المعلم يحتاج إلي كورسات التأهيل لكي يقدم البصمات الواضحة علي تغيير سلوك ونهج المعلمين في التعامل مع تلاميذهم، حتي يمكن تعويض التلاميذ عن الجرعة التعليمية المفقودة والنهوض بالنتائج المرجوة، لأنه لا تزال هناك فجوة كبيرة بين المعلمين والتلاميذ.
وخامساً: ضرورة تنظيم لقاءات مستمرة بين المدرسين وأولياء الأمور تحت رقابة الوزارة للتعرف منهم عن ملاحظاتهم علي المستوي التحصيلي للتلاميذ والرقابة المستمرة التي تضمن قيام كل ضلع من أضلاع المنظومة التعليمية بدوره، بخلاف رصد المستوي التحصيلي للتلاميذ عبر آليات جديدة وعدم الاعتماد علي الامتحانات من أجل الارتقاء بالعلمية التعليمية ومواجهة الدروس الخصوصية بشكل أكثر فاعلية.
وباستعراض أبرز حالات القتل عام 2014، يأتي في مقدمتهم حالة الإهمال الجسيم التي أودت بحياة 18 طالباً من مدرسة الأورمان الفندقية الثانوية بالعجمي في الحادث المعروف إعلامياً ب «أتوبيس البحيرة» علي الطريق الزراعي في أوائل نوفمبر الحالي.
ووفاة التلميذ «يوسف» بالصف الثالث الابتدائي، أثر سقوط زجاج نافذة بأحد فصول مدرسة عمار بن ياسر بالمطرية، عليه، واختراقها رقبته عند محاولته فتح إحدي النوافذ، مما تسبب في ذبح رقبته، وذلك بتاريخ 14 أكتوبر الماضي.
وأيضاً مقتل التلميذ «يوسف» بالصف الأول الابتدائي، أثر سقوط بوابة مدرسة الصغيرات بمركز مدينة النجيلة في مرسي مطروح عليه.
وكذلك مقتل التلميذ «أدهم» بالصف الثالث - مدرسة أمين النشرتي الابتدائية - الذي لقي مصرعه تحت عجلات سيارة تغذية مدرسية. إضافة إلي سقوط بوابة مدرسة الزعيرات الابتدائية بمركز النجيلة، مما أسفر عن مقتل طالب حال لهوه بالفسحة. وقيام اثنين من الطلاب بالمشادات بمحطة مصر وعلي أثره قتل أحدهما الآخر. وقيام عاطل بطعن طالب بآلة حادة أراده قتيلاً، بسبب تدخله للدفاع عن فتاة. وكذلك تصدي طالب بالمرحلة الثانوية أمام من يعاكسون زميلاته، فقاموا البلطجية بقتله، وأيضاً قيام طالب بقتل معلم نظراً لخطوبة المعلم من حبيبة الطالب، وحاول طالب بالثانوية اغتصاب ربة منزل بمنطقة العبور وبعد رفضها ذبحها.
وتأكيداً علي زيادة حالات الاغتصاب، نرصد تعرض طفلة بمدرسة الحجايزة الابتدائية بالسنبلاوين للاغتصاب، وفي قنا قام تلميذان بالصف السادس الابتدائي باغتصاب تلميذ بالصف الأول الابتدائي بمدرسة قوص الابتدائية، وكذلك قيام نجار بالاعتداء الجنسي علي طالب بالصف الأول الابتدائي بالخانكة.
بينما تعدي مدير المدرسة الاعدادية الشواحي بالدقهلية بالحذاء علي طالب أمام زملائه، وانتهاج مدرس الأنشطة الرياضية بمدرسة الأطرون الابتدائية بطوخ، التنكيل بالأطفال والطلاب وإجبارهم علي الوقوف مرتكزين بقدم واحدة علي الأرض وإجبارهم علي ترديد عبارات للتسفيه منهم وتحقيرهم ومنها «أنا امرأة واسمي عائشة» وكذلك تطاول معلم مدرسة طه حسين الابتدائية بالغردقة وقيامه بسب تلميذاً أمام الجميع، وأيضاً توعد مدرس اللغة الإنجليزية بمدرسة كفر شلشلمون الابتدائية بالشرقية الأطفال، قائلاً لهم: «اللي مش هيسدد المصاريف ويجيب المستلزمات هطحنه وأجلده وأعلقه في الفلكة»، ناهيك عن طرد الاخصائية الاجتماعية بمدرسة اعدادية بالأقصر أحد الطلاب، نظراً لعدم توافق لون بنطلونه مع الزي المدرسي، ما دفعه للبكاء خارج المدرسة.
أما علي صعيد التعدي علي المدرسين فقام ولي أمر طالب بمعاونة بلطجية بالاعتداء علي معلم بمدرسة محمد أنور السادات، مستخدمين صاعقاً كهربائياً.
الدكتورة زينات طبالة، خبيرة التعليم مدير مركز دراسات التنمية البشرية بمعهد التخطيط القومي، توضح أن الفوضي الموجودة في التعليم بكل مراحله هي ضمن الفوضي السائدة في المجتمع، فهي شديدة الارتباط بما يحدث في الشارع ومعظم الأماكن العامة، ولم تنفصل أيضاً عن العلاقات الأسرية والأقارب والجيران، أي نتيجة التعايش والتأثر بثقافة سائدة ومسيطرة علي الشباب وحالة من الفوضي العامة في المجتمع ككل.
وتضيف: عندما نتحدث عن العقاب البدني نجده أشد أساليب التعليم تخلفاً، ويؤدي إلي نتائج عكس المطلوب تماماً إذا كان المطلوب الانضباط والتهذيب والالتزام، ناهيك عن أن الاهتمام بالتفوق الدراسي للتلاميذ لا يشغل بال معظم العاملين في العملية التعليمية، بعدما أصبحت الدروس الخصوصية الشغل الشاغل لبعض المعلمين، بالإضافة إلي أن هناك إهمالاً كبيراً من الحكومات السابقة.
واستكمل الحديث الدكتور محمد المفتي، أستاذ المناهج عميد كلية التربية بجامعة عين شمس الأسبق، قائلاً: إن هذه الجرائم المستفحلة التي تطال القيم والتربية والتعليم، تأخذ أبعاداً خطيرة جداً، فهي عنوان الفشل الصارخ لبعض المسئولين في القطاع التعليمي، وهو ما يهدد حياة التلاميذ في المؤسسات التعليمية.
وتطرق الدكتور «المفتي» لغياب الضمير وطمع المعلمين وقصور الإشراف التربوي «التوجيهي» والإداري داخل المدارس، لكونهم أهم الأسباب وراء تدهور حال منظومة التعليم في مصر، ومن ثم أصبح حال التعليم من سيئ إلي أسوأ، ناهيك عن تكرار الأخطاء وعدم اتخاذ وزارة التربية والتعليم قرارات حاسمة تجاه الإهمال والتسيب، الأمر الذي يتطلب أن تضع الحكومة الحالي نصب أعينها الاهتمام بالتعليم، لأنه المكون الأول في صنع الأجيال مما يستلزم معالجة العنف والفوضي داخل المؤسسات التعليمية، فمن المؤسف أن تحتل مصر المركز الأخير عالمياً في جودة التعليم وكفاءة التعليم الأساسي في الأعوام الماضية حسبما أكدت مؤشرات المنتدي الاقتصادي العالمي العام الماضي.
ويتساءل الدكتور «المفتي» من يتحمل المسئولية عن هذه الجرائم والتي ستعقبها؟
وأنهي حديثه متوجهاً للحكومة المصرية: لابد ممن يتواجدوا في مواقع صنع القرارات بدءاً من وزير التعليم إلي العاملين بالمجال، أن يكون لديهم القدرة علي النهوض بالعملية التعليمية، مع توجيه الحساب والعقاب الرادع ضد العبث والعنف بكل أنواعه للسيطرة علي الموقف ووقاية الطلاب من التعرض للإيذاء مجدداً وذلك بالمحافظة علي الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية بطريقة منصفة.
ويرجع تدهور وضع التعليم في مصر إلي 7 أسباب رئيسية.. السبب الأول هو الانفلات الأخلاقي الموجود في المجتمع الذي أثر بشكل كبير علي قطاع الشباب وظهر في الطلاب الذين يرفعون صوتهم أو سلاحهم الشخصي في وجه الأستاذ، والسبب الثاني: عدم وجود رؤية واضحة لتطوير المناهج التعليمية بالشكل الذي يخدم العملية التعليمية بوجه عام، مع العمل علي صقل المخرجات التعليمية لتتناسب مع الاحتياجات المطلوبة لسوق العمل، فنحن في أشد الاحتياج إلي مؤسسة علمية خبيرة تتفرغ لتطوير المناهج والمعلم معاً وليس مسمي «وزارة التربية والتعليم» فقط، وإذا نجحنا في تطوير هذين البعدين المهمين نكون بذلك قد نجحنا في تطوير المدخلات المقدمة للطلاب، وبالتالي سنحصل علي مخرجات علمية علي أفضل ما يكون وهذا هو الغاية والهدف من تطوير التعليم.
السبب الثالث هو قلة الميزانية المخصصة للتعليم سواء الجامعي أو الأساسي فهي هزيلة للغاية وغير كافية، إذا ما قورنت بميزانية الدول الأخري سواء الدول النامية أو الدول المتقدمة، خصوصاً أن معظم الميزانية تذهب في شكل رواتب أو مكافآت للمعلمين والقليل منها يذهب لتطوير التعليم، مما يؤدي بطبيعة الحال إلي عدم جدوي معظم عمليات تطوير المعامل أو الفصول أو صيانة المباني التعليمية أو إصلاح التعليم في مصر.
والسبب الرابع ضرورة أن تكون شهادة منصب شغل وزير التعليم وفق تخصصاته العلمية والمهنية، حتي يكون قادراً علي معالجة الخلل التعليمي والحد من آثاره السلبية.
والسبب الخامس هناك نقص كبير في عدد التربويين المؤهلين علمياً، فنحن في أشد الحاجة إلي معلم محترم ذي سمعة طبية ومؤهل علمياً، في ضوء الالتزام بأخلاقيات مهنة التعليم، بما يضمن تحقيق الأهداف المبتغاة من وراء تقديمه للرسالة التعليمية، ومن ثم يقع علي الدولة عبء الموازنة بين تدريب المعلم لتعزيز مكانته العلمية والاجتماعية وتحفيزه علي تغيير موافقه واتجاهاته من جهة أخري، والعمل علي تطوير الأداء الوظيفي للعاملين داخل الإدارات التعليمية المختلفة.
والسبب السادس وجود قصور في ممارسات الإشراف التربوي علي مستوي التلاميذ أو فيما يعرف ب «التفتيش» و«التوجيه التربوي» لاكتشاف نقاط القوة والضعف عند المدرسين والعمل علي التخطيط والتدريب نحو التغيير الإيجابي في السلوك التعليمي، وأيضاً الإشراف الإداري علي انتظام الفصول.
السبب السابع انشغال أولياء الأمور عن أبنائهم بأعمالهم وكسب لقمة العيش، ومن ثم ضعف التعاون بين أولياء الأمور والمدرسة، وبالتالي مجالس الآباء في المدارس أصبحت صورية أي لا تقوم بواجباتها.
الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة المنيا، عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها سابقاً، يري أن المشكلة الأكبر في قصور المشرفين من الإداريين والتربويين عن القيام بدورهم وهو التأكد من سير العملية التعليمية مما ينتج عنها استمرار حالة التراخي داخل المدارس، وما يتبعها من سقوط قتلي ومصابين دون محاسبة المسئول عن هذه الجرائم، واستمرار إفلات الجناة من العقاب، إضافة إلي أن تنامي هذه الجرائم يهدد بمقاضاة قيادات الوزارة وعدم اقتصار ما يحدث من أخطاء علي قرارات إدارية غير رادعة، حتي لا نهدر حقوق الصغار مستقبل الغد، كذلك هناك حالة ملحة إلي وضع حد لترهل مباني المدارس، خاصة في ظل عدم الاهتمام بأعمال الصيانة بداخلها، إلي جانب فقدان القدرة علي تطوير الفصول المدرسية بالأساليب الحديثة وغياب تدريب المعلمين.
وأضاف: أن ثقافة المجتمع أصبحت متدنية منذ الثورة، فالبعض يترجم مفهوم الحرية علي أنها مطلقة، ولكن الحرية يجب أن تكون مسئولة، بمعني أن حرية الإنسان تمتد بما لا يضر بالآخرين.
فيما حمل المستشار كمال الإسلامبولي، الفقيه القانوني رئيس المجلس الوطني المصري نائب رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، وزارة التربية والتعليم القائمة علي حفظ وتربية ومتابعة النشء الجديد مسئولية مقتل وإصابة التلاميذ في كل الحوادث السابقة، نتيجة التقصير في متابعة المدارس وأعمال الصيانة.
ويحذر المستشار «الإسلامبولي» من مخاطر استمرار ظواهر العبث والاستهتار وعدم الاحتراز والإهمال في المدارس، التي تحصد أرواح بريئة، دون اتخاذ قرارات حقيقية قابلة للتطبيق، مشيراً إلي أن الإهمال التعليمي يماثل جريمة الإرهاب، وبالتالي يجب ألا يقتصر العقاب علي الشجب والإدانة، أو تحويل المتقاعسين إلي التحقيق الإداري، بل لابد من اتخاذ إجراءات عقابية صارمة، وتحويل الشق الجنائي للنيابة، لمنع تكرار الكوارث البشرية.
وأضاف: أنه لابد أن نبدأ بإصلاح الإنسان المصري أولاً، وذلك عن طريق غرس قيم الالتزام والأخلاق والفضيلة والانتماء الوطني منذ الصغر ليخرج جيل جديد قادر علي الدفع بالمجتمع للأمام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.