وكيل «شؤون عربية» النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. كل ما تريد معرفته عن دوري المحترفين    «الداخلية»: ضبط سيدة بتهمة إدارة نادي صحي للأعمال المنافية للآداب بالجيزة    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    جامعة القاهرة تطلق استراتيجة للذكاء الاصطناعي بمؤتمر CU-AI Nexus 2025    هل يتم دفع ضريبة عند إعادة بيع الذهب؟.. توضيح من الشعبة    رينو أوسترال... تكنولوجيا متطورة وفرصة تمويل استثنائية من ألكان للتمويل    اليوم .. الكنائس تختتم صوم السيدة العذراء باحتفالات روحية وشعبية واسعة    إيران: العقوبات الأمريكية على قضاة بالجنائية الدولية تواطؤ في إبادة وقتل الفلسطينيين    القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع «إسرائيل الكبرى»    واشنطن تبرم صفقة مع أوغندا لاستقبال اللاجئين    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    «تربية حلوان» تطرح برنامج معلم اللغة الإنجليزية للمدارس الدولية واللغات    نتيجة تحليل المخدرات للسائق المتهم بالدهس بكورنيش الإسكندرية    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    شيرى عادل تنضم لأسرة فيلم حين يكتب الحب    تعرف على سعر الذهب اليوم الخميس.. عيار 21 يسجل 4555 جنيها    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    نجاح أول عملية استئصال ورم بتقنية الجراحة الواعية بجامعة قناة السويس    مستشفيات جامعة قناة السويس تواصل ريادتها بعملية ناجحة لإصلاح الصمام الميترالي بالمنظار    أول رد رسمي على أنباء توقف أعمال الحفر في ستاد الأهلي    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    لبنان.. بدء المرحلة الأولى من تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية    لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تعلن تضامنها مع الزملاء بصحيفة "فيتو" بشأن بيان وزارة النقل    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    الاتحاد السكندري ل في الجول: تأجيل مكافأة الفوز على الإسماعيلي لما بعد مباراة البنك الأهلي    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    القصة الكاملة لتحويل بدرية طلبة للتحقيق: بدأت بتجاوزات وانتهت بمجلس التأديب    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    أحدث ظهور لنادية الجندي بإطلالة صيفية جريئة على البحر (صور)    تقرير: رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    جني جودة تحصد 3 ذهبيات ببطولة أفريقيا للأثقال وشمس محمد يفوز في وزن + 86كجم    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر ثنائي مانشستر سيتي    محمد الشناوي غاضب بسبب التصرف الأخير.. مهيب يكشف تفاصيل حديثه مع حارس الأهلي في عزاء والده    تخفيضات تصل إلى 50%.. موعد انطلاق معارض أهلًا مدارس 2025- 2026    خالد الجندى ب"لعلهم يفقهون": الإسلام لا يقتصر على الأركان الخمسة فقط    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    فتح: مخططات نتنياهو للاجتياح الشامل لغزة تهدد بارتكاب مجازر كارثية    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    جولة لرئيس شركة الأقصر لمتابعة العمل بمحطة المياه الغربية.. صور    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    «الصحة»: وفاة شخصين وإصابة 18 في حادث تصادم طريق «الإسكندرية - مطروح»    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس يومي السبت والأحد.. هل تعود الموجة الحارة؟    نائب وزير الصحة يبحث مع رئيس الأكاديمية العربية للنقل البحري سبل التعاون    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة الاعتبار لأشرف مروان بالوثائق الإسرائيلية

◄◄ مروان لم يكن عميلاً مزدوجاً لكنه كان فى الأصل يعمل لحساب مصر وأعطى عملاء إسرائيل معلومات حقيقية بمعرفة الرئيس السادات لكسب ثقتهم
◄◄ «بابل» التقى أوائل السبعينيات الجنرال مائير مائير رئيس القسم المختص بمصر فى الاستخبارات الإسرائيلية وتسلّم مبالغ طائلة مقابل إمداد الموساد بالمعلومات عن كل ما يتعلق بمصر
«بابل»، و«المنبع»، و«صهر الزعيم».. أسماء حركية للراحل الدكتور أشرف مروان، تضمنها الكتاب الإسرائيلى الجديد عن الرجل الأسطورة الأكثر غموضا فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، والذى لايزال رحيله المفاجئ من أعلى شرفات لندن، لغزا محيرا، وهل كان انتحارا أم اغتيالا؟ ومن صاحب المصلحة الأولى فى تصفيته؟ وما حقيقة دوره فى الخداع الإستراتيجى الذى رسمته وأدارته نخبة من ألمع العقول المصرية فى حرب أكتوبر 1973؟.
وبينما يميل الباحث لتصديق رواية دور الموساد فى اغتيال أشرف مروان، نراه يستبعد دور تجار السلاح العالميين فى تصفيته، عقب خلاف صفقة اليمامة الشهيرة فى لندن.
الوثائق الجديدة التى ظهرت فى إسرائيل تشير إلى أن مروان كان يعمل لحساب مصر، وأنه خدع الموساد، وكان يعمل مع الإسرائيليين بمعرفة وتوجيه الرئيس أنور السادات الذى يبدو أنه استغل رغبة الإسرائيليين فى تجنيد مروان، لاستكمال خطة الخداع الإستراتيجى لدرجة أنه سمح لمروان بإبلاغ الإسرائيليين بقرب شن الحرب المصرية ضدهم.
الوثائق الجديدة سجلها الكتاب الذى صدر فى إسرائيل تحت عنوان «الملاك أشرف مروان والموساد.. ومفاجأة حرب يوم الغفران»، تأليف أستاذ العلوم السياسة بجامعة حيفا، يورى بار يوسف الذى تناول فيه علاقة د. أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مع جهاز الموساد الإسرائيلى الذى أطلق على مروان اسم العميل «الملاك» فى الفترة التى سبقت وأعقبت حرب أكتوبر 1973.
يؤكد الباحث أن الوثائق الإسرائيلية تكشف أن مروان لم يكن عميلا مزدوجا يجمع المعلومات لصالح إسرائيل، ولكنه كان فى الأصل يعمل لحساب مصر، ويزود الموساد الإسرائيلى بمعلومات حقيقية موثوق فى صحتها، كجزء من خطة الخداع الإستراتيجى التى كان ينفذها بتعليمات المخابرات المصرية لإنجاح عمله مع الموساد، حتى إنه أمدهم فى يوم 4 أكتوبر 1973، باستعداد مصر لشن حرب قريبة على إسرائيل، ولكن دون أن يحدد متى، وهى المعلومة التى لم تستغلها أجهزة التجسس الإسرائيلية والقيادة السياسية ممثلة فى جولدا مائير والقيادة العسكرية ممثلة فى وزير الدفاع آنذاك موشى ديان، وكان يمكن أن تغير مسار الأحداث.
يبدأ الباحث كتابه بالتأكيد على أن مروان كان عميلا لمصر، بتكليف من الرئيس الراحل أنور السادات، ولكنه كان يمد إسرائيل بمعلومات حقيقية عن مصر، حتى بعد انتهاء الحرب، لهذا لم تتمكن إسرائيل من معرفة ولاء مروان لمصر إلا بعد وفاته، وتطرق الكتاب إلى سرد تفاصيل لقاءات أشرف مروان فى أوروبا أوائل السبعينيات مع ضباط الموساد، وعلى رأسهم الجنرال مائير مائير الذى كان يرأس القسم المختص بمصر فى الاستخبارات الإسرائيلية، وهى اللقاءات التى شهدت تسليم مروان حقيبة مالية، تحتوى على عقد لشقة فى أغلى الأحياء بإسرائيل، حيث كان سعر الشقة فى ذلك الحين أكثر من 100 ألف دولار، وهذا كان جزءا من المبالغ المالية الطائلة التى حصل عليها مروان من الموساد الإسرائيلى مقابل إمداده بالمعلومات عن كل ما يتعلق بمصر.
وهنا يؤكد الباحث أن مروان استطاع بالفعل الحصول على ثقة كل ضباط الموساد الإسرئيلى، وعلى رأسهم الجنرال إيلى زاعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية فى ذلك الوقت، وتم ذلك عن طريق إمداد مروان بمعلومات صحيحة لهم لسنوات طويلة، وبعد اطمئنانه على حصوله على ثقة الموساد، بدأ فى إمدادهم بمعلومات كاذبة عن مصر وغير حقيقية بالمرة، وهنا أدان الكتاب مسؤولى الموساد الإسرائيلى الذين خدعوا فى مروان، ونتج عن ذلك فشلهم فى استنتاج الاحتمال الضئيل لنشوب الحرب فى 1973.
بعد وفاة د. أشرف مراون فى لندن منذ 3 سنوات، وظهور معلومات تفيد بنشاطه الاستخباراتى بين مصر وإسرائيل، حاول جهاز الموساد الإسرائيلى بشتى الطرق ترويج مزاعم تارة تقول بأن الرجل كان عميلهم المخلص، وتارة أخرى أنه كان عميلا مزدوجا بين إسرائيل ومصر، ولكنه كان يعمل لصالحهم، ولكن الحقائق بدأت تظهر فى إسرائيل الواحدة تلو الأخرى، لتؤكد أن مروان كان «الملاك» المصرى الذى نجح فى خداع إسرائيل على مدار سنوات طويلة، وانتزع منها «أسطورة» تفوق جهاز الموساد الإسرائيلى على معظم أجهزة الاستخبارات بالعالم.
ويسرد الكتاب تفاصيل المبالغ المالية الطائلة التى حصل عليها د. أشرف مروان من الموساد، وهى المبالغ التى وصلت إلى ملايين الدولارات على مدار أعوام طويلة، مما يؤكد الأهمية القصوى التى كان يضعها الموساد لمروان، واعتباره أهم مصدر للمعلومات عن مصر، وحصوله على مليون دولار سنوياً كمبلغ استثنائى يمنح لعميل، حتى إن رئيسة الوزراء جولدا مائير اضطرت للضغط على وزير المالية حينذاك ليوافق على منح هذا المبلغ الكبير وغير المسبوق، كما أهداه الموساد خاتما ألماسا ليقدمه كهدية رفيعة القيمة والثمن لزوجته منى ابنة الرئيس عبد الناصر، بعدما ادعى مروان أنهما يمران ببعض مشاكل الزواج.
وأشار الكتاب إلى أهمية د. أشرف مروان فى مصر، ومؤهلاته التى جعلته مصدرا كبيرا لجمع المعلومات، حيث كان مروان متزوجا من منى عبد الناصر، ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان يعمل المستشار الخاص والمقرب للرئيس أنور السادات، وكان همزة الوصل مع الزعيم الليبى معمر القذافى ورئيس الاستخبارات السعودى كمال أدهم، هذا بجانب توليه مناصب أخرى مهمة، آخرها كان توليه رئاسة الهيئة العربية للتصنيع.
وذكر الكتاب كيف بدأت العلاقة بين مروان والموساد الإسرائيلى عام1969، عندما قام مروان ابن ال25 عاما باتخاذ الخطوة الأولى والاتصال بالسفارة الإسرائيلية فى بريطانيا، وكان فى لندن لدراسة الماجستير، وطلب مروان من السفارة التواصل مع مسؤولى الموساد الإسرائيلى، وأعطاهم بياناته لكنه رفض إعطاءهم رقم هاتفه، وأنهى معهم المكالمة التليفونية، ثم عاود مروان الاتصال بالسفارة الإسرائيلية، وترك رقم هاتف الفندق المقيم به، وأبلغهم بضرورة التحدث إليه خلال 24 ساعة فقط.. وبالمصادفة، كان ضابط الموساد شموئيل جورين، رئيس إدارة «تسوميت»، المسؤولة عن تجنيد عناصر للموساد، موجودا فى لندن ذلك الحين، وخلافا لما هو متبع، فبمجرد علمه بهذه المكالمات قرر جورين التحدث إلى مروان بشكل مباشر ودون غطاء أمنى أو التشاور مع رؤساء الموساد.. ومن هنا بدأت عملية تجنيد مروان الذى خدع الموساد، ولم يوجه له أى اتهامات خيانة فى مصر، سواء قبل أو بعد وفاته.
وتم إسناد مهمة التواصل مع مروان إلى ضابط شاب بالموساد، كان فى نفس عمر مروان، وكان على معرفة كبيرة بعلوم الكيمياء، وتظهر هنا الحقيقة التى تؤكد أن مروان نجح فى خداع الموساد حتى بعد مماته، عندما أكد الكتاب استمرار العلاقة بين مروان وضابط الموساد الذى تولى مهمة التواصل معه عند بداية تجنيده، حتى بداية التسعينيات، أى فى الوقت الذى أصبح فيه مروان خارج عمليات الموساد الاستخباراتية.. كما أكد الكتاب أن هناك العديد من الآراء فى إسرائيل، أقرت بأن مروان كان يعمل لصالح مصر، وخدع الموساد لسنوات، ومن أهم الشخصيات التى قدمت هذه الآراء، المؤرخ الإسرائيلى آهارون بيرجمان، والصحفى الأمريكى هوارد بلوم، والبروفيسور والصحفى بجريدة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، رونين بيرجمان، وجميعهم أكدوا خداع مروان للموساد بأنه شخصية انتهازية جشعة وفى نهم دائم للمال، ويستغل قربه من كبار الرجال فى مصر لتحقيق أغراضه الشخصية، وجنى المال من التجسس وتجارة السلاح.
وأخيرا أشار الكاتب الإسرائيلى إلى الحادث الذى تعرض إليه مروان فى يونيو 2007، عندما وجد ميتا وملقى تحت شرفة شقته فى لندن، ولم تتوصل الشرطة البريطانية خلال التحقيقات إلى المسؤول عن وفاته أو اغتياله بهذه الطريقة البشعة، على الرغم من توافر اتهامات إلى الموساد الإسرائيلى بتصفيته بعدما اكتشف خداعه لإسرائيل، ولكن الموساد يؤكد أن المصريين مسؤولون عن قتله، بعدما أكد رئيس الموساد السابق إيلى زاعيرا أنه كان عميلا مزدوجا يعمل لإسرائيل، وليس لصالح مصر، مسربا بذلك أسرارا لم يرد الموساد الخوض فيها، لهذا تعمل بعض الجهات الرسمية فى إسرائيل على تقديم إيلى زاعيرا للمحاكمة لتسريب معلومات حول عملية العميل «الملاك» أشرف مروان.
وعلى الرغم من الحقائق الكثيرة التى تؤكد ولاء أشرف مروان لمصر، فإن الموساد الإسرائيلى وبعض وسائل الإعلام فى إسرائيل تحاول حتى الآن إنكار هذه الحقيقة، ويتم الترويج للكثير من الحقائق المسممة التى تشير إلى أن مروان خدع المصريين، وأنهم قتلوه لهذا السبب، متجاهلة بذلك ما نشر فى كبرى الصحف الإسرائيلية مثل «يديعوت أحرونوت» و«معاريف» فى عام 2003، عندما كشف إيلى زاعيرا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش الإسرائيلى أثناء حرب أكتوبر 1973، وبعض كبار قادة جهاز الموساد، أن أشرف مروان صهر الرئيس عبد الناصر كان عميلا مزدوجا بين مصر وإسرائيل فى وقت الحرب، ولكنه كان مخلصا لمصر، وأكدوا أن مروان يعيش حتى الآن مترقبا انتقام الموساد الإسرائيلى بعدما تسبب فى الفشل الاستخباراتى التام للموساد وقت الحرب،
لكن هناك من رفض هذه الحقيقة فى إسرائيل، وتم الإعلان عن خطأ ما سربه إيلى زاعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق عن أشرف مروان، ويشير الكتاب إلى أن زاعيرا الذى طرد من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل إسرائيل فى التنبؤ بالحرب عليها، اعترف فى كتاب صدر فى العام 1993، بأن إسرائيل فوجئت بالحرب لأنها وقعت ضحية «عميل مزدوج»، إلا أنه لم يذكر اسمه فى ذلك الكتاب، ولكن فى عام 2003 تم تسريب الاسم ليصل إلى الصحافة الإسرائيلية التى قامت بنشر اسم مروان وتفاصيل عمله مع إسرائيل.
والغريب فى الأمر أن الموساد الإسرائيلى الذى يرفض حتى الآن الإعلان عن خداعه على يد أشرف مروان، ويصر على تجاهل ما قاله الرئيس مبارك بعدما نشر فى الصحافة الإسرائيلية عن مروان، ليؤكد مبارك أن مروان كان وطنيا مخلصا وقام بالعديد من الأعمال الوطنية لم يحن الوقت للكشف عنها، ولكن الصدمة التى لا يستطيع الموساد الإسرائيلى إنكارها أو نسيانها، عندما رأت إسرائيل بثا لإحدى القنوات المصرية التى نقلت لقاء للرئيس مبارك، وهو يصافح ويعانق أشرف مروان فى احتفالات ذكرى حرب أكتوبر فى العام 2004.
الكتاب الجديد يعتبر ردا على ما ذكره المؤرخ «أهارون بيرجمان» اليهودى البريطانى الحاصل على الجنسية الإسرائيلية، فى كتابه «تاريخ إسرائيل» أشار فيه إلى أن أشرف مروان، دوّن ذكر اسمه، عمل جاسوسا للموساد الإسرائيلى، وأنه ذهب بنفسه للسفارة الإسرائيلية فى لندن عام 1968 عارضا خدماته على الموساد ليكون رجلهم فى بيت عبدالناصر ورئاسة الجمهورية التى يعمل بها، وهنا تم تجنيده على الفور بعدما أصيب الإسرائيليون بصدمة بعدما عرفوا شخصيته، لكنهم رحبوا به وكانوا يدفعون له 100 ألف جنيه إسترلينى عن المقابلة الواحدة، وأنه منذ هذه اللحظة حمل أسماء حركية فى سجلات الموساد مثل: «الصهر» أو «العريس» أو «رسول بابل» أو «الملاك»، ولم تكن تقاريره يقرؤها إلا كبار رجال الحكم فى إسرائيل، مثل رئيسة الوزراء السابقة جولدا مائير وموشى ديان وزير الدفاع بالإضافة إلى كبار رجال الموساد.
وكان المؤرخ اليهودى قد زعم أن مروان سلم الموساد نسخة مكتوبة من حوار جمال عبدالناصر مع القادة السوفيت فى 22 من يناير 1970 يطالبهم فيها بقاذفات طائرات بعيدة المدى، كما سلمهم نسخة من رسالة سرية بعث بها السادات إلى الرئيس السوفيتى ليونيد بريجنيف فى 1972، طالبه فيها بصواريخ بعيدة المدى من طراز «سكود» ويقول فيها إنه من دون هذه الصواريخ لا يستطيع شن حرب لتحرير سيناء، ويضيف المؤرخ اليهودى فى كتابه أن مروان أبلغ الموساد بمعلومات عن الخلية الفلسطينية الفدائية بقيادة أمين الهندى التى كانت تنوى تفجير طائرة «العال» المدنية فى روما، ردا على قيام إسرائيل بإسقاط الطائرة المدنية الليبية، وقد أفشلت إسرائيل العملية بفضل المعلومات التى قدمها مروان.
كما أكد بيرجمان فى كتابه أن مروان طلب فى 4 من أكتوبر 1973 مقابلة تسيفى زامير، رئيس الموساد، وقد سافر إليه الأخير خصيصا فى اليوم التالى 5 من أكتوبر، والتقاه بإحدى الدول الأوروبية، ووجده يفتعل الغضب لأن إسرائيل تتجاهل تحذيراته ولا تفعل شيئا لمواجهة خطر الحرب، وفى مساء اليوم نفسه اتصل مروان وأبلغ إسرائيل بأن موعد الهجوم المصرى السورى سيكون قبل حلول المساء من يوم 6 أكتوبر.. وهنا يأتى دور إيلى زاعيرا، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الذى أكد فى تحقيقات لجنة «أجرانات» الإسرائيلية التى حققت مع القادة الإسرائيليين فى أسباب هزيمتهم فى أكتوبر 1973، والتى أفرجت إسرائيل عنها مؤخرا، أن مروان وطنى مصرى ضلل إسرائيل، بعدما نقل معلومات دقيقة إليها لكى يحظى بثقتها، ولكن الهدف الأساسى كان تضليلنا لصالح الاستخبارات المصرية التى كان مخلصا لها.
وأكد زاعيرا فى التحقيقات أن مروان أبلغ عن رسالة السادات إلى الرئيس بريجنيف فقط لكى يقنع إسرائيل بأن السادات لن يحارب إلا إذا حصل على صواريخ «سكود»، وفى الحقيقة أنه لم يحصل عليها؛ ولذلك سادت القناعة فى إسرائيل بأن مصر لن تجرؤ على إعلان الحرب، مما أدى إلى سواد نظرية «الفرضية» المشهورة لدى إسرائيل، والتى أكدت أن «مصر لن تحارب إلا إذا تمت الحرب بالاشتراك مع سوريا وبالحصول على طائرات حديثة، وأسلحة أخرى تضمن تفوقا مصريا على سلاح الجو الإسرائيلى».
كما وجه زاعيرا سؤالا للجنة التحقيقات يؤكد اعترافه بفشله وفشل قادة الموساد فى تحليل: «كيف يمكن لمسؤول مصرى يعمل فى رئاسة الجمهورية، وصهر الرئيس عبد الناصر، ويأتى إلى السفارة الإسرائيلية فى لندن بوضح النهار، فى الوقت الذى يعرف هو وقادته أن هذه السفارة مثل غيرها من السفارات الإسرائيلية فى الخارج مراقبة من عشرات أجهزة المخابرات فى العالم؟.. ثم قال زاعيرا: مروان خدعنا عندما قام بإبلاغنا بموعد الحرب فى السادسة مساء، ولكن الحرب بدأت فى الثانية من بعد الظهر، وخلال الساعات الأربع كانت القوات المصرية قد أتمت عبور القنال بعدما نجح عميلهم المخلص فى خداعنا جميعا»، بعدما استخدمت المخابرات المصرية تكتيكا روسيا تقليديا يتمثل فى «زرع عميل مزدوج يغذونه ب 95% معلومات دقيقة وفى اللحظة الحاسمة ينقلون عبره معلومات كاذبة تقلب موازين المعركة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.