"هيكل ... هجرس " أسماء لأخوين ومجاهدين سيناويين استطاعوا خداع جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد " طوال سنوات بعملهم كعملاء مزدوجين مع المخابرات المصرية ليصبحن عينها على جهاز الموساد الإسرائيلي . "متعب هجرس موسى الهرش – محمد هجرس موسى الهرش" مجاهدين سيناوية تعرفهم سيناء، كما يعرفون هم عدد حبات رمالها ومستنقعات أوحالها على الشاطئ الشرقي بقناة السويس، عندما كانوا مكلفين من قبل جهاز المخابرات المصرية ضمن آخرين من بدو سيناء بتنفيذ عمليات ورصد تحركات العدو الإسرائيلي، أثناء احتلالهم لشبه جزيرة سيناء، وعظم دورهم بعد أن حاول العدو الإسرائيلي في ذلك الوقت ضمهم إلى جهاز الموساد الإسرائيلي لنقل تحركات الجيش المصري ومعنويات الجنود، ما مكنهم من التداخل بشكل أكبر في صفوف الجيش الإسرائيلي ك "عملاء مزدوجين" . " البديل " قلَبت في ذكريات ملف البطولة لهؤلاء الأخوة الفدائيين اللذان ينتميان إلى عائلة آل هرش أحد بطون قبيلة البياضية، ويقطن منطقة "رابعة، على ساحل بحيرة البردويل بمركز رمانة، بمناسبة أعياد تحرير سيناء . فى البداية يقول "محمد هجرس موسى الهرش"، وعمره يتجاوز ال70 عامًا والملقب ب "هيكل" وهو أسمه الحركي في المخابرات المصرية، بدأت حياتي كأي بدوي راعي غنم وأبل كما كان والده وشب على هذه المهنة . وشاء قدري أن التحق بصفوف الجيش كمجند في تاريخ 31/5/1962 وشاركت بحرب اليمن، وظللت هناك 30 شهر، وعقب رجوعي خيِرت بين مكافئة 5 فدادين أو وظيفة، فاختار هجرس أن يأخذ الأرض لكي يزرعها ويأكل من قوتها . واستطرد هجرس تهجرت من بلدتي عام 1967، وتركت أهلي بسبب الحرب ذاهبًا إلى القنطرة، ومنها إلى القاهرة كمهجرين، وكانت تصرف لنا الحكومة "عشرة قروش" لتساعدنا على المعيشة كمهجرين . وكان وقتها يشغل الشيخ "متعب هجرس موسى الهرش" أخي منصب رئيس منظمة سيناء مع المخابرات الحربية، وأنضممت إليهم بالعمل في المخابرات في تاريخ 11/1967 ، وبعد 6 أشهر من التدريب تم نقلي إلى جهاز المخابرات العامة للتدريب على مهام سرية وخطيرة، وقاموا بتدريبي على استخدام جهاز اللاسلكي لكي أرسل عليه المعلومات عن طريق الشفرات، وبالفعل تعلمت استخدام الجهاز في 3 أيام، حتى تعجبوا من أمري كيف أكون أنا رجل تعلمت في "الكتاب"، ولم أذهب لمدارس وتعلمت استخدام اللاسلكي وإرسال الشفرات ب3 أيام فقط . وبعدها تم تكليفي بأولى المهام وهي العودة مرة أخرى إلى سيناء لبدء مهمتي في رصد تحركات العدو الإسرائيلي، وفي 12/67، قامت القوات الإسرائيلية بإلقاء القبض علي ومعي ثلاثة آخرين بعد رصدنا بالطائرات، إلا أننا استطعنا دفن أجهزة اللاسلكي ومعدات الاتصال التي كانت بحوزتنا حتى لا يتحصل عليها العدو، وبعد أن تشكك بهم العدو الإسرائيلي أنهم يعملون لصالح جهاز المخابرات المصري تم إيداعهم السجن ،وهناك لاقوا عذاب مرير للإفصاح عن أية معلومات، ولكن دون جدوى ومع تزايد العذاب يوم بعد يوم كان يزداد إيمانهم بقضية الوطن وحبهم للبلاد . وبعد أيام من العذاب اتصل بهم أخي الشيخ " متعب هجرس "، والذي كان يعمل في المخابرات الإسرائيلية "الموساد" كعميل مزدوج بناءً على تعليمات المخابرات المصرية، وفور علمهم بأنه أخي تم الإفراج عني لثقتهم بأخي، وبعدما أقنعهم أنني أعمل معهم كعميل مخابرات، بناءً على تعليمات المخابرات المصرية، وهنا كانت أولى مراحل عملي ك عميل مزدوج لدى المخابرات الإسرائيلية الموساد بناءً على تعليمات المخابرات المصرية . وعقب إخراجي من السجن كانت قدماي "مشلولة" من كثرة العذاب، وطلبت القوات الإسرائيلية علاجي في المستشفى العسكري الإسرائيلي، ولكني رفضت وأقنعتهم بأنه يمكنني الشفاء عن طريق العلاج العربي والوصفات وامتثلت للشفاء سريعًا . وسريعًا بعد أن استطعت الحركة، وعادت لي صحتي ذهبت وأخرجت الأجهزة التي قمت بدفنها وإخفائها، وبدأت في العمل مع المخابرات المصرية لرصد تحركات القوات الإسرائيلية في حرب الاستنزاف بشكل دقيق، وإرسال معلومات خاطئة عن تحركات القوات المصرية للموساد الإسرائيلي بناءً على تعليمات المخابرات المصرية . وفى عام 69 ، شارك "هجرس" المجموعة الفدائية، والتي تضم عسكريين و مدنيين من مجاهدي سيناء في نقل المعلومات والأخبار لحظة بلحظة عن تحركات العدو الإسرائيلي وخداعهم لتتمكن القوة من التحرك إلي منطقة بالوظة ببئر العبد، و نصبوا الصواريخ ليلاً وأطلقوها على مطار إقامة العدو الإسرائيلي، لتعلن إسرائيل حينها تدمير جزء من المطار والسيارات، و مقتل عدد من الجنود و جرح آخرين . وبعدها توالت العمليات العسكرية من استهداف مدرعات وأماكن تمركز الجيش الإسرائيلي، ونصبت إسرائيل رادارًا بالمنطقة لكشف أي تحركات للفدائيين المصريين، و جاءت الأوامر للمجموعات الفدائية بنسف هذا الرادار، الذي يقع بمعسكر لقوات الاحتلال بمنطقة "أبو حمرا"، وكان مطلوب منا نقل المعلومات بشكل متتابع وسريع ودقيق على مدار الوقت، وأطلق عليه الفدائيين سبعة صواريخ، مما أدي إلى تدميره ليضاف نجاح آخر إلي القوات المصرية ضد قوات بني صهيون . وبعد سنوات تم الإيقاع بأخي واكتشف أمره، بعد أن أبلغ عنه أحد الخونة في سيناء، وألقي القبض عليه من قبل الجيش الإسرائيلي، وتم إيداعه في السجن لخمس سنوات، تلقى فيها أبشع أنواع العذاب، وهنا أبلغتني المخابرات المصرية بضرورة قطع التعامل مع المخابرات الإسرائيلية لافتضاح أمري أنا أيضًا، وعند عودتي وجدتهم قد جهزوا لي مكافئة مالية لعملي معهم، إلا أنني رفضت تقاضي أية أموال نظير هذا العمل، وطلبت منهم محاولة التدخل لعودة أخي بأي طريقة والذي توفى بعدها متأثرًا بإصابته من التعذيب الإسرائيلي . وهنا طرحت "البديل" عدة تساؤلات على الفدائي "هجرس" لإيضاح الأمر أكثر… تتذكر أسماء لضباط مخابرات من "الموساد" كنت تتعامل معهم ؟؟؟ أتذكر الضابط "فريد" كان ضابط بالموساد الإسرائيلي، وكان يهودي مصري، ومن مواليد محرم بك إسكندرية، وكان هو الضابط المسئول عن أخي . والضابط "فيصل" وكان ضابط بالموساد الإسرائيلي، ومن مواليد القاهرة، وكان يهودي مصري، وكان الضابط المسئول عنى في الموساد . هل تتذكر أسماء لضباط من المخابرات المصرية تفاعلت معهم ؟؟؟؟ عندما عملنا مع المخابرات المصرية كنا نتعامل مع أكثر من ضابط بأسماء حركية مثل " فهد – أسد – نمر "..وهكذا، ولم نسأل عن أسمائهم الحقيقية لعلمي أنهم سيعطونني أسماء وهمية غير أسمائهم الحقيقية، وكنا نتعامل معهم على هذا الأساس . مهام وطبيعة عملك أثناء حرب الاستنزاف؟؟؟؟ كانت مهمتي أن أنقل أماكن المواقع الإسرائيلية بمنطقة رابعة مركز رمانة لأنها كانت نقطة تمركز للكثير من الإسرائيليين، وكنت انقل تعداد حاملات الجنود بالقنال، والذخيرة التي معهم، والتعداد العائد من القنال إلى إسرائيل يوميًا وأرسل الأعداد بالشفرات عبر اللاسلكي . خطة خداع العدو ؟؟؟؟ أنا كنت لا أتعامل مع العدو بشكل مباشر، وكنت أتلقى تعليماتي من الضابط " فيصل "، وكنت أنقل لهم أعداد وهمية وخادعه عن القوات المصرية . ولكن أخي هو من كان يتعامل معهم بشكل مباشر، وكان متداخلًا معهم بشكل كبير، حيث كان يخدعهم ويبلغهم بأماكن تمركز وهمية للجيش، كانت تخبره بها المخابرات المصرية، وعندما يذهب العدو لكي يؤسس موقع أمام الموقع المصري، من جانبها تقوم القوات المصرية بقذفهم والقضاء عليهم…ولهذا سميت بحرب الاستنزاف . كيف كانت تعامل إسرائيل البدو وأهالي سيناء وقت الحرب؟؟؟ إسرائيل كانت تتعامل بمبدأ واحد "ابتعد عن السياسة.. وعيش في حالك.. تعيش في سلام" ، وللعلم لم تختلف المعاملة كثيرًا عن الآن فحكوماتنا أيضًا تسير بنفس الاتجاه "ابتعد عن السياسة..تعيش مرتاح البال" . تكريم الدولة بعد الحرب؟؟؟ لم تكرمني الدولة بشيء ولكني لست حزينًا لأنني فعلت كل ذلك من أجل بلدي وتحرير أرضي فقط، ولم انتظر من أحد شيئًا على الإطلاق، وانقطعت علاقتي بالمخابرات المصرية والإسرائيلية، عقب إلقاء القبض على شقيقي وكشف الموساد تعاونه مع المخابرات المصرية، وخداعهم طوال هذه السنوات، ولم استطع التقرب منهم لما رأيته من تعذيب في المرة السابقة . ومن جانب آخر أطلق أسم أخي على مدرسة ابتدائية بمنطقة رابعة هنا تدعى "مدرسة متعب هجرس" الابتدائية، ويأخذ أولاده معاش من القوات المسلحة، لأنه كان يتعاون مع المخابرات وتوفي بعد أن تلقى أبشع أنواع العذاب بالسجون الإسرائيلية . مصدر رزقك الآن .. ؟؟ أجابنا "هجرس" قائلًا "أنا عندي دكان بسيط يؤتيني بلقمة العيش التي استطيع أن أطعم بها أولادي، بالرغم أني مريض ولا استطيع العمل بل أقف بالمحل لكي أسعى على قوت أولادي الصغار" . كلمة بعد مرور 32 عام على تحرير سيناء ؟؟؟؟ أجابنا "هجرس" عن هذا التساؤل إجابة مختصرة ولكنها تلخص مشوار حياته المليء بالكفاح، قائلًا "أولًا بطلب من ربنا يوفق المشير "عبد الفتاح السيسي" لأنه سيعيد لمصر كرامتها التي سلبت منها على يد الإخوان الأيام الماضية، وطالب "هجرس" بحقه في أرضه التي سلبت منه وقت الحرب، وبمعاش مناسب لأبنائه الذين لن يجدوا قوت يومهم عندما يأتيني الموت بغتة" .