بالصور.. كنيسة رؤساء الملائكة تحتفل بأحد الشعانين    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. أسرة محمد صلاح ترفض التدخل لحل أزمته مع حسام حسن    اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في عدد من الجامعات الأمريكية    الزمالك يسعى لخطف بطاقة التأهل أمام دريمز بالكونفيدرالية    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    الفرح تحول لجنازة.. تشييع جثامين عروسين ومصور في قنا    حالة الطقس اليوم الأحد ودرجات الحرارة    الأزهر: دخول المواقع الإلكترونية المعنية بصناعة الجريمة مُحرَّم شرعاً    البنوك المصرية تستأنف عملها بعد انتهاء إجازة عيد تحرير سيناء.. وهذه مواعيدها    عيار 21 بكام.. انخفاض سعر الذهب الأحد 28 أبريل 2024    الأهرام: أولويات رئيسية تحكم مواقف وتحركات مصر بشأن حرب غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 28 أبريل    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    كينيا: مصرع 76 شخصًا وتشريد 17 ألف أسرة بسبب الفيضانات    محاكمة المتهمين بقضية «طالبة العريش».. اليوم    موعد مباراة إنتر ميلان وتورينو اليوم في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التلاميذ.. ضحايا الإهمال
نشر في الوفد يوم 16 - 11 - 2014

من مقتل «يوسف» إلي مأساة «روجان».. هكذا تتنامي جرائم العنف والفوضي التي تشهدها المؤسسات التعليمية في مصر في الآونة الأخيرة، نتيجة أسباب عدة علي رأسها الأخطاء البشرية التي تستحوذ علي النسبة الأكبر، في ظل غياب الرقابة والتفتيش والتوجيه التربوي علي المعلمين، والمشرفين الإداريين، وتقاعس «التربية والتعليم» عن محاسبة المخطئ، وتحريك دعاوي جنائية ضده، فضلاً عن إهمال الصيانة في المدارس.
فلم تكن حادثة الطالبة «روجان» 14 عاماً، التي فقدت بصرها إثر سقوط لوح زجاجي من نافذة الفصل عليها - أثناء وجودها - في فناء مدرسة المقدم الشهيد السيد نبيل التابعة لإدارة العجوزة الأولي من نوعها، ولن تكون الأخيرة، بل تتزايد الجرائم باستمرار.. ويسقط المزيد من التلاميذ سواء قتلي بسبب الإهمال أو حوادث الطرق أثناء ذهابهم إلي المدارس أو العودة من المدارس سواء قتلي بسبب الإهمال أو حوادث الطرق أثناء ذهابهم إي المدارس أو العودة من المدارس إلي منازلهم، وكذلك تزداد الإصابات لدرجة كسور في العظام أو جروح غائرة أو التسبب في فقدان تلميذة بصرها أو تشويه وجهها، أو وجبات فاسدة، كل ذلك بسبب تراخي المسئولين عن التعليم في مصر في القيام بدورهم، وعدم توفير وسائل الأمان اللازمة من أجل منح التلاميذ مناخ مناسب للتعليم، وهو ما يزيد من مشكلات التعليم بوجه عام، ومن ثم باتت الحاجة ملحة لإيجاد حلول عاجلة للحد من ضخامة الكارثة، الأمر الذي يتطلب إرادة سياسية حقيقية للتغيير من وزير «التربية والتعليم» مع تضافر جهود جميع الجهات التربوية والتدريبية والإشرافية التي لها صلة بالمنظومة التعليمية لإيجاد آلية مناسبة للتعامل مع تلك الخلل الجسيم والحد من إثاره؛ خاصة وأن مصر احتلت المركز الأخير عالمياً في جودة التعليم وكفاءة التعليم الأساسي خلال الأعوام الماضية - حسبما أكدت مؤشرات المنتدي الاقتصادي العالمي عام 2013. فالتعليم هو الركيزة الأساسية في بناء وتشكيل مكونات الإنسان العقلية والوجدانية، وتأهيله للتعامل مع العلم والمعرفة واستيعاب آليات التقدم وتفهم لغة العصر.
كشف المركز المصري لحقوق الإنسان عن فوضي العملية التعليمية وحالات العنف والانتهاكات التي شهدتها المدارس في مصر، خلال الفترة من 20 سبتمبر وحتي 13 نوفمبر من العام الدراسي (2014- 2015)، وكان من الملاحظ زيادة حالات القتل التي شهدتها المدارس وإصابة المئات من التلاميذ، بعدد من المحافظات، في ظل تكاسل وزارة التربية والتعليم عن اتخاذ ما يلزم من إجراءات رادعة تمنع تكرار هذه الجرائم، التي يدفع ثمنها التلاميذ الأبرياء. وانتقد التقرير حالة الإهمال والتسيب والتقصير في متابعة المدارس، وسوء التغذية والوجبات الفاسدة، وعدم صيانة المباني وزجاج الشبابيك والأبواب، وكذلك عدم الاعتناء بصيانة المراوح في أسقف الفصول، كما أن هناك مباني كثيرة متهالكة، فضلاً عن استخدام القوة ضد التلاميذ، والتقاعس عن محاسبة المدرسين والمشرفين الإداريين المقصرين في عملهم وتحريك الدعاوي الجنائية ضدهم نتيجة الإهمال والتراخي.
ورصد التقرير 7 حالات قتل، و24 حالة وفاة، 4 حالات اغتصاب، 28 حالة إصابة، 6 حالات انتهاك للطلاب بيد المعلمين، إضافة إلي محاولتين انتحار، 38 حالة تحرش، 10 اعتداءات علي المعلمين، 129 مدرسة بلا أسوار، 31 مدرسة آيلة للسقوط، 5 انفجارات، موضحاً ان المدارس أصحبت مقابر للتلاميذ.
وقدم التقرير عدداً من التوصيات لإصلاح المنظومة التعليمية.. أولاً تشديد الرقابة من وزارة التربية والتعليم علي المعلمين والمديرين من أجل ضمان انتظام العملية التعليمية ووقف انهيار المنظومة التعليمية الملحوظ منذ الثورة، الأمر الذي يتطلب ضرورة وقف كل مدرس يضبط في عمل غير أخلاقي سواء تحرش بالتلاميذ جنسياً أو تورط في أعمال قتل أو عنف أو الاتجار في المواد المخدرة حفاظاً علي أبنائنا وبناتنا داخل المؤسسات التعليمية، فالمعلم قدوة قبل أن يكون موظفاً في الدولة يؤدي دوره، مع تشديد الحراسة علي المدارس.
وثانياً: ضرورة الاهتمام بتطوير المدارس وتزويدها بوسائل الإيضاح والتكنولوجيا الحديثة لتقليل الفجوة بين المدارس الحكومية والخاصة والأجنبية من جهة، وبين المدارس المصرية ومدارس الخارج.. فتلاميذ مصر من حقهم مستقبل أفضل.
وثالثاً: أهمية الاهتمام بالتعامل النفسي مع المعلمين وتأهيلهم بشكل يسمح لهم بمستوي أفضل في تعاملهم مع بعضهم البعض ومع تلاميذهم، ومواجهة حالة التردي الأخلاقي التي أصبحت تواجه المعلم في هذه الفترة، مع السعي المستمر لتحقيق الانضباط التعليمي والأخلاقي.
ورابعاً: مراقبة وتطوير المعلمين بشكل أكثر إيجابية، خاصة وأن كادر المعلم يحتاج إلي كورسات التأهيل لكي يقدم البصمات الواضحة علي تغيير سلوك ونهج المعلمين في التعامل مع تلاميذهم، حتي يمكن تعويض التلاميذ عن الجرعة التعليمية المفقودة والنهوض بالنتائج المرجوة، لأنه لا تزال هناك فجوة كبيرة بين المعلمين والتلاميذ.
وخامساً: ضرورة تنظيم لقاءات مستمرة بين المدرسين وأولياء الأمور تحت رقابة الوزارة للتعرف منهم عن ملاحظاتهم علي المستوي التحصيلي للتلاميذ والرقابة المستمرة التي تضمن قيام كل ضلع من أضلاع المنظومة التعليمية بدوره، بخلاف رصد المستوي التحصيلي للتلاميذ عبر آليات جديدة وعدم الاعتماد علي الامتحانات من أجل الارتقاء بالعلمية التعليمية ومواجهة الدروس الخصوصية بشكل أكثر فاعلية.
وباستعراض أبرز حالات القتل عام 2014، يأتي في مقدمتهم حالة الإهمال الجسيم التي أودت بحياة 18 طالباً من مدرسة الأورمان الفندقية الثانوية بالعجمي في الحادث المعروف إعلامياً ب «أتوبيس البحيرة» علي الطريق الزراعي في أوائل نوفمبر الحالي.
ووفاة التلميذ «يوسف» بالصف الثالث الابتدائي، أثر سقوط زجاج نافذة بأحد فصول مدرسة عمار بن ياسر بالمطرية، عليه، واختراقها رقبته عند محاولته فتح إحدي النوافذ، مما تسبب في ذبح رقبته، وذلك بتاريخ 14 أكتوبر الماضي.
وأيضاً مقتل التلميذ «يوسف» بالصف الأول الابتدائي، أثر سقوط بوابة مدرسة الصغيرات بمركز مدينة النجيلة في مرسي مطروح عليه.
وكذلك مقتل التلميذ «أدهم» بالصف الثالث - مدرسة أمين النشرتي الابتدائية - الذي لقي مصرعه تحت عجلات سيارة تغذية مدرسية. إضافة إلي سقوط بوابة مدرسة الزعيرات الابتدائية بمركز النجيلة، مما أسفر عن مقتل طالب حال لهوه بالفسحة. وقيام اثنين من الطلاب بالمشادات بمحطة مصر وعلي أثره قتل أحدهما الآخر. وقيام عاطل بطعن طالب بآلة حادة أراده قتيلاً، بسبب تدخله للدفاع عن فتاة. وكذلك تصدي طالب بالمرحلة الثانوية أمام من يعاكسون زميلاته، فقاموا البلطجية بقتله، وأيضاً قيام طالب بقتل معلم نظراً لخطوبة المعلم من حبيبة الطالب، وحاول طالب بالثانوية اغتصاب ربة منزل بمنطقة العبور وبعد رفضها ذبحها.
وتأكيداً علي زيادة حالات الاغتصاب، نرصد تعرض طفلة بمدرسة الحجايزة الابتدائية بالسنبلاوين للاغتصاب، وفي قنا قام تلميذان بالصف السادس الابتدائي باغتصاب تلميذ بالصف الأول الابتدائي بمدرسة قوص الابتدائية، وكذلك قيام نجار بالاعتداء الجنسي علي طالب بالصف الأول الابتدائي بالخانكة.
بينما تعدي مدير المدرسة الاعدادية الشواحي بالدقهلية بالحذاء علي طالب أمام زملائه، وانتهاج مدرس الأنشطة الرياضية بمدرسة الأطرون الابتدائية بطوخ، التنكيل بالأطفال والطلاب وإجبارهم علي الوقوف مرتكزين بقدم واحدة علي الأرض وإجبارهم علي ترديد عبارات للتسفيه منهم وتحقيرهم ومنها «أنا امرأة واسمي عائشة» وكذلك تطاول معلم مدرسة طه حسين الابتدائية بالغردقة وقيامه بسب تلميذاً أمام الجميع، وأيضاً توعد مدرس اللغة الإنجليزية بمدرسة كفر شلشلمون الابتدائية بالشرقية الأطفال، قائلاً لهم: «اللي مش هيسدد المصاريف ويجيب المستلزمات هطحنه وأجلده وأعلقه في الفلكة»، ناهيك عن طرد الاخصائية الاجتماعية بمدرسة اعدادية بالأقصر أحد الطلاب، نظراً لعدم توافق لون بنطلونه مع الزي المدرسي، ما دفعه للبكاء خارج المدرسة.
أما علي صعيد التعدي علي المدرسين فقام ولي أمر طالب بمعاونة بلطجية بالاعتداء علي معلم بمدرسة محمد أنور السادات، مستخدمين صاعقاً كهربائياً.
الدكتورة زينات طبالة، خبيرة التعليم مدير مركز دراسات التنمية البشرية بمعهد التخطيط القومي، توضح أن الفوضي الموجودة في التعليم بكل مراحله هي ضمن الفوضي السائدة في المجتمع، فهي شديدة الارتباط بما يحدث في الشارع ومعظم الأماكن العامة، ولم تنفصل أيضاً عن العلاقات الأسرية والأقارب والجيران، أي نتيجة التعايش والتأثر بثقافة سائدة ومسيطرة علي الشباب وحالة من الفوضي العامة في المجتمع ككل.
وتضيف: عندما نتحدث عن العقاب البدني نجده أشد أساليب التعليم تخلفاً، ويؤدي إلي نتائج عكس المطلوب تماماً إذا كان المطلوب الانضباط والتهذيب والالتزام، ناهيك عن أن الاهتمام بالتفوق الدراسي للتلاميذ لا يشغل بال معظم العاملين في العملية التعليمية، بعدما أصبحت الدروس الخصوصية الشغل الشاغل لبعض المعلمين، بالإضافة إلي أن هناك إهمالاً كبيراً من الحكومات السابقة.
واستكمل الحديث الدكتور محمد المفتي، أستاذ المناهج عميد كلية التربية بجامعة عين شمس الأسبق، قائلاً: إن هذه الجرائم المستفحلة التي تطال القيم والتربية والتعليم، تأخذ أبعاداً خطيرة جداً، فهي عنوان الفشل الصارخ لبعض المسئولين في القطاع التعليمي، وهو ما يهدد حياة التلاميذ في المؤسسات التعليمية.
وتطرق الدكتور «المفتي» لغياب الضمير وطمع المعلمين وقصور الإشراف التربوي «التوجيهي» والإداري داخل المدارس، لكونهم أهم الأسباب وراء تدهور حال منظومة التعليم في مصر، ومن ثم أصبح حال التعليم من سيئ إلي أسوأ، ناهيك عن تكرار الأخطاء وعدم اتخاذ وزارة التربية والتعليم قرارات حاسمة تجاه الإهمال والتسيب، الأمر الذي يتطلب أن تضع الحكومة الحالي نصب أعينها الاهتمام بالتعليم، لأنه المكون الأول في صنع الأجيال مما يستلزم معالجة العنف والفوضي داخل المؤسسات التعليمية، فمن المؤسف أن تحتل مصر المركز الأخير عالمياً في جودة التعليم وكفاءة التعليم الأساسي في الأعوام الماضية حسبما أكدت مؤشرات المنتدي الاقتصادي العالمي العام الماضي.
ويتساءل الدكتور «المفتي» من يتحمل المسئولية عن هذه الجرائم والتي ستعقبها؟
وأنهي حديثه متوجهاً للحكومة المصرية: لابد ممن يتواجدوا في مواقع صنع القرارات بدءاً من وزير التعليم إلي العاملين بالمجال، أن يكون لديهم القدرة علي النهوض بالعملية التعليمية، مع توجيه الحساب والعقاب الرادع ضد العبث والعنف بكل أنواعه للسيطرة علي الموقف ووقاية الطلاب من التعرض للإيذاء مجدداً وذلك بالمحافظة علي الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية بطريقة منصفة.
ويرجع تدهور وضع التعليم في مصر إلي 7 أسباب رئيسية.. السبب الأول هو الانفلات الأخلاقي الموجود في المجتمع الذي أثر بشكل كبير علي قطاع الشباب وظهر في الطلاب الذين يرفعون صوتهم أو سلاحهم الشخصي في وجه الأستاذ، والسبب الثاني: عدم وجود رؤية واضحة لتطوير المناهج التعليمية بالشكل الذي يخدم العملية التعليمية بوجه عام، مع العمل علي صقل المخرجات التعليمية لتتناسب مع الاحتياجات المطلوبة لسوق العمل، فنحن في أشد الاحتياج إلي مؤسسة علمية خبيرة تتفرغ لتطوير المناهج والمعلم معاً وليس مسمي «وزارة التربية والتعليم» فقط، وإذا نجحنا في تطوير هذين البعدين المهمين نكون بذلك قد نجحنا في تطوير المدخلات المقدمة للطلاب، وبالتالي سنحصل علي مخرجات علمية علي أفضل ما يكون وهذا هو الغاية والهدف من تطوير التعليم.
السبب الثالث هو قلة الميزانية المخصصة للتعليم سواء الجامعي أو الأساسي فهي هزيلة للغاية وغير كافية، إذا ما قورنت بميزانية الدول الأخري سواء الدول النامية أو الدول المتقدمة، خصوصاً أن معظم الميزانية تذهب في شكل رواتب أو مكافآت للمعلمين والقليل منها يذهب لتطوير التعليم، مما يؤدي بطبيعة الحال إلي عدم جدوي معظم عمليات تطوير المعامل أو الفصول أو صيانة المباني التعليمية أو إصلاح التعليم في مصر.
والسبب الرابع ضرورة أن تكون شهادة منصب شغل وزير التعليم وفق تخصصاته العلمية والمهنية، حتي يكون قادراً علي معالجة الخلل التعليمي والحد من آثاره السلبية.
والسبب الخامس هناك نقص كبير في عدد التربويين المؤهلين علمياً، فنحن في أشد الحاجة إلي معلم محترم ذي سمعة طبية ومؤهل علمياً، في ضوء الالتزام بأخلاقيات مهنة التعليم، بما يضمن تحقيق الأهداف المبتغاة من وراء تقديمه للرسالة التعليمية، ومن ثم يقع علي الدولة عبء الموازنة بين تدريب المعلم لتعزيز مكانته العلمية والاجتماعية وتحفيزه علي تغيير موافقه واتجاهاته من جهة أخري، والعمل علي تطوير الأداء الوظيفي للعاملين داخل الإدارات التعليمية المختلفة.
والسبب السادس وجود قصور في ممارسات الإشراف التربوي علي مستوي التلاميذ أو فيما يعرف ب «التفتيش» و«التوجيه التربوي» لاكتشاف نقاط القوة والضعف عند المدرسين والعمل علي التخطيط والتدريب نحو التغيير الإيجابي في السلوك التعليمي، وأيضاً الإشراف الإداري علي انتظام الفصول.
السبب السابع انشغال أولياء الأمور عن أبنائهم بأعمالهم وكسب لقمة العيش، ومن ثم ضعف التعاون بين أولياء الأمور والمدرسة، وبالتالي مجالس الآباء في المدارس أصبحت صورية أي لا تقوم بواجباتها.
الدكتور محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة المنيا، عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها سابقاً، يري أن المشكلة الأكبر في قصور المشرفين من الإداريين والتربويين عن القيام بدورهم وهو التأكد من سير العملية التعليمية مما ينتج عنها استمرار حالة التراخي داخل المدارس، وما يتبعها من سقوط قتلي ومصابين دون محاسبة المسئول عن هذه الجرائم، واستمرار إفلات الجناة من العقاب، إضافة إلي أن تنامي هذه الجرائم يهدد بمقاضاة قيادات الوزارة وعدم اقتصار ما يحدث من أخطاء علي قرارات إدارية غير رادعة، حتي لا نهدر حقوق الصغار مستقبل الغد، كذلك هناك حالة ملحة إلي وضع حد لترهل مباني المدارس، خاصة في ظل عدم الاهتمام بأعمال الصيانة بداخلها، إلي جانب فقدان القدرة علي تطوير الفصول المدرسية بالأساليب الحديثة وغياب تدريب المعلمين.
وأضاف: أن ثقافة المجتمع أصبحت متدنية منذ الثورة، فالبعض يترجم مفهوم الحرية علي أنها مطلقة، ولكن الحرية يجب أن تكون مسئولة، بمعني أن حرية الإنسان تمتد بما لا يضر بالآخرين.
فيما حمل المستشار كمال الإسلامبولي، الفقيه القانوني رئيس المجلس الوطني المصري نائب رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، وزارة التربية والتعليم القائمة علي حفظ وتربية ومتابعة النشء الجديد مسئولية مقتل وإصابة التلاميذ في كل الحوادث السابقة، نتيجة التقصير في متابعة المدارس وأعمال الصيانة.
ويحذر المستشار «الإسلامبولي» من مخاطر استمرار ظواهر العبث والاستهتار وعدم الاحتراز والإهمال في المدارس، التي تحصد أرواح بريئة، دون اتخاذ قرارات حقيقية قابلة للتطبيق، مشيراً إلي أن الإهمال التعليمي يماثل جريمة الإرهاب، وبالتالي يجب ألا يقتصر العقاب علي الشجب والإدانة، أو تحويل المتقاعسين إلي التحقيق الإداري، بل لابد من اتخاذ إجراءات عقابية صارمة، وتحويل الشق الجنائي للنيابة، لمنع تكرار الكوارث البشرية.
وأضاف: أنه لابد أن نبدأ بإصلاح الإنسان المصري أولاً، وذلك عن طريق غرس قيم الالتزام والأخلاق والفضيلة والانتماء الوطني منذ الصغر ليخرج جيل جديد قادر علي الدفع بالمجتمع للأمام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.